تشهد الأسواق المحلية بمحافظة الأقصر، أزمة كبيرة تتمثل في نقص سكر التموين والذي يتم صرفه ضمن المقررات التموينية وعدم توافره بالأسواق وارتفاع سعر المعروض منه، وذلك بسبب قلة وجود الكميات المقررة لمعظم منافذ صرف السلع المدعمة وبدالي التموين وسط حالة استياء من المواطنين. ودخلت الأزمة منعطفا خطيرة في الأقصر، وإن لم تكن مثل باقي المحافظات، جيث أنه بعد تأخر وصول الحصص المقررة من السكر للبدالين التموينيين بأكملها، ومنعت سلاسل بيع السلع الغذائية المواطنين من شراء أكثر من 2 كيلو سكر بسعر 5 جنيهات، نظراً لوجود أزمة منذ الشهر الماضي، فيما وصل سعر الكيلو بالأسواق الحرة من 7 إلى 10 جنيهات. وشكا المواطنون من جشع التجار الذين لجئوا إلى إخفاء السلعة وتخزينها لمنع تداولها بغرض رفع سعرها، فيما أكدت وزارة التموين أنها ستضخ 50 ألف طن سكر عبر سياراتها المتنقلة بمختلف محافظات الجمهورية. ويرى خبراء اقتصاديون، أن أزمة السكر مصطنعة، وتقع تحت سمع وبصر الحكومة، منذ بداية توريد محصول قصب السكر في يناير الماضي، وذلك بسب فتح بوابة استيراد السكر الأبيض ليحقق للمستوردين، والتجار مكاسب وأرباحًا خيالية على حساب الشركات الحكومية والصناعة الوطنية . كما أن السكر المحلي أصبح في حالة تكدس بمخازن ثمانية مصانع حكومية من بينها مصنع سكر أرمنت بالأقصر، لعدم استطاعة المصانع بيع المخزون لإغراق الأسواق المحلية بالسكر المستورد واحتكار مافيا التجار السلعة، بجانب عدم وجود سيولة مالية لمصانع السكر لإعطاء المزارعين مستحقاتهم المالية. وقال "إبراهيم الأمير"، أحد بدالين التموين، أن البدالين لم يتسلموا حصتهم الكاملة من السكر، الأمر الذي يجبر البدالين على عدم صرف سوى كيلو أو 2 كيلو سكر لكل مواطن. ويقول "سيد علي"، صاحب محل بقالة، إن سعر السكر ارتفع إلى 7 جنيهات بدلًا من 5 جنيهات، وكذلك وصلت سعر الشكارة إلى 70 بدلًا من 43، مُضيفًا أنه توجد أزمة في توافر السكر لدى تجار الجملة، مما يرفع من سعره طبقًا لقانون العرض والطلب . مضيفا "بقى لى شهر مش باجيب سكر بسبب جشع التاجر الكبير بتاع الجملة" مضيفا إن الزبائن يسألون يوميا عن السكر، ونرد لا يوجد سكر منذ أكثر من شهر ولا توجد بشائر في حل الأزمة. كما أرجع "ياسر محمود"، تاجر، أن ارتفاع الأسعار لعدم وجود اكتفاء ذاتي من إنتاج السكر المحلى، ما يضطر الدولة للاستيراد من الخارج، مُشيرًا إلى أنه في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار، أثر ذلك على زيادة سعر السلع المستوردة فضلا عن جشع بعض تجار الجملة وتلاعبهم بالأسواق، وتخزينهم كميات السكر بهدف تعطيش السوق، وبيعها بالسوق السوداء لتحقيق أرباح مضاعفة. وقال "عبد الراضي عبده"، محقق قانوني: "كنا مستبشرين خير في وزير التموين الجديد ولا نريد مزيدا من الأزمات، إلى أن بدأت ظاهرة اختفاء السكر من السوق تطفو على السطح، وأصبحت طاحنة وتفاقمت وسعر الكيلو الحر وصل 10 جنيهات والتموين بتصرف كيلو واحد للأسرة بدل من 4 على البطاقة المكونة من 4 أفراد. وتعجب الرجل من وجود الأزمة رغم تأكيد الدولة في وقت سابق على وجود مخزون من السكر يكفي لنهاية العام، مناشدا الحكومة بتشديد حملات الرقابة التموينية على التجار الذين يحتكرون السلعة لتحقيق أرباح مضاعفة لضبط الأسعار وعدم تلاعبهم بها. وناشد "أحمد إدريس" عضو مجلس النواب ببندر الأقصر، التجار بعدم افتعال الأزمات والتعاون من أجل خدمة المواطن الأقصري وطالبهم بعدم استغلال وجود نقص في سلعة معينة لزيادة السعر، كما طالب الحكومة بالمبادرة بشراء كميات وضخها في السوق لمواجهة تلك الأزمات وقيام مباحث التموين والجهات المختصة بفرض مزيد من الرقابة على مراكز البيع بأزيد من السعر . ومن جانبه، قال "عبدالمنعم السباعي"، وكيل وزارة التموين، إن الأقصر نجحت في التعامل مع أزمة نقص السكر في الأيام الأخيرة بشكل جيد، وتم توفير كميات كبيرة منه من المخزون، للقضاء على النقص لدى بدالي التموين . لافتا إلى أن المحافظة تسلمت 8 أطنان سكر، ضمن مبادرة "الشعب يأمر"، برعاية المحافظ "محمد بدر" لتوزيعها على مراكز المحافظة السبع، بسعر 5 جنيهات للكيلو الواحد مشيرا إلى إنه تم توزيع السكر للمدن الأتية، طن للأقصر، و2 لإسنا، وطن لأرمنت، وطن لطيبة، وطن للزينية، وطن لمدينة الطود، وطن للبياضية، وذلك في إطار تخفيف العبء عن كاهل الأسرة ورفع المعاناة عن المواطنين ومحاولة لكسر جشع بعض التجار . وطالب السباعي، بعدم تهويل الأمر عن وجود أزمة في السكر، موضحًا أن الموضوع عبارة عن إشاعات يثيرها التجار، الذين يقومون بتخزين كميات السكر لبيعها بأسعار مضاعفة في السوق السوداء، مشيرًا إلى قيام المديرية بدورها بشن الحملات الرقابية لمتابعة الأسواق، وتحرير المحاضر للتجار المخالفين والاطمئنان على توافر في جميع المنافذ بأسعار مناسبة . فضلًا عن ضح كميات كبيرة في الأسواق محذرا المواطنين من استبدال نقاط السكر المخصصة بالتموين بسلع أخرى، لافتًا إلى أن التجار يعيدوا تعبئة السكر مرة أخرى، لبيعه في السوق السوداء بأسعار أغلى. فيما شنت شرطة مباحث التموين بالأقصر بقيادة العقيد "محمد فاضل" وبإشراف اللواء "زكي مختار" مدير إدارة البحث الجنائي، حملات موسعة خلال الأيام الماضية استهدفت القضاء على مافيا السوق السوداء وضبط التجار القائمين على تخزين السلع الإستراتيجية والحيوية، بهدف إعادة بيعها للمستهلك بأسعار مرتفعة. وأسفرت الحملات عن ضبط كميات سكر مدعم تم تجميعها دون فواتير أو مستندات تفيد مشروعية حيازتها بقصد بيعها بالسوق السوداء بهدف التربح من المال العام وحجبها عن التداول بالأسواق. من جانبه، أكد "رشدى عرنوط"، نائب رئيس جمعية منتجي قصب السكر بالصعيد، أن سبب ارتفاع أسعار السكر في الأسواق المحلية، هو تراجع المساحات المنزرعة من المحصول من 330 ألف فدان إلى 280 ألف فدان، مما أدى إلى قلة الإنتاج بالإضافة إلى عدم رفع طن قصب السكر من 400 جنيه ل500 جنيه. وأكد أن تأخر صرف مستحقات التوريد من شهر مايو حتى منتصف أغسطس، أدى إلى تراجع المساحات المزروعة، وعزوف الفلاحين عن زراعته، بالإضافة إلى فتح باب الاستيراد، دون النظر إلى المخزون المحلى في المصانع. وكان اللواء "محمد على مصيلحي"، وزير التموين والتجارة الداخلية، أكد أن الوزارة ستقوم بضخ 50 ألف طن سكر إلى المواطنين عبر سياراتها المتنقلة بمختلف محافظات الجمهورية، وكشف أن تمركز السيارات سيكون بالميادين الرئيسية أولاً، على أن يتم نشرها بعد ذلك بالمراكز والقرى الأكثر احتياجاً وذلك بالتزامن مع ضخ كميات كبيرة من السكر بالمجمعات الاستهلاكية والمنافذ التابعة للوزارة والتي يصل تعدادها إلى 4400 منفذ ومجمع استهلاكي موزعة بالمحافظات كافة بالإضافة إلى أعداد كبيرة من السلاسل التجارية تم الاتفاق معها لبيع السكر للمواطنين بسعر 5 جنيهات للكيلو.