تعالت الأصوات التى تنادى بضرورة تطبيق «المحاكمات العسكرية» فى عقاب المتسببين فى أزمة غرق «مركب رشيد»، وقتل ما لا يقل عن 159 فردا بينهم أطفال ونساء، وفى مقدمتها موقف النائب «مصطفى بكرى»، الذى طالب بإحالة كل من يرتكب جريمة مشابهة تتسبب فى مقتل عدد كبير من المواطنين للمحاكمة العسكرية، لينال جزاءً عادلا وناجزا يوفر عبرة ل«تجار الدم». واتفق مع «بكرى» حزب «المؤتمر» الذى طالب بضبط تلك العصابات التى تنصب على المواطنين وتقتل الشباب تحت مسمى الهجرة والثراء السريع، وتقديمهم لمحاكمات عسكرية بتهمة قتل مواطنين أبرياء مع سبق الإصرار وتعريض حياتهم للخطر، إضافة إلى تكدير السلم العام. ورفض نواب برلمان تلك المطالب بدعوى مخالفتها للدستور، وأنها تفتح الباب للمحاكمات العسكرية للمدنيين، مطالبين بالقضاء المدني، وسرعة إصدار قانون «الهجرة غير الشرعية» بعقوبات رادعة لهؤلاء السماسرة، وقال النائب هيثم الحريري، القيادى بتكتل «25/30»، إنه يرفض المحاكمات العسكرية للمدنيين بشكل عام إلا فى حالة الخيانة العظمى، والاعتداء على المنشآت العسكرية. وأكد «الحريرى» أن المطالبين بهذا الأمر ليس لديهم بعد نظر فى تقييم الأمور، مشيرًا إلى الخطأ الذى ارتكبه القائمون على تشريع القانون العسكرى وتسببهم فى إحالة مدنيين لأسباب طبيعية للقضاء العسكرى كعمال الترسانة البحرية بالإسكندرية، وعمال محطات الوقود التابعة للقوات المسلحة. وأشار إلى أن الحكومة تتغافل الأسباب الرئيسية المتمثلة فى انعدام مبادئ الحياة الكريمة التى دفعت هؤلاء الشباب والأسر إلى الهجرة بطرق غير شرعية أدت إلى فقدان حياتهم، مؤكدًا أن التفكير فى المحاكمة قبل التدقيق فى الأسباب يعكس فكر متدنى للغاية، منوهًا إلى أن الحكومة المتسببة فى الأوضاع الاقتصادية السيئة هى التى يجب أن تقدم للمحاكمة. ورفض عبدالحميد كمال، عضو مجلس النواب عن حزب «التجمع»، المطالبات بتقديم المتسببين والقائمين على الهجرة غير الشرعية للمحاكمات العسكرية، مشيرًا إلى أن هذا النوع من المحاكمات مختصة بمحاكمة العسكريين فقط، وليس لها علاقة بمحاكمة المدنيين، ولا يجوز الخلط بين اختصاصات كل منهما كما نص عليه الدستور والقانون، لافتًا إلى أن المواطن لا بد وأن يتمتع بقضائه الطبيعى أمام المحاكم المدنية بشرط تكون عدالة ناجزة وسريعة على الذين يقوموا بتجارة الهجرة غير الشرعية. وطالب «كمال» بعدم التوسع فى تطبيق المحاكمات العسكرية حتى لا تصبح الدولة قائمة فقط على العمل العسكرى فى كل المجالات، منوهًا إلى ضرورة النظر إلى الأسباب الحقيقية للهجرة والدافع الأساسى للسفر بمثل هذه الطريقة، موضحًا أن تغليظ العقوبة على المتهمين، مع ضرورة تعديل قانون العقوبات حتى تتم محاكمة عادلة ومجزية لهؤلاء المجرمين كاف. فى السياق ذاته، أكد النائب خالد شعبان، عضو الهيئة البرلمانية ل«الحزب المصرى الديمقراطي»، أن القضاء المدنى كاف لمحاسبة تجار الهجرة غير الشرعية، رافضًا المطالبات بالاعتماد على المحاكمات عسكرية، بالمخالفة للدستور والأعراف الدولية. وأوضح أن القانون المدنى الخاص بمكافحة الهجرة غير الشرعية تجرى الآن مناقشته داخل البرلمان بعقوبات مغلظة تصل إلى الإعدام والمؤبد، لافتًا إلى أن المحاكمات العسكرية مخالفة للدستور وبدلًا من أن نحاكمهم ونقتص منهم سوف نعطيهم فرصة واضحة للإفلات من العقاب.