قال محافظ البنك المركزي اليمني الجديد الدكتور منصر القعيطي أن السحوبات النقدية غير القانونية من قبل الحوثيين من خزائن البنك المركزي في صنعاء والحديدة بلغت نحو 450 مليار ريال يمني أي ما يعادل 1.8 مليار دولار أمريكي خلال ال 18 شهرا الماضية. وأوضح المحافظ في المؤتمر الصحفي، الذي عقده اليوم الإثنين في مقر السفارة اليمنية بالرياض، أن الحكومة اليمنية سعت طوال فترة الحرب خاصة في الفترة من أغسطس العام الماضى وحتى أغسطس الماضى إلى تفعيل العمل المشترك مع البنك المركزي اليمني من أجل تغليب المصلحة الوطنية والحفاظ على حياديته واستقلاليته ووضع حد لتبعات الحرب القائمة على الاقتصاد الوطني ومعيشة السكان إلا أنه وللأسف لم تكن هناك استجابة كافية من البنك، الذي أستمر في ممارسة أعماله غير القانونية في ظل سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء حيث المقر الرئيس للبنك المركزي وبقاء المنظومة المالية والمصرفية تحت هيمنتهم. وأضاف أن ذلك أدى إلى فقدان البنك المركزي لحياديته واستقلاليته وتسخير جزء أساسي من موارده لتمويل المجهود الحربي للحوثين. وأشار القعيطى إلى أهم المخالفات القانونية في أعمال البنك المركزي في ظل هيمنة الحوثيين بإدارة حساب الحكومة في البنك المركزي بصورة مخالفة للقانون. وقال إن البنك المركزي في صنعاء ظل منذ سيطرة الحوثيين عليها يتيح لممثلي ما كانت تسمى باللجنة الثورية والعناصر المعينة من قبلها التصرف بحساب الحكومة العام في البنك المركزي بدون اعتبار لسلطة الصرف التي حددها القانون لوزير المالية، مما مكنهم من التصرف بالموارد العامة للدولة وفقا لسياساتهم وقناعاتهم وحرمان عدد كبير من موظفي الدولة من استلام مرتباتهم. وأضاف أن البنك المركزي قام بصرف مبلغ 25 مليار ريال يمني شهريا (ما يعادل 100 مليون دولار شهريا) لمندوبين من الحوثيين سخر لدعم مجهودهم الحربي والمضاربة على العملة في سوق الصرف الأجنبي والاحتفاظ بجزء منه في خزائنهم الخاصة في صعدة وغيرها بينما بقى أفراد القوات المسلحة الموالية للحكومة الشرعية بدون مرتبات. وأوضح أن البنك المركزي استمر في عقد اجتماعات متتالية في صنعاء بحضور المحافظ وبعض الأعضاء دون دون مشاركة وحضور بقية الأعضاء ومنهم ممثلي الحكومة اليمنية في المجلس. وأكد منصر القعيطى المحافظ الجديد في المؤتمر الصحفي - الذي أوردته وكالة الأنباء اليمنية الحكومية - أنه نتيجة لمساعي الحكومة اليمنية بالتعاون مع المجتمع الدولي لعقد اجتماعات المجلس بكامل أعضائه تم التحضير لعقد اجتماع لمجلس إدارة البنك المركزي في الأردن استغرق مدة ثلاثة أشهر. وأشار إلى أن الجهود أثمرت بعقد اجتماع للمجلس في عمان بحضور وزير المالية (المحافظ الجديد) وممثل وزارة المالية وبقية الأعضاء خلال الفترة 31 يناير حتى 2 فبراير العام الحالي وأقر المجلس في أولى جلساته جدول الأعمال، والتي شملت موقف الاحتياطيات الخارجية كما هو عليه في 31 ديسمبر 2015 وتطورات المالية العامة في نفس السنة. وأضاف أنه تم في الاجتماع مناقشة جميع هذه الموضوعات والتوصل إلى نتائج جيدة على أمل أن يشكل ذلك أساسا لبناء الثقة والتغلب على العوامل المؤدية لانهيار المنظومة المالية والمصرفية، وتم الاتفاق على تلك النتائج بالإجماع وكتابة ذلك في محضر الاجتماع بصورة نالت قبول جميع الحاضرين. وأوضح أنه بعد عودة المحافظ محمد عوض بن همام المحافظ السابق، ونائبه وبعض أعضاء المجلس إلى صنعاء بشهر تقريبا تم إدخال تعديلات جوهرية في المحضر المتفق عليه وبصورة مخالفة لما كان جرى الاتفاق عليه بالإجماع وذلك بسبب هيمنة الحوثيين والعناصر الموالية لهم وتأثيرهم على أداء البنك المركزي.. مشيرا إلى أن ذلك كان هو بداية لتدهور علاقة الحكومة بالبنك المركزي وفقدان الثقة باستقلاليته أو قدرته على الاحتفاظ بهذه الاستقلالية في ظل وجود مقره الرئيس في صنعاء الواقعة تحت هيمنة الحوثيين. وذكر المحافظ الجديد أن البنك المركزي استمر في عقد سلسلة من الاجتماعات لمجلس إدارته في صنعاء دون تنسيق أو مشاركة وزير المالية وممثل وزارة المالية وعدم توجيه الدعوة لهما كما تم حجب المعلومات والبيانات الدورية عن الحكومة اليمنية. كما ذكر أن صنعاء والحديدة شكلتا طيلة فترة الحرب مركزا للاحتفاظ بالمخزون النقدي بالعملة المحلية للبنك المركزي اليمني دون مراعاة لمبدأ التوزيع العادل والآمن للاحتفاظ بالسيولة النقدية المحلية وتوزيعها في فروع البنك المركزي الأخرى خاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية. وأضاف أنه وبحكم موقع كل من صنعاء والحديدة ضمن المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون فقد حرمت المحافظات الأخرى الواقعة تحت إدارة الحكومة اليمنية من احتياجاتها من العملة المحلية، وظلت تعاني من انعدام السيولة النقدية المحلية اللازمة للاقتصاديات المحلية فيها وتعاني أيضا من صعوبات شديدة في دفع مستحقات البنوك والمواطنين ومرتبات الموظفين في الجهاز الإداري للدولة وشريحة واسعة من المتقاعدين. وأكد القعيطى أن الحكومة اليمنية طالبت بصورة مستمرة إدارة البنك المركزي لتوفير سيولة كافية لتلك المحافظات التي تعاني من شح في السيولة النقدية المحلية وعلى وجه الخصوص عدن وحضر موت، والالتزام بما تم الاتفاق عليه في اجتماع الأردن إلا أنها لم تتلق استجابة كافية من البنك المركزي، وقد زادت سيطرة الحوثيين على مراكز انتقال الأموال الوضع سوء وظهر البنك المركزي عاجزا عن الوفاء بالتزاماته. وقال إن البنك المركزي في صنعاء سعي لطباعة أوراق نقدية وتوريدها إلى صنعاء بدون علم الحكومة اليمنية رغم أن طباعة النقود وخزنها وإدارتها يندرج ضمن مفهوم الأمن الاقتصادي للدولة اليمنية، وهو موضوع سيادي يمس في جوهر وظائف البنك المركزي وسلامة أدائه في الاقتصاد اليمني بما ينسجم مع السياسة الاقتصادية للحكومة اليمنية. وأضاف أن الحكومة اليمنية علمت من مصادرها الخاصة أن إدارة البنك المركزي أجرت اتصالات مباشرة مع شركة جوزناك الروسية لطباعة وتوريد 400 مليار ريال يمني وتبادل مسودة الاتفاقية بصيغتين أحدهما بتوقيع المحافظ والأخرى بتوقيع نائب المحافظ. وأشار إلى أن وثائق التراسل بين البنك المركزي في صنعاء وشركة جوزناك الروسية تؤكد أن الترتيبات لذلك تمت في شهر مايو الماضى بينما لم يشار في اجتماع الأردن ومراسلات البنك المركزي واتصالاته مع الحكومة اليمنية إلى حاجته إلى طباعة أوراق نقدية. وقال أن الحكومة اليمنية عندما علمت بذلك شفويا من محافظ البنك المركزي في 21 يونيو الماضى تواصلت مع الشركة الروسية وتم الاتفاق معها على ضرورة الحصول على موافقة خطية مسبقة صادرة عن الحكومة اليمنية ممثلة بوزير المالية بهذا الشأن. فيما أكدت الشركة في رسالتها الجوابية للحكومة اليمنية تعليق التواصل مع البنك المركزي إلى حين التوصل إلى معالجة للموضوع. وتطرق محافظ البنك المركزى الجديد إلى الاحتياطات الخارجية للبنك المركزي بالعملات الخارجية بما في ذلك الوديعة السعودية التي أوشكت على النفاذ، قائلا إن الاحتياطيات انخفضت من 5.2 مليار دولار عقب دخول المليشيات الانقلابية الحوثية إلى صنعاء في سبتمبر 2014 إلى أقل من 700 مليون دولار في نهاية أغسطس 2016الماضى وهي ما تبقى من الوديعة السعودية التي تبلغ مليار دولار. ولفت القعيطى إلى أن البنك المركزي استمر خلال العام الماضي في استخدام الاحتياطيات الخارجية وفقا للسياسات القائمة في دعم سعر صرف واردات السلع الأساسية من الأرز والقمح والسكر والمشتقات النفطية وحصرها في مناطق محددة تقع تحت سيطرة الحوثيين واستغلالها من قبلهم للمضاربة بالعملة الأجنبية وأسعار المشتقات النفطية وذلك بالرغم من محدودية الموارد بالنقد الأجنبي مما عجل من تدهور الموقف الخارجي للبنك المركزي خلال فترة قصيرة. وأضاف أنه تم تدارك ذلك في اجتماع الأردن وإدخال بعض تعديلات في سياسة دعم سعر الصرف للواردات السلعية ومركز العملة إلا أن الوقت كان متأخرا حيث أظهرت البيانات في حينه أن مستوى التدهور قد بلغ نحو 1.5 مليار دولار. وفي السياق نفسه، أوضح القعيطي أن مؤسسة النقد العربي السعودي قامت بالتفاهم مع الحكومة اليمنية بتسهيل إجراءات نقل فائض السيولة من النقد الأجنبي للبنوك التجارية اليمنية خاصة من الريال السعودي إلى البنوك التجارية في السعودية، وكان ذلك بعد تسهيل دخول شحنة السيولة من الريال السعودي إلى المملكة قادمة من البحرين في شهر يونيو الماضى إلا أن البنك المركزي لم يصدر تصاريح للبنوك بالموافقة على ترحيل هذه الأموال ولم تتلق مؤسسة النقد العربي السعودي طلبات جديدة بترحيل الدفعات المتبقية من الريال السعودي. وأضاف أن وزير المالية في الحكومة أرسل خطابا إلى جمعية البنوك اليمنية أوضح فيها الإجراءات المطلوب استيفائها لنقل السيولة النقدية الخاصة بالبنوك اليمنية إلى السعودية ولكن البنك المركزى لم يتجاوب مع طلبات البنوك التجارية اليمنية بهذا الخصوص وبدلا من ذلك عرض عليها شراء الريال السعودي مقابل تغذية أرصدتها لدى البنوك المراسلة في الخارج خصما من حسابات البنك المركزي في الخارج بالدولار الأمريكي واليورو. وقال إن البنك المركزي كان يسعى من وراء ذلك إلى تحويل جزء من أرصدته في الخارج إلى أوراق نقدية بالريال السعودي والاحتفاظ بها في خزائنه، مشيرا إلى أن حجم المبلغ المستهدف لهذا الغرض كان يصل إلى نحو مليار ريال سعودي. وأضاف القعيطي أن سيطرة الحوثيين على المنظومة المالية والمصرفية مكنهم من إطالة أمد الحرب واستخدام موارد البنك المركزي لتمويل مجهودهم الحربي وجعل الحرب ممتدة لفترة طويلة. وأضاف محافظ البنك المركزى الجديد أن البنك المركزي في صنعاء فقد حياديته واستقلاليته لأن وجود مقره الرئيسي في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الانقلابين الحوثيين أدى إلى استنزاف موارده بالعملة الوطنية والنقد الأجنبي في الداخل والخارج وجعلها في خدمة مصالحهم وتمويل مجهودهم الحربي. وأشار إلى أن قانون البنك المركزي يقضي بإعادة تشكيل مجلس الإدارة كل 4 سنوات وهذا المجلس عين في أغسطس 2012 أي أن مدته المنصوص عليها في القانون انتهت، مما استدعي بالضرورة صدور قرار جمهوري بإعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي بقرار من الرئيس وفقا للقانون.