حظيت "النخلة" عبر التاريخ بمكانة كبيرة ومهمة في حياتنا، وما من شجرة مجدت وذكرت في كل الأديان السماوية سوى النخلة، حيث يقول سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم "والنخل باسقات لها طلع نضيد" صدق الله العظيم. وللتمر في حياة المسلمين مكانة خاصة، فهو غذاء ودواء، حيث كان التمر من أفضل الأطعمة التي وصفها ونصح بها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبين كثيرا من فوائده في مواضع كثيرة من الأحاديث. ولا يوجد جزء في النخلة بدون فائدة ابتداء من جزعها حتى شوكها ومنذ القدم والشعب العربي والإفريقي يعرف فوائدها فمن ثمارها غذاء ومن جزوعها مواد للبناء ومن فروعها أثاث وغطاء. فالنخلة رمز العطاء والشموخ والكرم ونظرا لتلك الأهمية، أطلق السودان فعاليات مهرجان النخيل والتمور التاسع بمعرض الخرطوم الدولي والذي تنظمه جمعية فلاحة ورعاية النخيل السودانية تحت شعار "التمور ومصنعاتها وجبات شهية في المائدة العربية"، والذي يستمر حتى 24 أكتوبر الجاري. ويتميز مهرجان هذا العام بمشاركة جائزة خليفة الإمارات لنخيل التمور والابتكار الزراعي في المهرجان وذلك لتشجيع وتحفيز المزارعين والعارضين على الإنتاج كما يخلق نوعا من التنافس الشريف. وخلال جولة لموفدة وكالة أنباء الشرق الأوسط داخل أروقة المهرجان، ألتقت بالمدير التنفيذي لجمعية فلاحة ورعاية النخيل السودانية عماد إدريس الذي قال "إننا نسعى من خلال مهرجان النخيل والتمور إلى إشاعة ثقافة زراعة النخيل وسط المجتمع السوداني للنهوض والارتقاء بعمليات الإنتاج إلى جانب لفت أنظار المجتمع التصديري بدول الخليج العربي للإمكانيات الكبيرة للتمور السودانية حيث يتم توجيه الدعوة لممثلي عدد من الشركات الخليجية الكبري العاملة بسوق التمور إنتاجا وتصديرا لحضور المهرجان". وأكد أدريس، على أهمية التمور كقيمة غذائية متكاملة باعتبار أن ثلاث ثمرات من أي صنف يعادل وجبة غذائية متكاملة، داعيا إلى تشجيع الأسر السودانية على إدخال التمور في وجباتهم لتصبح مكونا أساسيا للمائدة. وأوضح أن السودان تحتل المرتبة الثامنة عالميا في مجال زراعة وإنتاج التمور، حيث تم زراعة مليون ونصف المليون نخلة نسيجية والتي تنتج نحو 40 ألف طن سنويا ولكن نسبة التصدير ضئيلة لا تتعدى 5% من الإنتاج. ولفت أدريس، إلى أن زراعة النخيل شهدت تطورا كبيرا خاصة في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى وجود بعض العقبات التي تواجه الصادرات السودانية ومنها جفاف التمر السوداني، وعدم وجود مصانع حديثة لمعالجة وتعليب التمور وأيضا عدم وجود صناعات تحويلية لمحصول التمور لزيادة القيمة المضافة. من جانبها، أكدت الدكتورة فاطمة على أحمد بمركز البحوث الزراعية (مروى): "إننا لدينا العديد من الدراسات التي أثبتت أن شجرة النخيل يمكن زراعتها على نطاق واسع في ولايات السودان المختلفة، وقمنا بإدخال سلالات جديدة نسيجية عربية لما لها من ميزة رطبة وذات إنتاجية عالية من السعودية والإمارات تم استجلابها". وأكدت أن هناك تنسيقا للجهود بين السلطات الرسمية والشعبية من أجل تشجيع زراعة النخيل والاهتمام بها وزراعة النخيل والاهتمام بأنواع التمور والعمل على الاستفادة منهاوا واستغلالها الاستغلال الأمثل لدعم الاقتصاد. بدورها، أكدت نادية سعيد مدير إدارة العلاقات والإعلام بالمجلس الزراعي السوداني، أن تربة السودان ملائمة لزراعة النخيل وهي التربة جيدة التهوية والصرف وأن يكون القوام ملائما لنمو الجذور وتحتوي على العناصر الغذائية الضرورية ووجود المادة العضوية والرطوبة المناسبة. وأضافت أن زراعة النخيل في السودان تتركز في ثلاث ولايات رئيسية هي الولاية الشمالية، وولاية نهر النيل، وولاية شمال دارفور، حيث تتوافر بهم نحو 4ر81% من إجمالى أشجار النخيل في السودان، فيما تتوزع النسبة الباقية على ولايات الخرطوم، والجزيرة،كسلا، والبحر الأحمر. وقال أسامة الزمراوى من ولاية نهر النيل وأحد المشاركين في المهرجان "إنه مشارك بأربعة أصناف عالمية بالمعرض حيث لديه أكثر من 1500 نخلة بمزرعته"، معددا أهمية النخل وقال "إنه ليس له أي نفايات فبعد استخدام التمر، يستخدم في أسقف والجريد والأقفاص والسلال والحصر والمراوح، ومن ليفها صنعوا الحبال والمكانس اليدوية، أما نوى البلح فاستخدموه علفًا للإبل". ويشتهر النخيل في مصر والسعودية وسلطنة عمانوالإمارات والعراق وسوريا والجزائر وليبيا وتونس والمغرب والسودان وإيران، ويمتلك الوطن العربي 90% من نخيل العالم، حيث زرع النخيل على ضفاف نهري دجلة والفرات ومدينة البصرة وواحتي القطيف والأحساء منذ قديم الزمان، إلا أن الصورة الآن مختلفة ومؤلمة بسبب إهمال هذه الشجرة الكريمة خلال السنوات العشرين الأخيرة من القرن العشرين. والنخلة ذاتها صديقة البيئة لأن جميع مخلفاتها يستفيد منها الإنسان ففوائدها كثيرة خلاف ثمرها حيث يصنع من أليافها الحبال ومواد حشوة الأثاث، ومن أوراقها الزنابيل والقفف والقبعات الشعبية، ومن جريدها تصنع السلال وأوعية نقل الفواكة والخضراوات والأثاث الخفيف مثل الكراسي والأسرة، ومن نوى التمر تستخرج زيوت وتستخدم البواقي كعلف للحيوانات، وجذع النخلة المقطوعة يستخدم لتسقيف المنازل الريفية وكدعامات. يشار إلى أن النخل يتحمل العطش وملوحة الأرض ويزرع على شكل خطوط مستقيمة يستفاد منها في توفير الظل لفسحة الأرض تحتها لزراعة الحمضيات والخضراوات.