يحيي العالم غدا الأحد، اليوم العالمي لذكرى ضحايا حوادث الطرق 2016 تحت شعار "الإجراءات الحيوية بعد تحطم: العناية الطبية والتحقيق والعدالة"، حيث يسلط الاحتفال هذا العام الضوء على الدعوة إلى تحقيق الهدف 5 من الخطة العالمية لعقد العمل من أجل التحسينات التي تشتد الحاجة إليها في الاستجابة بعد التصادم، عن طريق زيادة القدرة على الاستجابة لحالات الطوارئ، وتحسين قدرة النظام الصحي وغيره من النظم على توفير المعالجة المناسبة لحالات الطوارئ، وعلى تقديم خدمات إعادة تأهيل ضحايا التصادم على المدى الطويل. ويشير التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق لعام 2015 الصادر عن منظمة الصحة العالمية، أن حوادث المرور على الطرق تقتل ما يقدر بنحو 1.25 مليون شخص سنويا، 90 % منهم في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض، فهذه الحوادث هي السبب الرئيسي للوفاة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة، وأن ما يقرب من نصف وفيات حوادث المرور على الطرق هي من بين المشاة وركاب الدراجات والدراجات النارية. وكان اليوم العالمي لذكرى ضحايا حوادث المرور على الطرق في عام 1993 قد بدأ من قبل جمعية السلام على الطرق «مؤسسة خيرية وطنية في المملكة المتحدة لرعاية ضحايا حوادث المرور على الطرق»، والذي اعتمدته الأممالمتحدة بالقرار 60 / 5 في أكتوبر عام 2005 كيوم عالمي يتم الاحتفاء به في العالم أجمع في يوم الأحد "الثالث" من شهر نوفمبر من كل عام. والهدف من هذا الحدث العالمي السنوي هو الدعوة إلى تذكر آلاف الأفراد ممن يلقون حتفهم أو يصابون نتيجة تصادمات المرور على الطرق كل يوم، كما يشيد هذا اليوم بمجهود وعمل كل الأطراف المعنية بالتعامل مع ما يلي التصادم سواء من رجال الإطفاء أو الشرطة أو الإسعاف أو الأطباء أو الممرضات أو المستشارين. وفي عام 2006، اشتركت منظمة الصحة العالمية مع الاتحاد الأوروبي لرعاية ضحايا المرور على الطرق، والسلام على الطرق في إعداد دليل للمنظمين، وكان الهدف من هذا الدليل هو مساعدة الأفراد والمنظمات التي ترغب في تنظيم الأحداث، وإعداد المواد التثقيفية ذات الصلة، كما أنه يضع الاقتراحات لتعزيز سبل التعاون بين العديد من القطاعات للتأكد من تحقيق الفرص التوعوية لهذا اليوم بالكامل، وشهد عام 2010 إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة عن أول «عقد عمل من أجل السلامة على الطرق 2011-2020» سعيًا لإنقاذ حياة 5 ملايين إنسان. وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالتة إلى أن اليوم مثل كل يوم، سيفقد أكثر من 3400 شخص في العالم حياتهم على الطرق، ومن هؤلاء كثيرون من الشباب في مقتبل العمر، رجالا ونساء، ويمنحنا اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حركة المرور على الطرق فسحة من الوقت للتفكير في هذه الخسارة المفجعة في الأرواح، وهو أيضا فرصة لتكثيف العمل من أجل منع وقوع هذه الوفيات، وهذه الإصابات التي لا حصر لها، ويعني ذلك تحسين جودة وسلامة الطرق والمركبات، ومنع السرعة والقيادة في حالة سكر، والتشجيع بقوة على استخدام أحزمة الأمان وخوذات الدراجات النارية ومقاعد السيارات الخاصة بالأطفال. وأضاف مون، أنه يجب أن نركز على التدابير التي تتخذ في أعقاب الحوادث، وهو موضوع اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حركة المرور على الطرق في هذا العام، فبإمكاننا إنقاذ الأرواح والحد من الإعاقة من خلال تقديم الرعاية في حالات الطوارئ في الوقت المناسب، والنهوض بالعلاج الطبي والدعم النفسي، وتوفير خدمات التأهيل المبكر للمصابين، وهناك اليوم بلدان كثيرة للغاية لا توفر الرعاية الفعالة لضحايا حركة المرور على الطرق بعد وقوع الحوادث، والكثير منها أيضا لا يحقق بصورة وافية في الحوادث أو يوفر للمصابين والمنكوبين تسويات عادلة. وذكر مون أن هناك تفاوت كبير على صعيد العالم في إمكانية الحصول على خدمات الرعاية في حالات الطوارئ، فحوالي 90 % من الوفيات على الطرق في العالم تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وتشير التقديرات إلى أنه إذا أمكن في هذه البلدان النهوض بنظم تقديم خدمات الرعاية في حالات الطوارئ للمرضى المصابين بإصابات خطيرة بحيث ترتقي إلى المستويات القائمة في البلدان العالية الأداء، سيتسنى إنقاذ أرواح 500 ألف شخص كل سنة، ولتحسين التدابير التي تتخذ في أعقاب الحوادث أهمية بالغة لتحقيق الغاية 3-6 من غايات التنمية المستدامة المستهدف في إطارها خفض عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث المرور إلى النصف بحلول عام 2020، ودعا مون إلى أن نتخذ في ذكري هذا اليوم العالمي ما يلزم من خطوات لجعل طرقنا آمنه للجميع، تكريما لمن يفقدون أرواحهم ويتعرضون للإصابات في كل عام. وتتسبب الإصابات الناجمة عن حوادث المرور في إلحاق خسائر اقتصادية هائلة بالضحايا وأسرهم وبالدول عمومًا، وتنشأ هذه الخسائر من تكاليف العلاج بما في ذلك التأهيل والتحقيق في الحوادث، وانخفاض أو فقدان إنتاجية (الأجور) من يموتون أو يصابون بالعجز بسبب إصاباتهم، وإنتاجية أعضاء الأسر المعنيين الذين يضطرون إلى التغيب عن العمل أو المدرسة للاعتناء بالمصابين، ولا يوجد إلا القليل من التقديرات المتعلقة بالتكاليف المتكبدة عن الإصابات في العالم، ولكن البحوث التي أجريت في عام 2010 تبين أن حوادث المرور تحمل البلدان تكاليف نسبتها 3% من الناتج القومي الإجمالي، وترتفع هذه النسبة إلى 5 % في بعض البلدان المنخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل، وقد تجاهلت البرامج الصحية العالمية طيلة سنوات عديدة الإصابات الناجمة عن حوادث المرور وذلك على الرغم من إمكانية التنبؤ بها والوقاية منها إلى حد كبير. وتظهر البيانات المستقاة من بلدان كثيرة أنه يمكن تحقيق نجاحات كبيرة في الوقاية من حوادث المرور من خلال بذل جهود متضافرة تشمل قطاعات أخرى غير القطاع الصحي. ويشير " التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق لعام 2015" الصادر عن منظمة الصحة العالمية، أنه رغم التقدم المحرز، لا تزال الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق مرتفعة للغاية، حيث يلقى ما يقرب من 1.25 مليون شخص حتفهم سنويا أو ما يربو على 3000 وفاة كل يوم نتيجة لحوادث الطرق، ونصف هؤلاء من غير متخذي المركبات، كما يتعايش مابين 25 مليونا آخرين مع إصابات غير قاتلة ناجمة عن التصادمات، وتعد هذه الإصابات سببًا مهمًا للعجز في دول العالم. ويقع 90 % من الوفيات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق في البلدان المتوسطة الدخل والبلدان المنخفضة الدخل، والتي تمتلك أقل من نصف أسطول المركبات المسجلة في العالم، وتعتبر الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق من الأسباب الثلاثة الرئيسية لوفيات الناس بين 5 سنوات و44 عامًا، ومن الملاحظ اعتبارًا من مراحل العمر المبكرة، أن الذكور أكثر ضلوعًا في حوادث المرور من الإناث، فهناك (73%) من مجموع وفيات حوادث الطرق تحدث بين الرجال. وتبين أن من بين مجموع السائقين الشباب يفوق احتمال وفاة الذكور دون سن 25 عامًا بسبب حادث مرور احتمال وفاة الإناث الشابات بنحو ثلاثة أضعاف، وما لم يتم اتخاذ تدابير وفورية فعالة، فيتوقع أن تصبح الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق، خامس سبب رئيسي للوفيات في العالم، وهو ما يسفر عن زهاء 2.4 مليون وفاة كل عام. وأشارت الدكتورة مارغريت تشان المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، أن عدد الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق يبلغ حدًا غير مقبول، لا سيما بين الفقراء في البلدان الفقيرة، وأن عدد الوفيات الناجمة عن حوادث السير على الطريق يتجه نحو الاستقرار رغم الزيادة السريعة في عدد السيارات المصاحبة للزيادة في عدد السكان عالميًا، ففي السنوات الثلاث الماضية، شهِد 79 بلدًا انخفاضًا في العدد المطلق للوفيات، بينما شهد 68 بلدًا زيادة في العدد ذاته، وقد حققت أكثر البلدان نجاحًا في تقليص عدد الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق هذا الإنجاز عن طريق إدخال تحسينات في مجالات التشريع والإنفاذ وسلامة الطرق المخصصة لسير المركبات. وأضافت الدكتورة تشان، إننا نمضي في الطريق الصحيح، موضحة أن التقرير يشير إلى أن استراتيجيات السلامة على الطرق تحافظ على حياة مستخدميها، لكنه أيضًا يخبرنا أن وتيرة التغيير ليست بالسرعة المطلوبة. ويبرز التقرير حقيقة مفادها أن مستخدمي الطرق حول العالم لا ينالون قدرًا متساويًا من الحماية، فخطر الوفاة في حادث على الطريق لا يزال يعتمد إلى حد بعيد على المكان الذي يعيش فيه مستخدم الطريق وعلى طريقة تنقله، ولا تزال ثمة فجوة كبيرة بين البلدان المرتفعة الدخل وتلك المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل حيث يقع 90% من الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق رغم أن نسبة السيارات بها لا تتخطى 54% من عدد السيارات عالميًا، أما في أوروبا، لا سيما البلدان الأغنى فيها، فنسبة الوفيات إلى عدد السكان هي الأدنى عالميًا، بينما هي الأعلى في أفريقيا. وأشار مايكل آر بلومبرغ مؤسس مؤسسة بلومبرغ للأعمال الخيرية وعمدة نيويورك لثلاث فترات، بفضل تشديد القوانين وجعل البنية التحتية أكثر ذكاءً، بات ما يقرب من نصف مليار شخص في العالم ينعمون بمزيد من الحماية من حوادث الطرق مقارنة بعدة سنوات مضت، والفرصة سانحة أمامنا لتحقيق مزيد من ذلك لا سيما فيما يتعلق بإنفاذ القوانين، فكل روح تزهق في حادث طريق مأساة يمكن تجنبها، ومن شأن هذا التقرير أن ينقذ مزيدًا من الأرواح عن طريق مساعدة راسمي السياسات في تركيز جهودهم على المجال الذي يمكنهم من تحقيق أكبر تغيير ممكن وقد مولَت التقرير مؤسسة بلومبرغ للأعمال الخيرية، ويكشف التقرير عدة حقائق على الصعيد العالمي أولها أن 105 بلدان لديها قوانين جيدة تتعلق بأحزمة الأمان وتنطبق على جميع مستقلي السيارة، وثانيا أن 47 بلدًا لديها قوانين جيدة تتعلق بالسرعة حيث تجعل السرعة القصوى في المدن في جميع أرجاء البلد 50 كيلومترًا في الساعة وتعطي السلطات المحلية الحق في تقليل السرعات القصوى المحددة إلى ما دون ذلك، حيث أن هناك علاقة مباشرة بين زيادة متوسط السرعة وبين احتمال وقوع حادث ووخامة آثاره على حد سواء. وتشير التقارير إلى أن نسبة تعرض أحد المشاة من البالغين للوفاة تبلغ أقل من 20% في حال صدمته سيارة تسير بسرعة 50 كم/ساعة، و60% تقريبًا إن صدمته أخرى تسير بسرعة 80 كم/ساعة. ويمكن أن تسهم المناطق التي يمنع فيها تجاوز سرعة 30 كلم/الساعة في الحد من مخاطر وقوع الحوادث وهي من الأمور الموصى بها في الأماكن التي يشيع فيها مستخدمو الطرق المعرضون للخطر مثل المناطق السكنية والمناطق المحيطة بالمدارس، كما يمكن أن يؤدي خفض متوسط سرعة القيادة إلى جانب إسهامه في الحد من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور إلى إحداث آثار إيجابية أخرى على الحصائل الصحية مثل التقليل من المشاكل التنفسية المرتبطة بانبعاثات السيارات. ثالثا أن 34 بلدًا لديها قوانين جيدة تتعلق بالقيادة تحت تأثير الكحول حيث تنص على عدم جواز القيادة عند بلوغ تركيز الكحول في الدم حدًا يساوي 0.05غ/ ديسيلتر أو أقل، فضلًا عن عدم جواز القيادة عند بلوغه حدًا يساوي 0.02 غ/ ديسيلتر أو أقل في حالة قائدي السيارات الجدد أو الشباب. وتزيد القيادة تحت تأثير الكحول من مخاطر الحوادث واحتمال حدوث وفاة أو إصابة خطيرة من جرائها على حد سواء، حيث تشير الاحصائيات إلى تزايد مخاطر التعرض لحادث، بشكل كبير في حال اجتياز معدل معين من تركيز الكحول في الدم وهو 0.04 غ/دل، وأن إقامة نقاط تفتيش لتحقّق من رزانة السائقين وإخضاعهم لاختبار التنفس بشكل عشوائي من الأمور الكفيلة بتقليل حوادث المرور المرتبطة بالكحول بنحو 20 %، وتبين أيضًا أنها من الإجراءات العالية المردود، حيث تزيد بين صفوف السائقين الشباب والمبتدئين خطورة التسبب في حوادث المرور عند القيادة تحت تأثير الكحول مقارنة بالسائقين الأكبر منهم سنًا والأكثر منهم تمرسًا في القيادة. ويمكن أن تؤدي القوانين التي تحدد معدلات تركيز الكحول في دم السائقين الشباب والمبتدئين (بأقل من 0.02 غرام/ ديسيللتر، أو يساويه) إلى تقليل عدد الحوادث التي يسببها الشباب بنسبة تصل إلى 24 %. رابعا أن 44 بلدًا لديها قوانين تتعلق بالخوذات وتنطبق على جميع قائدي السيارات والركاب وجميع الطرق وأنوع المحركات وتشترط ربط الخوذات. وتشير احصائيات منظمة الصحة العالمية إلي أن ارتداء خوذة واقية بشكل مناسب لدى ركوب دراجة نارية من الأمور التي يمكنها الحد من مخاطر الوفاة بنسبة 40% والحد من مخاطر التعرض لإصابة خطيرة بنسبة تفوق 70%، وعندما يتم إنفاذ القوانين المتعلقة بالخوذات الواقية الخاصة بالدراجات النارية بفعالية، فإن معدلات ارتداء تلك الخوذات تزيد لتبلغ أكثر من 90%. كما أن اشتراط استيفاء الخوذات الواقية لمعايير السلامة المعترف بها من الإجراءات المهمة لضمان إسهام الخوذات في الحد من أثر الإصابات التي تلحق بالرأس بفعالية في حال وقوع حادث مرور. خامسا أن 52 بلدًا لديها قوانين تتعلق بكراسي وأحزمة أمان الأطفال تنطبق على مستقلي السيارات على حسب أعمارهم أو أطوالهم أو أوزانهم، وتطبق قيودا على عمر أو طول الطفل الذي يجلس على المقعد الأمامي. وتشير الاحصائيات أن ارتداء حزام أمان يخفض من مخاطر موت ركاب المقاعد الأمامية بنسبة 40 % إلى 50 % ويقلل من موت ركاب المقاعد الخلفية بنسبة تتراوح بين 25 % و75% ؛ كما أظهرت القوانين التي تلزم استخدام أحزمة الأمان، هي وآليات إنفاذها فعالية كبيرة في زيادة معدلات استخدام تلك الأحزمة تسهم أحزمة ومقاعد الأطفال في حال تركيبها واستخدامها بالطرق الصحيحة في تخفيض وفيات الرضع بنحو 70% وتخفيض وفيات صغار الأطفال بنسبة تتراوح بين 54% و80%. و حذر التقرير من السهو أثناء القيادة، حيث أن هناك أشكالا عديدة من السهو يمكنها أن تؤدي إلى عرقلة القيادة، ولكن سجل مؤخرًا حدوث زيادة ملحوظة على الصعيد العالمي في استخدام السائقين للهواتف المحمولة مما أصبح يثير قلقًا متناميًا في مجال السلامة على الطرق. وبإمكان السهو الناجم عن استخدام الهواتف المحمولة عرقلة أداء السائق، وتمديد الوقت الذي يستغرقه رد الفعل (لاسيما الوقت الذي يستغرقه رد الفعل بالفرملة، بل كذلك رد الفعل حيال إشارات المرور)، والإنقاص من القدرة على المكوث في الممر الصحيح، وتقليص مسافات التتابع، كما تتسبب كتابة وقراءة الرسائل القصيرة أيضًا في الحد بشكل كبير من أداء السائق، علمًا بأن السائقين الشباب معرضين بوجه خاص لآثار السهو الناجم عن هذا الاستخدام. ويواجه السائقون الذين يستخدمون الهواتف المحمولة أكثر من غيرهم بأربع مرات تقريبًا مخاطر التعرض لحادث مرور. والجدير بالذكر أن الهواتف التي تتيح إمكانية التكلم دون استخدام اليد لا تضمن قدرًا أكبر من السلامة مقارنة بالهواتف المحمولة باليد. في حين لا يوجد حتى الآن إلا القليل من البيانات على كيفية الحد من استخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة، فإنه يجب على الحكومات اتخاذ إجراءات استباقية في هذا المجال. ومن الإجراءات التي يمكن اتخاذها اعتماد تدابير تشريعية؛ وإطلاق حملات للتوعية العامة؛ والعمل بانتظام على جمع البيانات الخاصة بالسهو أثناء القيادة من أجل تحسين فهم طبيعة هذه المشكلة. وأوضح التقرير أن قائدي الدراجات البخارية فئة معرضة لدرجة عالية من المخاطر، حيث تبلغ وفياتهم 23% من إجمالي الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق. وهذه المشكلة آخذة في الازدياد في كثير من الأقاليم، ففي إقليم الأمريكتين على سبيل المثال، ارتفعت نسبة الوفيات الناجمة عن ركوب الدراجات النارية من إجمالي الوفيات الناجمة عن حوادث طرق من 15% إلى 20% في الفترة بين عامي 2010 و2013. أما في إقليمي جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ، فتبلغ نسبة الوفاة بين قائدي الدراجات البخارية ثلث إجمالي الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق. وأما المشاة وقائدو الدراجات الهوائية، فيندرجون في أقل الفئات تمتعًا بالحماية، حيث تمثل الفئة الأولى 22% بينما تمثل الفئة الثانية 4% من إجمالي الوفيات عالميا. وذكر الدكتور إيتيان كروغ مدير إدارة مكافحة الأمراض غير السارية والإعاقة والعنف والإصابة والوقاية، أنه يلزم أن يعيد صانعو القرار التفكير في سياسات النقل. وأضاف كروغ، إن تحسين النقل العام فضلًا عن زيادة السلامة في السير وركوب الدراجات الهوائية يدفعانا إلى تركيز اهتمامنًا مجددًا على طريقة توزيع مساحة الطريق بين السيارات والمشاة. إن الافتقار إلى سياسات تستهدف مستخدمي الطرق المعرضين للمخاطر يؤدي إلى قتلهم وإلى تخريب مدننا. أما إذا زدنا من سلامة السير وركوب الدراجات، فستقل الوفيات، وسيزيد النشاط البدني، وستتحسن جودة الهواء، وينمو عدد المدن التي يشعر سكانها بالسعادة. وانتهى التقرير إلى أن بعض المركبات التي تباع في 80 % من بلدان العالم مجتمعةً لا يتوافر فيها الحد الأدنى من معايير السلامة، ولا سيما في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط حيث أنتج 50 % تقريبًا من إجمالي عدد سيارات الركاب الجديدة البالغ 67 مليون سيارة في عام 2014. وذكر التقرير أيضًا إلى أنه من الممكن الوقاية من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور. ولا بد للحكومات من اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان السلامة على الطرق بأسلوب كلي يقتضي مشاركة قطاعات متعددة (النقل والشرطة والصحة والتعليم) ويتناول المسائل المرتبطة بمأمونية الطرق والمركبات وسلامة مستخدمي الطرق أنفسهم. ومن الإجراءات الفعالة في هذا الصدد تصميم بنية تحتية أكثر مأمونية وإدراج خصائص السلامة على الطرق في خطط استعمال الأراضي وخطط النقل؛ وتحسين خصائص سلامة المركبات؛ وتحسين رعاية الضحايا عقب تعرّضهم لحوادث المرور. ومن الأمور الأخرى التي تكتسي أهمية أيضًا التدخلات التي تستهدف سلوكيات مستخدمي الطرق، مثل وضع وإنفاذ القوانين المتعلقة بعوامل الخطر الرئيسية وإذكاء الوعي العام. وتسعي منظمة الصحة العالمية إلى الاستجابة إلى القرار الذي اصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2010، عن عقد للعمل من أجل السلامة على الطرق (من عام 2011 إلى عام 2020). وتم إطلاق عقد العمل هذا في مايو عام 2011 في أكثر من 110 بلدان بغرض إنقاذ ملايين الأرواح عن طريق تحسين مأمونية الطرق والمركبات؛ وتحسين سلوكيات مستخدمي الطرق؛ وتحسين خدمات الطوارئ، كما تتشارك المنظمة في العمل مع مبادرة بلومبرغ من أجل السلامة على الطرق في العالم 2015- 2019، التي تسعى إلى الحد من الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث المرور في البلدان والمدن المنخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل عن طريق تعزيز التشريعات المتعلقة بالسلامة على الطرق على المستوى الوطني، وتنفيذ تدخلات مجربة بشأن السلامة على الطرق على مستوى المدن. وتشارك المنظمة في تنفيذ البرنامج في 4 بلدان – هي الصين والفلبين وتايلاند وجمهورية تنزانياالمتحدة – وذلك عن طريق تقديم الدعم التقني في مجالي سن التشريعات والتدريب على وسائط الإعلام. كما تدعم المنظمة، بطرق أخرى ما يبذل من جهود من أجل ضمان السلامة على الطرق- من خلال العمل مثلًا، على تحسين السلامة حول المدارس في ملاوي وموزامبيق، والمساعدة على تحسين خدمات الطوارئ في كينيا والهند، وتحسين نظم جمع المعلومات في قطاعي الصحة والشرطة على حد سواء. وستواصل المنظمة دعم تلك الجهود وغيرها من المبادرات الوطنية التي ترمي إلى تحقيق السلامة على الطرق وتؤدي إلى إرساء برامج حكومية مستديمة. كما توفر منظمة الصحة العالمية مبادئ توجيهية تبرز الممارسة الجيّدة في مجال الوقاية من إصابات حوادث المرور، وتدعم الحكومات أيضًا في تنفيذ البرامج أو السياسات المقترحة. فقد تم مثلًا، تنفيذ دليل للممارسة الجيدة حول زيادة استخدام الخوذات الواقية الخاصة بالدراجات النارية والحد من نسبة القيادة تحت تأثير الكحول في عدد من بلدان رابطة أمم جنوب شرق آسيا، وسيتم استخدام دليل لتحسين الرعاية السابقة لدخول المستشفى في كينيا والهند. ويجري تطوير القدرات داخل البلدان من خلال تنفيذ الدليلين المذكورين وكذلك عن طريق التدريب المباشر في مختلف مجالات الوقاية من الإصابات كالدورات التدريبية التي تنظم، مثلًا، في مجالي ترصد الإصابات وتحسين خدمات رعاية الرضوح.