لكل شعب عاداته وتقاليده التي تميزه عن باقي الشعوب والتي تعكس ما يتمتع به من موروثات وثقافات مختلفة، وللزواج في السودان عادات خاصة تختلف من منطقة إلى أخرى ومن قبيلة إلى قبيلة، كما أن بعضها يتداخل مع دول مجاورة، خاصة وأن السودان به نحو 350 قبيلة لكل منها عاداتها وتقاليدها الخاصة. ويعد الزواج في السودان مزيجا من عدة مناسبات وطقوس جرى العرف على إقامتها في مناسبة الزواج السعيدة للأسر السودانية، والعادات التي تم تداولها وتناقلها غالبا ما تختلف باختلاف المناطق والقبائل، لا سيما وأن السودان متعدد الأعراق والأجناس، فضلا عن الأصول التي تنبع منها هذه العادات، فمنها ما هو فرعوني حيث يسود في مناطق الشمال، ومنها ما هو أفريقي نجده كلما تعمقنا جنوبا، وتكون هذه العادات في قمة تألقها في السودان، نظرا لاختلاط دم العرب النقي بالدم الأفريقي الساخن لتصبح نموذجا فريدا من نوعه. وتبدأ طقوس الزواج في السودان باختيار العروس، فعندما يختار الشاب فتاته عادة يتشاور مع أسرته لإقرار ذلك الاختيار، فإذا كان هنالك اقتناع ومباركة للاختيار فإن والد الشاب يذهب ليطلب يد الفتاة من أبيها بصفة رسمية، وغالبا ما يطلب والد الفتاة مهلة حتى يتسنى له مشاورة كل الأطراف المعنية.. وما لم يكن هناك أي اعتراض فإن والد الفتاة يخطر والد الشاب بالموافقة لإتمام مراسم الخطوبة أو الزواج الفوري إن أرادوا ذلك. ومن بين أشهر العادات التي تميز الزواج السوداني: قولة الخير: وهي جلسة يجتمع فيها كبار العائلة من الطرفين بقصد التعارف والتأكد من أصل وعراقة كل من أسرة للأخرى، وفيها يتقدم عادة أعمام العريس أو والده بطلب يد ابنتهم لإبنهم. الخطوبة: وقد انتشرت بشكل أكبر في الآونة الأخيرة، إذ أنها لم تكن بهذه الانتشار في السابق، لأن الزواج سابقا في كثير من الأحيان لم يكن يخرج عن نطاق الأسرة أو الجيران في الحي والمنطقة المجاورة، وهذه المرحلة تتوج علاقة المخطوبين بشئ من القبول من المجتمع والأسرة الممتدة. سد المال:وهو أيضا ما يعرف بالمهر، عند وصول هذه المرحلة تبدأ التجهيزات الفعلية للزواج، ويتكون سد المال من الملابس والثياب السودانية العطور والأحذية ( شيلة ) إضافة إلى المال، وتتفاوت هذه التجهيزات حسب مقدرة العريس المالية. الحنة: وفيها تتم دعوة كل من أهل العروس والعريس على حده، ويتم فيها تخضيب أرجل وأيدي كل من العريس والعروس بالحناء، ويقدم فيها الطعام وتعقد جلسات الغناء. العقد: وهو عقد الزواج الذي يعقد على يد المأذون بحصور كل من ولي العروس ووكيل العريس، ويتم تلاوة القرآن الكريم وتذكير الحضور بفائدة الزواج على المجتمع، بعد ذلك يتبع بعرض من ولي العروس إلى وكيل العريس ويرد وكيل العريس بالقبول وفقا على الصداق المتفق بينهم وليمة العقد: وهي وليمة غالبا ما تكون غداء حيث تتم دعوة الأهل والأقارب والأصدقاء لمباركة هذا الزواج، وتتم على الأغلب في " صيوان " أو خيمة مجاورة للمنزل. الحفلة: وهي عادة تعتبر جديدة، وفيها يتم دعوة الناس وجلب المغنيين والعازفين ويقدم طعام العشاء، حيث تكون هذه الحفلة غالبا في الفترة المسائية وتمتد حتى الحادية عشر مساء كحد أقصى. الجرتق: وهو من العادات القديمة جدا، ويقال أنها تعود إلى أصول فرعونية، ويتم إلباس كل من العريس والعروس ملابس حمراء اللون وتقوم كبار نساء الأسرة " بجرتقة " العريس والعروس، وهو وضع قطعة حرير حمراء اللون فيها هلال ذهبي اللون على جبهة كل من العريس والعروس. بخ اللبن: وهي أن يأخذ كل من العريس والعروس من اللبن في إناء ويقوم كل منهما بنفثه في وجه شريكه المستقبلي. قطع الرحط: حيث تأتي العروس وهي مرتدية قطعة من الحرير على وسطها ويقوم العريس بقطعه ورميه للحضور. أما تجهيز العروس فيجري قبل فترة من العرس تطول أو تقصر حسب الظروف إذ يتم "حبس" العروس بحيث لا تخرج ولا تظهر في أي تجمع، وتكون في تلك الفترة محل العناية والرعاية من أسرتها، ولا تؤدي أي عمل، بل تخلد إلى الراحة وإلى نوع خاص من الطعام حتى تبدو في صحة جيدة عند الزواج، وكذلك تعد لها زينة خاصة يطلق عليها اسم " الكابريت" حيث تخضب يداها بالحناء، وكذلك قدميها، كما يعد لها حمام ناري بدخان الطلح وتعطر بعطور مركبة معدة بشكل خاص تسمى "ريحة العرس". وعادة يتم الزفاف في يوم العقد نفسه، وفي حالات أخرى يتم في وقت لاحق، حيث يحضر العريس في وسط أصدقائه، وبعد حفل الزفاف يأخذ عروسه ويذهب بها إلى منزل الزوجية المعد. غير أن المجتمع السوداني حاله كحال الكثير من المجتمعات تطرأ عليه متغيرات لا سيما في ظل سعي الكثير للحداثة ومحاكاة الدول الأخرى، فيتجه بعض من الشباب اليوم وخاصة من أبناء الطبقات الراقية أوالمثقفة في المجتمع إلى تغيير هذه العادات وتقليد النماذج في الدول الأخرى، فأصبحت بعض الفتيات السودانيات يتجهن لارتداء الثوب الأبيض بديلا عن الأحمر في ليلة الزفاف، كما يتوجه العريس والعروس في بعض الأحيان إلى جهة ما، وربما إلى الخارج لقضاء شهر العسل، وهو من بين العادات الغربية التي تسللت للمجتمع السوداني.