لعل كثرة التقارير الصحفية حول وجود خلية من الشباب الألماني المنتمي لفكر السلفية الجهادية في محافظة مرسى مطروح المصرية، وتزايد مخاوف أجهزة الاستخبارات الألمانية من هجرة 60 سلفياً ألمانياً إلى مصر، يتمركز أغلبيتهم في حي المندرة بمحافظة الإسكندرية، دفعت “,”تاكيس فورجر“,”-المحقق الصحفي بمجلة “,”دير شبيجل“,” كبرى المجلات الألمانية- إلى المجيء إلى مصر والبحث في تلك الظاهرة. ويصف “,”فورجر“,” رحلته بالمثيرة، حيث بدأت منذ أن وطأت قدماه أرض مطار الإسكندرية، كان الشاب “,”راث كامب“,”، 24 عاما، في انتظاره، واصطحبه هذا الشاب الألماني ذو اللحية الطويلة ذات اللون الأحمر التي تشبه حلقة النار حول وجهه ذي الملامح الأوروبية، إلى منزله الكائن بحي المندرة. وهناك في أحد أركان المنزل، شرع “,”كامب“,” في أداء صلاة الظهر، وما أن انتهى من صلاته حتى بدأ يحكي ل“,”فورجر“,” ملابسات هجرته من ألمانيا وقدومه إلى مصر، وكيفية تحوله من المسيحية إلى الإسلام. ويستهل “,”كامب“,” حكايته مع السلفية حين قرر أن يتحول من المسيحية إلى الإسلام، بعد أن وجد الإسلام دينا سمحا يسعى لنشر السلام على الأرض، ولذلك قرر المجيء إلي الإسكندرية ليتعلم مبادئ الدين الإسلامي ولغة القرآن الكريم، بعيدا عن وطنه ألمانيا، التي ينظر مجتمعها بعين الريبة والتوجس من كل ما هو إسلامي، حتى إنهم يعتقدون أنني أخفي تحت ملابسي البسيطة المكونة من جلباب قصير، وبنطال أبيض اللون حزاماً ناسفاً طوال الوقت. ويستطرد المحقق الصحفي “,”فورجر“,” في سرد قصته المثيرة، حيث قابل واحدا من أهم قيادات السلفيين الألمان في الإسكندرية ويدعى “,”سيفين لو“,” أو كما يحب أن يلقب ب“,”أبو آدم“,” وهو جندي سابق في الجيش الألماني، وتحول إلى الإسلام منذ 14 عاماً وتضعه المخابرات الألمانية تحت المراقبة منذ ذلك الحين. ويصف “,”فورجر“,” الجالية السلفية الألمانية في الإسكندرية، بالمنظمة والمترابطة، حيث يوفر “,”أبو آدم“,”- بوصفه قياديا في الجماعة- حجرة في مسكنه لكل مهاجر من ألمانيا، حتى يستطيع الأخير توفير مسكن خاص به، يصلح بيتا للزوجية، بعدما ينجح “,”أبو آدم“,” في تزويجه من فتاة مسلمة ألمانية تأتي إليه في الإسكندرية. ويتشكك “,”فورجر“,” في صدق نوايا هؤلاء السلفيين الألمان، الذين جاءوا إلى مصر لمجرد أنهم يحسون بالاضطهاد في ألمانيا، وبنى شكه على خلفية اتهام العديد منهم بالضلوع في عمليات إرهابية في كل من ألمانيا و بريطانيا، لذا هربوا من ألمانيا إلى مصر وبالتأكيد لحقهم من يؤمنون بأفكارهم وأيدولوجيتهم الراديكالية. ويظهر “,”فروجر“,” تخوفه من تلك المجموعة ،حيث لم يستطع أن يمضي معهم أكثر من ثلاثة أيام فقط من مهمته التي كان من المقرر أن تستمر إلى أسبوعين في مصر، خاصة بعد أن استشعر الخطر الواضح منهم، لمجرد أنه صحفي غربي لا يدين بالإسلام، يريد أن يكشف مجتمعهم السري في الإسكندرية. ويختتم “,”فروجر“,” تحقيقه الصحفي بقوله، إنه لم يجرؤ أن يسأل “,”أبو آدم و كامب“,” ثلاثة أسئلة، خشية تعرضه ربما للقتل، أولها: لماذا وكيف يعد السلفيون الشهداء منهم بالجنة؟ وما هو سر ولع ارتداء السلفيين ل“,”بنطلونات“,” قصيرة لا تصل إلى كعوبهم؟ وهل هؤلاء السلفيون الألمان وصلوا إلى شاطئ الحقيقة وسعداء بهذه الأيديولوجية الدينية التي تنتمي إلى القرن السابع الميلادي؟