ظلت التنظيمات والفصائل المسلحة في سوريا، يد واحدة منذ إعلان الثورة على الرئيس السوري بشار الأسد، في عام 2011م، حتى جاءت الأطماع فيما بينهم وبالتحديد بعد استحواذ كل فصيل منهم على بعض الأماكن داخل الأراضي السورية. وتطورت هذه الأطماع خلال الأيام الماضية بعد انفصال كل فيصل عن الآخر وأصبحت العشرات من الجماعات والتنظيمات المسلحة تعبث في سوريا، حتى أعلن 24 أغسطس الماضي، فصائل الجيش السوري الحر، بإعلانها بدء معركة "درع الفرات" بهدف السيطرة على مناطق تنظيم داعش الإرهابي بريفي حلب الشمالي والشرقي، وذلك بدعم الجيش التركي، وغطاء جوي من طائرات التحالف الدولي، حيث تمكنوا من تحرير كامل مدينة جرابلس، ضمن المرحلة الأولى من المعركة، إلى جانب وصل مدينة جرابلس مع بلدة الراعي ضمن المرحلة الثانية، وذلك في مساحة تقدر بنحو 400 كم مربع وفق تصريحات المسئولين الأتراك. وبعدها ظهرت حركة أحرار الشام الإسلامية، بفتوي جديدة أجرت فيها التعاون والتنسيق مع الجيش التركي لمقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". وكان أول رد فعل على هذه الفتوي أبو اليقظان المصري، الشرعي في حركة أحرار الشام الإسلامية وكتيبة مجاهدو أشداء، انشقاقهم عن الحركة، حيث نشر "تغريدة" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" يعلن فيها عن استقالته بشكل رسمي. واستكملت هذه الانشقاقات حتى وصلت أهم الكتائب التابعة للحركة وهي كتيبة "مجاهدو أشداء"، حيث نشرت بيانًا عبرت فيه عن "أسفها" على ترك الحركة بعد سنين من الجهاد في صفوفها، وقالت "يؤسفنا ترك الحركة لأسباب على رأسها عدم ثقتنا في مرجعية الحركة الشرعية ممثلة في المجلس الشرعي الذي نراه شكليًا وبعيدًا عن الواقع، خلافا لما كان عليه". ومن ناحيتها كشف مصادر خاصة ل"البوابة"، إن أبرز المنشقين حتى الآن عن الحركة هم أبو اليقظان المصري، أبو حمزة الكردي، مضيفًا: "أن السبب في الانشقاقات وكان آخرها الشرعي أبو اليقظان المصري ومرافقه الشخصي أبو حمزة الكردي وكتيبة أشداء والبالغ عددهم نحو مئة وخمسة وثلاثين عنصرًا، حيث تشكل النسبة الأكبر من مقاتلي الكتيبة من السوريين الأنصار". واستكملت: "لواء أشداء التابع لحركة أحرار الشام أعلن انفصاله عن الحركة وشرعيو اللواء أعلنوا الاستقالة من الحركة، عاطفين ذلك على انحرافات الحركة الأخيرة"، مشيرًا أنه "كانت الكتيبة البالغة 70 فردا تنسق مع فتح الشام أكثر من شهر لانشقاقهم عن الأحرار والسبب وراء انشقاقهم هو أبو شعيب (طلحة الميسر) وأبو اليقظان المصري". وخوفًا من نفس المصير، بدأت جبهة فتح الشام "النصرة" سابقًا، التي لحقت بجبهة أحرار الشام الإسلامية، بعد إعلانها فتوى تجيز التعاون مع الجيش التركي لمحاربة تنظيم داعش، أعلنت "فتح الشام"، حرمة قتال الفصائل إلى جانب الجيش التركي ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بريف حلب الشمالي، ودعت كل من أجاز الاستعانة بالأطراف الإقليمية والدولية إلى أن "يعيد دراسة الحال والواقع ومآلات الفتوى بشكل سديد". وفي بداية البيان التي أصدرته فتح الشام قالت: إن "دخول الولاياتالمتحدة على مسرح الأحداث بالشكل الذي ظهر مؤخرًا يجعل القول بالاستعانة قولًا غير معتبر من الناحية "الشرعية والواقعة"، فالأمريكان "عدو كافر صائل مباشر على المسلمين"، فيحرم التعامل معه بأي نوع من أنواع التعامل، تحت أي مبرر وذريعة، مهما تأول المتأولون حينها فلن يجنوا سوى الحكم عليهم بحكم من يتولى الكافرين". أما حول التدخل التركي إلى جانب الفصائل المسلحة، حرمت فتح الشام "القتال في الريف الشمالي تحت أي طرف إقليمي أو دولي، لا على جهة الاستعانة، ولا من باب التنسيق معه لأن واقع الحال ليس استعانة، ولعدم توفر الشروط الشرعية اللازمة في هذه الحالة". من ناحيته قال أحمد عطا، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن إصدار حركتي "أحرار الشام" و"فتح الشام" إعلان فتوي بجواز أو حرمة قتال تنظيم "داعش" في سوريا، هي محاولة لتقديم أنفسهم كبديل ل"داعش" على مسرح العمليات. وأضاف عطا في تصريح خاص ل"البوابة"، أن الجانب التركي يدعم دوره الإقليمي في الصراع الدائر في سوريا والعراق للقضاء على الأكراد من خلال هذا البديل ل"داعش"، المعروف بحركة أحرار الشام والتي تقف خلفها المخابرات التركية، وكذلك يقدمون الدعم لحركة فتح الشام.