شهد المجلس الأعلى للثقافة حفل توقيع كتاب "لماذا تموت الكاتبات كمدًا؟" للكاتب والناقد والشاعر شعبان يوسف، والصادر عن دار بتانة للنشر. جاء الحفل وسط حضور كبير للعديد من الكتاب والمثقفين، من بينهم شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق والمفكر نبيل عبد الفتاح والناقدة عزة كامل والناقد محمد بدوى والروائي عمار على حسن، وهيثم الحاج على رئيس الهيئة العامة للكتاب ومحمود الضبع رئيس الهيئة العامة لدارالكتب والوثائق القومية والكاتبة سامية أبو زيد، وغيرهم. في البداية قال شاكر عبد الحميد إن من مزايا الكتاب اختيار الموضوع وهو التهميش والإقصاء للمرأة الذي حدث ويحدث حتى الآن عبر الثقافة العربية، كما أن النماذج التي اختارها مهمة من الفكر والإبداع والثقافة العربية، ليرصد تجارب مبدعات من أكثر من دولة عربية كمصر وفلسطين والجزائر والعراق لأسماء قوية في تاريخ المرأة المبدعة، مثل ملك حفني ناصف ومي زيادة ونبوية موسى ونعمات البحيري وابتهال سالم وغيرهن. وأضاف عبد الحميد: الكتاب تميَّز بغزارة المعلومات، والكاتب لديه القدرة على تنظيم المعلومات بشكل شيق ومفيد باعتباره شاعرًا وناقدًا صاحب أسلوب متدفق وسرد جميل، يكتب كأنها حكاية يخرج منها لأخرى فنجد في النهاية مجموعة من الحكايات الثرية، لكن من المهم توسيع الكتاب وأن يكون أكثر شمولًا؛ لأن الموت كمدًا لم يكن مقصورًا على المرأة فقط، بل الرجل أيضًا، كما أن هناك من النماذج التي وردت في الكتاب عليها ملاحظات في موتها كمدًا مثل نازك الملائكة لأنها كانت قد تخطّت ال84 من عمرها، كما أن الجانب البيولوجى يلعب دورًا في موت المرأة، إضافة إلى العلاقات المجتمعية والعديد من الجوانب الأخرى يجب أن توضع بعين الاعتبار. وأشارت عزة كامل إلى أن الكتاب هو أول كتاب نسوي يتحدث عن أحوال الكاتبات في الوطن العربى، حيث قدَّم نماذج متعددة ووضع يده على الجرح الذي يغوص في ألم النساء والنسيان والإبداع المهمَّش مع محاولات الكاتبات أن يجدن موضع قدمٍ لهن، كما أن الكتاب تم تقديمه بأسلوب أدبى بليغ وطرح العديد من التساؤلات التي تجعل الجميع ينشغل بإجابات لها، وهو ما يميز الكتاب. وأكدت أن الكتاب تحدَّث عن المساواة بين اليمين واليسار تجاه المرأة وقضاياها، وهو ما انعكس على الحياة الأدبية والثقافية، ودلَّل الكتاب على ذلك بالعديد من الأمثلة التي كان فيها اضطهاد واضح للمرأة المبدعة، كما أن منهج الكتاب تناول مشكلة النساء المبدعات من منظور نسوي، خاصة أن النساء حينما كن يناقشن تلك القضية كان هناك تأكيد أن مِن أسبابه تخوف الرجل من المرأة فتم طمسهن تاريخيًّا في الأدب، واعتبرت كتاباتهن غير جيدة، خاصة أن مَن يكتب التاريخ رجال، لذلك فمن المهم إعادة قراءة التاريخ والبحث عن مصادر جديدة له. وقال نبيل عبد الفتاح أن الكتاب يدور حول العتمة التي تحيط بالنساء والإبداع الأدبى بمختلف أجناسه، حيث فرضت سياسات معينة على المرأة حصرها في إطار مجموعة من القيم المحافظة التي اعتمدت على نمط متشدد، في محاولة حجب عقل وصوت المرأة واحتجازها في الإطار الأسري، لتتشكل الذكورية التي هاجمت خروج المرأة للمجال العام وحصرها في نطاقات هامشية، ولعل الكتابة والإبداع أحد أبرز أحداث الثقافة التي كان لها الفضل في ظهور المرأة، والقصائد والروايات والكتب النسائية لم تترك حرة بالنسبة للكاتبة المبدعة لكى تثبت نفسها وواجهت العديد من الأزمات. وأضاف عبد الفتاح أن الكاتبات اخترقن المجال العام وفرضن إرادتهن الحرة بالمزيد من الكفاح لتأكيد حضورها في المشهد الإبداعى، فالمرأة عبر التاريخ الأدبى كانت حاضرة ككاتبة وروائية وشاعرة لإثراء الأدب والكتابة، إلا أنهن مازلن في الغياب؛ نظرًا لتهميشهن وقصص حياتهن مليئة بالألم. وأشار إلى أن الكاتب شعبان يوسف من شعراء السبعينيات له 7 دواوين ومسرحية شعرية، كما أنه ناشط ثقافى وأدبى مهتم بالفعل التطوعى في مجال الثقافة ويبحث دائمًا عن التاريخ الثقافى المهمَل وإقامة الجسور بين الكتابة والكاتبات والنقاد، فهو كاتب مُولَع بالأرشيف الأدبى وإعادة الذاكرة ممارس للنقد التطبيقى بكل حرية، وكتابه "لماذا تموت الكاتبات كمدًا" يتسم بالوضوح البلاغى في عرض فصول الكتاب التي نُشرت بأخبار الأدب ويعتبر تحليلًا للذاكرة الأدبية واستدعاء الكاتبات في التاريخ الأدبى. أما محمد بدوى فأكد أن الندوة مجرد تمجيد للكاتب والكتاب، ولكن لمناقشة الموضوع فالكاتب متوقد العقل والخيال، وهو شاعر مناضل سياسي، ولذلك فهو شخص مشدود إلى عدد من الأهداف، سواء وعى أو لم يعِ ذلك، كما أنه مشدود إلى خيال تغيير المجتمع المتمثل في يوتوبيا مجتمع العدالة، وانشغاله بالمرأة لم يكن وليد اللحظة، بل إنه انشغال قديم فهو رجل عمل في النضال السياسي وانتمى لمجموعات بعينها ووقف في خندق بعينه كان جزءًا من هذا الفضاء المرأة، وهذا الاتجاه يمثل أحد اتجاهات النثوية وهو اتجاه واسع، ومَيزته أنه يقرن دائمًا تحرر المرأة بتحرر المجتمع ولا يعزل قضيتها عن السياسة. وأوضح بدوى أنه لا توجد دراسات عربية تناولت تلك القضية، وعنوان الكتاب وهو "لماذا تموت الكاتبات كمدًا؟" ليس سؤالًا بحاجة إلى إجابة، وإنما هو سؤال استنكارى يرفض الإجابات السابقة، وخصَّص شعبان يوسف قضية التمييز ضد المرأة فيه، لكن هناك بعض النماذج مثل نازك الملائكة ووجودها في الكتاب ولم تمت كمدًا؛ ليس لأنها تخطت مرحلة عمرية معينة، وإنما لأنها كتَب عنها أكثر من رجال كثيرين، كما كانت مي زيادة أيقونة الحياة الثقافية بالصالون الذي كانت تقدمه وحضره كبار المثقفين، لذلك فهذا مشروع كبير يجب السير وراءه، وهو وضعية الكاتبة أمام خطاب الذكورية.