ميكرفون واستوديو بسيط.. آلات موسيقية خفيفة الإيقاع ونغمات خجلت أن يعلو صوتها فوق صوت فيروز.. هكذا وقفت قيثارة الغناء أخيرًا بعد 23 عامًا استطاعت أن تغني لوطنها باكية على ما وصل إليه من دمار وكأنه بات يحتضن صوتها راجيا الخلاص، فمن أين بدأت القصة؟ 1994 من ساحة الشهداء ببيروت سنوات من الصمت حبست فيها فيروز صوتها.. رفضت أن تغني ولبنان وطنها جريح في الوقت نفسه الذي كان يعاني فيه الوطن العربي من عدة صراعات سياسية أودت بالكثير منه إلى الهلاك.. حاولو مرارا وتكرارا إقناعها أن تغني ولكنها رفضت إلى أن انتهت الحرب واختارت وقتها «ساحة الشهداء» رغم حالة الدمار التي كانت فيها ولكنها فضلت أن تبلغ كل العالم أن لبنان وطنها بدأ في العودة، من هذا المكان الذي دمر بالكامل جراء الحرب. وقتها سألوها ماذا ستغنى للوطن؟.. نظرت إلى الأرض بخجل وقالت «لازم غنى لوطنى وما بعرف شو بقول.. الأيام السودا رايحة مهما الزمان يطول.. أنا اللى هون بقيت وما عرفتك بس شفتك.. ولحالي شو بكيت.. بس هلق شو هم شو ما حكيت.. في ولاد كتير بهالدني.. وفي صبي عم يكبر عمرو عشرين سني وهو رح يردك يا وطني». هكذا ردت فيروز وأكملت أغنياتها التي وعدت فيها أن لبنان قادم لا محالة ليس هو فقط بل الوطن العربي بأكمله فغنت وقتها «سنرجع يومًا» عن فلسطين وغنت أيضًا «مهما اتاخر جاي ما بيضيع إللى جاي غفلة بيوصل من قلب الضوى» وكأنها تخبر الجميع بأن العودة قد اقتربت وعلى جانب آخر أكثرت وقتها من أغانيها التى تحث على العمل والبقاء وعدم الخوف من الظلم رافضة الاستسلام للدمار والحروب. 23 عاما ولا زالت فيروز تنتظر تلك اللحظة التى ترى فيها وطنها معافى من جراحه غنت له وحملت معاناته معها لكل دول العالم.. وفى كل عيد لقيامة المسيح كانت تتشح السواد وتجثو على ركبتيها تضرعا للعذراء فى كنائس لبنان المهدمة تطلب الشفاء العاجل لوطنها وكانت دائمة الترديد «أنا الأم الحزينة». اليوم ومن الواضح أن فيروز وبعد أن خذلتها الشعوب العربية استطاعت أن تعرف ماذا ستغنى للوطن فقالت «لوين بدنا نفل من كل إلى عم بيصير.. ما فينا نكفى ذل قتل وخوف وتهجير.. بإيدينا عم بنخرب كل اللى بنيناه.. لا حكم ولا كراسي.. لا حقد ولا بغض.. لا دين ولا مصاري.. ولا حروب تلى الأرض شو اللي ما نعنا نوحد اللى نحنا قسمناه يمكن أنا عم أحلم».. بتلك الكلمات أجابت فيروز على نفس السؤال عام 1994 والذى ذكرناه لاحقا. «يمكن» هو اسم الأغنية التى لن ينسى محبو فيروز أبدا أنها كانت الرد على خذلانهم لها، هى مبنية على العمل الأصلى «إماجين (تخيل)» تأليف وتلحين جون لينون، وقد تم ترتيب العمل بواسطة ستيف سيدويل وتم تعريب الكلمات بواسطة ريما راحباني. تأتى تلك الأغنية من الألبوم الجديد القادم «ببالي» من إنتاج ريما راحبانى والذى يضم 10 أغان هي: «رح نرجع نتلاقي، يمكن، ببالي، ما تزعل مني، لمين، أنا وياك، حكايات كتير، بغير دني». فيما أعادت غناء أغنيتها الشهيرة «بيتى صغير بكندا» والتى سبق وغنتها لأول مرة فى عام 2005 بمناسبة حفلها المشهور آن ذاك فى كندا فيما ينتهى الألبوم بموسيقى الأغنية الأساسية بالألبوم «لمين». أعادت تقديم أغنيتها الشهيرة «بيتي صغير بكندا» والتي سبق وغنتها لأول مرة عام 2005.. وينتهي الألبوم بموسيقى الأغنية الأساسية «لمين».