· الرئيس قسَّم المواطنين..وسمح باغتصاب سلطة الدولة · التيار الاسلامي يستدعي الدين للحكم على خصومه رغم أنه لا يطبقه · كنت أر فض الخروج على مبارك لأن المفسدة أكبر من المصلحة · التدرج في تطبيق الشريعة خدعة إبليس..وتولّي الحكم كُفر لأنه قائم على القسم باحترام الدستور “,”الوضعي“,” · القوى المدنية والشعبية نجحت فيما فشلت فيه التيارات الجهادية على مدار 80 عامًا الدكتور سيد إمام، مؤسس جماعة الجهاد، وأبرز مفكري وفقهاء التنظيم، لا يرى مبررًا لفتوى تطبيق حد الحرابة على “,”المعارضين“,” أو “,”جبهة الإنقاذ“,” في ظل نظام سياسي يحكم- بحسب تعبيره- بغير ما أنزل الله، وقال ل“,”البوابة نيوز“,” في أول حديث له منذ خروجه من سجن العقرب: كيف يطالبون بتطبيق حد من حدود الله، والدولة لا تحكم بالشريعة الإسلامية ؟ موضحًا أن “,”الإسلام“,” لن يطبق في مصر، وأن محاولات الجماعات الدينية لتطبيقه سوف تبوء بالفشل، لأنها محاولات عاطفية لم يصاحبها إصلاح ديني حقيقي. ولفت إلى أنّ ظهور العنف على الساحة يندد بكارثة، ويكرر تجارب “,”الجهاديين“,” التي باءت بالفشل، وأخرت الدعوة.. وإلى نص الحوار : • نبدأ معك من النهاية، كيف ترى فتاوى الدم التي خرجت من بعض المنتمين للحركة الإسلامية، وتركز هدفها في قتل الخصوم والمعارضين، وما هي دلالتها وتأثيرها؟ ** أنا أتعجب من مثل هذه الفتاوى والتي تمثلت في المطالبة بتطبيق حد الحرابة على الخصوم والمعارضين وغيرها، ونحن إزاء سلطة لا تطبق شرع الله، وموالية لأمريكا، فإذا كانت السلطة الحالية لا تحكم بالإسلام، “,”ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون“,”، فلا يجوز لها ترقيع سلطتها بفتاوى إسلامية؛ وهو ما يعني استخدام الدين ضد المعارضين والخصوم، فكان أولى بمن يطالب الرئيس بتطبيق حد الحرابة أنّ يطالبه بتطبيق الشريعة الإسلامية، وهو لن يفعل ذلك . • تصف التيارات الدينية بأنها تواجه خصومها بالدين، رغم أنها لا تسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية ! ** التيارات الدينية الموجودة على الساحة صدق فيها قول الله تبارك وتعالى: “,”ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم“,”؛ فهذه التيارات بذلت محاولات كثيرة- على مدار مائة عام- لتطبيق الشريعة الإسلامية، ولكنها باءت جميعًا بالفشل، لأن محاولاتها كانت عاطفية ولم يصاحبها إصلاح ديني حقيقي، وربما كان ذلك هو السبب وراء فشلها وانحرافها، وأبسط دليل جماعة الإخوان المسلمين، التي ظلت تنادي بالإسلام أكثر من 80 عامًا، وعندما وصلت للسلطة حكمت بغير ما أنزل الله؛ ما يُعد انقلابًا على المبادئ والأفكار، وخطورة التيارات الإسلامية الموجودة على الساحة أنهم يحرمون على أتباعهم قراءة أي كتب تخالف ما هم عليه، فيضيع الدين مع الجهل . • لكن التيارات الإسلامية تؤمن بفكرة التدرج في تطبيق الأحكام، فمشروعها قائم على تطبيق الحدود الإسلامية؟ ** التدرج في تطبيق الشريعة بمثابة خدعة إبليس؛ لأن عمرو بن العاص حكم بالشريعة في مصر، عندما فتحها دون استشارة أهلها، وقد كانوا كلهم غير مسلمين، موزعين ما بين أقباط ووثنيين، وكل الذين يطالبون بالتدرج سوف يبعثون على ما ماتوا عليه ولن تنفعهم النية، فإذا كان ذلك حكم الكفر فما فائدة النية إذن والعمل كله حابط وفاسد وغير مقبول؟! • أنت تُكفّر التيارات الدينية الموجودة على الساحة، فماذا عن البقية من المسلمين؟ ** أنا لا أُكفر النّاس وإنما ذلك حكم الله على الأرض، وهذا بمثابة التقسيم الشرعي للنّاس في الدنيا، وهذا مصداقًا لقوله تعالي “,”والذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير“,”، والحساب في الآخرة يكون على أساس الكفر والإيمان، أما بخصوص بقية المسلمين، فلا يُنسب إلى ساكت قول، وإنّ كنت أرى أنّ كل من أظهر شعائر الإسلام فهو مسلم ما لم يظهر منه ما يخالف الإسلام؛ وهذا ما يسمى بفقه مستور الحال . • فتاوى التكفير هذه تعود بنا إلى مربع العنف مرة أخرى؛ فمن رأيت بكفره، رأى الآخرون الخروج عليه؟ ** التكفير شيء والخروج على الحاكم شيء آخر، وكنت أرى أنّ مبارك كافر كُفر أكبر ممن خرج من الملة، ولكنني كنت أرى عدم الخروج عليه لعدم الاستطاعة، ولأن المفسدة أكبر من المصلحة، ونصحت قيادات الجهاد في عام 1992 ونحن في باكستان بعدم الخروج على الحاكم في الوقت الحالي، فرفضوا ذلك بدعوى أنّ وقت الكلام انتهى وجاء وقت الفعل، فعدم الخروج لا يمنع إنكار الأوضاع القائمة المخالفة للدين، كما أنّ الإنكار يوجب عدم المشاركة في الحكم المخالف للشريعة الإسلامية؛ بحسب القاعدة الفقهية “,”إذ لم تستطع أنّ تزيل المنكر فزل عنه“,”، ولا يجوز القول إننا نتولى الحكم حتى لا يتولاه فلان، لأن تولي الحكم في هذا الزمان يعني الكفر، فمن يتولاه يُقسم على احترام العمل بدستور وضعي وهو مخالف للإسلام. • لكن التيارات الدينية تقول إنها تسعى لتطبيق الإسلام بأصوله بشكل تدريجي، وترى أنها نجحت في ذلك؟ ** من واقع خبرتي لأكثر من 40 عامًا في العمل الإسلامي، أي حركة إسلامية لا يصاحبها إصلاح ديني يكون مصيرها الفشل أو الانحراف أو السرقة بواسطة العلمانيين، والجماعة الإسلامية أهملت الإصلاح الديني، ونشأت أساسًا على فقه التبرير، فكتبهم القديمة كلها كانت تبريرًا لما فعلوه في مجزرة مديرية الأمن بأسيوط في العام 1981، وكتبهم الجديدة كانت تبريرًا للمصالحة مع الحكومة لإنقاذ “,”الجماعة“,” من الهلاك، فهم لم يكتبوا كتبهم الأخيرة “,”مبادرة وقف العنف“,” إلا بعد أن تم القضاء على كل أفراد الجناح العسكري للجماعة الإسلامية، وأشرت في كتابي “,”الجامع في طلب العلم الشريف“,” للمخالفات العقائدية للجماعة الإسلامية، وهذه المخالفات لاتزال موجودة في كتبهم الحديثة، وبالتالي لا أستغرب منهم المشاركة في الحكم، لأن مبادئهم تسوّغ ذلك، وهذا بمثابة الانحراف المترتب عليه إهمال الإصلاح الديني . • وصل “,”الإخوان“,” لسُدة الحكم رغم وصفك لمحاولاتهم ب“,”العاطفية“,” وغير الواقعية، بينما فشلت التيارات الجهادية في ذلك.. فما تعليقك؟ ** الفرق بين رجل الدين ورجل السياسة يتمثل في قدرة كل منهما على إظهار الحق وتبليغه للنّاس، فرجل الدين يقول الحق وإنّ تفرق عليه النّاس، وقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): “,”يأتي النبي يوم القيامة وليس معه أحد“,”؛ وهذا نبي لم يتبعه أحد، فهل يمكن أنّ نصف ذلك بالفشل؟ إن الله لن يسأله عن عدد أتباعه، وإنما سيسأله هل بلغ الحق أم لا، أما رجل السياسة فمهمته جمع النّاس ولو بإخفاء الحق؛ ويسمون ذلك بالوسطية والحكمة والتدرج، وهذه كلها من زخارف القول التي تطمس الحق، وبالتالي لا تصح المقارنة بين “,”الإخوان“,” والتيارات الجهادية. • لكن القوى المدنية ترى أنّ “,”الإخوان“,” و“,”السلفيين“,” قاما بأسلمة الدستور وكثير من مناحي الحياة؟ ** ليس لي علاقة بمن يقول، ولكنني أمام فعل أقيمه من الناحية الشرعية، وواجب المسلم ليس إقامة الدولة الإسلامية على حساب السكوت عن أول واجب في الدين، وهو التوحيد وعدم الشرك، ومن يتحدث عن تدرُّج في إقامة الشريعة أو إقامتها على مراحل إنما يستخف بالعقول، ومن فعل ذلك حكمنا عليه بظاهره؛ فقد رفض النبي (صلى الله عليه وسلم) تولي الحكم على كفار قريش مقابل سكوته عن الحق، وهذا ما قصدته بالإصلاح الديني، فأول واجب على الإنسان هو التوحيد وعدم الشرك، لأن الشرك يُفسد كل أعمال الإنسان من صلاة وصيام وزكاة وحج، ولهذا قال تعالى: “,”وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله“,”. • ما تقييمك للعمل المسلح بعد ثلاثين عامًا من الصراع مع الدولة؟ ** لم يأت بفائدة، ولو عاد بنا الأمر ما فعلنا، ولا شك أنّ هناك أخطاء استراتيجية وقعت فيها الحركة الجهادية بمصر، في مقدمتها اغتيال السادات، وهو ما جعل هذه الجماعات تحت المراقبة، وبعضها هاجر خارج مصر وهو يحمل فكرة الإعداد للجهاد في مصر، فاغتيال السادات كان بمثابة العملية المبنية على الفرصة دون تخطيط مسبق، وعمومًا فإن فشل الحركة الجهادية في مصر قدري؛ فالله قدَّر ألا يعود حكم الإسلام لمصر مرة أخرى في هذا الزمان، وهذه نهاية وشيكة للدولة المصرية، فالمريض إذا فشلت معه كل وسائل العلاج فسيموت، ومن أهم الأسباب أن التيارات الجهادية لم تلق دعمًا إقليميًا وخارجيًا لمشروعها وجهادها ضد الظالم. • هل ترضى عما تفعله الحركة الجهادية في سيناء؟ ** أهل سيناء معذورون في ردود أفعالهم، فقد حدث لهم على يد قوات الأمن ما لم يحدث لهم على يد اليهود، عندما احتلوا سيناء في 1967، وقبل أن تسأل عن الفعل لابد أن تسأل عن سبب ذلك الفعل، حتى يمكنك أنّ تحكم حكمًا منصفًا وتُقيّم بشكل فيه تجرد . • أنت كفّرت الحاكم.. لكنك حذرت في الوقت نفسه من الخروج عليه؟ ! ** دعني أحدثك أولًا عن أسباب تكفيري للحاكم؛ فهو لا يخضع لقانون السماء، إذ لا يحكم بالشريعة الإسلامية رغم أنه قادر على ذلك، وحصّن نفسه ضد قوانين الأرض- وهي القوانين الوضعية- ويعاقب من ينتقده بتهم من عينة إهانة الرئيس، وأعطى الحصانة لجهات كثيرة في مصر، وبالتالي ينطبق عليه حديث الرسول(صلى الله عليه وسلم): “,”إنما أهلك من كان قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد“,”، أما الخروج عليه- كما قلت آنفًا- فسوف يحدث مفسدة عظيمة، ودعني أقول لك إنّ كل وسائل الإصلاح مسدودة، والصواب هو عدم المشاركة في الباطل وهذا يمثل الحد الأدنى . • وهل تعني دعوتك لمعارضة الرئيس محمد مرسي، أنك تتفق مع جبهة الإنقاذ في موقفها منه؟ ** الرئيس قسّم النّاس إلى “,”مواطنين، ومواطنين بشرطة، ومواطنين سوبر شرطة“,”، وسمح باغتصاب سلطة الدولة عندما سمح لأنصاره ومؤيديه بمحاصرة المحكمة الدستورية العليا ومحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي والاعتداء على حزب الوفد، ونرى أنه تجاوز كثيرًا، ولكننا لا نقف مع “,”جبهة الإنقاذ“,” لسبب بسيط هو أننا لم نجد من يقف معنا في محنتنا مع “,”مبارك“,” إلا مباحث أمن الدولة نفسها، فقد كانت مصدر سعادتنا وحزننا في ذات الوقت، فتخلى عنا من يُسمون أنفسهم بالمجتمع الدولي وجمعيات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية وغيرها، فكيف يحدث ذلك ثم نقف معهم، رغم أنهم تخلوا عنا في السابق؟! • هل ترى أن القوى المدنية نجحت فيما فشلت فيه التيارات الجهادية على مدار 80 عامًا؟ ** هذا الكلام صحيح بكل تأكيد، فالقوى الشعبية حققت خلال عامين ما لم تفعله الحركات الإسلامية خلال 80 عامًا، والدليل على ذلك الثورة العظيمة التي حققت ما لم يحققه العمل المسلح، ومشكلتنا تتمثل في انعدام القيادة، فلا توجد قيادة شعبية فعالة في مصر منذ أنّ قام محمد علي بنفي عمر مكرم في العام 1809، باستثناء فترات قليلة كان يتصدر فيها حزب الوفد المشهد السياسي في مصر . • جماعة الجهاد أسست مؤخرًا حزبًا سياسيًا ودخلت معترك السياسة، ألا ترى في ذلك انقلابًا على أفكارها؟ ** ما أقدم عليه البعض ممن كانوا ينتسبون لجماعة الجهاد ودخولهم معترك السياسة حرام شرعًا، وغير جائز من الناحية الفقهية، وانحراف عن دين الإسلام، وهذه مشاركة للكافر في كفره؛ لا يرضى عنها الإسلام بأي حال من الأحوال، وتحت أي مسمى مهما كان .