فاقدة للبصر منذ 16 عامًا... وأخصائية نفسية ومرشحة للانتخابات المحلية «إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور» صدق رب العزة حين خص القلب بالعمى وهو فقدان البصيرة، وأن ليس كل فاقد لبصره أعمى، فهناك شخصيات سجل اسمها التاريخ، وأخرى لا يعلم عنها أحد، فقدوا نعمة البصر، لكن منّ الله عليهم بنور القلب. ميرفت عاشور، فتاة ثلاثينية، عاشت النصف الثانى من حياتها فاقدة لنعمة البصر، لا يعرف قصتها إلا القليل، لكنها تشعر بمكانتها عند ربها، فدائما تتحدث عن فضل الله عليها ونعمه، التى أبدلها بها بعدما فقدت حبيبتيها، إيمانا منها بالآية الكريمة «وأما بنعمة ربك فحدث». ذكرى أليمة تسترجع «ميرفت» ذكرى أليمة منذ ما يقارب 16 عامًا، تقول: «اختارنى الله لمكان فضيل حيث أفقدنى البصر دون حول ولا قوة منى، ودون مقدمات تنم عن المرض، فذات يوم وبعد إنهاء الدراسة بالصف الأول الثانوى، استيقظت على غير عادة فكنت مشتاقة لنور الله، فوقفت فى نافذة الغرفة أستنشق الهواء، ليحدث شىء غريب، أخذت أشعة الشمس تخفت تدريجيا، إلى أن أصبح الكون حولى ظلاما دامسا»، واستكملت قائلة: «لم يجد بكاء ولا كشف الأطباء، رضيت بقضاء الله، وأصررت على إتمام دراستى، بل على استكمال الحياة كلها». إصرار على استكمال مشوار التعليم عن دراستها تقول «ميرفت»: «التحقت بمدرسة النور والأمل، تناسيت القراءة الطبيعية بالنظر، وتعلمت طريقة برايل للمكفوفين، وكانت تلك أول صعوبة قابلتنى، غير أننى أقمت بالمدرسة، وكنت أزور أسرتى يوم من كل أسبوع، أنهيت المرحلة الثانوية، والتحقت بكلية الآداب قسم علم النفس، وخلال الدراسة فقدت أعظم سند لى بوفاة والدى، كدت أموت، لكن دعم والدتى أيقظنى ودفعنى بقوة لمواصلة الحياة، وبعد أن أنهيت الليسانس، صدمت بصاعقة أخرى، وهى موت والدتى، لأقع فى قاع الإحباط وأتخبط به شهورا، لكن رغبتى فى إرضاء أبى وأمى بعد موتهما وتحقيق حلمهما فى حصولى على الدكتوراه، مد روحى بالأمل من جديد، وظل إخوتى الداعمين لى من بعد والدى، ونجحت فى الحصول على وظيفة أخصائية نفسية بمدرسة ابتدائية، وبنفس التوقيت التحقت بكلية التربية لأدرس بمجال التربية الخاصة لشغفى بمعرفة كل ما يخص ذوى القدرات لمساعدتهم، وتخصصت باضطراب اللغة والتواصل، وأنهيت كل المراحل التعليمية، وأستعد لدراسة الماجيستير بالعام الدراسى المقبل». عون لذوى القدرات «ميرفت» الأخصائية النفسية، أخصائية التخاطب، ساعدت فى شفاء حالات عديدة، وذلك إصرارا منها على مساعدة ذوى القدرات، كما تعلم ذوى القدرات البصرية بطريقة برايل، إضافة إلى تعليمهم مهارات الكمبيوتر من خلال البرنامج الناطق، فهى مسئولة عن لجنة طريق الأمل لذوى القدرات البصرية بمراحل عمرية مختلفة، وهى عضو لجنة ذوى القدرات بنقابة التربية الخاصة بالقصر الأبيض بمدينتها. المرشحة القادمة للانتخابات المحلية يلجأ إليها كثير من الأهالى ذوى الأطفال من ذوى القدرات لمساعدتهم، وتقول عن ذلك: «يؤلمنى أن يستعين بى أحد ولا أستطيع إعانته، رغم أننى أفعل ما بوسعى، ولذلك قررت الاستعداد لترشحى بالانتخابات المحلية القادمة، لأكون الصوت المنادى بحقوق ذوى القدرات وكل من يلجأ إلى». ست بيت شاطرة وعايزة أعمل برنامج طبخ ومن المثير للدهشة، أن «ميرفت» وجهت نداءً لتحقيق حلم جديد لها، وهو برنامج للطهى على شاشة التليفزيون، وسمته «مطبخ ميرفت»، ولكنها تزيل عن المتعجب دهشته حينما يعرف أنها تمسك السكين وتطهو قائلة: لا أعرف المستحيل، أعتمد على نفسى وأدير منزلى الذى يشاركنى فيه إخوتى 3 شباب وفتاة، فأنا أطهو ما لذ وطاب من الطعام، وقالت: «أستطيع عمل المحشى «بعبع ست البيت» دون مساعدة من أحد، كما أستطيع أن أغسل الملابس وأنشرها، وأرتب البيت وأزيل الغبار بجميع أركانه، لا عجب فاعتمادى على حواسى بعد الله هو سبب نجاحى إضافة أننى لا أعرف المستحيل».