أثناء تواجدنا فى منطقة شبرا مصر وجدنا أحد المواطنين يدعى عم محمد يطلب منا أن نذهب إلى بيته ونستمع إلى قصته، ووجدنا طفلة بريئة عمرها لا يتعدى ال 9 سنوات تقول لنا إنها تريد أن نشاهد منزلهم، وبالفعل توجهنا معهم إلى إحدى حارات منطقة شبرا مصر بجوار نفق أحمد حلمى لنرى بابا صغيرا به ممر طويل مليء بالمخلفات وبه وحدة مطبخ صغيرة وحوض مياه، وعلى اليمين غرفة مكتظة بالملابس المبعثرة ودولاب بدون أبواب وسرير واحد فقط تعلوه صورة كبيرة لسيدة وثلاجة صغيرة لا تعمل والحجرة ليس بها أى إضاءة لعدم وجود كهرباء، وعلى الشمال يوجد حمام لا تتعدى مساحته مترا مربعا، رائحته السيئة تملأ جميع أنحاء المكان. قصة عم محمد رواها لنا قائلا: «اسمى محمد أسكن فى هذا المكان البسيط أنا وابنى وبنتى وللأسف بعد وفاة زوجتى حياتى اتلخبطت بالكامل وأصبحت أنا الأم والأب لهذه الأسرة الصغيرة ولارتباطنا بها الشديد وضعنا صورتها فوق السرير الذى ننام عليه نحن الثلاثة، وبيتى كما ترون بسيط، فأنا أهتم بأولادى وأقوم بدور الأم لابنتى التى تفتقد والدتها فى هذه المرحلة العمرية فكلنا فى الحقيقة نفتقدها». وأكمل حديثه والدموع تملأ عينيه: «أنا على باب الله لا أقدر على العمل لفترة طويلة خوفا على أولادى وخاصة البنت فقررت أن أعمل سباكا وأقوم بأخذها معى فى كل مكان، فالمنطقة ليس بها أى أمان وأخاف أن يدخل عليها أحد، فى ظل تزايد حالات الاختطاف والاغتصاب وأيضا أخاف على ابنى ولكن الخوف على البنت أكثر». ولضيق ذات اليد لا أقدر على تعليمهما رغم أن كل أمنيتى أن أرى فاطمة دكتورة وأحمد مهندسا ولكن ليس كل ما نتمناه يتحقق وهما يعلمان جيدا ظروف الحياة التى نعيش فيها، ولا آمن عليهما مع زوجة أب تعاملهما بقسوة لذا أنا كل ما فى حياتهما». التقطت طرف الحديث ابنته فاطمة وقالت: «ليس لى فى الدنيا سوى أبى الذى يهتم بى ويرعانى أحيانا تأتى إحدى جاراتنا وتقوم بتسريح شعرى وغسل هدومى ولكن فى الأغلب أبى من يفعل ذلك بعد افتقاد أمى التى كانت تعتنى بى ولكنها كانت مريضة جدا فأنا أفتقدها بشدة وأخاف أن أجلس بمفردى حتى لا يدخل على أحد، لذا أذهب مع والدى للعمل وكل أمنيتى أن نعيش فى مكان آخر فهنا، المكان ليس آمنا ولا توجد كهرباء». ويقول ابنه أحمد: «نفسى أتعلم وأذهب للمدرسة مثل باقى الأطفال ونفسى أنام فى سرير لوحدى ويكون عندى لعب وعندما أفتح الثلاجة أجدها شغالة وبها مياه ساقعة وآكل كثيرا فأحيانا ننام بغير عشاء ولكن كل أمنيتى الحالية أن أكبر وأشتغل مثل أبى حتى أستطيع أن أصرف عليهما». ويقول عم محمد: «كل مطالبنا أن يهتم بنا كل فاعلى الخير فكل أمنيتنا أن يكون لدينا سكن متواضع به كهرباء وماء ومستلزمات الحياة الآدمية فللاسف الشديد أنا ألجأ لسرقة الكهرباء بالليل فالحياة فى الظلام مؤلمة وأناشد الجميع أن يقفوا معى وأتمنى أن يصل صوتى إلى كل فاعلى الخير من خلالكم وأن تهتم الدولة بالفقراء، فالحياة حاليا أصبحت غالية جدا ونحن من البداية غير قادرين على العيش فيها والمشكلة أننا لسنا بمفردنا وإنما معنا أطفال يحتاجون إلى العيش».