«الرزق يحب الخفية».. هكذا وصف «حمادة غريب» أو «بتاع الغرابيل والمناخل» كما يطلق عليه الكثيرون، حالته رغم أنه فى العقد الرابع من العمر وحاصل على مؤهل عال. يوم السبت من كل أسبوع تراه جالسا بمكانه بشارع السويقة أمام فيللا وردة باشا فى السوق الأسبوعية لمدينة إسنا حتى تمام الرابعة مساء، يصنع «غرابيله» أمام زبائنه، يمارس حرفة الآباء والأجداد بدقة واقتدار، وقد حفرت ابتسامته على وجهه علامات الرضا بما تدخله إليه حرفته من رزق يكفى قوت يومه وأسرته وتدبير نفقاتهم، ويقبل عليه عملاؤه من قرى المركز المختلفة لشراء حاجاتهم مما أنتجته أنامله منذ الصباح. «البوابة» التقت «حمادة غريب شعار» صانع الغرابيل الشهير بمدينة إسنا، والذى قال: «أنا عندى 32 سنة أقيم بمدينة قوص وحصلت على ليسانس دراسات إسلامية ومتزوج ومعى طفلان «حمزة 5 سنوات، ورودينا 4 سنوات» وورثت حرفة أبى، الذى ورثها بدوره عن جدى». وأضاف، «مهنة «صناعة الغرابيل» متوارثة فى عائلتنا منذ عشرات السنين وكان أبى وجدى يأتيان فى المكان نفسه بشارع السويقة، وكان أيامها سوق مواشى وطيور وتجارة، وأنا كنت طفلا، وكان عمرى 5 سنوات، آتى مع والدى واشترينا بيتا لتخصيصه كمخزن وأنا أكملت المسيرة فى تصنيع الغرابيل، لأنها مهنة من الزمن الجميل، ومفيش غيرنا بنعمولها، لأن الصنعة دى انقرضت، والعائلة عندنا فى قوص وأرمنت وإسنا بيشتغلوا الصنعة نفسها، وجدى كان لديه 5 أولاد و4 بنات، الأولاد كان منهم سائقون وبائعو خضار، ووالدى الوحيد هو من اتجه لصناعة الغرابيل، ووالدى لديه 3 أولاد، منهم 2 سائقين وأنا أصغر إخوتى قررت أن أحافظ على التراث وصنعة أبويا، وتعودت على الذهاب والمجىء من قوص إلى إسنا كل جمعة، حيث أبيت فى إسنا ليلا، ثم أفرش يوم السبت استعدادا للسوق الأسبوعية واحتل مكانى المعروف». ويحكى صانع الغرابيل، أن منتجاته تتنوع بين «غربال مانع، وفارض، وعياشى، وسلك، وجلد، ورملة، ومحارة، وغربال للتبن، وآخر للقمح»، والتى تختلف باختلاف الحاجة إليها، ويتم تحديد سعرها وفق كل نوع، لتبدأ أسعارها من 5 جنيهات وحتى 20 جنيهًا. وكما هى الحال لدى أغلب الصناع، يشكو «شعار» من ارتفاع أسعار المواد الخام من أخشاب وسلك وأقمشة ومسمار، إلا أنه يلتمس العذر للحكومة مطالبًا بأن تكف شرطة المرافق عن ملاحقته، حتى يربى أبناءه بالحلال.