شهد قطاع الأغذية والمشروبات المدرج فى البورصة المصرية تغييرات جذرية، بعد أن واجه تحديات تحرير سعر الصرف وضريبة القيمة المضافة وارتفاع الأسعار، مما ينذر بتراجع نسبى فى مبيعات 30 شركة مقيدة خلال الربع الأخير من العام الجارى. ويحل قطاع المشروبات والأغذية فى المرتبة التاسعة من حيث ترتيب أنشط القطاعات خلال شهر نوفمبر الماضى، بقيم تداول 222.8 مليون جنيه، بعد التداول على نحو 34 مليون ورقة مالية، مقارنة بحجم تداولات فى شهر أكتوبر بلغت 208.1 مليون ورقة بقيمة 1.3 مليار جنيه فى نفس المرتبة. وأعلن عدد من شركات قطاع الأغذية تأثرها بارتفاع سعر الدولار، وزيادة الضرائب المفروضة بعد إقرار ضريبة القيمة المضافة، مما دفع شركة جهينة لخفض قيمة توسعاتها الحالية بنحو 100 مليون جنيه، وتأثر شركة إيديتا بنقص السكر فى الأسواق، مما قد يؤثر على مبيعات الشركة المستقبلية. وشهدت نحو 5 شركات ارتفاعا بقيم متفاوتة لتصل إلى 5.4٪ لأسهم شركة إديتا، ونحو 2٫70٪ لشركة مطاحن ومخابز الإسكندرية، و2.48٪ لشركة مصر للزيوت والصابون، و3.4٪ لشركة دومتى، و1.66٪ لشركة النصر لتصنيع الحاصلات الزراعية، و1.82٪ لشركة جهينة، و0.47٪ لمطاحن جنوبالقاهرة والجيزة، و3.17٪ لشركة الإسماعيلية مصر للدواجن، و0.73٪ لشركة أطلس لاستصلاح الأراضى، و0.37٪ لشركة الوطنية لمنتجات الذرة، ونحو 0.05٪ لشركة إجيبكو. فيما سجلت شركة جهينة أعلى كمية تداول بجلسة منتصف الأسبوع بنحو 1.2 مليون ورقة، تلتها شركة أجواء بنحو مليون ورقة، ودومتى بنحو 715 ألف ورقة، ثم الزيوت المستخلصة بنحو 500 ألف ورقة، وإجيبكو بنحو 120 ألف ورقة. ويرى خبراء أن ارتفاع حجم التداولات يتخطى نحو مليار جنيه فى البورصة فى الوقت الحالى، وذلك سيدعم نجاح طرح شركة عبور لاند التى بدورها سترفع نسبة السيولة فى السوق مع شركة دومتى، وبالتالى تساعد على ارتفاع حجم التداول، ليصل إلى نحو نصف مليار ورقة مالية فى الشهر. يقول إيهاب رشاد، العضو المنتدب لشركة مباشر لتداول الأوراق المالية، إنه كلما زادت وتنوعت الشركات المكونة لقطاعات البورصة زاد إقبال المستثمرين على اقتناء الأسهم، ومن ثم زيادة حجم التداول فى نفس القطاع، كما استطاع أن يحقق نشاطا ملحوظا، سواء من حيث حجم التداول أو القيمة. وأشار إلى أن تأثر شركات قطاع الأغذية والمشروبات تحديدا بقرار تعويم الجنيه يتحدد وفق عاملين، أحدهما مدى اعتماده على مستلزمات الإنتاج فى عملية الإنتاج ونسبتها من البيع، ثانيا هل يوجد تصدير يقابل عملية الاستيراد التى تقوم بها الشركة أو لا؟ وهذا يختلف من شركة إلى أخرى داخل القطاع. وأوضح أن دخول شركتى ودومتى وعبور لاند فى قطاع الأغذية سيحقق قيمة مضافة، ويحرك من شهية المستثمرين، ويدفعهم للتداول عبر بيع أسهم وشراء أسهم أخرى والعكس، خاصة أن الشركتين ستخلقان تنافسا جيدا مع شركة جهينة التى تعد الأبرز فى القطاع، ويبقى مضاعف الربحية ومقدار التوسعات المستقبلية هما المحدد لتوجه المستثمر لاقتناء سهم بعينه. تابع رشاد: «وبحسب ما تم نشره قبل قرار التعويم، فإن مضاعف الربحية لشركة عبور لاند كان أقل من شركتى دومتى وجهينة، ومن ثم فهناك تغييرات جديدة قد تظهر على جميع شركات القطاع خلال الربع الثانى من العام المقبل». وأوضح محمد عسران، العضو المنتدب لشركة إيفا لتداول الأوراق المالية، أن قطاع الأغذية والمشروبات يعد أهم القطاعات الموجودة فى البورصة، لكون نشاطه استراتيجيا مستمرا يتعلق بمعدل الاستهلاك الذى يتزايد باستمرار فى مصر، وشهد القطاع فى فترة سابقة نشاطا قويا، خاصة بوجود شركة النشا والجلكوز، لكنه بدأ يضعف مع الوقت حتى أصيب بحالة من الجمود فى عملية التداول خلال الفترة الماضية. ويرى عسران أن دخول شركات جديدة فى قطاع الأغذية والبورصة من شأنه أن يرفع نسبة التداول، بشرط أن تتسم الأسهم الجديدة بنسبة سيولة مرتفعة تمكن من إحداث نشاط ملحوظ، لا سيما أن القطاع ظل لفترة كبيرة متسما بضعف السيولة، رغم أهميته الحيوية، كونه القطاع الوحيد القادر على تحقيق النمو. وأشار إلى أن تعويم الجنيه، واستمرار ارتفاع الأسعار سيكونان لهما تأثير على أعمال الشركات المدرجة بقدر مستوى نسبة النمو، شأنه شأن قطاع الإسكان الذى ربما تكون نسبة تأثره أكبر، ومن ثم سيخفض من مستوى ربحية الشركات، لكن عودته ستكون سريعة لارتباطه بسلع غذائية لا يستطيع المستهلك الاستغناء عنها. وذكر أن السبب فى ضعف التداول على أسهم شركات القطاع يرجع إلى ضعف نسبة تملك الأفراد للأسهم وسيطرة المؤسسات على النسب الكبرى، وبالتالى فإن تمسكها بالسهم يكون لفترة كبيرة، وهذا ما حدث مع شركة إيديتا التى تم طرحها بنسبة سيولة مرتفعة أنعشت القطاع ككل، لكن ما لبثت أن سيطرت عليها المؤسسات، ومن ثم ضعفت تداولاتها، هذا بالإضافة إلى مرور شركة جهينة ببعض الأزمات التى أثرت أيضا على حجم التداول عليها. وأكد أن منتصف العام المقبل سيشهد انتعاشة قوية لقطاع الأغذية، بعد أن يظهر أثر طرح شركة عبور لاند، وتجاوز الشركتين الجديدتين لآثار تعويم الجنيه، سواء بارتفاع الأسعار أو زيادة إنتاجها، وحدوث استقرار فى مبيعاتها. ومن جهته، يضيف أبو بكر إمام، رئيس قسم التحليل المالى ببنك الاستثمار برايم القابضة المالية، أن شهية المستثمرين ارتفعت تجاه السوق المصرية بعد قرار تعويم الجنيه، وسوف تستمر طالما بقيت قيمة الدولار أمام الجنيه عند مستويات مرتفعة بالقرب من 17 و18 جنيها، ومن ثم تحدث عملية انتقاء للأسهم بدأ من العام المقبل، وبعد أن تنخفض قيمة الدولار لمستويات 14 جنيها. وأضاف، أن كل القرارات الاقتصادية التى تم اتخاذها مؤخرا تؤثر بالسلب على قطاع الأغذية بالبورصة، بدءًا من التعويم والضرائب والجمارك، لا سيما أن القطاع يعتمد بشكل مباشر على استيراد المواد الخام من الخارج، بجانب رفع دعم الوقود الذى أثر على تكلفة النقل التى بدورها رفعت تكلفة المنتج النهائى، بجانب زيادة الأجور، وارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج من الماء والكهرباء. وأشار رئيس قسم التحليل المالى، ببنك الاستثمار برايم القابضة، إلى أن القدرة على تمديد الزيادة فى الأسعار ستحدد مدى قدرة شركات القطاع من تحقيق النمو ومواجهة هذه الأزمات، خاصة أنه من الصعب أن تتم زيادة الأسعار بشكل كامل مرة واحدة، لذا قد ينعكس هذا البند على نتائج أعمال الشركات خلال الربع الأخير من العام الجارى والربع الأول من العام المقبل بتراجع المبيعات بنحو بسيط. وتوقع «إمام» أن يتعافى قطاع الأغذية والمشروبات بداية من العام المقبل بعد امتصاص أثر التضخم وتقبل زيادة الأسعار، ومن ثم تحقيق نمو وزيادة فرص الإقبال على امتلاك أسهم شركاته، خاصة أنه من أهم القطاعات التى يجب أن تكون متواجدة فى المحافظ الاستثمارية فى الفترة المقبلة، لأنه يعد من القطاعات الدفاعية، وإن كان ليس بقدر قطاع الأدوية، لأنه يعتمد على الطلب الاستهلاكى للسكان الذى يزداد قوة من وقت لآخر، ويمثل أحد أهم دعائم النمو، ومن ثم مضاعفة الربحية لشركاته دائما ما تكون مرتفعة. ولفت إلى أن دخول شركتى دومتى وعبور لاند فى البورصة خلال العام الحالى من شأنه أن يعطى خيارات استثمارية جيدة فى ظل خوف البعض من بعض شركات القطاع، مثل التى تعمل فى مجال الدواجن والمطاحن، ويخلق مع شركات مثل إيديتا وجهينة بدائل ربحية جيدة للمستثمرين، وأوضح أن توقيت طرح شركات جديدة فى الوقت الحالى فى ظل أحجام تداول تخطت المليار جنيه، يمثل ميزة نسبية جيدة تساعد على إنجاح الطرح ودخول مستثمرين جدد.