نشر مركز البحرين للدراسات والإعلام دراسة تناول فيها ضرورة التعاون المصري البحريني في المجال الأمني، مؤكدًا أن العلاقات المصرية البحرينية تشهد مزيدًا من التعاون والتسبيق في مختلف المجالات. جاء في الدراسة "بعد الموقف البحريني المشرف الداعم لإرادة الشعب المصري والمعبر عن عظمة علاقاتهما المتبادلة والتي تضرب بجذورها في اعماق التاريخ منذ التفاعل والتقارب بين الحضارة الفرعونية القديمة وحضارة دلمون في البحرين، تلك العلاقات التي تميزت بخصوصية وحميمية بينهما مقارنة بعلاقات مصر بباقي الدول العربية، حيث يعد شعبا البلدين أكثر تفهما والتصاقاً ببعضهما البعض، هذه العلاقة تتجاوز كونها علاقة اقتصادية أو تجارية أو ثقافية، وإنما تعود الى تاريخ طويل من الوقفات المشرفة التي تسجلها صفحات تاريخ البلدين. ففي الوقت الذى تؤكد فيها مصر حرصها على الدفاع عن امن الخليج كجزء لا يتجزأ من منظومة الامن القومي المصري، فإنها تؤكد على ان امن مملكة البحرين واستقرارها يقع في القلب من تلك المنظومة، نظرا للموقع الجغرافي المتميز الذى تشغله المملكة في الذود عن امن دول المنطقة ضد الاطماع المستمرة التي تأتى من بعض القوى الاقليمية التي تسعى الى فرض هيمنتها على شئون المنطقة وقضاياها. على الجانب الاخر يأتى الموقف البحرين قيادة وحكومة وشعباً في الوقوف الى جوار الشعب المصري، واحترام إرادته الحرة وما يختاره ويقرره بشأن حاضره ومستقبله، وهو ما تجلى من خلال مسارعة المملكة إلى تقديم كل مساعدة ممكنة للشعب المصري في أعقاب ثورة 30 يونيو، وتُرجم هذا الاهتمام على وجه السرعة في زيارة العاهل البحريني إلى القاهرة، وقد سبقها زيارات عدد من الوفود على اعلى المستويات منها وفد برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة إلى القاهرة عقب ثورة 30 يونيو مباشرة، وضم عدداً من كبار المسئولين الاقتصاديين ورجال الأعمال، بهدف بحث السبل الكفيلة بزيادة وتيرة الاستثمارات البحرينية في مصر، والتي تقدر بنحو مليارى دولار، وجاءت زيارة هذا الوفد بناء على توجيهات ورئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة الذى يضع مصر في مكانة خاصة لدى رؤيته في علاقة حكومته مع العالم العربي، إدراكا بدور مصر الريادي الكبير في خدمة الأمة العربية والإسلامية ونصرة قضاياها العادلة وتعزيز التضامن العربي ودعم مسيرة العمل العربي المشترك. ولذا كان حرصه على دفع حكومته لتعزيز التعاون مع الحكومة المصرية، ليصل حجم التجارة البينية بين البلدين أكثر من 100 مليون دولار، ويبلغ حجم الصادرات المصرية للبحرين 18 مليون دولار، وترتفع قيمة الاستثمارات البحرينية في مصر إلى ما يزيد عن 1.7 مليار دولار. وقد جاءت زيارة وزير الداخلية البحريني الى القاهرة مؤخرا لتعزز هذه الرؤية وتؤكد على تطابقها بين الطرفين في بعدها الأمني نظرا لما تواجهه البلدين من تحديات امنية جمة داخليا وخارجيا، ففي الوقت الذى تدرك فيه القيادة المصرية أن مملكة البحرين تمثل بعدا استراتيجيا كبيرا لأمنها، انطلاقا من أن أمن مصر شرقا يبدأ من الخليج العربي، وعليه تؤكد أية قيادة مصرية حرصها على أن أمن البحرين هو خط احمر لأمن مصر القومي. يأتي موقف الحكومة البحرينية التي تدرك أن استقرار مصر أيضا هو استقرار للجميع كون مصر هي العمق الاستراتيجي للوطن العربي على مر التاريخ، وهو ما أكده وزير الداخلية البحريني خلال لقاءاته مع المسئولين المصريين بأن البحرين تتطلع لتحقيق الشراكة الأمنية مع مصر من خلال تفعيل مذكرة التفاهم الأمنية وتشكيل اللجنة المشتركة، لتحقيق الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب والعنف والتطرف، وهو ما لقى ترحيبا مصريا بتقديم كافة الاستعدادات اللازمة لدعم البحرين فيما يخص حماية أمنها واستقرارها. والحقيقة ان التعاون في المجال الأمني بين البلدين يظل هو العنصر الحاسم في اللحظة الراهنة، صحيح ان التقارب السياسي بين البلدين شهد تراجعا في عصر الاخوان لما شهدته سياستهم الخارجية من تخبطات وانحرافات عن مصالح الدولة الوطنية حينما رأت جماعة الاخوان ان التقارب الإيراني المصري يحقق المصالح المصرية ويحافظ على امنها، في حين ان التقارير التي رفعتها المخابرات الحربية الى القيادة المصرية آنذاك كشفت عن وجود اكثر من 100 اختراق إيراني للأمن القومي المصري، إلا ان المصالح المتبادلة بين طهران وجماعة الاخوان المسلمين تحت مظلة الحماية الامريكية كانت لها الاولوية من وجهة نظر الجماعة على حساب مصالح الدولة المصرية. ولكن، مع استرداد الشعب المصري لإرادته وتصحيحه لمسار ثورته في الثلاثين من يونيو بعزل الرئيس الإخوانى الذى يحاكم اليوم بتهم التخابر مع الخارج، يؤكد على أن المياه التي توقفت في نهر العلاقات المصرية الخليجية بصفة عامة والمصرية البحرينية على وجه الخصوص سوف تشهد مزيدا من التدافع والحركة في مختلف المجالات والانشطة، وهو ما يتفق وحركة التاريخ ومسيرته التي حاولت تلك الجماعة ان تعرقلها خدمة لمصالح تنظيمها الدولى وبعض الاطراف الاقليمية وهى تلك التي تواجهها الحكومة البحرينية بخروقات وانتهاكات جمعية الوفاق التي تمثل امتدادا لملالي طهران داخل الدولة البحرينية. ونظرا لتقارب التهديدات وتشابك القضايا ووحدة القوى المحركة لهذه الاطراف الداخلية وتحديدا الولاياتالمتحدة وايران، فبرزت الحاجة الى مزيد من التعاون والتقارب المصري البحريني في المجال الأمني للاستفادة من الخبرات المتبادلة وتنسيق آليات التعامل مع هذه المخاطر التي ربما تتكرر في كثير من البلدان العربية بما يجعل من الاهمية بمكان أن تمثل العلاقات المصرية البحرينية في جانبها الأمني مرتكزا لمزيد من التفعيل الجماعي في هذا المجال.