تدرك تونس جيدا، أن الخروج من عثرتها الاقتصادية، سيكون الحل الأمثل لمشكلات تعاني منها منذ سنوات، وتبدو الحالة الاقتصادية في تونس الحلقة الرئيسية والهامة وكلمة السر في فك طلاسم وأزمات عديدة، تحبط الجميع وتعوق التنمية، فكانت الدعوة لعقد المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد والاستثمار يومي 29 و30 نوفمبر القادم. كما يبدو أن ما تعانيه تونس بالفعل من أزمة اقتصادية خانقة يتطلب دعوة ومساندة دولية، تسعى تونس من خلالها إلى طرح مشاريعها وأفكارها نحو مستقبل أفضل، مستندة على الإصلاحات التي قامت بها خاصة في الاستثمار وتوفير كل السبل لتوفير المناخ الملائم. نعم تعاني تونس من مشكلات اقتصادية خانقة، أعلنت عنها حكومة يوسف الشاهد الجديدة، عند استلام مهام عملها رسميا الشهر الماضي، أزمة اقصادية يشعر بها الموطن، وتذبذب في أعداد السائحين الوافدة، ساهمت في ذلك الأوضاع المتردية في ليبيا، وبعض الأعمال الإرهابية الأخيرة التي تهدف لتعميق الأزمة وإثارة الإحباط، إلا أن القيادة التونسية نجحت بفضل مكاشفتها المواطنين بالحقائق وتعهدها بمحاربة الإرهاب والقضاء على الفساد، في اكتساب الثقة على المستويين المحلى والدولي. وتشعر القيادة السياسية التونسية بالثقة وحتمية نجاح المؤتمر في خلق روح اقتصادية جديدة ونقلة نوعية للاستثمار في تونس، وذلك لعلاقات تونس الجيدة ورؤيتها المنطقية في القضايا والإشكاليات في محيطها الإقليمي والدولي. وفي إطار الإعداد للمؤتمر بعثت تونس 72 دعوة إلى رؤساء دول وحكومات بلدان شقيقة ومؤسسات دولية وصناديق استثمارية وممثلين عن القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني لحضور المؤتمر الدولي للاستثمار. وفي الحقيقة أن موقف تونس ونظرتها للقضايا خارج حدودها منحتها ثقة الجميع والرغبة في المشاركة بمؤتمرها الدولي، حيث أن ثبات تونس على مواقفها المعتدلة واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الشقيقة والصديقة، مكنها من التحرك بسلاسة ودون معوقات في جميع الاتجاهات. كما تدرك القيادة السياسية التونسية، في ظل الوضع الإقليمي الصعب وما تشهده ليبيا المجاورة من أحداث، وبالتالي تأثيره المباشر على الاستثمار في تونس، ضرورة التحرك السريع لطمأنة المستثمرين والدول المانحة، كما تواصل مساعيها في القضاء على الإرهاب ومساندة حكومة الوفاق الوطنى الليبية والتأكيد على وحدة الصف الليبي. وقد بدأت تونس الاستعداد لتنظيم المؤتمر على أسس صحيحة، حيث أشرف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يوم 9 أغسطس الماضي بقصر قرطاج على اختتام الندوة السنوية لرؤساء البعثات الدبلوماسية والدائمة والقنصلية، وهى الندوة التي سعت إلى دعم المؤتمر، وحشد الدعم اللازم لضمان أكبر فرص النجاح لهذا الموعد الاقتصادي الهام، والاتصال المباشر بدوائر المال والأعمال، وحثهم على المشاركة بكثافة وفعالية في المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد والاستثمار، وكانت تصريحات وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي معبرة للغاية عندما قال إن الدبلوماسية الاقتصادية ستكون من أولويات المرحلة القادمة. وأوضح أن تعيين يوسف الشاهد رئيسا للحكومة التونسية الجديدة في شهر أغسطس الماضي، خطوة ورسالة واضحة في الداخل والخارج، بالتغيير والرؤي الجديدة، خاصة في الاقتصاد، وهو ما وضح من تصريحات الشاهد منذ تعيينه، والذي أكد في خطابه خلال جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة في البرلمان شهر أغسطس الماضي، صعوبة الموقف الاقتصادي وضرورة تكاتف الجميع من أجل عبور الأزمة، وهو ما جعل للمؤتمر الاقتصادي أهمية قصوي، ونقلة نوعية في خطة تونس نحو الاستثمار. كما يواصل البرلمان التونسي خطواته نحو تقديم قوانين وتسهيلات لتشجيع المستثمرين وتوفير المناخ المناسب لزيادة حركة التجارة، والتواصل المستمر والمثمر مع الاتحاد الأوروبي. وجاءت مشاركة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ( 71 ) مؤخرا فرصة كبيرة لطرح الإصلاحات التي قامت بها تونس وتنظيمها للمؤتمر، وعقد لقاءات مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ورئيس البنك العالمي جيم بونغ كيم. أن محاولة تونس لاستعادة عافيتها الاقتصادية وحل مشاكلها بقوانين ناجزة تسعى للارتقاء بمستوى المواطن التونسي اكسبها الاحترام والتقدير من الدول الشقيقة والصديقة، لقد بذلت تونس ومازلت الجهود الحثيثة من أجل اكتساب ثقة الجميع ولا تترك مناسبة عربية أو دولية إلا وتطرح برنامجها الإصلاحى ومؤتمرها المنتظر، فهى تملك إمكانيات هائلة وأرضية خصبة للاستثمار الحقيقي، كما أنها تتميز بعلاقات وثيقة وقوية بالاتحاد الأوروبي، عبر عنها الأخير خلال زيارة وفد الاتحاد، للبرلمان التونسي، وتأكيده على مساندة تونس ودعمها، وكانت أبرز وسائل الدعم، تحويل ديون تونس إلى مشاريع استثمار وخاصة في إنجاز البنية التحتية الإستراتيجية. كما جاء ترؤس تونس للدورة العادية 146 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية بالقاهرة يوم 8 سبتمبر الجاري، والذي تزامن مع الإعداد لأعمال الدورة( 98 ) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة، فرصة كبيرة، لتونس قبل انطلاق المؤتمر الاقتصادي. وكان لقاء يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية بالأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط والذي زار تونس خلال الشهر الجاري، فرصة لتأكيد حرص تونس على مواصلة الإسهام في دعم وتطوير منظومة العمل العربي المشترك، وضرورة إيلاء البعد الاقتصادي الأهمية القصوى في نطاق علاقات التعاون العربي، بما يعزز ازدهار البلدان العربية ويحقق الرفاه لشعوبها.