أثار قرار الدكتور أحمد عماد الدين راضى، وزير الصحة، بوقف توزيع ألبان الأطفال في الصيدليات ومراكز الشكاوى وقصر توزيعه على مراكز الأمومة والطفولة بالكارت الذكى، الكثير من المشاكل والأزمات لم يكن آخرها قطع الطريق من قبل أهالي الأطفال لعدم قدرتهم على الحصول على عبوة لبن. «البوابة» اخترقت الأسوار للتعرف على الأسباب الحقيقية وراء القرار المفاجئ، وعاشت معاناة الناس في الشارع من أجل الحصول على علبة لبن مدعم. البداية كانت أمام صيدلية الشكاوى بالشركة المصرية للأدوية بشبرا حيث المكان مغلق وعليه لافتة كبيرة تؤكد منع البيع والتوزيع لألبان الأطفال المدعمة جزئيًا وكليًا بتعليمات من وزارة الصحة، وقصر البيع على مراكز الأمومة والطفولة. الشارع المؤدى لصيدلية الشكاوى بالشركة يقف على أوله بعض رجال الشرطة لتأمين المكان ومنع تجمع الأهالي مرة أخرى والاحتكاك بموظفى الشركة، ورغم ذلك وقفت بعض السيدات يحملن أطفالهن وشهادات الميلاد بجوار شباك الصيدلية المغلق على أمل أن يحصلن على علبة لبن، بعض الأطفال يبكى فيما ينظر إليهم عسكري الشرطة الجالس أمام الشباك بعطف، ويكرر جملة واحدة ظل يرددها طوال أيام مضت: «يا ستى مش هيصرفوا لبن من هنا تانى». تقول إحدى السيدات: «بقالى 3 أيام بلف على علبة لبن الواد جعان حرام عليكم»، فيما قالت فاطمة محمد، 30 سنة، ربة منزل «أنا لحد دلوقتى مش عارفة أصرف علبة لبن للولد بقالى 3 أيام بلف على مراكز الأمومة والطفولة ومكاتب الصحة مش عارفة أصرف علبة لبن، مرة يقولولى روحى قدمى على الكارت الذكى في البوسطة، ومرة الدكتور بتاع الصحة مش موجود عشان يشوف إنك مستحقة ولا مش مستحقة للصرف.. تعبت من اللف وفى الآخر جيت هنا تانى، ومن الصبح وأنا واقفة في الشمس أنا وابنى يمكن حد يصرفلنا علبتين لبن». ويضيف عيد عبدالواحد، موظف، 35 سنة: «أنا من أكثر من 5 سنين كنت بصرف اللبن من هنا بشهادة الميلاد لابنى الأول، ولما جيت أصرف لابنى اللى لسه مولود فوجئت بمنع البيع في الصيدلية، وقالولى إنه تم قصره على مراكز الأمومة والطفولة ومراكز الصحة حسبما قرر وزير الصحة، وإن الصرف هيتم بالكارت الذكى زى بتاع التموين. وإحنا لحد دلوقتى محدش طلع كارت ذكى ولا غيره، وأنا روحت أجيب من مكتب الصحة اللى تبعنا قالى ابعت المدام عشان نكشف عليها والدكتور يشوف إنها مستحقة ولا لأ، وأنا دلوقتى عايز أجيب لبن وذهبت أمس لصيدلية الإسعاف اشتريت علبة لبن ب60 جنيه». وأكدت منى سيد، ربة منزل، 29 سنة، أنها ذهبت لمركز الصحة لصرف عبوة لبن مدعم قبل أيام وبالفعل تم صرف عبوة لها، وبالفعل بدأت في إجراءات عمل الكارت الذكى، إلا أن العبوة الأولى خلصت، ولا تعرف ماذا تفعل لإرضاع صغيرها، خاصة أن الإجراءات لم تنته بعد. وأضافت «منى»: «إحنا تعبنا ومابقيناش عارفين نعمل إيه، حتى أكل الأطفال مش عارفين نجيبه». وتساءلت: «هما المسئولين في البلد ديه عايزين مننا إيه، الغلا في كل حاجة الأكل والشرب واللبس، حرام كده إحنا بنموت». ذهبنا إلى صيدلية الإسعاف التابعة للشركة المصرية برمسيس، حيث زحام بسيط حول الصيدلية، يقف الطبيب المسئول ويشير إلى المنتظرين خارج الصيدلية من سيدات ورجال قائلًا: «يا جماعة مفيش بيع ألبان تانى الوزارة خلاص منعت والتوزيع في المراكز بالكارت الذكى». توجهنا إلى مسئول الصيدلية الذي قال: «كل يوم الناس يقفوا بالطوابير أمام الصيدلية لصرف لبن أطفال، ورغم أن التعليمات عندنا بقالها يومين بوقف الصرف نهائيًا من الصيدليات حسب تعليمات الوزارة، لكن كل اللى عارف يصرف من مراكز الأمومة والطفولة بيجى هنا، وأنا معنديش أي عبوات كلها اتسحبت ومحدش مصدق إن مفيش لبن عندنا». «البوابة» تركت صيدلية الشكاوى بالشركة المصرية وتجولت في بعض مراكز الأمومة والطفولة، البداية كانت مع مكتب صحة زينهم، لا يوجد أي زحام على المركز، تجولنا بالداخل لم نجد أحدًا أمامنا وبعد نحو أكثر من ربع ساعة ظهرت أمامنا إحدى السيدات سألناها عن ألبان الأطفال وهل يتم توزيعها قالت: «هو فيه لبن جالنا إمبارح بس لحد دلوقتى مجلناش قواعد الصرف بس بنصرف مؤقتا علبة بشهادة ميلاد الطفل لحد ما الدكتور يدينا تعليمات جديدة». انتقلنا إلى مركز صحة آخر بالسيدة زينب، المكتب مغلق رغم أن الساعة لم تتجاوز الواحدة ظهرًا، قمنا بالاقتراب من الباب وطرقنا عليه أكثر من مرة حتى قام أحد العاملين بالداخل بفتح الباب وعندما سألناه عن وجود لبن الأطفال أكد أن الكمية الموجودة لديهم نفدت. انصرفنا إلى مكتب صحة المنيرة، بعض السيدات يتشاجرن مع مسئولة المركز من أجل صرف الألبان، بينما ظلت المسئولة تردد: «حاضر كله هيصرف بس بشهادة الميلاد مؤقتًا لحد ما الدكتور يشوف الحالات اللى مستحقة الصرف». قالت هيام طه، موظفة، 33 سنة، وأم لطفلين: «أنا من يومين بدور عشان أصرف لبن لطفلى بعد ما قرروا يوقفوا الصرف من الصيدليات، وأنا مستنية دوري، وهما قالوا إنهم هيصرفوا بشهادة الميلاد لحد ما الكارت الذكى يطلع لأنه بيطلع بعد 15 يوم وأنا لحد دلوقتى مش عارفة أقدم عليه فين». أضافت سيدة حمدالله، ربة منزل، 28 سنة، قائلة: «روحت للبوستة عشان أقدم على الكارت الذكى قالولى مفيش تعليمات جت لهم بخصوصه لحد دلوقتى، وبعد كده فيه موظف في البوستة قال إنه لازم نجيب استمارة من مكتب الصحة أو مركز الأمومة والطفولة وطلب، وبعد كده نيجى ندفع مبلغ 15 جنيه ونستنى لما يطلع الكارت». وأضافت: «أنا عايزة أصرف لبن للطفل لحد ما يطلع الكارت ومعايا شهادة الميلاد، وهما لسه لحد دلوقتى ماصرفوش لحد، ومستنين التعليمات والنهارده أول يوم للصرف عشان كده المكتب زحمة». أما مسئولة الصرف فأكدت أنه حسب التعليمات سيتم الصرف بشهادة الميلاد حتى يتم استخراج الكارت الذكى للمستحقين، وحول كيفية الصرف للمستحقين قالت: «التعليمات اللى جتلنا من الوزارة بتقول مش كل الناس هتصرف والأمهات هيتم الكشف عليهم وتحديد المستحقين للصرف».