وضعت تونس استراتيجية لتطوير المنظومة الصحية في المناطق الداخلية، لوضع آلية للتغلب على الأزمة التي تعيشها هذه الجهات بشأن طب الاختصاص، حيث تعاني نقصا كبيرا في هذا السياق. وتولت قافلة طبية متعددة الاختصاصات، تأمين عيادات مجانية في عدد من الاختصاصات الطبية بمعتمدية تمغزة من محافظة توزر، عن طريق الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري بالتعاون مع الإدارة الجهوية للصحة بتوزر وعدد من الجمعيات. وقال المندوب الجهوي للأسرة والعمران البشري إبراهيم مركيش لوكالة تونس أفريقيا للأنباء إن هذه المبادرة تهدف إلى تقريب الخدمة الصحية من أهالي المناطق الحدودية. وأمنت خدمات القافلة، عيادات في اختصاصات طبية مختلفة منها طب النساء والتوليد وطب الأطفال وأمراض الحنجرة والأنف والأمراض الجلدية والعظام والأمراض الصدرية وأمراض القلب والشرايين والكلى والمفاصل وجراحة الأعصاب والطب العام. ويعمل الأطباء الذين أمنوا هذه العيادات بمؤسسات صحية خاصة من محافظتي المنستير وسوسة، حيث لبوا دعوة جمعية "طب.. ثقافة.. فن.. بالمنستير للمشاركة في المبادرة". ووفرت القافلة أدوية مجانية لعدد من المرضى، كما اشتملت على مصحة متنقلة تحتوي على جهاز تصوير بالصدى. وتم توجيه بعض الحالات لمؤسسات صحية عمومية، كما تمت عمليات تقصّ مجاني لمرضى ضغط الدم والسكري. ونظمت بمناسبة هذه القافلة أنشطة تثقيفية وترفيهية لفائدة الأطفال والشباب بالمنطقة من بينها حصة توعوية حول السلوكيات المحفوفة بالمخاطر والأمراض المنقولة جنسيا. كما انتظمت بمناسبة اليوم العالمي لمقاومة العنف ضد المرأة حلقة حوار حول العنف الموجه ضد المرأة أطرها أخصائي نفساني وطبيب مختص. وأكد المندوب الجهوي للصحة أن القافلة شهدت إقبالا هاما من تمغزة المدينة ومن المناطق الريفية والحدودية القريبة منها. وتشكو العديد من المستشفيات المحلية في تونس من نقائص عديدة من بينها الافتقار إلى أطباء الاختصاص والتجهيزات، وتلقي هذه النقائص بتداعياتها الثقيلة على المواطن الذي يقبل بأعداد كبيرة على تلقي العلاج في هذه المستشفيات. وباتت المشكلة التي يعيشها طب الاختصاص في تونس معروفة لدى الجميع، حيث تسعى الحكومة إلى احتوائها وإيجاد الحلول المناسبة كي لا تشكو المؤسسات الاستشفائية بالمناطق الداخلية بتونس نقصا في هذا المجال بسبب نقص التجهيزات الطبية اللازمة أو بسبب عدم توفر البعض من الاختصاصات. ومن بين الحلول التي أوجدتها الحكومة لهذه الأزمة هو إبرام اتفاقيات مع العديد من البلدان لتعزيز طب الاختصاص في تونس. وباشر، بداية الشهر الحالي، فريق طبي من الصين متكون من 9 أطباء العمل في المستشفى المحلي بمدنين وذلك بعد رفض العديد من أطباء الاختصاص التونسيين العمل في الجهات الداخلية بسبب تردي حالة المستشفيات بها. وأوضح الدكتور الطيب شلوف المدير الجهوي للصحة بمدنين أن هذه التجربة في التعامل مع الأطباء الصينيين انطلقت منذ سنتين وأن الفريق الحالي الذي باشر العمل هو الثاني بعد مغادرة فريق آخر سبقه، كان متكونا من ثمانية أطباء مع انتهاء مدة خدمته. وتدخل هذه التجربة في إطار التعاون التونسيالصيني في المجال الطبي وقد انطلقت منذ 40 سنة، وليس مستشفى مدنين الوحيد الذي يتعامل مع فرق طبية صينية بل يوجد أطباء صينيون في كل من مستشفيات سيدي بوزيد والمرسى وجندوبة. ويعمل الأطباء الصينيون القادمون في إطار هذا الاتفاقية في اختصاصات جراحية وشبه جراحية لا تتطلب تواصلا كبيرا بين الطبيب والمريض، وإن تطلب الأمر تواصلا فهؤلاء الأطباء يتكلمون الفرنسية أو يقع توفير مترجم يسهل الحوار بين المريض والطبيب. ويعتبر البعض أن جلب أطباء من الصين لتعويض النقص الحاصل في مستشفيات المدن الداخلية لا يعتبر حلا جذريا لمعالجة أزمة أطباء الاختصاص بالمحافظات الداخلية، ويطالب أصحاب هذا الطرح بتوفير البيئة الملازمة للأطباء التونسيين وتحفيزهم من خلال سن المنح والامتيازات لتشجيعهم على العمل في الأرياف والمحافظات الداخلية خاصة الحدودية منها. يذكر أن سميرة مرعي وزيرة الصحة قد أكدت، منذ فترة، أن أمرين حكوميين سيصدران قريبا لحل مشكلة طب الاختصاص في الجهات. وأعلنت أن الأمر الأول يتعلق بتخصيص 120 خطة ضمن المناظرة الوطنية للإقامة في طب الاختصاص للجهات الداخلية وذلك استنادا إلى حاجيات هذه الجهات مع التزام الأطباء المقيمين بالعمل فيها لمدة تتراوح بين أربع وخمس سنوات. وقد يبدأ العمل بهذا الإجراء منذ العام القادم. وينص الأمر الثاني على إجراء الأطباء المقيمين تربصات لمدة شهرين في الجهات مع تأطير من الأقسام الطبية الجامعية المعنية. وقالت الوزيرة أنه، في إطار دعم جهود الوزارة لإيجاد حل للنقص الحاصل في أطباء الاختصاص بالجهات، ستتم بداية من العام المقبل فتح خطط للأطباء الأساتذة في الجهات. وتدعم وزارة الصحة واقع القطاع الصحي ليتجاوز أزماته من خلال مجموعة من القرارات والإجراءات منها دعم البعض من الجهات التونسية بأطباء على غرار محافظة قفصة التي من المنتظر أن يتم تعزيزها بحوالي 15 طبيبا عاما مع انتداب طبيب مختص في طب الأطفال. ويشكو البعض من المستشفيات في الكثير من الجهات من نقص في اختصاصات الإنعاش، وطب النساء والتوليد، وطب الأطفال، وطب أمراض السكري، والغدد، وضغط الدم، واختصاصيي التخدير والأشعة، والأطباء المختصين في التدخلات العاجلة أو ما يطلق عليهم بطب الخطوط الأمامية، إضافة إلى افتقار أقسام الاستعجالي بالعديد من المستشفيات إلى معدات العمل الضرورية لتأمين الخدمة الصحية.