الأغنية الوطنية.. عندما هُزِم العدو بالكلمة واللحن والمزيكا

استمر الدور الرائع للأغانى الوطنية طوال عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر مجسدة إنجازاته، سواء قبل هزيمة يونيو وما بعدها خلال حرب الاستنزاف، واستمر ذلك مع تولى السادات الحكم فى فترة هى الأصعب فى تاريخ مصر، لتلعب الأغنية الوطنية دورا رائعا فى تعبئة وشحذ همم المصريين خلال تلك الفترة.
ومنها «خللى السلاح صاحى، فدائى»، ويستمر ذلك خلال حرب أكتوبر حيث خرجت إلى النور بعض من أروع الأغانى الوطنية التى خلدت بطولات رجالنا فيها، ومنها «بسم الله.. الله أكبر، تعيشى يا ضحكة مصر»، وأم البطل التى غنتها الفنانة الراحلة شريفة فاضل، والتى طلبت من صديقتها الشاعرة نبيلة قنديل أن تكتب أغنية عن أم بطل، لأنها كانت ترغب فى أن تصل الأغنية لكل أمهات الشهداء الذين شاركوا فى حرب أكتوبر، فدخلت الشاعرة نبيلة غرفة الشهيد ابن شريفة فاضل، لعدة دقائق، ثم خرجت وفى يدها ورقة بكلمات الأغنية، وكان زوج الشاعرة الملحن على إسماعيل موجودًا، فأخذ الكلمات وتوجه إلى منزله، وعاد فى اليوم التالى بلحن الأغنية.
توجهت شريفة فى اليوم الثالث إلى ماسيرو لتسجيل الأغنية، ومجرد أن غنت المقطع الأول، سقطت من شدة التأثر، وتكرر هذا الموقف عدة مرات، حتى سمعت المطربة فايزة أحمد التى كانت موجودة بالاستوديو مصادفة، وقالت لها «لو مش قادرة تغنيها.. بتغنى ليه؟!»، وقالت شريفة فاضل إن هذا الجملة زادت من إصرارها وتماسكت وقررت أن تسجلها من أول مرة دون توقف، وقد كان.. ولم يستغرق تسجيلها أكثر من ساعات.
حكايات النصر لم تقف عند أم البطل شريفة فاضل، ففى صباح يوم السادس من أكتوبر ذهبت الفنانة سعاد حسنى إلى الإذاعى الكبير وجدى الحكيم وقتها، وطلبت منه أن تغنى إحدى الأغنيات وهى «دولا مين ودولا مين»، وهى الأغنية التى لحنها الموسيقار كمال الطويل، وحينها سألها الحكيم لها أين الشاعر؟ هنا دخل إلى المكتب الشاعر أحمد فؤاد نجم وقال: «أنا أرسلت سعاد حسنى لأننى لو حضرت سوف ترفض الكلمات لأنك لا تحبنى»، فقال له وجدى الحكيم: «لا.. أنا بحب الكل»، وهنا قال الشاعر: «إذن أنا فهمت غلط، وسجلت سعاد حسنى الأغنية»، وهى الفترة التى كان هناك بعض التعليمات الأمنية لحجب أغانى نجم «الفاجومى». الأغنية الوطنية بعد حرب أكتوبر أخذت منحى آخر، وهى فترة الانفتاح الاقتصادى وإعادة فتح القناة بعد إغلاقها بسبب الحرب، ليتواصل دور الأغنية الوطنية عقب ذلك منذ سنوات وحتى الآن، حيث جسدت فى الآونة الأخيرة صورة مصر بعد ثورة 30 يونيو، كذلك منجزات عديدة من ضمنها افتتاح قناة السويس الجديدة.