لاقى قرار طرد السفير التركي من مصر، ردود أفعال متباينة الشدة، إلا أنها أيدت جميعًا موقف مصر تجاه السفير التركي، ووصفته بأنه قرار صائب، ولكنه تأخر بعض الشيء، ويحافظ بنسبة كبيرة على الأمن القومي المصري. في البداية، توعدت تركيا السبت، بالرد بالمثل على قرار مصر في وقت سابق بطرد السفير التركي احتجاجًا على تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان التي أدان فيها قمع الإسلاميين في مصر. إلا أن السفير التركي لدى القاهرة حسين عوني بوصطالي- أكد قبل مغادرته القاهرة- أن الشعبين المصري والتركي أشقاء..قائلًا: "سأدعو بما فيه الخير لمصر". وأوضح بوصطالي - في أول تعقيب له على قرار الجانب المصري بتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين كما أوردتها صحيفة "حريات" التركية -أن مصر دولة مهمة وأن مواصلة مسيرتها نحو الديمقراطية يعد أمرًا بالغ الأهمية للمنطقة والعالم بأسره". وعن ردود الأفعال المصرية على طرد السفير التركي، قال الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، إن قرار الخارجية المصرية بطرد السفير التركي من مصر خطوة كان لابد منها وتأخرت، مضيفًا في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز" أننا مددنا الصبر حتى استنفدناه، وما نعيشه مع تركيا هو حالة حرب، ولا بد من تفعيل العقاب مع تركيا لمواقفها المعادية للقرار المصري من خلال قطع العلاقات الاقتصادية مع تركيا ومنع الاستيراد منها أو التصدير ومقاطعة كل البضائع التركية، وشدد عصفور على أن الأفعال العدائية التي قامت بها تركيا تعرض أمن الدولة القومي للخطر، ولابد أن تعامل معاملة الأعداء على موقفها السياسي الدولي الذي يقف ضد مصر. كما طالب عصفور بمنع التجار المصريين من الشراء من التجار الأتراك للضغط على الحكومة التركية بتغيير مواقفها السياسية من مصر. ومن جانبه، أكد السفير أحمد الغمراوي – مساعد وزير الخارجية الأسبق – أن مصر خفضت العلاقات الدبلوماسية مع تركيا إلى المستوى الذي يجب أن تكون عليه العلاقات تجاه دولة حولها هالة من الشكوك وعدم الارتياح. وأضاف الغمراوي- في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز"، أنه ثبت في الفترة الأخيرة أن تركيا وراء عقد المؤتمرات الخاصة بالإخوان على الساحة الدولية، فضلًا عن قيامها بوضع المخططات وتمويل الاضطرابات التي تحدث في مصر. ونفى الغمراوي أن يؤثر تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين على العلاقات التجارية والقنصلية بينهما، مؤكدًا أن القرار المصري لا يمثل سوى نقل حالة عدم الرضا عن السياسة التي تنتهجها تركيا ضد مصر وتعمدها التدخل في الشأن الداخلي المصري. وفي نفس السياق، قال مصطفى بكري، رئيس تحرير جريدة الأسبوع، إن تركيا ماضية فى مخططها المتمثل في إعادة الإمبراطورية العثمانية، بالإضافة إلى الدعم المالي والمعنوي لجماعة الإخوان مستشهدًا بأن "تركيا هي أول من استقبلت اجتماع التنظيم الدولى لجماعة الإخوان بعد ثورة 30 من يونيو". وتابع بكري - خلال مداخلة هاتفية على فضائية "إم بي سي مصر"- أن تركيا تسعى إلى هدم النظام المصري وإقناع الخارج بالباطل بأن 30 يونيو تعد انقلابًا عسكرىًا، مشيرًا إلى أن قوى شعبية تظاهرت أمام منزل السفير التركى يوم الأحد الماضي وطالبت باتخاذ موقف حاسم مع تركيا. وأضاف أن مصر في حاجة إلى اتخاذ إجراءات ضد كل من يقف في مسار الثورة المصرية، مستشهدًا بقول الفريق السيسي "لن ننسى من وقف معنا وأيضًا لن ننسى من وقف ضدنا". وأعرب التيار المدني، الذى يضم عددًا من نواب مجلس الشورى المنحل عن تأييده لقرار وزارة الخارجية بشأن تخفيض التمثيل المصري فى تركيا إلى درجة القائم بالأعمال واعتبار السفير التركي بالقاهرة شخصًا غير مرغوب فيه. وأكدت نادية هنري، عضو التيار، فى تصريحات لها: رغم أن القرار جاء متأخرًا وبعد ضغوط شعبية طالبت به إلا أنه يعد رسالة قوية لأى دولة تتدخل فى الشأن المصري وتدعم أي مؤامرات ضد الشعب وثورة 30 يونيو وخاصة قطر. وطالبت هنري، الخارجية المصرية بمراجعة العلاقات مع قطر واتخاذ نفس الخطوة التي تم اتخاذها مع تركيا. وأشارت هنري، التى عادت أمس من بريطانيا بعد زيارة لمجلس العموم البريطاني، إلى أن أحد عشر نائبًا من مجلس العموم البريطاني سيزورون مصر خلال شهر يناير المقبل لتأكيد دعم المجلس لخارطة المستقبل وللشعب المصري فى مواجهة الجماعات الإرهابية. وقالت إن بريطانيا تفهمت حقيقة الأوضاع في مصر وأن ما حدث فى الثلاثين من يونيو 2013 كان ثورة وليس انقلابًا، كما يزعم بعض الإرهابيين. بينما قال الدكتور عبدالمنعم المشَّاط، أستاذ العلاقات الدولية، أن سحب السفير المصري من تركيا: "ضروري"، وهو رسالة تحذيرية لها. و قال المشَّاط في مداخلة هاتفية على قناة "سي بي سي": "تركيا تحتفظ بعلاقات عسكرية مهمة مع إسرائيل، ما يمثل تهديدًا للأمن القومي المصري، كما أنها أحد أسباب التخلف الذي تعاني منه مصر حاليًا. أما عن القوى الاسلامية، فقد رحب الشيخ أحمد التسقيانى، عضو الاتحاد العالمى للصوفية بفرنسا بتقليل التمثيل الدبلوماسى مع تركيا مشيرًا الى أن على تركيا أن تعلم جيدًا أن مصر دولة كبرى لها ثقلها فى المنطقة. وأعرب التسقيانى عن أمله فى أن تحترم كل الدول المعايير الدولية والمعاهدات ولاتتدخل فى مشاكلها الداخلية مادامت مصر لاتتدخل في مشاكل الدول الأخرى. وطالب بضرورة التزام كل الدول بالمواثيق والمعاهدات الدولية التي على أساسها تكون العلاقات بين الدول. ورحّب عمرو عمارة، منسق تحالف شباب الإخوان المنشقين، بقرار سحب السفير المصري من تركيا، وقال: "ننتظر هذا القرار من فترة طويلة، حفاظًا على السيادة المصرية، وبعيدًا عن كل ما هو إخواني". وأضاف عمارة، أنه كان لابد لمصر أن تحافظ على سيادتها وأمنها القومي الذي تهدده تركيا، فدعمها الدائم للإخوان في مصر، سبب قوي للحفاظ على أمنها القومي، وكأنه لابد من حسم التدخلات الإخوانية، والسيادة المصرية فوق كل اعتبار، ووجود دولة تهدد تلك السيادة شيء غير مقبول بالمرة. وطالب عمارة، قوات الأمن بضرورة توخي الحذر في الفترة المقبلة، خاصة مع توقع عدد من الهجمات الإرهابية التركية بالتعاون مع حركة حماس، تجاه مصر في الفترة المقبلة. وكان للحركات السياسية موقف مماثل للجميع، حيث قال الدكتور عزازي علي عزازي، المتحدث الرسمي لجبهة الإنقاذ الوطني ومحافظ الشرقية السابق: إن "قرار الخارجية المتمثل في استدعاء السفير المصري من تركيا، ومطالبة التركي بمغادرة البلاد، خطوة تأخرت كثيرًا، لأن الموقف التركي تجاه مصر منذ ثورة 30 يونيو، موقف معادي للشعب المصري، والثورة، وداعم للتنظيم الدولي للإخوان، فضلًا عن أن كل التصريحات الصادرة عن المسئولين هناك تعتبر تصريحات مهينة للثورة والشعب المصري". وأضاف عزازي في تصريحات ل " البوابة نيوز "أن القرار أثبت أن مصر قادرة، ولديها سيادة، وقيادة قادرة على الحزم في اتخاذ القرارات، لافتا إلى أن القرار سيجعل جميع الدول بلا استثناء تضع مكانة كبيرة لمصر". ومن ناحية أخرى، فإن حالة من الارتياح والابتهاج سادت صفوف القوى الثورية عقب طلب وزارة الخارجية من السفير التركي في مصر حسين عوني بوطصالي مغادرة أراضيها، مؤكدة أنه أصبح "شخصًا غير مرغوب فيه"، وسحب سفيرنا في تركيا وتخفيض درجة التمثيل الدبلوماسي معها. أكد أحمد السني منسق حركة "شارك راقب افضح" أن العلاقات المصرية التركية مرت بحالة من التوتر بعد ثورة 30 يونيو بسبب موقفها المعادي للثورة، ومطالبتهم بالإفراج عن المعزول. وأضاف أحمد الريفي عضو تمرد بالفيوم أن هذه الخطوه تأخرت كثيرًا فتركيا من الدول التي حرضت على التعدي على مؤسسات الدولة وأهانت الجيش المصري. وعبرت مروة الصعيدي منسق "مبادرة أحباب مصر" عن سعادتها وارتياحها لقرار الحكومة الجديدة وطرد وسحب السفير التركي جاء هذا القرار ليرضي فئات كبيرة من شعب مصر وننتظر المزيد من القرارات التي تعيد هيبة مصر بين العالم. قال حسام رشدي، المنسق العام لحركة الشيوعيين الجدد، اليوم السبت، إن قرار سحب السفير المصري من تركيا "صائب"، لكنه جاء متأخرًا جدًا، فلطالما انتظرنا هذا القرار، خاصة مع تدعيم تركيا للإخوان، وابتكارهم إشارة رابعة التي تسببت في العديد من المشكلات. وأضاف رشدي أن "سياسات تركيا منذ فترة طويلة، غير مقبولة من قبل الجانب المصري بشكل كبير، فهي تدعو إلى الدمار، فلقد أصبح الإخوان بالنسبة لتركيا شيء لا غنى عنه، وهو ما قضت عليه ثورة 30 يونيو، وبالتالي نشبت تلك العداوة". وشدد على أن "تركيا دولة إرهابية بالفطرة، فهي من الداعمين للإرهاب في سوريا، وبالتالي كان لابد لمصر أن تقطع علاقاتها مع تلك الدولة المشينة". ولم تختلف الأحزاب كثيرًا، حيث رحّب الدكتور وائل زكي، أمين حزب المصري الديمقراطي بالجيزة، بطرد السفير التركي من مصر، وسحب سفيرنا من تركيا، وذلك بعد تصريحات رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، التي طالب فيها بإطلاق سراح الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وإن علامة "رابعة" أصبحت إشارة دولية للتنديد بالظلم، قائلًا: مصر تأخرت في الرد على التدخل السافر لتركيا في شئون البلاد. وأضاف زكي، أن تركيا تعتبر جزءًا من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المحظورة، وكانت تسعى لسيطرة الإخوان على مصر، وتنفيذ مخططاتهم على دول الشرق الأوسط، وأن تصبح القائدة للاتحاد وتمشي في سياستها المرسومة وهي الاستبداد، وعندما أحبطت السلطات المصرية مخطط التنظيم الدولي للإخوان، رفضت تركيا، وأصبحت تسعى للتدخل في شئون البلاد. وأشار أمين الحزب، في تصريح خاص ل"البوابة نيوز"، إلى أن الرئيس المعزول مرسي، متهم على ذمة قضايا جنائية، مشيرًا إلى أنه يجب قطع جميع العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وذلك لوقف التدخل السافر من جانب تركيا في الشئون المصرية.