سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قلق على النيل.. تغير مياهه إلى اللون الأصفر يرفع سقف التوتر.. طوارئ في "القابضة" وغلق 35 محطة.. مائيون: العكارة أكبر من كفاءة محطات التنقية والمياه غير صالحة للشرب.. وخبراء: تزيد ملوحة التربة
الخطر يلاحق نهر النيل، العكارة تضرب نقاء مياهه، السيول المباغتة حولت بياضه إلى صفار غامق مخيف، الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي سريعًا رفعت حالة الطوارئ وأوقفت عمل 35 محطة مياه في خمس محافظات هى الجيزة وسوهاج وبنى سويف وقنا والفيوم؛ لارتفاع نسبة العكارة في المياه؛ تحسبًا من كوارث صحية. مائيون أكدوا أن: عكارة النيل أكبر من كفاءة محطات التنقية، وأن المياه في الوقت الحالي غير صالحة للشرب، فيما لفت خبراء إلى أن زيادة الملوحة تؤثر على الكلى وتزيد ملوحة التربة. الدكتور هشام سرور، أستاذ الكيمياء الفيزيائية والبيئية بالمركز القومي للبحوث الزراعية، قال إن المياه جاءت من سيول جبال الأحمر التي تتميز بطبقاتها الجيرية، لكنها لا تسبب ملوحة للمياه ولا الأراضي، بل إنها تضيف خصوبة للتربة، موضحًا أن المشكلة كلها تكمن في المخرات التي مرت عليها المياه قبل وصولها لنهر النيل، وأغلبها يحتوى على قمامة وفضلات عضوية وغير عضوية. وأضاف سرور أن المشكلة في أن نسبة العكارة عالية جدا وتتخطى الحدود القصوى لها فتؤثر على كفاءة محطات التنقية بالفعل، ومن ثم فهي تؤثر على كفاءة التنقية، بل يمكن أن تسد الفلاتر، لذا لا بد أن نعود إلى تكنيك مختلف في التنقية إلى فترة ما قبل السد العالي، فلا بد من إجراء التحاليل الميكروبيولوجية والكيميائية على فترات متقاربة. لكن متى تنتهى العكارة ؟ ورد سرور: لا أستطيع أن أجزم بفترة انتهاء العكارة؛ لأنه لا بد من تقدير حجم الحبيبات العالقة ورغويتها، لذا لا بد من حملة لوزارة الري لتطهير الترع والمصارف؛ حتى لا تحدث انسدادات وتراكمات. من جانبها رأت الدكتورة رشا الخولى، عميد كلية الهندسة بجامعة هليوبوليس وخبيرة هندسة المياه، أن المياه المعكرة بمياه السيول بها طمىٌ ورمال عالقة بها، وهى شوائب يمكن إزالتها من مياه الشرب، أما على الأراضي الزراعية فتأثيرها جيد؛ لأنها عبارة عن طمى يزيد خصوبة التربة الزراعية، موضحة أنه في حال استخدامها في مياه الشرب تحتاج إلى تنقية أكثر وتحميل أكبر على المحطات؛ نظرًا لزيادة العكارة في المياه، ومن ثم توقفت محطات المياه عن العمل في مناطق، ومحطات المياه لا بد أن تُجرى ترسيبًا وتنقية للمياه، وهذا يزيد من التحميل على محطات المياه، فتتوقف المحطات ثم تعود لتكرر المياه، ولن تظل هذه العكارة لفترة طويلة في النيل. وأوضح الدكتور أحمد فوزى دياب، أستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء وخبير المياه بالأمم المتحدة، أن العكارة الموجودة بمياه النيل هي طمى، وهو مفيد للأراضي الزراعية بشكل عام، وبالنسبة لمياه نهر النيل فهو ينقى المياه من الملوثات القديمة الموجودة بنهر النيل، مؤكدًا أن محطات التنقية الموجودة حاليًا تأخذ المأخذ عن بُعد متر ونصف تقريبًا؛ حتى لا تأخذ الملوثات العائمة على سطح المياه، لكن نسبة العكارة في مياه النيل أعلى من الحدود المسموح بها، فهي تزيد على 800%، وفى هذه الحالة نسبة المعالجة سترتفع، والنتيجة توقفت محطات المياه؛ لأنها تستخدم "شبة وكلور"، وهنا لا بد من زيادة هذه المواد، موضحًا أنه على المحطات أن تزيد من تقنياتها فهي تحتاج إلى المرشحات الزخرفية والرملية، وهى تقنية أخرى غير موجودة، إضافة إلى استعانة المحطات بالمياه الجوفية القريبة من النيل هذا بجانب الأنهار؛ حتى تقلل كمية الملوثات الموجودة بنهر النيل. وأضاف دياب أنه لا يوجد أي خطورة من مياه العكارة الموجودة في نهر النيل، على الأراضي الزراعية حتى إذا كانت كلها قادمة من تربة بحرية مالحة، فهى عندما تصل لمياه النيل تذوب فيها، وعندما تصل للتربة تكون ضعيفة جدا لا تؤثر عليها من ناحية الملوحة. ورأى الدكتور محمد سعد، أستاذ الكيمياء الحيوية والبيئية، أن محطات المياه لا يوجد بها نظام تعالج به المياه العكرة، والمشكلة أن المحطات غير مؤهلة لاستقبال مياه النيل مخلوطة بمياه السيول المعكرة، والخطوات التي تتم على معالجة المياه ليس بها خطوة لفصل الأملاح أو العناصر الثقيلة الموجودة بمياه السيول، موضحًا أنه من الصعب أن تزيد السيول من ملوحة المياه؛ لأن حجم مياه النيل كبيرة جدا، وأيضًا لا تؤثر على المزروعات، مؤكدًا أن الحل في تطوير محطات المياه بحيث يكون لها القدرة على تنقية المياه المخلوطة بمياه السيول العكرة، مضيفًا أنه يجب تحليل مياه النيل المخلوطة بمياه السيول؛ حتى نعرف المواد المكونة لها وتأثيرها على صحة الإنسان، ومحطات المياه ليس لديها التقنية لقياس ذلك. وهل تؤثر هذه العكارة على مياه الشرب؟ ويرد الدكتور أسامة الغرباى، الباحث في مجال تنقية المياه، أن هذه العكارة الموجودة بالمياه ليست رمالًا؛ لأن الرمال تترسب في القاع، لكنها مادة الطفلة وهى قريبة من الطمى، وبها معادن ثقيلة مثل المنجنيز والحديد بنسبة عالية، وبالتالي وصلت المياه بنسب عالية، مضيفًا أن تنقية المياه بمحطات مياه الشرب لا يتم فيها مرحلة تنقيتها من المعادن، فمحطات مياه الشرب تقوم بوضع الكلور الذي يقتل البكتيريا وتضع "الشبة" التي تجمع الشوائب والرمل والطين وغيرها ليتم تجميعها في أحواض الترسيب، لكن المادة القادمة مع السيول مادة غروية تذوب وتعطى محلولًا غرويا كالنشا والملبية مثلًا، وهذه تحتاج لتطوير أحواض المعالجة بمحطات المياه، ومن ثم فإن المحطات أُغلقت؛ لأن هذه المادة ستدمر أحواض الترسيب؛ لأن الطين والطمى ستكون ثقيلة في الحوض، إضافة إلى أن نسبة الحديد والمنجنيز عالية في المياه، وهى تسبب فشلًا كلويا للإنسان لو شربها. وأضاف الغرباى أن هذه العكارة سيظل أثرها بمياه الشرب لمدة شهر تقريبًا؛ لأنها ذائبة مع المياه، والكميات الثقيلة له ترسبت في قاع النيل، ولأنه محلول غروي سيظل أثره موجودًا مع سريان المياه في النهر، موضحًا أن الحل أن تتواجد فلاتر رملية أو فلاتر القطن بمحطات مياه الشرب، وهذه ليست موجودة في محطات مياه الشرب العادية، لكنها موجودة في محطات مياه الشرب بالقرى السياحية؛ لأن هذه المرشحات غالية الثمن بالفعل، والحلول الآن في كل منزل هو تركيب فلتر لتنقية المياه القادمة من الصنبور. فيما أكد خبير مائي أن سبب اصفرار الماء ناتج عن الأمطار التي تساقطت على جبل عتاقة، وهو جبل جيري، ما أدى لتلون المياه باللون الأصفر، إضافة إلى أن هذه الرواسب عندما تصل للأرض الزراعية ستزيد ملوحتها لترسب الجير بها.