سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العالم يحيي اليوم الدولي للمسنين تحت شعار "اتخاذ موقف ضد التمييز.. ضد كبار السن".. 900 مليون شخص تجاوزوا ال 60 خلال 2015.. و5.8 % من سكان الأرض فوق ال 65
يحيي العالم اليوم الدولي للمسنين 2016 تحت شعار "اتخاذ موقف ضد التمييز ضد كبار السن"، ويهدف الاحتفال هذا العام إلى لفت الأنظار إلى الصور النمطية السلبية والمفاهيم الخاطئة حول كبار السن والشيخوخة وتحديها، حيث تنتشر مواقف التمييز الضارة ضد كبار السن على نطاق واسع من خلال الإفتراض أن إهمال كبار السن وسوء معاملتهم مقبولة اجتماعيا. إن التمييز ضد كبار السن هي حقيقة واقعة وتأخذ أشكالا مختلفة في جميع المجتمعات، من خلال التعبير عنها في مواقف الأفراد والممارسات المؤسسية والسياسية، فضلا عن النظر اليها في وسائل الإعلام والتي تقلل من قيمة واستبعاد كبار السن. ففي عام 2014، اعتمدت الحكومات في جميع أنحاء العالم قرارا في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والذي يعترف بالتمييز ضد كبار السن على أنه "المصدر المشترك للمبررات والقوة الدافعة وراء التمييز على أساس السن." وبحسب احصائيات هيئة الأممالمتحدة يعيش حاليا في العالم نحو 900 مليون شخص تجاوزوا ال 60 سنة خلال عام 2015، وسيصل عددهم بحلول عام 2050 إلى ملياري شخص أي سيشكلون أكثر من 20% من سكان المعمورة. وبحلول عام 2050، من المتوقع أن تتضاعف نسبة من يبلغون سن 65 فما فوقها في العالم من 10% إلى 20%، وحينئذ، سيعيش 80% من كبار السن في العالم قرابة 1.3 مليار نسمة في بلدان منخفضة الدخل. وطبيعي أن المشاكل الأساسية المرتبطة بتقدم السكان في العمر تمس قبل كل شيء مسألة تطوير وتنمية البلاد، وهي الآن أصبحت ذات أهمية أكبر في البلدان النامية، ذلك أن وتيرة إزدياد عدد المسنين في هذه البلدان النامية وخاصة في آسيا وأفريقيا هي أسرع منها في البلدان المتقدمة. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد حددت بموجب القرار 106/45 في ديسمبر 1990، الأول من أكتوبر يوما دوليا للمسنين، والهدف من هذا القرار كان جذب اهتمام المجتمع إلى مشاكل الأشخاص الذين هم في مرحلة الشيخوخة من كلا الجنسين. وقد سبق ذلك مبادرات مثل خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة التي اعتمدتها الجمعية العالمية الأولى للشيخوخة في عام 1982، وأيدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد ذلك، كما اعتمدت الجمعية بموجب القرار 46/91 مبادئ الأممالمتحدة المتعلقة بكبار السن في 16ديسمبر 1991. وفي عام 2002، اعتمدت الجمعية العامة الثانية للشيخوخة خطة عمل مدريد الدولية المتعلقة بالشيخوخة، للاستجابة للفرص والتحديات في ما يتصل بالشيخوخة في القرن ال 21، وتعزيز تنمية المجتمع لكل الفئات العمرية. وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة إلى أن اليوم الدولي لكبار السن فرصة سانحة أمامنا لاتخاذ موقف من معضلة التمييز ضد كبار السن المدمرة، ورغم أنه يقال كثيرا إن كبار السن يحظون باحترام خاص، إلا أن الواقع يدل على أن عددا كثيرا جدا من المجتمعات تضع العوائق أمامهم بحرمانهم من الحصول على الوظائف ومن الاستفادة من القروض والخدمات الأساسية. وأضاف مون إن تهميش كبار السن وتبخيس قيمتهم له آثار جسيمة، إذ ينجم عن ذلك النيل من قدرتهم الإنتاجية والحط من قيمة خبرتهم في صفوف القوة العاملة وفي مجال العمل التطوعي والعمل المدني، ويؤدي في الوقت نفسه إلى تقييد قدرتهم على تقديم الرعاية والدعم المالي وغير المالي إلى الأسر والمجتمعات المحلية، ويتقاطع التمييز ضد كبار السن في أحيان كثيرة مع أشكال أخرى من التمييز القائم على أساس نوع الجنس والعرق والإعاقة وغير ذلك من الأسس، مما يزيد من تفاقم وتشديد مضاعفاته. وأشار إلى أن القضاء على التمييز ضد كبار السن وكفالة حقوق الإنسان الواجبة لهم ضرورة حتمية أخلاقية وعملية، فالخطر المحدق شديد ومتزايدن ذلك أن عدد سكان العالم من كبار السن يتوقع أن يرتفع عما يزيد عن 900 مليون نسمة في عام 2015 ليبلغ 1.4 مليار نسمة بحلول عام 2030 و2.1 بليون نسمة بحلول عام 2050 الذي سيتساوى فيه إجمالا عدد كبار السن وعدد الأطفال دون سن الخامسة عشرة. وأدان مون التمييز ضد كبار السن بجميع أشكاله، ودعا إلى اتخاذ التدابير لمعالجة هذا الشكل من انتهاكات حقوق الإنسان ونحن نسعى إلى الارتقاء بالمجتمعات لما فيه صالح الجميع دون تمييز في الأعمار، وذلك ما يتطلب تغيير الصورة المرسومة عن كبار السن والنظرة الموجهة لهم، بالكف عن اعتبارهم عبئا ووضعهم موضع التقدير لما يقدمونه من إسهامات إيجابية في أسرتنا البشرية. كما دعا مون أيضا إلى توفير مزيد من الضمانات القانونية لمعاملة المسنين على قدم المساواة مع غيرهم والحيلولة دون تجسيد التمييز ضد كبار السن في سياسات وقوانين ومعاملات تمييزية. وحث مون الجهات التي تتولى رسم السياسات على تجميع بيانات وإحصاءات أفضل نوعية بشأن صحة كبار السن ووضعهم الاقتصادي ورفاههم على العموم من أجل التصدي لشواغلهم بطريقة أفضل. وقال:"كلي أمل بأن نمعن التفكير جميعا في مواقفنا المتحيزة وأن ننظر في سبل القيام كأفراد بمكافحة التمييز ضد كبار السن". وأضاف:"أننا لدينا لهذا الغرض خريطة طريق واضحة من أجل التغيير هي خطة التنمية المستدامة لعام 2030، فهذه الخطة النيرة، بما تتضمنه من أهداف التنمية المستدامة، تشدد على مبدأ الشمولية وعلى المساواة وتعد بألا يخلف الركب أحدا وراءه، وكبار السن يحدثون التغيير ويستفيدون منه في آن واحد، وبإحراز التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يمكننا أن نعبئ ما يتمتع به جميع كبار السن من مواهب وطاقات وخبرات كبيرة في سبيل تنفيذ تلك الخطة، فلنحتفل باليوم الدولي لكبار السن بالتصميم بقوة على رفض جميع أشكال التمييز ضد كبار السن والعمل على تمكين كبار السن بغية تحقيق إمكاناتهم ونحن نعمل من أجل الوفاء بتعهدنا بتهيئة حياة كريمة تكفل فيها حقوق الإنسان للجميع". وذكرت دراسة أمريكية نشرت حديثا إلى أن عدد المسنين الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاما سيتضاعف بحلول عام 2050 فيما تتسارع الزيادة في عدد المسنين في جميع انحاء العالم. وجاء في التقرير الذي أصدره مكتب إحصاء السكان في الولاياتالمتحدة أن سكان العالم يشيخون بوتيرة غير مسبوقة، إذ تبلغ نسبة المسنين الذين تجاوز أعمارهم ال 65 الآن 8، 5 % من مجموع سكان العالم، أي أكثر من 600 مليون نسمة. وإذا استمر هذا النهج، سيكون 17% من سكان العالم أو 1، 6 مليار نسمة من المسنين بحلول عام 2050. وقال ريشارد هودز مدير المعهد الوطني الأمريكي للمعمرين، إن الناس يعيشون لفترات أطول، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أن صحتهم أفضل. وأضاف هودز، إن الزيادة في نسبة المسنين تقدم العديد من الفرص ولكنها تقدم أيضا العديد من التحديات للصحة العامة ينبغي التحوط لها. ومن المتوقع أن يرتفع معدل العمر بحلول عام 2050 بواقع 8 سنوات تقريبا، من 68، 6 سنوات في 2015 إلى 76، 2 سنوات. ومن المتوقع أن يتضاعف عدد كبار المسنين الذين تجاوز أعمارهم ال 80 ثلاث مرات بين عامي 2015 و2050، من 126، 5 مليون نسمة إلى 446، 6 مليون نسمة في الفترة نفسها. ويتزايد اهتمام الرأي العام منذ أوائل الثمانينات بمسألة سوء معاملة كبار السن، والشيخوخة هي إحدى الوسائل التي يحرم كبار السن بواسطتها من حقوق الإنسان أو تنتهك عن طريقها تلك الحقوق، ويحدث أن تتحول الصور النمطية السلبية لكبار السن وإساءة معاملتهم إلى قلة اهتمام المجتمع بهم، بما في ذلك خطر التهميش، والحرمان من تساوي الفرص ومن الموارد ومن الاستحقاقات. ويؤدي التمييز على أساس السن في العمل إلى استبعاد العمال المسنين من العمالة النظامية، وتؤثر القيم الثقافية فيما يتصل بالسن ونوع الجنس على درجة التمييز ضد المسنين في الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والمجتمعية، وقد تنجح النظم القانونية والقضائية أو تفشل في مقاومة الضغوط التعويضية لحماية حقوق المسنين. ويمكن تعريف إساءة معاملة المسنين بأنها "القيام بفعل واحد أو فعل متكرر أو عدم اتخاذ الإجراء المناسب داخل أية علاقة يتوقع فيها وجود الثقة مما يؤدي إلى إصابة الشخص المسن بضرر أو كرب". ويمكن أن تتخذ إساءة معاملة المسنين أشكالا مختلفة، مثل إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو العاطفية أو الجنسية أو المالية، ويمكن أن تحدث كذلك نتيجة إهمال متعمد أو غير متعمد. وفي كثير من مناطق العالم تحدث إساءة معاملة المسنين ولا يتم الاعتراف بها أو التصدي لها إلا في حالات قليلة، وكانت هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة حتى الآونة الأخيرة مخفية عن أعين الجماهير وتعتبر من المسائل الشخصية، ولا تزال هذه الظاهرة حتى اليوم من الأمور المسكوت عنها، والتي تستهين بها المجتمعات وتتجاهلها في شتى ربوع العالم، غير أن البينات تتراكم حاليا وتشير إلى أن إساءة معاملة المسنين باتت من المشكلات الصحية العمومية والاجتماعية المهمة. وإساءة معاملة المسنين من المشاكل الموجودة في البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء، ولكنها أيضا من المشاكل التي لا يبلغ عنها بقدر كاف على الصعيد العالمي. ولا توجد معدلات انتشار هذه الظاهرة أو التقديرات الخاصة بها إلا في بعض البلدان المتقدمة وهي تتراوح بين 1% و10%. ورغم أن حجم هذه المشكلة لا يزال مجهولا، فإن أهميتها الاجتماعية والأخلاقية واضحة كل الوضوح، وهي تقتضي بالتالي استجابة عالمية متعددة الجوانب تركز على حماية حقوق المسنين. وقد حددت معدلات انتشار العنف وسوء المعاملة في بعض السياقات. وخلصت بعض الدراسات إلى أن الرجال والنساء يتعرضون إلى نفس القدر من سوء المعاملة، في حين خلصت دراسات أخرى إلى أن النساء يتعرضن إلى سوء المعاملة أكثر من الرجال. وخلصت دراسات أجريت في سياقات أكثر نموا، بما في ذلك الدراسات الاستقصائية الوطنية وغير الوطنية المجتمعية (مثلا في استرالياوكندا والمملكة المتحدة وأيرلندا الشمالية) إلى أن نسبة كبار السن الذين أبلغ عن تعرضهم لسوء المعاملة أو الإهمال تتراوح من 3 إلى 10%. وذكرت أن أكثر أشكال سوء المعاملة انتشارا في السياقات المجتمعية والمنزلية في كندا هو الإهمال. ويمثل الإهمال 55% من حالات سوء المعاملة التي أبلغ عنها، في حين يمثل سوء المعاملة البدنية 15%، والاستغلال المالي 12%. ولا يعرف الكثير عن التغير الذي يحدث في سوء معاملة كبار السن بمرور الزمن. كما أجريت دراسة بشأن الإساءة والصحة للمسنين في أوروبا بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم ما بين 60 و80 سنة في 7 دول أوروبية وهي: ألمانيا، اليونان، إيطاليا، ليتوانيا، البرتغال، إسبانيا، والسويد. وأشارت الدراسة إلى أن 19.4% من المسنين يعانون من الإساءة النفسية و2.7 % يعانون من الإساءة البدنية، و7. 0 % يعانون من الاعتداء الجنسي، و3.8 % يعانون من سوء المعاملة المالية، و0.7 % من الإصابات، وقد حدث الإيذاء النفسي بشكل كبير في السويدوألمانيا أكثر من بقية الدول، وسوء المعاملة المالية حدث أكثر في كل من البرتغال وإسبانيا. وفي دراسة لعام 2014 بشأن انتشار العنف والإساءة ضد النساء كبيرات السن، وجد أن 28.1% من النساء عانت شكل من أشكال العنف أو الإساءة أثناء 12 شهرا الأخيرة، وقد أجريت هذه الدراسة في البرتغال وبلجيكا وفنلندا والنمسا وليتوانيا بين النساء عددهن 2880 امرأة تتراوح أعمارهم ما بين 60 و97 سنة. كما أظهرت تقارير منظمة الصحة العالمية في أوروبا، والتي أجريت في النمسا على يد 247 خبيرا من المراكز والمكاتب البحثية الاستشارية بشأن الاعتداء والعنف والشدة ضد كبار السن أن 26 % من حوادث الاعتداء على كبار السن مركز بشكل كثير أو كثير جدا في مشكلات العنف في البيئات الخاصة (الأسر والجيران )، تليها 12% في المنازل والمؤسسات أو الأماكن العامة، وقضايا التوتر وإرهاق كاهل مقدمي الرعاية في 85% من المؤسسات غير الرسمية. كما استخدمت فرنسا أسلوب المكالمات التي يتلقاها خط أو مركز نجدة كبار السن الوطني للذين يتعرضون إلى سوء المعاملة والإصابة الفعلية، وأفاد أنه في عام 2011 هناك 3850 حالة متعلقة بكبار السن التي تم علاجها عبر خط النجدة، وأن 75% من المسنين كانوا يعيشون في المنزل لوحدهم، ومن هذه النسبة تشير الأرقام إلى أن 5% من هؤلاء المسنين أعمارهم تتراوح 65 سنة، و15% منهم أعمارهم تتراوح 75 سنة والذين تقدر نسبتهم نحو 600 ألف نسمة في فرنسا. وفي جمهورية أيرلندا بلغت نسبة عدد من تتراوح أعمارهم 65 سنة فما فوق هي 468 ألف نسمة حسب البيانات الصادرة من مركز كبار العمال لحماية كبار السن، وأن زيادة عدد الحالات هي انعكاس لحملة التوعية المصاحبة من الناس الذين يطلبون المساعدة من مركز كبار العمال. وفي حين أشارت دراسة أجراها المركز الوطني لحماية كبار السن من سوء المعاملة والإهمال في أيرلندا إلى أن هناك أكثر من 10 آلاف عامل تعرضوا للإساءة في العام الماضي، كما سلط التقرير الضوء على عدم التبليغ عن الإساءة في أغلب أماكن العمل. وأوضح التقرير أنواع الإساءة في أيرلندا كما يلي: إساءة بدنية وبلغت 12% ؛ اعتداء جنسي 2% ؛ إساءة نفسية 35% ؛ إساءة مالية 23% ؛ الإهمال 19% ؛ الإهمال الذاتي 4% ؛ التمييز 1% ؛ أخرى 4%. وحسب البيانات الموجودة مثل تلك الموجودة في أيرلندا تشير إلى أن أغلب حالات الإساءة تعود إلى الأبناء والبنات وغيرهم من أقارب المسنين، وفي بعض حالات الإساءة المعتدون هم أنفسهم من كبار السن مثل الزوجين. وأشار التقرير إلى أن الأشخاص الذين أساءوا إلى كبار السن في أيرلندا حيث يمثل الابن أو الابنة نسبة 44% ؛ الزوج أو الزوجة 18 % ؛ أحد الأقارب 18 % ؛ الجار5 % ؛ مقدموا الرعاية الصحية 6 % ؛ مقدم خدمة آخر 1 % ؛ متطوع 0.9%؛ آخرون 9 %. وفي الولاياتالمتحدة، أشار المركز الوطني المعني بسوء معاملة المسنين إلى زيادة ب 150% في حوادث سوء المعاملة التي بلغت إلى علم الدوائر الحكومية لحماية الكبار. ومن بين الحوادث التي أبلغ عنها، كان الإهمال أكثر أشكال سوء المعاملة انتشارا، ولوحظت فوارق كبيرة في معدلات سوء معاملة الرجال والنساء، ومسيئو المعاملة معظمهم من الأبناء والبنات الكبار بنسبة 37%، يليهم الأزواج ب 13%، وأفراد الأسرة الآخرون ب 11%. ولا توجد سوى قلة من البيانات عن انتشار سوء معاملة كبار السن في المؤسسات. وخلصت دراسة أجريت في الولاياتالمتحدة إلى أن 36 % من موظفي التمريض أبلغوا أنهم شهدوا حادثا على الأقل من سوء المعاملة البدنية، وأساء 10% منهم معاملة مسنين بدنيا في مناسبة واحدة على الأقل، وأفاد 81% منهم أنهم شهدوا حادثا على الأقل من سوء المعاملة النفسية، واقترف 40% منهم سوء معاملة شفوية ضد أحد المقيمين في تلك المؤسسات خلال الشهور ال 12 التي سبقت إجراء الدراسة. ونظرا لقلة ما جمع من بيانات إحصائية عن سوء المعاملة في مناطق أقل نموا، فإن المعلومات عن سوء معاملة كبار السن واستغلالهم وإهمالهم والتخلي عنهم، وهي معلومات جمعت من مصادر غير إحصائية، مثل السجلات الجنائية، والصحافة، وسجلات الرعاية الاجتماعية والدراسات الصغيرة النطاق، لا يمكن اعتبارها ممثلة. ومن بين هذه المعلومات بيانات من الهند تشير إلى أن 40 شخصا من عينة من 1000 نسمة في منطقة ريفية تعرضوا لسوء المعاملة البدنية، في حين أن 20 % من عينة أصغر من 50 شخصا في سن ال 70 أو أكثر يعيشون في مناطق حضرية كانوا ضحية الإهمال في أسرهم المعيشية. وبالمثل، ذكر أن 45 % من عينة حضرية من كبار السن في الأرجنتين تعرضوا إلى سوء المعاملة، وكانت معظم الحالات سوء معاملة نفسية. كما سجلت سوء المعاملة النفسية والبدنية أو المالية 35 % من حالات سوء المعاملة التي أبلغ عنها في دراسة استقصائية في البرازيل، وكانت 65 % منها عنفا اجتماعيا، بما في ذلك ما يعتبره كبار السن معاملة سيئة تجاههم من طرف المجتمع، على أساس السن، لا سيما فيما يتصل بتطبيق القواعد التنظيمية الحكومية. وكشفت دراسة أجرتها منظمة العمل الدولية عام 2015، وحملت عنوان "حماية الرعاية طويلة الأمد للمسنين: استعراض لعجز التغطية في 46 بلدًا"، وشملت 80% من سكان العالم بعمر 65 عاما فما فوق عن وجود عجز شديد في الحماية الاجتماعية المقدمة للمسنين المحتاجين لرعاية طويلة الأمد أي ما يعادل 300 مليون شخص، على رعاية طويلة الأمد هم بأمس الحاجة إليها، بسبب وجود نقص قدره 13.6 مليون عامل في هذه الرعاية في جميع أنحاء العالم. ففي أفريقيا التي ينقصها مليون ونصف عامل في مجال الرعاية طويلة الأجل، لا يحصل أكثر من 90% من المسنين على خدمات هذه الرعاية عندما يحتاجونها. ويلاحظ أكبر عجز بالأرقام المطلقة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إذ يبلغ 8.2 مليون عامل، مما يعني أن 65 % من كبار السن لا يحصلون على رعاية طويلة الأمد. ويفضي سد تلك الفجوات إلى خلق عدد كبير من فرص العمل. وتقول زينيا شايل- أدلانغ منسقة سياسات الصحة في منظمة العمل الدولية وواضعة الدراسة، "نحن نواجه أوجه النقص تلك رغم أن 80 % من الرعاية طويلة الأجل تقدمها الإناث في أُسر المسنين مجانا، وتفوق أعدادهم كثيرا أعداد عمال الرعاية الرسمية طويلة الأمد في جميع البلدان". وأضافت أدلانغ، أن الوضع يتفاقم جراء الانعدام التام لتغطية الرعاية طويلة الأمد في أغلب برامج الحماية الاجتماعية، إذ لا يعيش إلا 5.6 % فقط من سكان العالم في بلدان تؤمن تغطية شاملة للرعاية طويلة الأمد. وفي حين أن أكثر من 48% من سكان العالم غير محميين بتشريعات وطنية للرعاية طويلة الأمد، فإن النسبة المتبقية وهي 46.3 % مستبعدون إلى حد بعيد من تغطية هذه الرعاية بسبب اللوائح الضيقة التي توفرها لأفقر الناس فقط، ما يجبر كثيرين بعمر 65 عامًا فما فوق على تسديد ثمن خدمات الرعاية طويلة الأجل من جيوبهم. وتابعت:"ينعكس هذا الوضع المؤسف على انخفاض الإنفاق العام على الرعاية طويلة الأجل والذي يقل وسطيا عن 1% من الناتج المحلي الإجمالي عالميا. وتشهد أفريقيا أدنى إنفاق عام، إذ تنفق غالبية الدول الأفريقية 0% من ناتجها المحلي الإجمالي على الرعاية طويلة الأمد. أما أكثر الدول إنفاقا على هذه الرعاية فتقع في أوروبا، بيد أن الدول الأوروبية مجتمعة لا تنفق وسطيا عليها إلا 2 % من ناتجها المحلي الإجمالي أو حتى أقل. ونتيجة لذلك، يتعين على المسنين المقيمين في البلدان المتطورة والنامية دفع ما يصل إلى 100 % من الرعاية طويلة الأمد من جيوبهم. وأشارت إيزابيل أورتيز مديرة قسم الحماية الاجتماعية في منظمة العمل الدولية، إلى أن إهمال الاحتياجات المهمة للمسنين واستغلال إناث الأسرة في رعايتهم دون أجر هو نتيجة سنوات عديدة من قصور الاستثمار في حماية الرعاية طويلة الأمد. وسد تلك الفجوات وتأمين تغطية شاملة للرعاية طويلة الأمد يعني احترام حقوق وكرامة كل من المسنين ومقدمي الرعاية لهم، وخلق ملايين فرص العمل. ويشير تجاهل احتياجات الرعاية طويلة الأمد إلى التمييز القائم على السن والنوع الاجتماعي، وهو غالبا ما يعرف باسم "التمييز ضد المسنين"، ويتجلى ذلك في المعاملة المنهجية غير العادلة للمسنين المحتاجين لخدمات الرعاية طويلة الأجل مقارنة بالأشخاص الأصغر سنا ذوي الاحتياجات المماثلة من الرعاية الصحية، وأيضا في تجاهل حقوق المسنين، والغياب الكبير لعمال الرعاية طويلة الأمد، ونقص التمويل العام. كما يتجلى التمييز ضد كبار السن في الخوف غير المبرر المتمثل في الرأي العام السائد بأنه لا يمكن تحمل نفقات الرعاية طوية الأمد، عوضا عن إدراك مكاسب الاستثمار في هذه الرعاية على صعيد خلق فرص العمل وتحسين رخاء السكان. وفيما لا يعتبر التمييز بحسب السن في أغلب الأحيان قضية خطيرة، فإنه يحدث الآثار الاجتماعية والاقتصادية نفسها التي تحدثها الأشكال الأخرى من التمييز، وهذه الآثار هي الفقر والإقصاء وحتى سوء المعاملة والعنف أحيانًا في مراكز تقديم الرعاية طويلة الأجل.