تعادل إيجابي بين الهلال والنصر واللجوء لشوطين إضافيين لحسم كأس خادم الحرمين    سيدة تدهس مدرسة وتتسبب في وفاتها بالمقطم    مي عمر وباسم سمرة وإياد نصار.. نجوم الفن في حفل توزيع جوائز إنرجي    رغيف عيش    أول تعليق من بايدن على إدانة ترامب ب34 تهمة جنائية: يهدد ديمقراطيتنا    مرصد الأزهر يدين الهجوم الذي وقع صباح اليوم في ألمانيا    الجامعة العربية المفتوحة بمصر تحتل المركز السادس في التصنيف الدولي للجامعات    الصمت غير مطلوب.. علاء مبارك يوجه رسالة لمحمد صلاح بشأن غزة    نصر عزام: إيقاف محمد الشيبي مخالف للوائح فيفا والقانون المصري    إندريك فيليبي يودع جماهير بالميراس بالدموع قبل المغادرة لمدريد    طارق سعدة في عيد الإعلاميين : الإعلام المصرى يلعب دورا كبيرا لتشكيل وعى المواطنين    الصحة تحذر.. سم سمكة الأرنب ليس له مصل ويتسبب في الوفاة خلال 8 ساعات    تخفيضات 40%.. "المصرية للحوم والدواجن" تزف بشرى سارة للمواطنين قبل عيد الأضحى    يوسف يكشف حقيقة خلافه مع حميدة.. ويصف الفخراني ب"غول تمثيل"    الاتحاد الأوروبى: ندعم خطة بايدن لوقف دائم لإطلاق النار وإطلاق المحتجزين    صوت بلدنا    اليوبيل الذهبي لمهرجان جمعية الفيلم    المفتي: عدم توثيق الزواج الجديد للأرامل للإبقاء على معاش المتوفى يُعد أكلاً للمال بالباطل    عصام خليل: الحوار الوطني يناقش غدا آليات تحويل الدعم العيني لنقدي    المصرى للشؤون الخارجية: زيارة الرئيس السيسى لبكين تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون    فتاة تنهي حياتها بحبة سوس القمح.. والسبب صادم    النيابة تامر بأخذ عينة DNA من طالب التجمع الأول المتهم باغتصاب زميلته وإنجابها منه    تغطية.. نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين 2024    الصحة: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة تحت شعار 100 مليون صحة    مسن ينهي حياته شنقا في المرج بسبب ضائقة نفسية    780 شاحنة مساعدات في انتظار الدخول عبر رفح    19 منظمة دولية تحذر من مجاعة وشيكة في السودان    موعد عيد الأضحى 2024.. وإجازة طويلة تمتد ل 9 أيام متتالية (تعرف عليها)    21 الف طن قمح رصيد صوامع الغلال بميناء دمياط اليوم    عربية النواب: تصنيف إسرائيل ل أونروا منظمة إرهابية تحد صارخ للشرعية الدولية    بعد علمه بمرضه... انتحار مسن شنقًا بالمرج    حصاد وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في أسبوع    ضبط المتهم بتسريب أسئلة الامتحانات عبر تطبيق "واتس آب"    إعادة افتتاح مسجد نور الإسلام في إطسا بعد صيانته    عمرو الفقي يعلق على برومو "أم الدنيا": مصر مهد الحضارة والأديان    وزيرة التعاون: تحقيق استقرار مستدام في أفريقيا يتطلب دعم المؤسسات الدولية    مرة واحدة في العمر.. ما حكم من استطاع الحج ولم يفعل؟ إمام وخطيب المسجد الحرام يُجيب    بالشماسي والكراسي.. تفعيل خدمة الحجز الإلكتروني لشواطئ الإسكندرية- صور    "العاصمة الإدارية" الجديدة تستقبل وفدا من جامعة قرطاج التونسية    وزير الإسكان يُصدر قراراً بإزالة مخالفات بناء بالساحل الشمالي    تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياة والدة الفنان محمود الليثي    بعثة المواي تاي تغادر إلى اليونان للمشاركة فى بطولة العالم للكبار    في اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين.. احذر التبغ يقتل 8 ملايين شخص سنويا    اعتماد 34 مدرسة بالإسكندرية في 9 إدارات تعليمية    ماذا يقال عند ذبح الأضحية؟.. صيغة مستحبة وآداب يجب مراعاتها    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الاعتماد والرقابة الصحية: برنامج تدريب المراجعين يحصل على الاعتماد الدولي    محافظ أسوان يتابع تسليم 30 منزلا بقرية الفؤادية بكوم أمبو بعد إعادة تأهيلهم    وزارة الصحة تستقبل سفير كوبا لدى مصر لتعزيز التعاون في المجال الصحي    أين حق الأبناء؟!    «حق الله في المال».. موضوع خطبة الجمعة اليوم في مساجد مصر    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    ميرور البريطانية تكشف عن بديل نونيز في ليفربول حال رحيله    متحدث الحكومة: لن نرفع الدعم عن السولار لتأثيره على أسعار السلع والمواصلات    خالد أبو بكر يقاطع وزير التعليم: بلاش عصا إلكترونية باللجان.. هتقلق الطلاب    الطيران الحربي الإسرائيلي يقصف محيط مسجد في مخيم البريج وسط قطاع غزة    تامر عبد المنعم ينعى والدة وزيرة الثقافة: «كل نفس ذائقة الموت»    اتحاد الكرة يكشف أسباب التأخر في إصدار عقوبة ضد الشيبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزهر.. قلعة التحدي والصمود
نشر في البوابة يوم 19 - 07 - 2017

قال تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)» (سورة إبراهيم).
فالأزهر عبر تاريخه الممتد لعدة قرون مثله كمثل الكلمة الطيبة التى تؤتى أكلها كل حين، فما من «مفتى» فى بلاد المسلمين فيما عدا السعودية إلا وقد تخرج فى الأزهر، وما من عالم فى بلاد المسلمين من إندونيسيا إلى موريتنيا إلا وقد تخرج فى الجامع الأزهر، ولا يعترف فى العالم الإسلامى بعلماء فى الشريعة والفقه الإسلامى إلا لمن تخرج فى الأزهر، ويظل طلاب العلوم الشرعية جهلاء حتى يتخرجوا فى الأزهر.. هذه هى الحقيقة لمن جاب العالم الإسلامى شرقًا وغربًا. وعندما قامت المملكة العربية السعودية بإنشاء جامعة أم القرى للعلوم الشرعية لم يكن عندهم عالم لرئاسة هذا الصرح العلمى، فأحضروا من مصر علماء الأزهر، وترأس الجامعة فضيلة العلامة الشيخ/ محمد متولى الشعراوى، ولذلك تجده يقول مصر هى التى علمت الإسلام للدولة التى نزل بها الوحى، وعند افتتاح جامعة أم القرى قالوا للملك فيصل -رحمه الله-: «لقد أنشأنا جامعة تضاهى جامعة الأزهر»، فقال لهم فيصل: «ومن أين لكم بألف عام من الأزهر»، هو الذى حافظ على مدى عدة قرون على وسطية الإسلام والفهم الصحيح للعقيدة الإسلامية والفهم الصحيح لأحكام الإسلام.. الأزهر هو الكلمة الطيبة التى على مدار القرون. وأما الكلمة الخبيثة فهم الذين يهاجمون الأزهر بحسن نية أو بسوء نية، بهدف حميد أو بهدف خسيس، بعلم أو بجهل، وسوف تمر هذه الهجمة الجاهلية ويبقى الأزهر قلعة الصمود والتحدى.
نعم كلنا يعلم ما أصاب الأزهر من نكبات على مدار أربعة عقود، وهى تاريخ ظهور السلفية المزعومة المدعومة بأموال البترول، هذه السلفية المزعومة التى وزعت الكفر على بلاد المسلمين وعلى الشعوب الإسلامية بالقسطاس، ولعل الجهلاء لا يعلمون أن هذه السلفية المزعومة -والسلف الصالح منها برىء والمدعومة بأموال البترول- كان الهدف منها هو استخدامها لهدم حركات التحرر الوطنى ودعاة القومية العربية والتحرر من الاستعمار، وفى ذلك يقول المؤرخ البريطانى مارك كورتيس: «كان التحدى القومى للمصالح البريطانية متجذرًا فى رغبة الشعوب فى الشرق الأوسط، حيث أجبرت بريطانيا على تنفيذ عمليات لتصفية الاستعمار فى كثير من البلدان تحت الضغط الشعبى، وواصلت بريطانيا خوض حروب وحشية ضد هذه الحركات كما حدث فى مصر سنة 1956، ومذابح فى كينيا، والتدخل العسكرى فى عمان، وشق التمرد الشعبى سنة 1958، وقد اختارت بريطانيا وأمريكا دحر انتشار القومية العلمانية، وعندما قام عبدالناصر بطرد الإخوان سنة 1954 وجدوا لهم ملاذًا آمنًا فى السعودية، بناء على نصيحة المخابرات البريطانية والأمريكية، وألحق بهم من فر من العراق وسوريا، وكان هؤلاء هم طليعة القوة الدينية التى استخدمت كمصد للقوميين العرب الذين يهددون المصالح البريطانية والأمريكية، وعندما قامت المخابرات الأمريكية بتجنيد سعيد رمضان، زوج بنت حسن البنا، وأسقط عنه عبدالناصر الجنسية تدخلت أمريكا لدى الأردن لحصول سعيد رمضان على جواز سفر أردنى، وتم تمويله لإنشاء المركز الإسلامى فى ميونيخ، كما لاقت مراكز الدعوة السلفية دعمًا من رابطة العالم الإسلامى، وخرجت الكتب التى تكفر القوميين العرب، وتعتبرهم حكاما مرتدين، خصوصا عندما اشتد الصراع بين القوميين العرب والمحافظين على أرض اليمن (حرب اليمن)، وعندما وصل الرئيس السادات إلى السلطة، وكان هواه مع الغرب وضد القومية العربية وضد عبدالناصر، سمح لهذه الهيئات بإعلان الحرب على عبدالناصر وفكره، ونشر الإخوان عشرات الكتب عن التعذيب فى سجون عبدالناصر بالحق أو بالباطل، المهم القضاء على القومية العربية التى تنادى بالتحرر من الاستعمار، وسمح للإخوان بالدخول للجامعات والقضاء على الفكر الاشتراكى المنتشر والمعادى للغرب، وزعم بأنه الرئيس المؤمن، وأن 99٪ من أوراق الشرق الأوسط فى يد الأمريكان وال1٪ فى يد مَن لا ندرى، والانفتاح الاستهبالى، وتوقف الإنتاج وهجرة الآلاف إلى بلاد الخليج، والتأثر بالدعوة السلفية، وانتشار الكتب التى تدعو لتكفير المجتمع والمخالفين لشريعة الإسلام.. إلخ، مما يعرفه القاصى والدانى، والقوة المالية التى كانت تقف خلف ذلك، وتجلى ذلك فى الدعم للجهاد ضد الغزو السوفيتى لأفغانستان، وتوجيه الضربات النهائية للقومية العربية على أيدى دعاة الإسلام السياسى (العراق- سوريا- ليبيا).. كل ذلك أوهن مؤسسة الأزهر العريقة، وغيب دورها الريادى على مدى عقود عديدة، ويكفى ما قاله المؤرخون عن نضال مشايخ الأزهر ضد الحملة الفرنسية، وقتل أعداد كبيرة من علماء الأزهر ودك الأزهر بمدفعية التنوير، ومدفعية بونابرات، ويكلل الأزهر المقاومة بقتل الحاكم العسكرى الفرنسى «كليبر» على يد طالب الأزهر سليمان الحلبى، وليس قتل الجيش المصرى أو السورى، ومن الأمور التى صدعت الأزهر الشريف هى حرص الجماعات السلفية المزعومة وجماعة الإخوان على اختراق الأزهر للاستيلاء على هذه المؤسسة العريقة، وفى سنة الإخوان التى حكموا فيها مصر كان مرشحا الشيخ عبدالرحمن البر، وهو عضو مكتب إرشاد فى الإخوان، ليكون شيخا للأزهر، وهكذا كان سيتم مصادرة الأزهر لصالح جماعة الإخوان أو جماعات الفكر السلفى المنحرف عن فكر السلف الصالح، ويكفى أنه فى سنة 2012 قامت الجماعة السلفية بتوزيع 30 ألف كتيب أثناء الامتحانات على طلبة الجامعة، تكفر فيها أصحاب العقيدة الأشعرية، وهى العقيدة التى يدرسها الأزهر لأبنائه منذ أكثر من 400 سنة، وهى عقيدة الأكابر من علماء أهل السنة والجماعة.
الأزهر الذى حاضر فيه الأكابر، ومنهم العلامة نادرة الدهر ابن حجر العسقلانى والعينى والفيروزآبادى، مرورا بمحمد عبده وعبدالحليم محمود وجاد الحق والشعراوى وعلى جمعة.. إلخ، كوكبة من آلاف العلماء فى الشرق والغرب درسوا وعلموا العالم الإسلام، ولا يصح أن يقتطع شخص ما كتابًا يدرس فى الأزهر وبناء عليه يهاجم الأزهر، فالأزهر ليس كتابًا، ولكنه منهج، فالذى يدرس الأدب يدرس الشعر الجاهلى ما قبل الإسلام، ويدرس أدب الملحدين والمخالفين له فى العقيدة والملة، ولا يعنى ذلك أن نتهم الدارس بالإلحاد أو الجاهلية، فطالب الأزهر عليه أن يدرس أكبر قدر من الفقه بجميع آرائه حتى يميز الغث من الثمين.
إن الأزهر مؤسسة عريقة كمؤسستى الجيش والشرطة، وهدم المؤسسات يؤدى إلى كوارث تدمير الأوطان والإنسان، وإعادة بنائها يكون صعبا ويستغرق سنوات، لأن المؤسسات تكونت عبر تراكم مئات السنين، وهذا ما كانت تسعى له الدول الاستعمارية من هدم المؤسسات العريقة للدولة حتى لا تقوم لها قائمة، فالمخلصون لدينهم وبلادهم ليس أمامهم إلا دعم مؤسسة الأزهر، والمطالبة بتحسين أوضاعها، وإخراج المغرضين الذين تسللوا إليها فى غفلة من الزمان، لأنها المؤسسة الدينية الوحيدة فى العالم التى تستطيع هدم الفكر التكفيرى فى جميع أنحاء العالم، لما لها من مكانة لدى ملايين المسلمين، ولمنهجها القويم وعلمائها الأجلاء، ونحن جميعًا مع دعم الأزهر وتطهيره حتى يستمر فى أداء رسالته الدينية والوطنية الضاربة فى أغوار التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.