"نهاد صليحة" اسم يتبادر دائما إلى مسامع أي شخص يقرر لأول مرة في حياته دخول عرض مسرحي؛ لأنه -حتما- سيلمح أحد الحضور يقول "نهاد صليحة قالت عن المسرحية إنها.." أو "نهاد صليحة أشادت بهذا وأشادت بذاك" أو يرى سيدة أنيقة تجتمع بعدة شباب ومسرحيين عقب الخروج من مسرحية ما وتشير لهم إلى عدة نقاط في العرض. وإذا حاول أن يعرف من هي تلك السيدة سيجدها "نهاد صليحة" نفسها؛ فليس من الغريب أن تسود حالة من الحزن الشديد على الوسط المسرحي في مصر عندما أذيع اليوم خبر رحيل الناقدة المسرحية نهاد صليحة؛ فمن تلك المرأة التي تتمتع بهذه الشعبية وكل هذا الحب؟ ولدت نهاد محمد خليل صليحة بالقاهرة عام 1945 وهي أستاذة أكاديمية وناقدة مسرحية حصلت على ليسانس الآداب – كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة الإنجليزية عام 1966، ثم ماجستير اللغة الإنجليزية وآدابها من كلية الدراسات الإنجليزية والأمريكية – جامعة ساكس بإنجلترا كما حصلت على دكتوراه الدراما من كلية الدراما جامعة إكسترا بإنجلترا وعملت بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الملك عبد العزيز بالسعودية كمدرس لمادة الدراما وشكسبير. التحقت صليحة بأكاديمية الفنون لتعمل أستاذا مساعدا للنقد والدراما بالمعهد العالى للنقد الفنى ثم عميدا للمعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة؛ كما أشرفت على قسم النقد المسرحي في جريدة الأهرام «ويكلي» باللغة الإنجليزية وتحرر القسم أسبوعيًا منذ عام 1989حتى وفاتها. وتتميز نهاد صليحة عن مختلف نقاد المسرح المصري؛ بالموسوعية حيث يشير البعض إلى أن موسوعيتها وراء هذه الشعبية التي تتمتع بها فقد تخصصت في كل من النقد المسرحي؛ المسرح؛ النظريات النقدية الحديثة؛ فنون الأداء ونظرياتها؛ الأدب الإنجليزي؛ الترجمة الأدبية؛ الكتابة النقدية؛ بالإضافة إلى أنها أول من استخدم المنهج السيميائي في النقد المسرحي العربي استخدامًا علميًا كما ساهمت في تأسيس حركة الفرق المسرحية المستقلة من خلال إقامة المهرجان الأول للمسرح المستقل في مصر عام 1999. أثرت "صليحة" الحياة الثقافية في مصر؛ بعدة مؤلفات مسرحية من بينها كتب "التيارات المسرحية المعاصرة"، "المسرح عبر الحدود"، "الحرية والمسرح: التنوير"؛ "ما بعد الحداثة والفنون الأدائية"، "الحرية والمسرح"، "المسرح بين الفن والفكر"، "رؤى مسرحية"، "امرأة بين الفن والعشق والزواج"، "أمسيات مسرحية". كما لها عدة مؤلفات باللغة الإنجليزية من بينها: مسرحيات ومسرحيون"؛ "المسرح المصري: اتجاهات جديدة"، "مسرح لورد بايرون، قراءة حداثية" تؤكد مؤلفاتها على مجال نظرتها النقدية الواسعة فبين المسرح والتنوير والأدب والقضايا النثوية والفكر واهتمامها بنقل الحراك المسرحي المصري إلى الأوساط العالمية. حصدت الناقدة المسرحية الراحلة عدة جوائز توجت مسيرتها الثقافية حيث كرمت في الدورة الرابعة عشر لمهرجان دمشق المسرحي، 2008 كما حصدت جائزة الدولة للتفوق في مجال الدراسات الأدبية، 2003 وكرمها مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1996 كما كرمتها العديد من المهرجانات المسرحية العربية منها مهرجان الشارقة ومهرجان مجلس التعاون الخليجي ومهرجان قرطاج ومهرجان أيام عمان المسرحية. وكان آخر تكريم لها هذا العام فوزها بجائزة التقدم العلمي الكويتية إذا فازت بالجائزة في مجال الفنون والآداب المتعلق بدراسات في الفنون التشكيلية والمسرحية والموسيقية لتميزها في الحركة المسرحية المصرية والعربية والعالمية وإبداعاتها باستخدام مناهج النقد ما بعد الحداثة والدكتور عفيف أحمد البهنسي من سوريا نظير الدراسات المعمقة التي أجراها والمميزة في التراث العربي وفي الواقع العربي المعاصر والفن الإسلامي والعربي. كما احتلت عدة مناصب تقديرية حيث كانت عضوة اللجنة العليا للمسرح بالمجلس الأعلى للثقافة وعضوة في لجنة الدراما بقطاع الإنتاج للإذاعة والتلفزيون وعضوة مجلس إدارة صندوق روبرتو شيميتا الدولي لدعم فناني المسرح الشباب في دول البحر المتوسط. وكان آخر ظهور لها في دورة هذا العام من مهرجان المسرح التجريبي حيث كانت واحدة من أعضاء لجنته العليا.