ارتفاع أسعار النفط بعد زيادة مفاجئة في المخزونات الأمريكية    سعر الريال السعودي أمام الجنيه اليوم الخميس 22 مايو 2025    أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 22 مايو 2025    FBI: إطلاق النار قرب المتحف اليهودي في واشنطن "عمل عنف موجه"    معهد الفلك يكشف تفاصيل هزة أرضية شعر بها سكان القاهرة والإسكندرية    عاجل- 17 شهيدًا في غزة جراء قصف إسرائيلي يستهدف نازحين ومنازل مدنية    كندا تطالب إسرائيل بإجراء تحقيق حول استهداف دبلوماسيين بجنين    عاجل- الاتحاد الأوروبي يراجع اتفاق الشراكة مع إسرائيل وسط تصاعد الغضب من حرب غزة    أول تعليق من الرئيس الإسرائيلي على حادث واشنطن: الإرهاب والكراهية لن يكسرانا    بيراميدز يشارك في حفل الكاف للكشف الكأس الجديد لدوري أبطال إفريقيا    إمام عاشور يتعرض لوعكة صحية قبل ساعات من محاكمته    مواعيد مباريات اليوم الخميس 22 مايو والقنوات الناقلة    "من أجل المنتخبات".. ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و 25 مايو    الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الخميس وتحذر من موجة حارة هذا موعدها    سقوط وفيات ومصابين.. تصادم مروع أعلى دائري المنيب واشتعال النيران بسيارة    اليوم.. استكمال محاكمة إمام عاشور لاعب الأهلي بتهمة سب وقذف جاره    وزير الصحة يناقش في جنيف آخر مستجدات التعاون المشترك مع البنك الدولي    خطة "الزراعة" لحماية الثروة الداجنة.. تحصين 4.5 مليون طائر.. وسحب 36 ألف عينة من 16 ألف مزرعة دواجن .. 18 منشأة معزولة جارٍ اعتمادها للتصدير.. خط ساخن لتلقي بلاغات واستفسارات المربين    وزارة التعليم تحدد المسموح لهم بدخول لجان امتحان الدبلومات الفنية    «لم نسجل أي بلاغات أو خسائر».. بيان من محافظة البحيرة بخصوص زلزال اليوم    بطولة كريم عبدالعزيز.. فيلم «المشروع X» يكتسح شباك التذاكر في أول أيام عرضه    لمتوسطي الدخل.. الأوراق المطلوبة لحجز وحدة سكنية بإعلان سكن لكل المصريين 7    أسعار البيض اليوم الخميس 22 مايو2025    «فولكانو ديسكفري»: نشاط زلزالي محتمل في الإسكندرية أو القرب منها    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    زعيم كوريا الشمالية غاضبا بعد فشل تشغيل سفينة حربية: إهمال لا يمكن أن يغتفر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 22 مايو 2025    كيف تجنب ابنك تعاطي المخدرات؟.. وكيل إدارة مكافحة المخدرات سابقًا يوضح (فيديو)    نصيحة من محمد فضل للزمالك: لا تفرّطوا في هذا اللاعب    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    رابط الحصول على أرقام جلوس الثانوية الأزهرية 2025.. موعد وجدول الامتحانات رسميًا    القيمة المضافة.. الصناعات الزراعية أنموذجا    الفيلم الوثائقي الأردني "أسفلت" يفوز بجائزة في مهرجان كان السينمائي 2025    كريم محمود عبدالعزيز: «قعدت يوم واحد مع أبويا وأحمد زكي.. ومش قادر أنسى اللحظة دي»    «استمرار الأول في الحفر حتى خبط خط الغاز».. النيابة تكشف مسؤولية المتهم الثاني في حادث الواحات    ضبط 7 عمال أثناء التنقيب عن الآثار بمنزل في سوهاج    وزارة المالية تعلن عن وظائف جديدة (تعرف عليها)    هذا أنا مذكرات صلاح دياب: حكاية جورنال اسمه «المصرى اليوم» (الحلقة الثالثة)    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    محافظ الدقهلية: 1522 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية ابو ماضي مركز بلقاس    إجراء طبي يحدث لأول مرة.. مستشفى إدكو بالبحيرة ينجح في استئصال رحم بالمنظار الجراحي    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بأسبوع المطبخ التركي    امتدح بوستيكوجلو دون ذكر اسمه.. صلاح يهنئ توتنهام بعد التتويج بالدوري الأوروبي    الهلال يتمم المقاعد.. الأندية السعودية المتأهلة إلى دوري أبطال آسيا للنخبة    اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    مسلم ينشر صورًا جديدة من حفل زفافه على يارا تامر    بأجر كامل.. تفاصيل إجازة امتحانات العاملين في قانون العمل الجديد    في الجول يكشف آخر تطورات إصابة ناصر ماهر    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    حاكم الشارقة يتسلم تكريما خاصا من اليونسكو لإنجاز المعجم التاريخى للغة العربية    28 يونيو.. ماجدة الرومي تحيي حفلا غنائيا في مهرجان موازين بالمغرب    اليوم.. العرض المسرحي "العملية 007" على مسرح قصر ثقافة بورسعيد    ضبط 8000 سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في دمياط    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تَصالح
نشر في البوابة يوم 12 - 12 - 2016

كان واضحًا من حجم وشكل وبشاعة حادث تفجير الكنيسة البطرسية أن هناك من يريد توصيل رسالة، مفادها إما الصلح وإما الدخول فى دائرة تلك المواجهات اللعينة.
كانت وما زالت تلك خطة الجماعة الإرهابية منذ الثالث من يوليو 2013 عندما أعلن المشير عبدالفتاح السيسى نهاية حكم الإخوان وعزل رئيسهم مرسى العياط من الحكم.
الضغط ثم الضغط على النظام الجديد بكل السبل حتى يرضخ للجلوس على طاولة المفاوضات، شرحنا ذلك فى عدة مقالات صحفية وحلقات تليفزيونية سابقة.
والآن وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من المواجهة التى راح ضحيتها العشرات من أبناء الوطن من رجال الجيش والشرطة والمدنيين من الأقباط والمسلمين، لم تمل تلك الجماعة الإرهابية وحلفاؤها من سلوك نفس الخطوات من أجل تصالح اضطرارى يجبرون فيه الدولة على تقديم نصف السلطة لهم تمهيدا لعودتهم مرة أخرى إلى المشهد.
ونقول لهم بكل وضوح: ريحوا أنفسكم، فقد حسم الشعب المصرى خياره منذ 30 يونيو 2013، ووضع الجماعة فى نصابها الطبيعى كجماعة إرهابية لا مكان لها سياسيًا على أرض مصر المحروسة.
لقد بنى التنظيم الإرهابى خطته، منذ اللحظة الأولى، لحظة سقوط نظامهم، على هذا الخيار، خيار المصالحة واقتسام السلطة، وكل الضغوط التى كانوا يمارسونها عبر إرهابهم للدولة والمجتمع، كانت تبدأ وتنتهى فى خدمة ذلك الغرض، تركيع المجتمع والدولة للقبول بالمصالحة.
ولم تتوقف المحاولات، داخليًا كانت أم خارجيًا، لدعم هذا المشروع، فداخليًا بدأت بأطروحات ومبادرات طارق البشرى وسليم العوا وفهمى هويدى، وعدد لا بأس به من حواريى قطر وتركيا والتنظيم الإرهابى، وآخرها كانت تصريحات الإرهابى إبراهيم منير الأمين العام للتنظيم الدولى للإرهابية المقيم فى لندن، قبل أسبوعين.
ودوليًا طرحت أكثر من دولة مبادرة للمصالحة وتحدث أكثر من مسئول مع الحكومة المصرية حول ذلك الملف، ومُورست ضغوط ضخمة على الحكومة، وعدد من الدول العربية للدفع بذلك الاتجاه، كان آخرها ما حمله الرئيس الأمريكى باراك أوباما أثناء زيارته للمملكة العربية السعودية، يوم 27 يناير 2015 أثناء تقديم واجب العزاء فى الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز. أوباما لم يكن معنيًا بتقديم واجب العزاء، حقيقة، بقدر عنايته بتوصيل رسالة واضحة للقيادة السعودية الجديدة ممثلة فى الملك سلمان بن عبدالعزيز حول رؤية واشنطن لما يحدث فى مصر.
أشار أوباما بوضوح، متحدثًا عن تجربة الانتخابات الرئاسية عام 2012 وما أفرزته، من وصول لرئيس إخوانى إلى سدة السلطة فى مصر، ثم عرج على المعالجات التى تمت عقب تلك الانتخابات، معتبرًا إياها نوعًا من الإقصاء لقوى سياسية بعينها، فى إشارة للإخوان، بشكل غير ديمقراطى. الغريب أن أوباما تجاهل بشكل متعمد كعادته- خروج الملايين من الشعب المصرى فى 30 يونيو رافضين حكم الإخوان.
وخرج أوباما بنتيجة منطقية لرؤية الإدارة الأمريكية تلك، تتلخص فى ضرورة فتح حوار مصرى - مصرى، للخروج من هذا المأزق تدعمه الإدارة السعودية الجديدة.
لم يتجاهل أوباما فقط ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو 2013 وما نتج عنها من نظام جديد كلية، ولكنه تجاهل أيضا تلك الدماء الزكية التى سالت ولم تزل على طول البلاد وعرضها، من قبل العمليات الإرهابية التى قام بها التنظيم الإرهابى وحلفاؤه، وآخرها كانن دماء شهداء الكنيسة البطرسية
لقد كان الهدف الأمريكى من زيارة المملكة فى تلك اللحظة، وما زال، هو سد الطريق على أى انتصار للإرادة المصرية، ضد المخطط الأمريكى الغربى، الهادف إلى تقسيم المنطقة. ذلك المخطط الذى تعلمه الإدارة السعودية الجديدة قبل القديمة، وتعلمه دول الخليج قبل القاهرة.
لذلك كان رهان القاهرة، ومازال، ألا تعطى الحكومة السعودية آذانا صاغية لتلك الرؤية، مهما بلغ الخلاف فى الرأى بين البلدين الشقيقين فى بعض قضايا المنطقة.
إن ما يردده بعض قادة الإرهابية كإبراهيم منير وغيره الآن عن المصالحة لا يعدو كونه يدًا ممدودة بالدم، يدًا هم أكثر من يعلمون أنها مرفوضة من هذا الشعب العظيم الذى قال كلمته مدوية فى 30 يونيو 2013 عندما ردد هتافه الشهير: يسقط يسقط حكم المرشد.
إذ كيف يقبل رجل فى مصر، وأنا هنا أخاطب الرجال بالمعنى لا بالجنس، ففى مصر نساء كالرجال وأكثر فى احترام قيمة الوطن.. أقول: كيف يقبل رجل أن يصافح أحدًا من الجماعة الإرهابية ولا يبصر الدم فى كل كف، كيف يصدق مقولات من قبيل «جئناك كى تحقن الدم، جئناك كن يا أمير الحكم.. ها نحن أبناء عم».. ولا يقول لهم.. «إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك»؟.
إن أحدًا من هؤلاء الذين يرددون هذا الكلام فى هذا التوقيت، لا يبصرون قوافل الشهداء من جنود وضباط الجيش والشرطة ومن المدنيين الذين تقتلهم الجماعة الإرهابية بدم بارد، ولا يسمعون صوت الشهيد وهو يردد: «كنت أغفر لو أننى مت ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ، لم أكن غازيًا، لم أكن أتسلل قرب مضاربهم، لم أمد يدًا لثمار الكروم، أرض بستانهم لم أطأ، لم يصح قاتلى بى انتبه، كان يمشى معى، ثم صافحنى، لكنه فى الغصون اختبأ.. فجأة ثقبتنى قشعريرة بين ضلعين واهتز قلبى كفقاعة وانفثأ»!.
لم يسمعوا كلمات الشهيد محمد مبروك التى أتخيل أنه يتلوها علينا قبيل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة: «الذى اغتالنى ليس أنبل منى، ليقتلنى بسكينته، ليس أمهر منى ليقتلنى باستدارته الماكرة، لا تصالح، فما الصلح إلا معاهدة بين ندين، فى شرف القلب لا تنتقض، الذى اغتالنى محض لص، سرق الأرض من بين عينى، والصمت يطلق ضحكته الساخرة».
إنه الغدر، فى كرداسة، فى الفرافرة، فى سيناء، فى الفيوم، فى المنيا، فى أسيوط، فى الأقصر، فى الهرم فى الكنيسة البطرسية.
عمليات إرهابية عديدة راح ضحيتها العشرات من أبنائنا من الجيش والشرطة والمدنيين الأقباط. من يملك المساومة على دمائهم ولا يسمع صوت أبنائهم، وهم يصرخون عندما تأتى سيرة المصالحة: «أبى لا مزيد..أريد أبى عند بوابة البيت منتصبًا من جديد.. ولا أطلب المستحيل.. إنه العدل».
نعم عندما تذهبون إلى المصالحة مع مصاصى الدماء، يجب أن تعيدوا لهؤلاء اليتامى آباءهم، لهؤلاء النسوة اللابسات الحداد أزواجهن، لهؤلاء الأمهات والآباء الذين فقدوا أبصارهم حزنًا وكمدًا على أبنائهم، نور أبصارهم.
يجب أن نسأل أنفسنا قبل أن تلوك ألسنتنا حديث المصالحة، هل تتحول دماء هؤلاء الشهداء بين عيوننا، فى لحظة من لحظات ضعفنا، ماءً؟.. هذا هو السؤال الذى سيظل يطاردنا فى نومنا، وفى صحونا إلى أن يجد إجابة شافية.
إن الأيادى المرتعشة، يا سادة، لا تبنى الأوطان، هكذا أثبتت الأيام، فالإرهاب يعيش عكسيًا مع الطريقة التى تتم مواجهته بها، فإذا كانت قوية ضعف، وإذا كانت ضعيفة استقوى علينا.
معادلة بسيطة، أثبتت صحتها عبر كل العصور، من عهد الملك فاروق وحكوماته وحتى الرئيس الأسبق مبارك، مرورًا بالرئيسين عبدالناصر والسادات.
المعركة مع الإرهاب ليست معركة حربية تقليدية، خاسر من يعتبرها أو يخوضها بهذا المفهوم، أو بأدوات مثل تلك التى تستخدم فى تلك الحروب، كالطائرات ومدافع الهاون، والدبابات، حرب الإرهاب تقوم على الإيمان بعدالة قضيتنا وعدم مساومتنا على دماء الشهداء، والإصرار على المضى فى طريقنا الذى اخترناه إلى آخر مدى.
ليست البندقية ولا حجم النيران، هما ما يحددان إطار المعركة، ولكن الإيمان هو ما يحددها وحجم قناعاتنا بعدالة قضيتنا، وحجم وعينا بالخطر المفروض علينا، وقدرتنا على التوحد فى مواجهته جيشًا وشعبًا وشرطة ورئيسًا.
ونختم بالشعر:
لا تصالح ولو قلَّدوك الذهب.. أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما.. هل ترى؟ هي أشياء لا تُشترى!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.