قال الباحث الآثري أحمد عامر: إن مصر من أول الحضارات التي قدست العمل والإنتاج وحققت إكتفائها الذاتي بنفسها، ومن ثمّ قدّست العامل والمهن والحرف وبفضل هؤلاء المهرة من الصُناع والفنانين والمثالين والنحاتين الذين كانوا يعملون في الخدمات العامة فقد شيدت وقامت روائع الأعمال المعمارية من العمائر الدينية والجنائزية والتي تُعد من أهم خصائص الحضارة المصرية القديمة، وتمثل فئة العمال والمزارعين الكثرة الغالبة من الشعب، وقد كان الملك "أمنحوتب الأول" هو أول من فكر في تكوين طائفة خاصة من العمال والنحاتين والفنانين ولهذا أصبح محل تقديس بعد وفاته. وأضاف "عامر"، في تصريحات صحفية، أنه في عصر الدولة الحديثة بدأ العمال يستقرون في قُري خاصة بهم ليكونوا بالقرب من عملهم فإستقروا بقرية "دير المدينة" والتي يرجع إسمها إلي "الدير القبطي" الذي أُنشئ في القرن السابع الميلادي أما الأسم القديم لها فكان "مكان الحق"، ويبدو أن أقدم قرية في دير المدينة قد شُيدت في عهد "تحوتمس الأول" الذي عُثر علي إسمه مختومًا علي قوالب من الطوب اللبن التي إستُخدمت في بناء السور الذي أحاط بأول قرية، وقد أدي حريق إلي تدمير تلك القرية الأولي فأعادت الدولة بناءها قبيل عهد الملك "تحوتمس الأول" وعندما جاء الملك "إخناتون" إستعان بأهل هذة القرية ليساعدوه في تأسيس عاصمته الجديدة ب"تل العمارنه" بالمنيا ولكن إزدهار القرية ظهر واضحًا في عصر الرعامسة. وأشار "عامر" إلي حرص الفراعنة على العمل بل أخلصوا وأتقنوا أعمالهم، وهذا ما دلت عليه الحضارة المصرية القديمة من خلال ما تركته لنا من معالم أثرية مهمة مثل الأهرامات والمعابد والمسلات وغيرها، وقد تألف مجتمع العمال أيضًا من زوجات وأطفال العمال وكان بعض الأولاد الصغار يمارسون الأعمال المؤقتة مثل توصيل الرسائل ولذلك عُرفوا ب "أطفال المقبرة" بالرغم من أنهم لم يُدرجوا رسميًا ضمن قوة العمل وإذا لم يحالفهم النجاح في العثور علي مكان ما بين الشباب الذين أُدرجت أسمائهم كعمال فقد كان يتعين عليهم مغادرة القرية والبحث عن عمل في مكان آخر، لذلك يجب علينا أن نتذكر مدي التقدير الذي كان يناله العمل في مصر القديمة علي مر العصور.