سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالفيديو والصور.. مقبرة توت عنخ آمون.. 94 عامًا على أكبر كشف أثري في التاريخ المعاصر.. ظلت مجهولة لمدة 3 آلاف عام.. ومكتشفها يذهل من محتوياتها.. وخبراء: أول مقبرة ملكية مكتملة تحكي تاريخ الفراعنة
"وجدت أشياء مذهلة"، هكذا رد هيوارد كارتر عالم الآثار الإنجليزي وخبير بعلوم المصريات على مموله اللورد كارنارفون أحد أثرياء النبلاء الإنجليز عندما أرسل له برقية يطلب منه المجيء ليرى مقبرة توت عنخ آمون الذي تحتفل الأقصر بالذكرى ال94 لاكتشافها خلال هذه الأيام، والذي يعد أكبر حدث أثرى في التاريخ المعاصر، حيث وجد مكتشفها فيها أشياء لا يصدقها العقل بعد أن ظلت مجهولة لمدة تزيد عن 3000 سنة. بداية الاكتشاف: في العام 1907، تعرف هيوارد كارتر عالم الآثار الإنجليزي على اللورد كارنار فون، أحد أثرياء النبلاء الإنجليز، والذي تحمس لفكرة كارتر الاستكشافية، وأبدى استعداده لتمويل بعثاته، وحصل لورد كارنرفون، على تصريح بالحفر من مصلحة الآثار المصرية في وادي الملوك بطيبة غرب الأقصر في 1908، واضطر إلى وقف الحفر عند بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914، ولكنه استأنف العمل عام 1917 حتى أول نوفمبر 1922، حيث تم نقل الحفر إلى موقع قريب من مدخل قبر رمسيس السادس، حيث تم العثور على بقايا مساكن لعمال قدماء بين مقبرتي رمسيس الثاني ورمسيس السادس بعد إزالة الأنقاض عنها، وركز عمليات تنقيبه على المنطقة القريبة منها. ولم ينجح كارتر في البداية، فقرر كارنارفون في العام 1921 عدم تمويل أكثر من ذلك للمشروع، ولكن كارتر استطاع إقناع كارنارفون بالاستمرار في التنقيب، وفي الرابع من نوفمبر عام 1922 عثر على عتبة سلم ثم عثر على 16 سلمة وأزاح عنها ترسيبات من طمي النيل وحطام صخور فوصل إلى باب عليه أختام من العهد القديم وعدة طبعات أختام بيضاوية الشكل وعليها شكل أنوبيس فوق تسعة سجناء، وهي تسمى "الأقواس التسعة"، وهو ختم القبور الملكية، وردم كارتر المدخل ثانية بالرمل والأحجار. وعلى الفور أرسل برقية للورد كارنارفون للمجيء إلى مصر، وعندما سأله كارنارفون: "هل وجدت شيئا؟" قال نعم "أشياء مذهلة"، وانتظر حضور من كلفه بالتنقيب، فجاء كارناروفون وابنته "ليدي إيفيلين". وجد كارتر مقبرة توت عنخ آمون والتي وصفت بأنها أفضل مقبرة وجدت على مر التاريخ بوادي الملوك. ووصل كارتر مع مجموعة العمال المنقبين معه إلى مانع ثاني مختوم بعدة أختام، فقام بكسر فتحة صغيرة فيه وأدخل يده ماسكة شمعة وعندما ألقى كارتر وكارنافون النظرة الأولى داخل المقبرة أصابتهما الدهشة لما كان بها من كنوز ثمينة. وكان تقرير كارتر عن ذلك في تلك اللحظة كالآتي: "في البدء لم أستطع رؤية شيء، وأتي علي هواء دافئ خارجا من الحجرة مما جعل شعلة الشمعة تترنح وبعد أن تعودت عيناي على الظلام، بدأت أتبين ما بداخل الحجرة حيوانات غريبة وتماثيل وذهب وفي كل ناحية بريق ذهب"، كما تقول أبحاث علماء المصريات. ثم بدأت أعمال التنقيب في المقبرة 62 حتى عام 1932 حيث قام كارتر والمجموعة العلمية العاملة معه بتصوير جميع الموجودات وتدوينها في قوائم ونقل القطع إلى مختبر أنشئ مؤقتا بالقرب من مقبرة سيتي الثاني، وقد استغرق إخلاء محتويات الحجرة الأمامية نحو 50 يومًا. وبغرض إخراج الدواليب الكبيرة والتابوت من حجرة التابوت اضطر كارتر لهدم جزء من المدخل المؤدي إلى الحجرة الأمامية،مما أدى إلى هدم بعض المشاهد المرسومة وعليها الإلهة إيزيس، وكانت تبين أيضا توت عنخ آمون مع أنوبيس والإلهة هاتور. ويرجح علماء الآثار أن مقبرة توت عنخ آمون قد دخلها اللصوص على الأقل مرتين بعد دفنه وحاولوا سرقتها وذلك لوجود عدة أختام على مدخل المقبرة، ووجود محتويات الغرفتين الكبيرتين مكومة بلا نظام يدل على محاولة سرقة ثم إعادة غلق المقبرة وختمها من المسئولين، كما وجد "كارتر" قوائم بمحتويات المقبرة ينقص بعضها في الموجودات مما يدل على سرقتها في القديم. محتويات المقبرة: وبالعودة إلى كتابات علم المصريات حول المقبرة، يقول كتاب "كنوز توت عنخ آمون": تم العثور في مقبرة توت عنخ آمون على القناع الجنائزي لتوت عنخ آمون من الذهب الخاص ومرصع بالأحجار الكريمة، وتابوت من الذهب الصلب يحتوى على مومياء الملك، وكان هذا التابوت موضوعا داخل تابوت آخر من الخشب، غطى سطحه بصفائح من الذهب وطعم بزجاج متعدد الألوان، ثم وضع الأخير بدوره داخل تابوت ثالث يشبه التابوت الذهبي، لكنه صنع من الخشب وغطى بالذهب، وقد وضعت هذه التوابيت المتداخلة على سرير من الخشب داخل تابوت آخر من الحجر. وتنقسم المقبرة إلى المدخل A بسلالم تتكون من 16 سلمة، يتبعه دهليز مائل طوله 7 أمتار، ثم حجرة أمامية مستطيلة الشكل عرضية يبلغ طولها 8 أمتار وعرضها 67 و3 أمتار، ويتفرع منها في اتجاه الشمال حجرتان: حجرة التابوت وحجرة الكنوز، كما يتفرع من الحجرة الأمامية حجرة إضافية صغيرة نحو الغرب وحوائط المقبرة غير مزينة ماعدا غرفة التابوت، فعليها نقوش من كتاب الموتى وعدة صور تصور توت عنخ آمون في مقابلته للآلهة في العالم الآخر. كما عثر على 3500 قطعة من المحتويات موزعة في الغرف المختلفة، تعطينا فكرة عن طريقة المعيشة في القصر الملكي فقد وجد كارتر ملابس توت عنخ آمون وحلي ذهبية وأقمشة وعدد كبير من الجعران، وتماثيل، وكذلك أوعية ومواد للزينة وبخور كما وجد قطع أثاث وكراسي ومصابيح بالزيت، وقطع للألعاب ومخزونات غذاء ومشروبات وأوعية ذهبية وفخارية وعربات (كانت تجرها الخيول) ومعدات حربية وتعرض نحو 1700 قطعة في المتحف المصري بالقاهرة والقطع الأخرى مخزونة في المتحف وبعض منها يعرض في متحف الأقصر. كما وجد كارتر أجزاء من أربعة عربات كاملة في ركن الغرفة نحو جنوب الشرق، من ضمنهم عربتان للاحتفالات/ ووجد كارتر تمثالين كبيرين، أكبر من المقاييس المعتادة، ملونين باللون الأسود ومزينين بالصفائح الذهبية يقومان بحراسة حجرة التابوت. وأمامهم صندوق مزين بمشاهد لتوت عنخ آمون أثناء حملات حرب في سوريا والنوبة. أما الحجرة الإضافية فتتفرع من الحجرة الأمامية في اتجاه الداخل إلى ناحية الغرب ويبلغ مساحتها نحو 17 مترا مربعا، ووجد "كارتر" محتوياها مكومة بلا نظام، ومن ضمن تلك المحتويات قطع أثاث من سرائر وكراسي ودواليب صغير، وعربتين حربيتين، كما تضم المقبرة حجرة التابوت وهي تنخفض نحو 1 متر عن مستوى الحجرة الأمامية الكبيرة وتحوي إحدى حوائط الحجرة تجويفا مربعا يغلقه ألواح من الحجر الجيري وقطع طوب سحرية دلالة على وظيفتها في المحافظة على مومياء الملك وتحتوي الحجرة على أربعة دواليب داخل بعضها البعض من الخشب المذهب ويحفظون تابوت من الكوازيت، مشكل على أركانه الأربعة آلهة مجنحة هم إيزيس ونفتيس وسلكت ونيث موضوع في تابوت الكوارزيت ثلاثة توابيت داخل بعضها البعض في هيئة إنسان ومغطاة بصفائح الذهب أكبر التوابيت يبلغ طوله 224 سنتيمتر ومصنوع من خشب الأرز والتابوت الأوسط مزين بالصفائح الذهبية ومرصع بالأحجار الكريمة وكان أصغرها من الذهب الخالص ويزن 110 كيلوجرام من الذهب وعليه القناع الذهبي لوجه توت عنخ آمون والدولاب الكبير يكاد يملأ الحجرة بالكامل حيث مقاييسه 5.08 x 3.28 x 2.75 متر، وسمكه 32 وقد ترك التابوت وفيه المومياء في المقبرة 62 حتى الآن يغطيه غطاء سميك من حجر الجرانيت للحفاظ على مومياء توت عنخ امون، وداخل التابوت وجد كارتر نحو 150 من القلادات والأحجبة المزينة بجانب الدولاب الكبير عثر على 11 مجدافا خشبيا لمركب الشمس كما عثر على أواني تحتوي على بخور وعطور، ومصابيح زيت مزينة بشكل الإله حابي إله النيل ولكي يخرج كارتر التابوت من الحجرة اضطر لهدم الحائط الجنوبي بين حجرتي التابوت والحجرة الأمامية. وكان دولاب حفظ الأواني الكانوبية في مقبرة توت عنخ آمون من أهم ما وجد في الحجرة الجانبية الواقعة شرقيا من حجرة المومياء هو الدولاب المغطى بالذهب ويحتوي على الأربعة أواني الكانوبية الخاصة بحفظ الأحشاء الداخلية من توت عنخ آمون الجزء العلوي من هذا الدولاب بداخه على أربعة أواني كانوبية تحفظ فيها الأمعاء والكبد والرئتين والمعدة، محنطة بمواد للحفاظ عليها، وهي تلازم مومياء المتوفى لتعود إليه في العالم الآخر وهو مزين بأشكال رءوس مذهبة قائمة لأفعى الكوبرا المقدسة لدى قدماء المصريين، كما يحيط بالدولاب ومثبت عليه أربعة آلهة مذهبون هن: إيزيس ونفتيس وسلكت ونيث رمزًا لقيامهم بحماية محتويات الأواني الكانوبية. كما عثر كارتر في الغرفة على تمثال ملون بالأسود ومغطى برقائق الذهب لشكل أنوبيس جالسا على الأربع (كان أنوبيس يتخذ شكل ابن آوى)، ومثبتا على كرسي محمول وله دور في الطقوس الجنائزية ويمكن رؤية تلك الأشياء بالمتحف المصري. خبير أثري: وقال بهاء عبد الجابر، مدير عام آثار البر الغربي بالأقصر: إن المقبرة 62 في القديم كانت مقبرة توت عنخ آمون الموجودة في الوادي بمنطقة وادي الملوك مخصصة أصلا لأحد أعضاء العائلة الملكية، وربما كانت للوزير الكبير السن "آي" الذي خلف توت عنخ آمون بعد وفاته، ولكن بسبب موت توت عنخ أمون المفاجئ في الصغر، فقد أضيف إلى المقبرة حجرتين كبيرتين واكتملت بذلك المقبرة KV62 لتكون لتوت عنخ أمون، وإضافة هاتين الغرفتين سريعا تدل على موت توت عنخ آمون المفاجئ، أما "آي" الذي اعتلى العرش بعد موت توت عنخ آمون لمدة قصيرة فقد دفن في المقبرة WV23 التي كانت - من المرجح - مخصصة أصلا لتوت عنخ آمون وقد وجدت النقوشات على حوائط مقبرة "آي" مماثلة تقريبا لنقوش حوائط مقبرة توت عنخ أمون. وأضاف عبد الجابر، أن توت عنخ آمون هو أحد فراعنة الأسرة المصرية الثامنة عشرة في تاريخ مصر القديم، وكان فرعون مصر من عام 1334 إلى 1325 ق.م، في عصر الدولة الحديثة. ونظرا لأن مدخل مقبرة توت عنخ آمون KV62 يقع تحت درج مدخل أحد مقابر الرعمسيين التي شيدت بعد ذلك، تحت مقبرة رمسيس السادس KV9، فقد غطت أنقاض تلك المقبرة وما بني عليها من مساكن للعاملين مدخل المقبرة 62، وبذلك ظلت مقبرة توت عنخ آمون مختفية عن الأنظار عبر آلاف السنين وهي المقبرة الوحيدة التي عثر عليها كاملة، وكل محتويات المقبرة تم نقلها إلى المتحف المصري الكبير. وتابع، أن المقبرة تحتوي على المؤمياء الأصلية للملك توت عنخ آمون والتي كانت حتى 2007 في داخل التابوت وتم إخراجها ووضعها في مكان البارز لإتاحة الفرصة للزائرين للتعرف على تلك المؤمياء وبحلول عام 2007 تم فرض رسوم إضافية لدخول المقبرة غير تلك المفروضة لدخول وادي الملوك، كما تم تحديد عدد زوار المقبرة إلى 400 زائر يوميا ومع مطلع عام 2009 تم إنشاء تصميم ثلاثي الأبعاد مطابق للأصل على موقع مفتاح التراث (Heritage Key) يتيح لرواده زيارة المقبرة وتفقدها في إطار بيئة تفاعلية. فيما قال الطيب عبد الله حسن، خبير علم المصريات: إن مقبرة الفرعون الذهبي "توت عنخ آمون" بها رسوم رائعة تحكي على شكل صور لقصة رحيل توت عنخ أمون إلى عالم الأموات وترجع أهمية الاكتشاف إلى أنه الكنز الملكي الوحيد الذي عثر عليه كاملًا، كما أمدنا بمعلومات عن كيفية تجهيز المقابر الملكية ومعلومات عن الحياة اليومية في فترة الأسرة الثامنة عشرة، حيث كان فن صناعة الأثاث قد بلغ قدرا عظيمًا من التقدم، مثل الأسرة والكراسي والمقاعد والصناديق والأواني والموائد ومواطئ الأقدام وقد عثر على كل هذه الأنواع من الأثاث بأعداد كبيرة في المقبرة. وأضاف الطيب، أن هذا الاكتشاف أحدث ضجة إعلامية واسعة النطاق في العالم، نظرًا للتوصل إلى مومياء الفرعون الصغير كاملة المحتويات، وبكامل زينتها من قلائد وخواتم والتاج والعصي وكلها من الذهب الخالص والأبنوس، مشيرا إلى أن العالم البريطاني مكتشف مقبرة الفرعون الذهبي اضطر إلى قطع ثلاثة توابيت ذهبية لكي يصل إلى مومياء توت عنخ أمون، غير أنه لاقى صعوبة في رفع الكفن الذهبي الثالث الذي كان يغطى مومياء توت عنخ أمون عن المومياء ففكر كارتر أن تعريض الكفن إلى حرارة شمس صيف مصر اللاهبة ستكون كفيلة بفصل الكفن الذهبي عن المومياء، ولكن محاولاته فشلت واضطر في الأخير إلى قطع الكفن الذهبي إلى نصفين ليصل إلى المومياء الذي كان ملفوفًا بطبقات من الحرير، وبعد إزالة الكفن المصنوع من القماش كما اُضطر فريق التنقيب إلى فصل الجمجمة والعظام الرئيسية من مفاصلها، مستخدمين النصال والأسلاك لتخليص القناع الذهبي والذي كان مصهورًا على وجه الفتى الذهبي "توت عنخ آمون" خلال عملية التحنيط وبعد إزالة الحلي أعاد الفريق تركيب الهيكل العظمي للمومياء ووضعوه في تابوت خشبي في عام 1926 حيث تم إخراجه ثلاث مرات فقط لإجراء مسوحات بأشعة إكس في السنوات اللاحقة.