اعتمد طريقة التصفية الجسدية خصوصًا للقيادات شهد عهده مبادرتين فاشلتين لوقف العنف الأولى عن طريق مساعد أول وزير الداخلية لمصلحة السجون والثانية قدمها محامون عبر فتحى سرور قيادى سابق بالجماعة الإسلامية: مد يده بالسلام ورددناها.. و«مبارك» تغاضى عن أخطائنا لتحقيق السلام استخدم «الألفى» القوة بعد بدء الإرهابيين خطة ضرب السياحة والاعتداء على الأقباط تولى وزير الداخلية حسن الألفى مسئولية وزارة الداخلية فى الفترة من 1993 حتى 1997، خلفًا للواء محمد عبدالحليم موسى، وكانت المواجهات بين الداخلية والجماعة على أشدها وتحولت الجماعة من سياسة الاغتيالات إلى محاولة تدمير الدولة المصرية، وتخريب اقتصادها عن طريق ضرب السياحة، واتبع حسن الألفى سياسة تجفيف المنابع وبدأ اقتلاع إرهاب الجماعة من جذوره واقتحام الأماكن التى تختبئ بها قيادات وعناصر الجماعة فى الزراعات والجبال. يقول البدرى مخلوف أحد قيادات الجماعة المتهمين بضرب السياحة، والذى أمضى ربع قرن من عمره داخل السجون: إن حسن الألفى جعلنا نترحم على أيام زكى بدر، فحسن الألفى هو أكبر مجرمى العالم فقد قتل منا 1200 رجل بدم بارد على قارعة الطريق، والاعتقالات أيام حسن الألفى وصلت إلى المؤبد، أما أيام زكى بدر فقد كانت شهورا ناهيك عن التعذيب فى فترة حسن الألفى. ويضيف صابر حمزة أحد المتورطين فى عملية ضرب السياحة عندما اغتيل الرئيس الجزائرى محمد بوضياف على يد أحد حراسه، وكان الإسلاميين وراء ذلك، وكان مبارك يزور إحدى الدول الإفريقية فى ذلك الوقت، وصرح من هناك تصريحًا قويًا جدًا حيث قال إن المتطرفين فى مصر إذا حاولوا أن يعملوا شيئا مثل هذا، ستكون العواقب وخيمة وبمجرد رجوعه نما إلى علمنا قيام حسن الألفى وزير داخليته بوضع خطة لتصفية أبناء الجماعة تصفية جسدية، بحيث يتم استهداف القيادات وكنا معروفين بالاسم لدى ضباط الشرطة، والمطلوب هو ليس القبض بل القتل، وبعض عيوننا داخل الوزارة أبلغونا بالخطة وتفاصيلها وإنهم كانوا يتدربون فى وسط الزراعات والجبل لاختراق الأماكن التى يختبئ بها أبناء الجماعة وبدأت الدولة فى تنفيذ تلك الخطة. يكمل صابر حمزة: كانت هناك مجموعة مكونة من 50 فردا، ولم يكن الغرض هو قتل السائحين من أجل قتلهم، وإنما كانت وسيلة ضغط على مبارك، وكنا لا نرى فى ذلك غضاضة فى ذلك الوقت. أضاف: كان فى السجون حوالى 50 ألفا من أبناء الجماعة الإسلامية، كنا نعذب يوميًا أكثر من عشر مرات، وبحسبة بسيطة أستطيع أن أقول لك إن أقل سجين من أبناء الجماعة يحق له أن يرفع أكثر من 500 ألف قضية تعذيب خلال هذه الفترة، فقد كانت هناك خطة منظمة، ولم يكن التعذيب عشوائيًا، بدءًا من حفلات الاستقبال إلى التعذيب اليومي، ودعنى أقول لك إن فى حفلات الاستقبال التى كانت تتم كان يتم تجريد الأخ من ملابسه ليصبح عاريًا كما ولدته أمه، ويقوم بالزحف على بطنه من عند مبنى الإدارة إلى زنزانته، وهذه مسافة ليست بالقصيرة ويكون فى استقباله بطول هذه المسافة صفان من الجنود يقومون بسحله، وهناك من لم يتحمل فسقط شهيدًا. وتابع: لقد مكثت فى سجن العقرب فى زنزانتى سبع سنوات كاملة، لا أرى النور، أعيش فى غرفة مظلمة ليس بها مصباح، والكثير الذى لو ذكرته سيستحى الشعب المصرى مما حدث لأبنائه داخل أرض مصر وليس خارجها، والغريب الذى كنا نلاحظه أن تنفيذ حكم الإعدام فى الإخوة كان غالبا ما يتم أثناء زيارة مسئولين إسرائيليين لمصر، وكأن دماءنا كانت تقدم قربانًا لهم. فى هذا السياق أود أن أذكر لك حكاية أخرى، أحد أبناء الجماعة وكان طالبًا بكلية الآداب جامعة القاهرة، وكانت هناك محاضرة فى مادة النقد الأدبى وتطرق دكتور المادة إلى إحدي روايات أديب مصرى مشهور، بعد المحاضرة الأخ يحكى مع أحد زملائه مجرد كلام، ويقول إن كلام الأديب فى الرواية كفر، كيف يتجرأ على الله والإسلام بهذا الشكل، إن هذا الكاتب يستحق الموت، هذا الطالب تم إعدامه بسبب هذه الكلمات. على الجانب الآخر شهد عهد الألفى العديد من المبادرات لوقف العنف والإرهاب من تلك الجماعة، كان أولها عن طريق مساعد أول وزير الداخلية لمصلحة السجون، الذى جلس مع بعض قيادات الجماعة واتفقوا على وقف العنف من الطرفين، إلا أنها كالعادة فشلت مثل غيرها. المبادرة الثانية كانت عبارة عن عدة وساطات من بعض المحامين الذين توجهوا بها الى أجهزة الأمن، وأهمها وساطة توجهوا بها الى الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب، وأخيرًا تقدمت الجماعة الإسلامية فى العام الأخير من عهد حسن الألفى بمبادرتهم المعروفة فى عام 1997، وبدأت الدولة مناقشتها على حذر وكانت محقة فى ذلك، فما هى إلا أيام حتى قامت الجماعة بمجزرة الأقصر الشهيرة، والتى كانت عبارة عن هجوم إرهابى وقع فى 17 نوفمبر 1997 فى الدير البحرى بمحافظة الأقصر فى مصر وأسفر الهجوم عن مصرع 58 سائحًا، وكان لهذه العملية تأثير سلبى على السياحة فى مصر، وأقيل على أثرها وزير الداخلية الأسبق اللواء حسن الألفى. ففى حوالى الساعة 8:45 صباح يوم 17 نوفمبر 1997 هاجم ستة من عناصر الجماعة الإسلامية مسلحين بأسلحة نارية وسكاكين متنكرين فى زى رجال أمن، مجموعة من السياح كانوا فى معبد حتشبسوت بالدير البحري، وقتلوا 58 سائحًا فى خلال 45 دقيقة. ثم حاول المهاجمون الاستيلاء على حافلة لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، وتم العثور عليهم بعد ذلك مقتولين داخل إحدى المغارات. أعلن رفاعى طه القيادى فى الجماعة الإسلامية مسئوليته عن الحادث فى بيان بث من خلال وكالات الأنباء العالمية، ولكن تصدى له أسامة رشدى الذى كان يضطلع وقتها بمهمة الناطق الإعلامى للجماعة، حيث أصدر بيانًا نفى فيه صلة الجماعة الإسلامية بالحادث، وأدانه ونفى علم طه أصلًا بأية خلفيات تنظيمية حوله. وكشفت أجهزة الأمن عن ورقة تم العثور عليها فى جيب أحد الجناة جاء فيها: «نعتذر لقيادتنا عن عدم تمكننا من تنفيذ المهمة الأولى» فاتضح أن تكليفًا سابقًا كان قد صدر من مصطفى حمزة مسئول الجناح العسكرى بمهمة أخرى، وربما أشارت المعلومات بتعلق تلك العملية بأوبرا عايدة التى انعقدت فى مدينة الأقصر، واختطاف بعض السياح ومقايضتهم ببعض المعتقلين والسجناء، ولكن استحال تنفيذ العملية نظرًا للاستحكامات الأمنية المشددة، فبادروا بتنفيذ العملية البديلة فى معبد حتشبسوت. كانت المذبحة هى آخر عمل مسلح قام به أفراد من تنظيم الجماعة الإسلامية، وبعده بدأ التنظيم رسميًا تفعيل مبادرة وقف العنف، ثم تلتها المراجعات الفقهية للجماعة، والتى كانت سببًا فى خروج نحو 16 ألف عضو من المعتقلات والسجون فى أكبر مصالحة بين الدولة والجماعات الإسلامية وكانت فى عهد حبيب العادلى. من جانبه قال على الشريف القيادى السابق بالجماعة وأحد مؤسسيها لا بد أن نقول ما لنا وما علينا، أقول والقول الفصل لله سبحانه وتعالى إن مبارك ووزير داخليته حسن الألفى فى البداية لم يكونا يريدان أن يقضيا علينا، بل أرادا لنا الخير ومد يدهم لنا بالسلام ونحن رفضنا، ورددنا أيديهما ومبارك تغاضى عن أخطائنا وتجاوزاتنا مثل قتل المحجوب وغيره من رموز نظامه، ولم يستخدم القوة معنا إلا عندما تجاوزنا الخط الأحمر فى ضرب السياحة والأقباط، ولو استقبلنا ما استدبرنا لما استخدمنا العنف ليس لأجل أن الحكومة لا تستحق ذلك، ولكن لأننا لم نحقق إلا المفاسد. أضاف على الشريف: حدثت فعلًا منا تجاوزات وضربنا فى كل الاتجاهات، وسأعترف بأشياء الآن أول مرة تخرج إلى النور، مبارك شخصيًا أرسل لنا أكثر من مرة فى عهد حسن الألفى لنجلس معه ونتفاوض، وكان يريد أن يخرجنا من السجون ويفسح لنا مجال الدعوة كيفما نريد وكيفما نشاء مقابل شيئين فقط منا أن نبتعد عن تغيير المنكر باليد، وأن نترك النصارى فى حالهم ونحن رفضنا ذلك. المرة الأولى وكانت بعد الأحداث فى السجن أرسل إلينا فؤاد علام، وقال لنا بالحرف الواحد «بصوا من الآخر أنا جاى واخد الضوء الأخضر من الرئيس شخصيًا بالتفاوض معكم، والريس عايز يفتح معكم صفحة جديدة بيضاء، وهو مستعد أن يخرجكم من السجن بل أكثر من ذلك لن تكون هناك محاكمات بس نقعد ونتفاهم». وكان أفراد جماعة الجهاد راكبين الفرس جامد وخرجوا برؤوسهم من شبابيك الزنازين يصرخون ويولولون: «إحنا مش هنتفاوض مع الحكومة الكافرة، والمنافق من يتفاوض معهم». وسمع ذلك الشيخ كرم زهدى الذى كنا ندفعه دفعًا للتفاوض مع فؤاد علام، وقلنا له لا تنصت لجماعة الجهاد «دول بتوع كلام وبس»، فأقسم بالله إنه لن يتفاوض وقال «بقى أنا أخرجهم من السجن وبعد كده يقولوا عليّ منافق وعميل طب خليهم كده لما نشوف آخرتها إيه». فى عهد الألفى أرسل مبارك إلينا المحجوب وزير الأوقاف، حيث ذهب إلى طلعت فؤاد قاسم أمير الجماعة، وكان خارج السجن وقال له المحجوب بالحرف الواحد «أنا قادم إليك من الرئيس مبارك مباشرة، وأنا هنا أتحدث باسمه لا باسمى، وهو يقول لكم خذوا كل ما تريدون من مساجد، وانشروا دعوة الجماعة الإسلامية فى مصر كيفما تريدون، وعلى قدر استطاعتكم ولكن لى عندكم طلبان هما أن تبتعدوا عن تغيير المنكر وتتركوا النصارى فى حالهم ولا تؤذوهم» ورفض طلعت فؤاد قاسم عرض مبارك.