ليست الدولة وحدها فقط تهتم بتنظيم القوافل الطبية ولكن المجتمع المدني بأسره ، أخيرا تم اطلاق العديد من القوافل الطبية من خلال الادارة الطبية لوزارة الداخلية بهدف تقديم الرعاية الصحية الكاملة للمواطنين المحتاجين ولتوطيد العلاقة بين جهاز الأمن والمواطنين . والقافلة الواحدة تضم تخصصات عديدة وتتم الاستعانة بأطباء ذوى كفاءة عالية وخبرة وتصطحب القافلة معها معمل تحاليل وجهاز أشعة وأدوية مجانية ، ويتم من خلالها توقيع الكشف الطبى على عدد كبير يصل الى نحو 900 مريض ومن يحتاج لمتابعة أو أشعة وتحاليل متخصصة يتم التواصل معه واتخاذ اللازم فى مستشفى الشرطة القريب من القافلة وقد تم بالفعل اجراء عمليات جراحية وصرف أجهزة تعويضية . كما سمعنا عن القوافل الطبية من خلال نقابة الاطباء منذ سنوات ومازالت حتى الآن تنطلق منها هذه القوافل لتقديم خدمة طبية فى قرى الصعيد وسيناء وحلايب وشلاتين وبعض الأماكن العشوائية داخل محافظتى القاهرة والجيزة وداخل المؤسسات العقابية التى تضم الأحداث من الصبية والفتيات ، ثم سمعنا عن جمعيات أهلية تسهم فى تنظيم قوافل طبية بالاستعانة بأطباء ولاجراء بعض العمليات مثل زراعة القوقعة فى «مصر الخير». وتأتي أهمية القوافل الطبية لأنها وسيلة من وسائل تقديم الرعاية الصحية للمواطنين فى بعض المناطق ، وقد أصبحت هذه القوافل مرتبطة بنقابات وجمعيات أهلية . ولكن هناك من يرى انها غير مجدية ويعتبرها مجرد " شو اعلامى " لتحقيق أهداف شخصية ، ولا تقدم فائدة حقيقية للمرضى بل على العكس تمثل اهدارا للمال وتتم فيها الاستعانة بأطباء حديثى العهد ليس لديهم خبرة أو انها توجه لأماكن بها مستشفيات فتعوق عملها ، والبعض الآخر يرى انها مهمة بشروط معينة تتعلق بالاماكن المستهدفة ومتابعة الحالات المرضية .. أين الحقيقة فى وجهتى النظر ؟ وكيف يمكن تفعيل دور هذه القوافل لخدمة المرضى غير القادرين والأولى بالرعاية فى الأماكن النائية أو العشوائية التى تفتقد وجود مستشفيات أو بها مراكز صحية تفتقر وجود بعض التخصصات؟ . يقول الدكتور أحمد حسين عبدالسلام (أمين صندوق نقابة الاطباء ) : القوافل الطبية لكى تكون ايجابية لابد من توافر شروط لها مثل توجهها لأماكن بها عجز فى الرعاية الصحية من اطباء ومستشفيات ، ثانيا ان تستمر لأكثر من يوم لكى يتسنى لها متابعة الحالات المرضية بشكل كامل وليس مجرد كشف على المريض مثل العيادات الصباحية فى المستشفيات الحكومية ، اذن لابد من وجود تواصل مع الحالات المرضية التى تحتاج لمتابعة او عمليات . وهذا ما نطبقه من خلال القوافل التى تنطلق من نقابة الاطباء وبالتحديد من خلال " لجنة مصر العطاء " واخر قوافل قمنا بها لشمال سيناء بمناطق الشيخ زويد ورفح والعريش وبئر العبد بالتنسيق مع مديرية الشئون الصحية هناك ، ومدة القافلة عشرة أيام ضمت تخصصات مختلفة واطباء طوارىء وجراحات الوجه والفكين وعظام وتخدير ورعاية مركزة وهى تخصصات غير موجودة واذا لم تذهب القافلة لتم تحويل هذه الحالات الى أقرب مستشفى فى الاسماعيلية ، وأجرينا عمليات من خلال تلك القوافل وتابعنا الحالات . ذهبنا أيضا الى الأقصر فى قافلة مدتها ثلاثة أيام فى تخصص غير موجود هناك وهو الرمد وكشفنا على 900 حالة واجرينا 70 عملية مياه بيضاء وصرفنا لهم ادوية ، ونفس الكلام فى الفيوم ومرسى مطروح، حيث نختار اماكن نائية محتاجة رعاية ونختار تخصصات غير موجوده فى المستشفيات هناك . وذهبنا والكلام مازال للدكتور احمد حسين : لأسوان فى قافلة طبية للوقاية والتوعية من الامراض الوبائية بعد ما سمعنا عن موضوع البعوض والملاريا ووزعنا على المواطنين شنط اسعافات أولية خاصة ادفو حيث لايوجد مستشفى هناك . وعن رأيه فى جدوى هذه القوافل يقول الدكتور أحمد : من الضرورى التنسيق بين الجهات التى تنظم القافله مثل الجمعيات الاهلية الجهة المستهدفة لتحديد الاحتياجات الفعلية حتى لايكون هناك مكان تم تغطيته بأكثر من قافلة او مكان به مستشفى ولا يحتاج لقوافل . ونحن الآن بصدد التنسيق مع " مصر الخير" لتسيير قوافل ، وقد تعلمنا من القوافل السابقة خبرات نستفيد بها الان مثلا قررنا عدم اصطحاب أدوية حتى لا يضطر طبيب القافلة صرف دواء موجود معنا كبديل لدواء اخر مطلوب ووجدنا الحل فى اعطاء الحرية للطبيب ان يكتب الروشتة للمريض الذى يذهب بها ليصرفها من صيدلية نتعاقد معها بنسبة خصم معين ويحصل المريض على العلاج مجانا وفى نهاية اليوم نحاسب الصيدلية . وأضاف أن هذه اللجنة تقوم بنشاط القوافل الطبية من منتصف التسعينيات وفى الفترة المقبلة سوف تنطلق لمناطق حلايب وشلاتين خاصة التخصصات الناقصه غير الموجودة. تبرع وتطوع يقول احمد فضل من نقابة الاطباء ومن منظمى القافلة: نعتمد فى التمويل على تبرعات القادرين ومعظم الاطباء من المتطوعين بدون أجر ومن لا يعلن تطوعه نصرف له من النقابة مكافأة رمزية ، والحقيقة معظم اطباء القوافل من كبار الاطباء ، وقمنا أيضا بارسال قوافل للمؤسسات العقابية فى المرج باطباء من تخصصات جلدية وانف واذن وباطنه ونفسى وتم توقيع الكشف الطبى على النزلاء جميعهم واجراء تحاليل وصرف دواء ونفس الشىء فى دار التربية . غير مجدية على عكس الرأي السابق يرى الدكتور حمدى السيد نقيب الاطباء الأسبق ان فكرة القوافل ظهرت فى عهد الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة الأسبق لأنه كان متحمسا لها ويرى انها تغطى خدمة صحية فى الاماكن التى تعانى نقصا فى تخصصات طبية معينة لكن بعد ذلك انحرفت بعض القوافل عن الهدف ووجدناها تنطلق لتحقيق أهداف خاصة بعضو مجلس شعب مثلا وظهرت انتقادات توجه لبعض القوافل بأنها تضر بالمستشفيات فى الاماكن التى توجه لها القافلة وتضعفها وانها تهدر المال العام . وفى تصورى ان ما ينفق على القوافل يجب ان يصرف على العلاج على نفقة الدولة ، والأولى هو تطوير منظومة التأمين الصحى ليستطيع تقديم الخدمة الطبية لجميع المواطنين على مستوى الجمهورية ، أما القافلة لا تخدم كل المرضى ، وترك التأمين الصحى بوضعه الحالى تهرب من المسئولية . ومعظم الدول المتقدمة نجحت فى تطوير التأمين الصحى لانه واجب الدولة تجاه مواطنيها والدستور عندنا ذكر هذا الكلام لكن حتى هذه اللحظة لم يتم تفعيل ذلك ومازالت منظومة الرعاية الصحية بحاجة لتطوير ، نحن نريد جدية لان حاجة المواطن لرعاية صحية جيدة ليست مجرد حاجة انسانية واخلاقية فقط بل اقتصادية أيضا لكى يكون قادرا على الانتاج وأرى أن ذلك الموضوع له أولوية فى المرحلة المقبلة إذ انه ضمان لرعاية طبية دائمة لكل المواطنين وليس مؤقتة من خلال قوافل . جمعية أهلية يقول الدكتور منير أبوالعلا استشارى جراحة الأورام: هناك جمعية أهلية قامت زميلة بإشهارها لتنظيم قوافل طبية للأماكن النائية وقد شاركت معها وذهبنا للاماكن المحرومة من الخدمة الصحية فى الواحات وقرى الصعيد وسيوة ومرسى مطروح ومناطق شعبية داخل القاهرة مثل الدويقة ومنشية ناصر ، وذهبنا أيضا فى قافلة لعلاج الصيادين فى بحيرة البردويل ، وكنا نكشف على المرضى ونشخص الحالة ويصرف لهم الدواء مجانا واذا سمح المكان بعمليات نقوم بإجرائها أو يتم تحويلهم للمستشفى . وبالطبع قبل انطلاق القافله يتم الاتصال والتنسيق مع مديرية الشئون الصحية فى المكان المستهدف بالقافلة ونقوم أيضا بالقاء محاضرات على الاطباء حديثى التخرج فى التخصصات المختلفة . احباط وحروب الدكتورة سامية الحفناوى استشارية امراض الباطنه والسكر ورئيسة الجمعية المصرية للحب والعطاء تقول : بدأت تنظيم قوافل طبية عام 2008 للمناطق النائية بشكل شخصى عندما كنت عضوة بنقابة الاطباء وبمساعدة زملائى الاعضاء بالنقابة وكنت احصل على أدوية مجانية من شركات الادوية وذهبنا لقرى شمال ووسط سيناء وقرى بالصعيد ووجه بحرى وكانت تواجهنى احباطات حيث نقوم بتجميع المرضى المحتاجين لعمليات جراحية فى المستشفى فيقوم بعض الاطباء به بتهريبهم وطردهم وهم يروا اننا نقطع عليهم رزقهم لان لديهم عيادات خاصة ونحن جئنا لنعالج المرضى مجانا وهذا يغضبهم . فكرت فى اشهار جمعية أهلية لانى احب العمل التطوعى وخدمة الناس وهى معنية بالقوافل لكن للاسف شركات الادوية توقفت عن صرف علاج مجانى لنا فأصبحنا نعتمد على تبرعات القادرين ونجمع من بعضنا لشراء الادوية والانفاق على القافله لاننا ندفع مصاريف تنقلات واقامة ومعى كبار الاطباء فى تخصصات مختلفة وننسق مع مديرية الشئون الصحية وبعد انتهاء القافلة أقدم تقريرا عنها للمحافظ بمنطقة القافلة ومدير الشئون الصحية بها ولوزير الصحة . وفى الفترة الاخيرة بسبب نقص التمويل خاطبت وزارة التضامن التى صرفت لنا 50 ألف جنيه فقمت بتسيير اربع قوافل وخدمنا مناطق بحاجة لرعاية فى سيدى برانى بمرسى مطروح والنوبة والوادى الجديد .