أصبحت الليبرالية الجديدة، بوصفها مجموعة من الأفكار والممارسات التى تركز على الدور المتزايد للسوق الحرة، والمرونة فى سوق العمل، وإعادة تشكيل أنشطة الرعاية الاجتماعية للدولة، موضوعًا شائكًا يشغل بال الحكومات حول العالم، منذ ثمانينيات القرن العشرين. من هنا تأتى أهمية هذا الكتاب، الذى حمل عنوان «العدالة الاجتماعية والليبرالية الجديدة.. منظورات عالمية» من تحرير أدريان سميث وأليسون ستيننج وكاتى ويلز، والذى ترجمه من الإنجليزية إلى العربية وائل حمدى، والصادر عن المركز القومى للترجمة 2016 فى 382 صفحة. ويعرض الكتاب تجارب أمريكا اللاتينية الناجحة على الساحة، والتى أصبحت تمثل نموذجًا لمقاومة الليبرالية الجديدة، ومثالًا ماديًا على إمكانية تحقيق عالم جديد، وتشمل الأمثلة «هوجوشافيز» وثورته البوليفارية فى فنزويلا، وتشكيل الموازنات الاجتماعية فى بورتوألجيرى، وحروب المياه فى كوتشابامبا فى بوليفيا، حيث انتفاضة المحليين ضد خصخصة المياه التى بدورها لاقت ترحابًا كأحد النجاحات. كما تعد شبكة المقايضة التى بدأت فى الأرجنتين فى أعقاب أزمة العملة، والانهيار الاقتصادى عام 2001 حالة أخرى رمزية، تمثل شكلًا خاصًا من أشكال المقاومة الليبرالية، حيث قامت المجتمعات المحلية بتطوير أنماط بديلة من العملة، وفضاءات اقتصادية جديدة لأشكال من التبادل غير الرأسمالى. وأدى دور صندوق النقد الدولى، الخاص ببرامج التكيف الهيكلى، فى تفاقم الأوضاع الهامشية القائمة لكثير من المجتمعات المحلية فى جنوب العالم والدول الاشتراكية السابقة، كما أدى إلى صور من الاحتجاج وأشكال المقاومة ومع ذلك يمكن لهذه المقاومة أن تقوم ببعض ردود الأفعال التى توصف بأنها «أسلحة الضعفاء»، خاصة أن الأشكال الرسمية والمنظمة للاحتجاج والمقاومة يصعب تحقيقها، فهى محفوفة بالمخاطر، نظرًا لطبيعة عملها والطابع الخفى الخاص باستخدامها.