عندما رسم الفنان التشكيلي المصري الراحل عبدالهادي الجزار لوحته الشهيرة "الكورس الشعبي" في عقد الأربعينيات من القرن الماضي؛ انقلبت الدنيا واعتقل شهرا، وصودرت اللوحة، وكان أول تشكيلي يُعتقل بسبب لوحة، وأفرج عنه بعد وساطة الفنان محمود سعيد، والذي كان تربطهما مصاهرة بالملك فاروق، وأخذ تعهدا على الجزار بعدم تكرار فِعلته. اللوحة الأصلية اختفت ولم يُعرف مصيرها حتى الآن، وأعاد الجزار رسمها سنة 1951 واقتناها متحف الفن المصري الحديث بعد ثورة يوليو؛ وتضم مجموعة رجال ونساء وأطفال يقفون حفاة صفا واحدا، ويرتدون ملابس بالية، وإحدى النساء مُنقَّبة، وأخرى عارية، والثالثة شعرها أشعث، والرجال بملابس نسائية دلالة على هوانهم، وأمامهم جميعا أطباق فارغة، ينتظرون طعاما لا يأتي، وعلى وجوههم بؤس وحيرة، في مشهد إجمالي يعكس واقع أغلبية المصريين آنذاك، في إسقاط سياسي واضح على فساد الحكم، ويظهر شجاعة «عبدالهادي الجزار» في مواجهة الظلم، وكان لا يزال وقتها شابا صغيرا.