أحيا مئات الآلاف من الشيعة، أمس الأربعاء، ذكرى عاشوراء عند مرقد الإمام الحسين في مدينة كربلاء، وسط العراق، التي اتشحت بالسواد وسط إجراءات أمنية مشددة، ينفذها نحو 30 ألف عنصر من قوات الأمن. واستقبلت كربلاء، حيث مرقد الإمام الحسين وأخيه العباس، خلال الأيام الماضية مئات الآلاف من الزوار بينهم عرب وأجانب وآخرون من مختلف مناطق العراق، وقال مسئول الشعائر الحسينية في مرقد الإمام الحسين رياض السلمان، لوكالة «فرانس برس»، إن أكثر من مليون و200 ألف زائر شاركوا في إحياء العاشر من محرم بكربلاء. ومارس آلاف الزوار الليلة قبل الماضية اللطم والضرب بالسلاسل، تزامنًا مع أناشيد تحكى قصة الإمام، حول المرقد، وعند الصباح بدأت مجاميع من الزوار بممارسة الضرب بالسيف على الرءوس، فيما جلست حشود هائلة بينهم نساء وأطفال منذ الصباح الباكر، حول مرقد الإمام الحسين للاستماع إلى قصة «واقعة الطف» عبر مكبرات صوت نشرت حول المرقد. ويقوم أغلب الزوار الذين ارتدوا ملابس سوداء، باللطم على الصدور وضرب الرءوس والبكاء خلال سماعهم القصة، كما رُفعت رايات إسلامية أغلبها سوداء فوق المبانى فى كربلاء تعبيرًا عن الحزن في ذكرى مقتل الإمام الحسين. في غضون ذلك، واصلت قوات أمنية تنفيذ خطة واسعة لحماية الزوار من أى تهديد، وقال اللواء الركن قيس خلف رحيمة، قائد عمليات الفرات الأوسط: «نفذنا خطة أمنية من خلال استنفار لقوات من الجيش والشرطة والحشد الشعبي ومشاركة ألفي متطوع بينهم 600 امرأة، لحماية الزوار». وشاركت طائرات مروحية وأخرى مسيرة في مراقبة تطبيق الخطة ومراقبة المناطق الصحراوية غرب كربلاء. وأكد «رحيمة»: «ستواصل قواتنا الأمنية تنفيذ الخطة حتى بعد انتهاء مراسم الزيارة بهدف حماية الزوار وتنظيم مغادرتهم من كربلاء». واكتظت شوارع كربلاء، التى غطاها السواد حزنًا على مقتل الإمام، بالزوار الذين جاءوا من دول مختلفة عربية وأجنبية ومناطق متفرقة في العراق. واعتبر بعض الزوار إحياء هذه الذكرى المؤلمة رسالة للسياسيين العراقيين، فيما أكد آخرون أنها تشكل تحديًا للإرهاب. وقال كريم حسين، 40 عامًا، من أهل البصرة إن «إحياء ذكرى الإمام الحسين رسالة إلى السياسيين من أجل أن يصلحوا أنفسهم لأنه انتفض وثار ضد حكام فاسدين». وانتهت المراسم، ظهر أمس الأربعاء، بعد «ركضة طويريج»، أحد طقوس إحياء هذه الذكرى، والتى شارك فيها مليونا زائر. وقطع المشاركون في هذه الشعيرة مسافة خمسة كيلو تنتهى عند مرقد الإمام الحسين، وقاموا بإحراق خيم قرب المرقد مشابهة لتلك التى كانت تجمع عائلة الإمام لاستذكار ما فعل جيش يزيد بن معاوية فى «واقعة الطف». وكانت السلطات المحلية في كربلاء أعلنت عطلة رسمية في المحافظة اعتبارًا من الثلاثاء الماضى وحتى اليوم الخميس بهدف تنظيم الزيارة. وفي دول أخرى، أحيا الشيعة أيضا ذكرى عاشوراء وخصوصًا في إيرانولبنان، لكن في أفغانستان كانت المراسم دامية حيث وقع اعتداءان في مسجدين، أمس الأول الثلاثاء، ما أسفر عن 16 قتيلا على الأقل. واتخذت المراسم طابعا سياسيا في لبنان، حيث أكد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن مئات الآلاف من المقاتلين اليمنيين سينتصرون ضد السعودية التى تقود تحالفًا عربيًا يشن غارات ضد الحوثيين في اليمن. وقال «نصر الله»، أمام الآلاف من مناصريه في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله: «في اليمن مئات الآلاف من المقاتلين الشجعان الصابرين الصامتين الذين لا تخيفهم لا الجبال ولا الصحارى، قاتلوا أكثر من سنة ونصف السنة وما زالوا يقاتلون». ويحيى الشيعة «واقعة الطف»، حيث قتل جيش الخليفة الأموى يزيد بن معاوية الإمام الحسين «ثالث الأئمة المعصومين لدى الشيعة الاثنى عشرية» مع عدد من أفراد عائلته عام 680 ميلادية، ويمثل الحادث الأكثر مأساوية في تاريخهم.