عدم الجدية فى الارتباط، والخوف من إكمال العلاقة لتصل للزواج، مشكلة كبيرة قد تواجه الشباب والبنات، خوفًا من اتخاذ قرارات لها محمل من الجدية، وخوفا من عدم القدرة فى الرجوع فى القرار، وأن يكون هذا الارتباط ورطة مدى العمر ويصعب التخلص منه، أو الخوف من فشل العلاقة ونهايتها بالطلاق نتيجة لنموذج سيئ فى الأسرة، أو للخوف من التعرض للخيانة، أو لعدم تقدير الذات والشعور بعدم استحقاق الحب، أو الخوف من التزامات الزواج ومسئولياته المادية. وحول الخوف من الارتباط والدخول فى علاقة جدية، يقول محمد أمير، 30 عامًا، إنه يخشى من الخيانة بعد الزواج خاصة أنه يرى البنات مثل سلة فاكهة يطمع فى كل أصنافها، «فجميع السيدات فى عينى لها جمال خاص»، متابعًا، هذه ليست نظرة مراهقة ولكن من الممكن أنه لم يتواجد الحب الحقيقى أو الاختيار الصحيح لكى ينفذ عملية الارتباط. وعلقت هايدى غنيم، 28 عامًا، بقولها إن فكرة الارتباط من الأساس تُمثل هاجسًا للعديد من الفتيات فى الوقت الحالي، بسبب ارتفاع معدلات الطلاق فى الآونة الأخيرة بين الشباب حديثى الزواج، والتى تنحصر أسبابها فى التغييرات التى تطرأ على سلوك الزوج، وتحوله إلى النقيض من فترة الخطوبة والارتباط، والتى ترجع أسبابها للظروف والأعباء المادية وضغوط الحياة بعد الزواج فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة فى الفترة الحالية، علاوة على أن غالبية الشباب فى الوقت الحالى يعانون من عدم القدرة على تحمل المسئولية، والرغبة فى التواكل وقضاء أوقات كثيرة خارج المنزل مع الأصدقاء على المقاهى والسهر لساعات طويلة بعيدًا عن المنزل، ما يُصيب الزوجة بالوحدة والملل ولا سيما حال عدم عمل الزوجة وقضائها أوقاتًا طويلة داخل المنزل، ما يجعل العديد من البنات يعزفن عن الزواج والارتباط. من جانبها قالت هند نعمان، 31 سنة: إن التجارب الماضية التى دخلت فيها أثبتت لها أنه لا توجد علاقة قد تنتهى بجدية، مشيرة إلى أنه تمت خطبتها مرتين، إلا أنه أثناء فترة الخطوبة تحدث العديد من المتغيرات التى تكتشف أنه لا يصلح أن يكون زوجها وتعيش معه حياتها بالكامل حيث يتضح عدم مسئوليته ومعاملته السيئة لها، فى حين أن الخطوبة الثانية اكتشفت أنه إنسان بخيل جدًا. وأوضحت «هند» أن الخوف من الارتباط لدى بعض السيدات يرجع إلى نماذج قدوة سيئة خاصة بعد الحكايات والقصص السيئة التى تحكيها السيدات عن تجربة الزواج. من جانبه أكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أنه لدراسة فوبيا الارتباط عند الشباب أو البنات، يجب أولًا معرفة أسباب والوصول لهذا الأمر، مشيرًا إلى أن الفكر الوهابى الذى ضرب مصر فى السبعينيات له دور كبير، حيث تم منع الاختلاط فى المدارس، وأصبحت لا توجد معرفة أو تعارف للفكر بين البنات والأولاد طوال مدة الدراسة، حتى الوصول إلى سن الجامعة، فتتحول النظرة بينهم إلى نظرة جنسية فقط، لذلك تحولنا إلى المركز الثانى فى التحرش على مستوى العالم. وتابع «صادق»: نظرة الشاب إلى المرأة تتركز على كونها «نِهيبة»، ويتم النظر إليها باحتقار، فكيف يرتبط الرجل بإنسانة يحتقرها، لذلك نجد أغلب علاقات الزواج تتم بين الأقارب، حيث الاختيار المحدود. ولفت إلى أن ارتفاع نسبة الطلاق فى المجتمع نتيجة النظرة الخاطئة من المصريين للمرأة التى تنعكس بصورة سلبية، وتسبب حالة من الخوف من الدخول فى علاقة زواج، حيث إنه تصل لفكر الشاب أو الفتاة أن النهاية دائما ما تنتهى بالطلاق فلماذا إذًا يكون هناك ارتباط من الأساس؟ وأكد أستاذ علم الاجتماع أن وجود شكل وبديل آخر للعلاقة الجنسية فى الزواج بشكل خاطئ، عن طريق متابعة المواقع الإباحية أو القنوات عن طريق التليفزيون يؤدى إلى عدم التفكير فى الزواج. وأوضح «صادق» أن ارتفاع التكاليف المادية للزواج وصعوبة الحياة فى ظل وضع اقتصادى دقيق، يزيد الأمر صعوبة فى تكوين أسرة ويجعل الشباب لا يقبلون على الزواج. وشدد على ضرورة إعادة النظر فى المجتمع، والتعليم وإلغاء الفكر الوهابى من المدارس، الذى يطالب بضرورة فصل الأولاد عن البنات، حتى يكون هناك تفاهم وتعرف على الأفكار منذ الصغر، ولا تكون النظرة مجرد نظرة جنسية فقط، مشيرا إلى أن الفوبيا من الارتباط لها تأثير خطير على المجتمع تؤدى إلى العنوسة، وعدم وجود مجتمع سليم بل تزيد الأمراض النفسية والعنف والدعارة.