انطلقت فى جامعة بكين اليوم السبت، الدورة الأولى لمنتدى التعاون الاستراتيجى المصرى الصينى الذى قامت بتنظيمه بالتعاون مع جامعة القاهرة، وتحت رعاية قسم اللغة الصينية بكلية الآداب بالجامعة ومركز دراسات الشرق الأوسط وكلية اللغات الأجنبية بجامعة بكين. وتمحور المنتدى حول ستة موضوعات رئيسية هى: استراتيجية الحزام والطريق واستعراض العلاقات المصرية الصينية والتعاون الاقتصادى والتكنولوجى والتبادل الثقافى والحوار فى مجالى السياسة والأديان والحزام والطريق والتواصل بين مصر والصين على مدار التاريخ. وألقى المشاركون الضوء فى كلماتهم على أوراق البحث التى قدموها للمنتدى والتى كانت تحت عناوين متعددة حيث تناول بعضها تطوير العلاقات المصرية الصينية والتعاون الاستراتيجى بين البلدين من منظور تاريخى والاقتصاد السياسى لمبادرة الحزام والطريق وفتح فصل جديد فى المبادرة. وكان من ضمن الدراسات المقدمة من الجانب الصينى دراسة حول التحول فى اسلوب تطوير اقتصاد الصين وحماية البيئة فى الصين ودور التبادل الثقافى فى التعاون الاقتصادى بين البلدين وتطوير الحضارة الايكولوجية.. واما الجانب المصرى فكانت هناك دراسة حول منطقة السويس والتعاون الاقتصادى والتجارى بين مصر والصين واخرى حول معالجة المياه ومياه الصرف الصحى فى مصر والتعاون الصناعى بين مصر والصين فى عصر العولمة وادارة مشروعات الرى والتقدم فيها والتحديات التى تواجهها. كما كانت هناك اوراق بحثية اخرى مقدمة من الجانبين من ضمنها ورقة بحث حول المهاجرين الصينيين الى مصر والتعاون بين البلدين فى ظل استراتيجية الحزام والطريق واخرى تناولت دراسات علم الصينيات فى مصر والوضع الحالى لصناعة الافلام فى الصين وامكانية التعاون المصرى الصينى فى صناعة الأفلام والوضع الحالى للعلاقات المصرية الصينية فىيتعلق بطريق الحرير ورقمية موارد اللغة الصينية وبناء الثقافة اللغوية والإنجازات والمشاكل فى التبادل بين مصر والصين والتعاون المشترك فى القضاء على التطرف والمراحل التاريخية الكبرى فى العلاقة بين مصر والصين وعلاقاتهما المتشعبة والبحث فى المفهوم الدينى فى مصر والصين والانسجام بين الإسلام والثقافة الكونفوشيسية ونظرية المعرفة والممارسة، فضلا عن بعض الأوراق الأخرى التى تضمنت التبادل بين الثقافات والتواصل التجارى بين الصين والشرق الأوسط فى العصر القديم بمنظور الخزف الصينى الأزرق والأبيض والمغزى الثقافى لطريق الحرير البحرى للقرن الحادى والعشرين والعلاقات المصرية الصينية فى العصر القديم والتواصل الحضارى بين البلدين من خلال الآثار والتراث وطريق الحرير البحرى والتواصل الصينى الأفريقى بين التاريخ والواقع. وشارك فى المنتدى من الجانب المصرى د. رحاب محمود، مديرة معهد كونفوشيوس بجامعة القاهرة ود. حسين إبراهيم، المستشار الثقافى لسفارة مصر لدى الصين وأحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام ود. مصطفى علوى، أستاذ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ونحو عشرة اخرين من اساتذة جامعتى القاهرة وعين شمس من ضمنهم د. أحمد وجدى، نائب عميد كلية الهندسة بجامعة القاهرة ود. طارق محمد عباس، نائب عميد كلية العلوم. أما من الجانب الصينى فكان فى مقدمة الحضور نائب وزير الخارجية السابق يانغ فو تشانغ والمبعوث الخاص الصينى السابق لشئون الشرق الاوسط وو سى كه وكوكبة من كبار أساتذة الجامعة منهم عميدة كلية اللغات الاجنبية د. نينغ تشى ورئيس قسم اللغة العربية فى كلية اللغات الاجنبية بالجامعة د. لين فونغ مين. ونوه نائب وزير الخارجية السابق فى كلمته بكون مصر من أوائل الدول التى انضمت إلى المبادرة الصينية الخاصة بالحزام والطريق.. مشددا على أهمية استمرار التواصل السياسى بين البلدين لتحقيق تلك المبادرة، كما تحدث عن اهتمام الصين بمشروعات التنمية فى مصر ومشاركتها فى مشروع بناء العاصمة الجديدة وبناء منطقة صناعية ضخمة فى العين السخنة. وفى كلمته للحضور تطرق المستشار الثقافى المصرى د. حسين ابراهيم الى التقدم المذهل الذى شهدته العلاقات بين مصر والصين فى الثلاث سنوات الاخيرة..وقال: إن التبادل التعليمى بشقيه الحكومى والخاص فى السنوات من 2014 حتى الآن شهد تطورا لا مثيل له سواء من حيث التبادل بين الجامعات أو التبادل الطلابى. واكد على أن تعزيز السياسات تعد ضمانا هاما لبناء "الحزام والطريق"مشيرا فى هذا الصدد إلى أهمية دعم التعاون الاستثمارى والتجارى وتهيئة بيئة استثمارية وتجارية جديدة وازالة الحواجز الاستثمارية والتجارية بين الدول الواقعة على طول الحزام والطريق. ولفت إلى أنه يرى فى اهتمام الصين بالمشاركة فى المشروعات المستقبلية فى محور قناة السويس تأكيد على وضع منطقة القناة كمحطة هامة من محطات طريق الحرير البحرى للقرن الحادى والعشرين. وأوضح ان مبادرة احياء طريق الحرير الاقتصادى والتجارى هى ايضا مبادرة لاحياء جسور التعاون والتواصل الانسانى والثقافى والحضارى على مختلف المستويات ليكون الطريق الجديد مماثلا للقديم الذى لعب دورا هاما فى الربط بين مناطق واسعة فى العالم مما مكن شعوبها من تقديم اسهامات قيمة فى سبيل تنمية ورخاء للبشرية. ومن جانبه تحدث د. مصطفى علوى عن ضرورة ان تولى مصر المزيد من الاهتمام الى التنسيق مع الصين فى المرحلة الحالية بينما مشروع احياء طريق الحرير فى طور التشكيل والاعداد، مؤكدا اهمية ربط قناة السويس وما بها من مشروعات بطريق الحرير الجديد لتكون مصر نقطة تواصل محورية بين أسيا واوروبا. كما تناول التعاون فى مجال مكافحة الارهاب، قائلا: إنه حتى هذه اللحظة لا يوجد ما يمكن ان يطلق عليه تحالف عالمى لمكافحة الارهاب /.. داعيا مصر والصين الى التعاون لوضع خطة دولية لمكافحة هذه الظاهرة التى تمثل خطرا على العالم بأجمعه حتى يتم الحد من تمددها وتضخمها. وأعرب رئيس مجلس ادارة الاهرام احمد السيد النجار فى كلمته عن اعتقاده بأن الصين تحاول صياغة نظام دولى جديد يقوم على المساواة والعدالة والتكافؤ..وقال: إن طرح الصين لمبادرة الحزام والطريق يعكس تطورا سياسيا واقتصاديا هاما وهو انتقال الصين من التكيف مع النظام الاقتصادى العالمى وما يرتبط به من نظم فرعيه مثل النظام النقدى والنظام التجارى، الى محاولة اصلاح تلك النظم بمبادرة عالمية. واشار الى ان المبادرة تعكس ايضا حقيقة ان الصين لم تعد تلك الدولة التى كانت تركز جل اهتماماتها منذ تأسيسها فى عام 1949 على شأنها الداخلى ومحيطها الاقليمى، بل انها تتجه للقيام بدور اقتصادى -سياسى اكثر فعالية على الصعيد الدولى بما يتسق وكونها القاطرة الى تجر الاقتصاد العالمى منذ انفجار ازمة النظام الرأسمالى الغربى عام 2008. ونبه النجار الى انه من المهم للعالم ولمصر دراسة المبادرة الصينية وطبيعة الصين، تلك القوة التى تتربع الان على عرش الاقتصاد العالمى، والتى وصفها بأنها قوة سلام وأنها حالة استثنائية فى التاريخ الاقتصادى الحديث، حيث بنت تفوقها ونهضتها الاقتصادية الجبارة استنادا على مواردها وبسواعد ابنائها وليس على الاستحواذ والهيمنة ونهب البلدان الاخرى كما فعلت كل الامبراطوريات الغربية. وأشار الى ان طرح الصين لمبادرة الحزام والطريق هو خطوة لإعادة صياغة العلاقات الاقتصادية العالمية على اسس التعاون السلمى المبنى على توازن القدرات التنافسية. ثم تطرق النجار الى العلاقات المصرية الصينية وقال: إنه للاسف يوجد اختلال هائل فى تلك العلاقات لصالح الصين بسبب العجز التجارى الكبير بين البلدين، واشار الى ان الطريق الوحيد لوصول العلاقات لمرحلة التكافؤ هو من خلال الاستثمارات والسياحة الصينية فى مصر التى تملك سوقا ضخمة وبكر وواعدة وترتبط بمناطق تجارة حرة مع افريقيا والمنطقة العربية واوروبا، وهى اكبر مناطق انتاج المواد الخام والاسواق فى العالم. واشار الى ان تدفقات الاستثمارات الصينية المباشرة فى الخارج وصلت فى عام 2015 الى 127.6 مليار دولار امريكى ونصيب مصر منها لا شئ تقريبا. وقال ان اعداد السياح الصينيين الذين يخرجون للسياحة فى الخارج بلغ نحو 98.2 مليون سائح فى عام 2014 وارتفع الانفاق السياحى الصينى فى الخارج عشر مرات منذ عام 2000 ليبلغ 138.3 مليار دولار فى عام 2014، مشيرا الى انه لو تلقت مصر مجرد 2%-5% من عدد هؤلاء السياح فإن ذلك كفيل بتحسين ميزان المعاملات التجارية بين البلدين. ومن جانبه قال المبعوث الصينى السابق للشرق الاوسط ان عام 2016 هو عام هام للعلاقات المصرية الصينية حيث تم فيه الاحتفال بالذكرى ال60 لاقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وكذا بالعام الثقافى المصرى الصينى. وان الصين تقف بجانب مصر وانها تهتم بمشاركتها بشكل فعال فى منتدى التعاون الصينى العربى وان التعاون بين البلدين متعدد الاوجه يتضمن الى جانب النواحى الاقتصادية التبادلات على المستوى الانسانى والثقافى والحضارى.