تعتبر رواية دون كيشوت للأديب ميغيل دي سيرفانتس والذي تحل علينا اليوم ذكرى ميلاده أحد أهم الأعمال الأدبية في العالم فاعتبرها الكثيرون بمثابة أول رواية أوروبية حديثة وواحدة من أعظم الأعمال في الأدب العالمي والتي تم ترجمتها إلى العديد من اللغات الأجنبية. ورغم هذا التأثير الذي أحدثته الرواية على معظم دول العالم وأدبها إلا أن هناك دراسات ظهرت تشير إلى أن الأدب العربي لم يتأثر بدون كيشوت بينما ملامح الثقافة العربية هي التي ظهرت جليه في أدب دون كيشوت حيث أنه ولده في فترة قريبة من انتهاء الأندلس "إسبانيا مسقط رأسه" بالإضافة إلى أنه كتبها خلال سجنه في دولة عربية وهي دولة الجزائر، من بينها رسالة الدكتوراة التي أعدها الناقد والشاعر العراقي محسن الرملي. حيث تشير رسالة "الرملي" إلى شخصية مدعي الفروسية التي تحلى بها دون كيشوت لا تُعد مفاجأة للذهنية العربية كما هو الأمر بالنسبة للغرب، مرجعاً السبب فيذلك إلى أن التراث العربي حافل بشخصيات من هذا النوع سميت ب "البهاليل" أو "عقلاء المجانين" وهي شخصيات تدعي الجنون لتقول ما تشاء أمام السلطات القوية، بل وحتى في العصر الحديث حيال الدكتاتوريات حيث التحول إلى مفهوم "الصعلكة" عند العديد من المثقفين والشعراء؛ وفي المقابل تشير الدراسة إلى أن تأثيرات الثقافة العربية والإسلامية كثيرة وعميقة على ثربانتيس وعلى عمله الأهم "دون كيشوت" وتطرقت بالتفصيل لما يتعلق بالتأثيرات التاريخية والأدبية والدينية واللغوية وغيرها، وفي رأيي أن أثر ثقافتنا في "دون كيشوت" أكثر بكثير من أثرها في ثقافتنا. وتدور أحداث الرواية حول شخصية ألونسو كيخانو، رجل نبيل قارب الخمسين من العمر يقيم في قرية في إقليم لامانتشا، وكان مولعًا بقراءة كتب الفروسية والشهامة بشكل كبير. وكان بدوره يصدق كل كلمة من هذه الكتب على الرغم من أحداثها غير الواقعية على الإطلاق. فقد ألونسو عقله من قلة النوم والطعام وكثرة القراءة ويقرر أن يترك منزله وعاداته وتقاليده ويشد الرحال كفارس شهم يبحث عن مغامرة تنتظره، بسبب تأثره بقراءة كتب الفرسان الجوالين، وأخذ يتجول عبر البلاد حاملًا درعًا قديمة ومرتديًا خوذة بالية مع حصانه الضعيف روسينانتي حتى أصبح يحمل لقب دون كيخوتي دي لا مانتشا، ووُصف ب فارس الظل الحزين. وبمساعدة خياله الفياض كان يحول كل العالم الحقيقي المحيط به، فهو يغير طريقته في الحديث ويتبنى عبارات قديمة بما كان يتناسب مع عصر الفرسان. فيما لعبت الأشخاص والأماكن المعروفة دورًا هي الأخرى بظهورها أمام عينيه ميدانًا خياليًا يحتاج إليه للقيام بمغامراته. وأقنع جاره البسيط سانشو بانثا بمرافقته ليكون حاملًا للدرع ومساعدًا له مقابل تعيينه حاكمًا على جزيرة وبدوره يصدقه سانشو لسذاجته. كما يحول دون كيخوتي بمغامراته الفتاة القروية جارته إلى دولثينيا، السيدة النبيلة لتكون موضع إعجابه وحبه عن بعد دون علمها. ترجمت هذه الرواية إلى اللغة العربية في أكثر من بلد عربي وعبر عدد من دور النشر، ولم تراعى كيفية نطق الاسم الصحيحة في أغلب الحالات، فبقي اسمها الأكثر انتشارًا في الوسط العربي هو دون كيشوت.