"قفشات" نجيب الريحاني وضحكات الجمهور، صوت يوسف بك وهبي الشهير وتصقيف الحاضرين وطلة ماري منيب الخاصة وانبهار المتواجدين، كلها مشاهد تسيطر علي ذهنك قبل أن تخطوا خطواتك الأولي داخل سينما ومسرح "الأولدرادو" الذي أنشيء بأواخر ثمانيات القرن الماضي بمحافظة بورسعيد قبل أن تفاجيء عقب أولي خطواتك علي أرضيته المتهالكة بسقوط تلك المشاهد واحد تلو الأخر ليحل بدلًا منها مشاهد القمامة والحطام والاهمال. عن تاريخ ونشأة سينما ومسرح "الأولدرادو" يتحدث المؤرخ ضياء القاضى، قائلًا: "إن جريجوارسوليدس افتتح مسرح وتياترو "الألدورادو" فوق محلات الميكادو، وفى يونيو 1896 تم تعديل ديكوراته وافتتح موسمه بمسرحيتى ترافياتا وتريفاتور ثم ألحق به سينما بعد ذلك، وقد ذكرها "سلطناكى" فى مرجعه "مدن القنال" وحديثه عن السينما بمدن القناة واصفًا اياها أنها سينما نشيطة اضاءتها قوية وصالتها بها لوج ومناظر مرسومة على الحوائط، ومقاعدها عبارة عن "فوتيلات"، وبها خمسون لوج مقسمة إلي قسمين أما الصالة فبها 400 كرسى وأوركسترا جميل وآلة للعرض السينمائى على أحدث مستوى وقوية جدًا. وتابع "القاضي": "نظرًا لشهرتها فقد شهدت أياما كثيرة كلها رخاء وكان من السهولة تحويل صالة السينما إلي مسرح تؤدى فيه مسرحيات الدراما والكوميديا والأوبريتات وألعاب الحواه والسحرة وأعمال التنويم المغناطيسى، كما تقام بها حفلات كبار الفنانين التى تستقبله مدينة بورسعيد والتى تشجع الحركة المسرحية وأغلب هذه الفرق يونانية وأوروبية والتى كانت تحضر من القاهرة والاسكندرية وبوصولها لبورسعيد يتهاتف عليها أهل المدينة من الأجانب. واستطرد في حديثه:"انتقلت سينما ومسرح الألدورادو لليونانى مريكوبولوس وارتبطت بالحركة المسرحية المصرية فى بورسعيد فكانت تقام فيها الحفلات المدرسية والحفلات العامة، وفي 12 أبريل سنة 1951 مثلت احدى روائع نجيب الريحانى وهي "الشايب لما يدلع"، وحضر الحفل محافظ القنال عبد الهادى غزالى بك. وأشار المؤرخ البورسعيدي إلي أن المنطقة الحرة كتبت نهايتها فبعد اعلان المدينة منطقة حرة فى السبعينات تم ضم تياترو وسينما الأولدرادو كطابق علوى للمؤسسات التجارية التى افتتحت تحت مسمي "عداس" ثم "عمر أفندي" بعد ذلك، ومن وقتها لم يعد لها الا ذكريات تتناقلها الأجيال، ولم يهتم بها أي أحد من المسئولين بالرغم أنه يمكن استغلالها عقب ترميمها كمتحف فني أو أحد المباني التراثية أو اعادته لأصله كمسرح فني يحول المدينة لمنارة فنية تعود بالعائد المادي الكبير وتجذب السياح. يروي وليد منتصر، مصور محترف، قصة عشقه لسينما ومسرح "الأولدرادو" قائلا:" كثيرا ما حكت لى جدتى بانبهاعن أيام شبابها ومشاهدتها لمسرحيات نجيب الريحانى ومارى منيب ويوسف بك وهبى فى سينما ومسرح الأولدرادو وكانت تحكى لى عن روعة المكان وأناقة الرواد والنظام وأشياء كثيرة كل هذا كان فى ذاكرتى للمكان الذى كنت أعلم أنه مكان عمر أفندى فى شارع النهضة، وعندما زرت المكان فوجئت بروعته رغم انه أطلال ولكن ما زالت تحتفظ بعبق وجمال الماضى خاصة الزخارف والبنوار كأنك فى الأوبرا المصرية القديمة، وأناشد المسئولين بانقاذها كأثر تاريخي يحتاج للترميم والاستفاده منه ماديًا وفنيًا وسياحيًا.