«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"جون كالفن" وفريضة العشاء الرباني

قام الدكتور القس هاني يوسف أستاذ بكلية اللاهوت الإنجيلية المشيخية بمصر بترجمة إحدى المقالات التي نشرت باللغات المتعدده للمصلح اللاهوتي جون كالفن عن فريضة العشاء الرباني وهي جزء أصيل من أهم الفرائض التي تمارسها الكنيسة الإنجيلية المشيخية وموجودة بإقرار إيمانها وجاء تعليم كالفن فيها عن العشاء الرباني كالاتي:
إن العشاء الرباني، هو فِعْلُ النعمةِ المُستمرّ الذي فيه يَقَوتُنا الآبُ كأطفالٍ له حتى نَصِلَ إلى الخُلودِ السمائي. والعلامات signs هنا هي الخُبزُ والخَمْرُ اللذان يُمَثِّلان لنا الغذاءَ الرُوحي الذي نَنَالُهُ مِنْ جَسَدِ يسوع المسيح ودَمِهِ. إنَّ هذه الكيفية التي يَتِمُّ فيها اتحادُ المسيح بالمؤمنين به هي سِرٌّ mystery لا يُمْكِنُ استيعابُهُ، وقد بَسَّطَهُ اللهُ لنا (أيضًا بَسَبب مَحدودية عقولنا وبَلادَتِهَا) في صورة خُبْزٍ وخَمْرٍ، كَعَلامَاتٍ مَرْئِيَّة، لكي يُمكنَ لأكثر العُقول بَلادَةً أَنْتَفْهَمَ أنّ نَفْسَنَا تَتَغَذَّى بِجَسَدِ المسيح ودمه كَمَا أَنَّ جَسَدَنَايَتَغَذَّى بالخبز والخمر. فهذا السرُّ يُؤَكِّدُ لَنَا أنَّ جَسَدَ المسيح قُدِّممَرَّةً كذبيحةٍ لأَجْلِنَا. والتَغَذِّي من جسد المسيح يعني التغذّي من ذبيحةالمسيح، والتي بالأكْل والشرب منها يمكننا اختبارَ فَعَّالِيَّتها efficacy (متّى26:26؛مرقس24، 22:14؛ لوقا19:22-20؛ 1كورنثوس24:11-25). إنّ موت المسيح يُعْطِي حياة.
وبِمُقْتَضَى هذا السرّ sacrament، يُمْكِنُنَا أن نَثِقَ بأنه قد تَمَّ ضَمُّنا في جَسَدِ المسيح وأنَّ كلَّ ما له هو لنا. وبما أنّ ما له هو الحياة الأَبدية، إذًا فيَمْكُننا التَيَقُّن بأنَّ مِيرَاثَنَا الأبدي لن يُمْكِنَنَا فَقْدَه لأنه هو لايُمْكِنُهُ فَقْدَه. وهذا الاتحادُ يَعْنِي أَيْضًا أنَّ مَا لَنَا يَصِيرُ له. أيإنه أَخَذَ ما لَنَا، أيْ الخطية والذنب. إنَّ التجسُّدَ يَعْني أنَّ هذا التبادُلَ قَدْ حَدَثَ. فالمسيحُ أخَذَ مَوْتَنَا وخَطِيَّتَنَا إذْ صَارَ ابنَ الإنسان، وحَسِبَ لنا خُلُودَهُ وبِرَّهُ، جاعِلًا إيَّانا أبناءَ الله.
بما أنّ الكتاب يقول: "خُذُوا، كُلُوا، اشْرَبُوا هذا هو جَسَدِي المَبْذُولُ لأجْلِكُم، وهذا هو دمي المسفوك لمغفرة الخطايا" إذًا يُمْكِنُنَا بثقةٍ أن نَعْتَبَرهُم حقًّا مُستَعْلَنِينَ لنا، وكأنَّ المسيحَ نَفْسَهُ مُقَدَّمًالِعُيُونِنَا. فَبِأَمْرِهِ إيَّانَا أنْ نَأْكُلَ، يُدَلِّلُ signifies المسيحُ أنه لنا وأنه قد صار واحدًا في الجوهر مَعَنَا. وبِقَوْلِهِ " جَسَدِي مَبْذُول لأجلكم ودمي مسفوكٌ لغفران الخطايا" يُبينُ المسيحُ أنَّ جَسَدَهُ ودَمَه ليسا فقط خاصَّتَه، بل خاصَّتَنا لأنه أَخَذَهُما وَوَضَعَهُما، لا مِنْ أَجْلِ مَنْفَعَتِهِ هو، بل لأَجْل خَلاصِنَا. لذلك، فالعناصر المَادية في الأسرار تَقُودُنَا بشكلٍ قِيَاسِي analogically إلى الأشياء الروحية، فالخُبزُ والخمر هما رمزان symbols لِجَسَدِ المسيح ودَمِهِ، لذا فَهُمَا يُوَجِّهَاننا إليهما كَذَبِيحَةَ المسيح الذاتية لأَجْلِ خَلاصِنَا. وهكذا، فالسرُّ هو أولًا دعوةٌ لأنْ نَتَذَكَّرَ ذبيحة المسيح، وعندئذٍ نتغذَّى عليها لِفَائِدَتِنَا. كما يَجِبُ علينا أنْ نَحْذَرَ التقليلَ مِنْ شَأْنِ السر mystery المُرْتَبِط بهذه العلامات، الأمر الذي يُؤدي إلى تهميش هذه العلامات في الحياة المسيحية. كمايَجِبُ علينا أنْ نَحْذَرَ من المُبالغة في تَمْجيد هذه العلامات، الأمر الذي يُؤدي إلى التقليل من شأن السر mystery.
نحن نحتاج أن نَتَفَادَى خَطَئَيْن. يَجِبُ علينا ألا نَفْصِلَ بين العلامة والسرالمرتبط بها. ولا يَجِبُ أنْ نُعَظِّم العلامة للدرجة التي فيها نُزِيحُ السر إلى الظل. كما إنه من الخطأ ألا نَرَى في السرِّ شَيئًا سِوَى تَعْليم، فَنَكُون بذلك مُتجاهِلِينَ أَمْرَ الرب بأنْ نَأْكُلَ جَسَدَهُ، كما إنه لا يُمكِنُنَا التفكيرَبِحُدُوث أيّ أَكْلٍ في السِرِّ سوى أَكْل روحي. ففي السر يَحْدُثُ شييءٌ حَقيقي real، وهو أننا نَشْتَرِكُ فيجسد المسيح المُعْطِي حَياةً، لَكِنَّنا لا نَأْكُل جَسَدَهُ حَرْفيًّا literally.
إنَّ جَسَدَ المسيح يُعْطِي حَيَاةً، ولكنْ لَيْسَ في ذَاتِهِ، إذْ إنَّه جَسَدٌمَائِتٌ أَيْضًا. إنه يُعْطِي حَيَاةً بِمُقْتَضَى أَنَّه قد وُهِبَ خُلُودًا، إذْأَخَذَهُ الكلمةُ الذي له حياةٌ في ذاتِهِ بِمُقْتَضَى وحْدَتِهِ في الجوهر معالآب الذي هو حياةٌ والمُعْطِي حياةً. وهكذا، فَجَسَدُ المسيحِ مثلُ يَنبوع غَنِيّلا يَنْضَبُ، فَيَسْكُبُ فينا الحياةَ التي تَسْرِي مِنَ الطبيعة الإلهية إليه.ولذلك فإنَّ شَرِكَةَ الوحدةِ communion ضَرُورِيَّةٌ لِكُلِّمَنْ يَرْجُو الحياةَ الأبديةِ. وشَرِكَةُ وِحْدَة المؤمنين مع المسيح هي سرٌّعظيمٌ (أفسس32:5).
وبالرغم من أنه يبدو من غير المعقول لِجَسَدِ المسيح الذي تَفْصِلُهُ عَنَّا مسافةٌ بعيدةٌ أنْ يَنْجَحَ في الوصول إلينا صائرًا طَعَامًا لنا، دَعُونَا لا نُقَلّلُ مِنْشَأْنِ قُدْرَةِ الروح الذي يَفُوقُ حَوَاسَّنَا. فَلْنَدَعْ إيمانَنَا يُدْرِكُما لا تُدْرِكُهُ عُقولُنا: إنَّ الروحَ القُدس حَقًّا يُوَحِّدُ الأشياءَ التي تَفْصِلُ المسافاتُ بَيْنَها. إنَّ حُضُورَ المسيح في السرِّ ليس تَصْوِيرِيًّا figurative. أنا أُقِرُّ بأنَّكَسْرَ الخبز هو رَمْزٌ symbol، إذ أنَّه ليس الشيئَ ذاتَهُ. ولكن، بإظهار الرمْز، يُظْهَرَ أيضًا الشيءُ ذاتُهُ. فلو كان الرمزُ فارغًا، لَكَانَ اللهُ كاذبًا إذ أنه قال:«هذا هو جسدي.» وهكذا، بإعطاءِ الرمز، يُعْطَى أيضًا الجَسَدُ.
إنَّ سِرَّ العَشَاءِ المقدَّس يَتَكَوَّنُ من جُزْئَيْن: العلاماتُ المادية المرئّيَّة التي تُمَثِّلُ لنا الأشياءَ الروحيةَ، والحَق الروحي المَرموز له (المُمَثَّلُ) في العلامات. وهذا الحقُّ يَتَضَمَّنُ أشياءَ ثلاثة:
1. الفعل الإشَارِي signification: والفعل الإشَارِي هو الوَعْدُ المَنْسُوجُ مع العلامة.
2. الجوهر matter/substance:والجوهر هو المسيح بموته وقيامته.
3. التأثير/الفعالية virtue/effect:والتأثير هو كل هبات المسيح التي يُغْدِقُها علينا - أي الفداء والبر والتقديس والحياة الأبدية. وهذا التأثيرُ يَعْتَمِدُ على المدلول والجوهر، ويَلِيهُمَا.
ففي سِرِّ العشاء وتحت رَمْزَيّ الخبز والخمر، المسيحُ حاضِرٌ لنا بالحَقِّ، بِجَسَدِهِ وبِدَمِهِ الذي فِيهِمَا أتَمَّ كل طاعةٍ لينال تَبْرِيَرنا. وهدف هذاالحضور هو أن نَتَّحِدَ مَعَهُ في جَسَدٍ وَاحِدٍ، ولكن باشْتِرَاكِنَا في جَوْهَرِهِ يُمْكِنُنَا اختبارُ قُوَّتِهِ بإعطائِنَا كل بَرَكَةٍ.
أناأرْفُضُ عقيدةَ الاستحالة transubstantiation، والتي بِمُقْتَضَاها تُفَسِّرُ الكنيسةُ الكاثوليكيةُ حُضور المسيح مَكَانِيًّا local. فَبِحَسَبِ هذهالعقيدة، نحن نَأْكُلُ جَسَدَ المسيححرفيًّا literally.... ولكن ما يَرْبِط المسيحَ بنا هو رُوحُ المسيح. فالمسيحُ يَسْكُنُ فِينَا بِرُوحِهِ (رومية 9:8).
إنَّ مَضمونَ عقيدة الاستحالة transubstantiation هو أن المسيحَ يُدَمِّرُجَوْهَرَ essence الخبز، ويَحُل مَحَلَّه بدون تَغْيير عَوَارِضَهُ accidents، أي مَظْهَرَهُ. ولكن هذه العقيدة ليست أمينةً لِفَهْم اللاهوتيين القدماء عن حضور المسيح فيالإفخارستيا Eucharist. إنَّ الحُضورَ الحقيقي للمسيح لَمْ يَعْنِي تَدميرَ العناصر، بلكان يَعْني أنَّ هذه العناصر صارَتْ صَنْفًا مُختلفًا مِنَ الطعام يَهْدُفُ إلى إطعام النَفْس. وهذا ما لا نَرْفُضُه. فلا يُمْكِنُ أن يَكُونَ هناك تَدميرٌللعناصر. فلو كان المسيحُ الخبزَ النازلَ من السماء (يوحنا 51:6)، إذًا فلابد للخبز المَرْئِي أن يَكُونَ وَسِيطًا يُمَثِّلُ الخُبْزَ السمائِيّ.
ويُوجَدُ رَأْيٌ آخَر يقولُ إنَّ حُضورَ جَسَدِ المسيح يَتِمُّ بمُقْتَضَى طبيعتِهِالكُلَيَّة الحضور ubiquitous. فَهُمْ يقولون إنَّ المسيحَ حاضرٌ مع وفي وتحت الخبز. ولكنَّ المَعْنى النهائيّ لكل هذا هو نُسْخَةٌ أُخْرَى مِنَ الحُضُور المَكَانِيّ للمسيح.فَهُمْ لا يَفْهَمُون كيفيةَ نُزُولِهِ التي بها يَرْفَعُنَا إليه. إنَّهُمْ لا يَستطيعون التفكير في أيّ كيفية لتناول الجسد والدم، سِوَى بالمُصَاحَبَةِ المكانِيَّة local conjunction والتلامس، أو بشكل ما مِنَ الاحتواء.
ولكنْ إذَا كان جَسَدُ المسيح كُلِّيَّ الحضور، سَيَكُونُ حُضورُهُ مُجَرَّدَ ظُهُورٍ، مما يَجْعَلُ التجسُّدَ دُوسِيتَيًّا.
إنَ عَقِيَدتَيّ «الاستحالة» transubstantiation و»كُلِّيَّة حُضُورجَسَد المسيح» ubiquity لا تستطيعان أَنْ تُبَيِّنَا كَمَالَ جَسَدِ المسيح ودمه، الأمْرالذي يَتَطَلَّبُهُ مَسِيحٌ عليه أن يُعْطِينَا حياةً. إنَّ الحضورَ المكاني لايستطيعُ أنْ يَتَغَلَّبَ على هذه المشكلة، كما هي مُمَثَّلَة في حقيقةِ أنَّ العناصرَ يَتِمُّ تَقْدِيمُهَا مُنْفَصِلةً. وهذا سَبَبٌ آخَر لعَدَمِ صِحَّةِهاتين العقيدتين. أمَّا الحَلُّ الذي أُقَدِّمُه أنا فهو أنَّ جَسَدَ المسيح ودم هحاضرين لنا إذْ نُرْفَعُ رُوحِيًّا لِنَشْتَرِكَ في المسيح بقوَّةِ الروح.
إنَّ حُضورَ المسيح في الإفخارستيا لابد أن يَتِمَّ وَصْفُهُ بكيفيةٍ تَحْفَظُ حقيقةَلاهُوتِهِ وناسُوتِهِ. ولذلك،
1. حضور المسيح لا يَجِبُ أن يُوصَفَ على أنه حَبِيسٌ لِحُدودِ العناصر المادِّيَّة، وإلا نَكُونُ قدسَلَبْنَاه مَجْدَه السمائي، وبالتالي نَكُونُ قد قَلَّلْنَا مِنْ طبيعته الإلهية.
2. حضور المسيح لا يَجِبُ أنْ يُوصَفَ بدون أَبْعَادِهِ المادِّيَّة، أوبكيفيةٍ تَجْعَلُ جَسَدَه حاضرًا في مَكَانَيْن مُخْتَلِفَيْن في نَفْسِ الوَقْت، أو تَجْعَلُهُ غَيْرَمَحْدُودٍ أو كُلِّيَّ الحُضور في السماء والأرض. وإلا تَكُون طبيعةُ المسيحِالإنسانيةُ غَير حقيقية، مما يُشَكِّلُ خُطُورَةً على خَلاصِنَا.
الضمير"هذا"، في "هذا هو جسدي" و"هذا هو دمي" (متّى26:26-28؛ مرقس22:14-24؛لوقا19:22-20؛ 1كو23:11-25)، يَفْهَمُهُ المؤمنون بعقيدة الاستحالة transubstantiation على أنه يُشيرُ إلىمَظْهَرِ الخبز والخمر. بينما يَفْهَمُهُ الحَرْفِيُّون literalists على أنه يُشيرُ إلى الجوهر، لكنهم عند شَرْحهمْ لوجهة نَظَرِهمْ، نجدهم يبتعدون عن فَهْمِهِمْ الحَرْفِيّ ويَقُولون إنَّ جَسَدَ المسيح هو مع وفِي وتَحْت الخبز.
ولكن كليهما خَطَأٌ، لأنَّهُما لا يَسْتَطِيعَان التفكيرَ في حُضُور جَسَد المسيح في العشاء بأيّ كيفيةٍ أُخْرَى، سِوَى في ارتباطه بالخبز. وبهذه الكيفية هُم لايُفْسِحُونَ مَكَانًا لِعَمَلِ الروح القدس السرِّي mysterious الذي يُوَحِّدُنَابالمسيح. فَهُمْ يَفْتَرِضُون أنَّ المسيحَ لا يَستطيعُ أنْ يَكُونَ حَاضِرًا إلابِنُزولِهِ إلينا، كما لو كُنَّا لا نَسْتطيع أن نَتَمَتَّعَ بِحُضورِهِ لورَفَعَنَا هو إليه. وهكذا، فبالرغمِ من أننا نُوافِقُ على حَقيقةِ حُضُورِ المسيح، إلا إننا نَخْتَلِفُ حَوْلَ كيفيةِ هذا الحضور. فبينما هم يُحْضِرُون المسيحَ إلىأَسْفَل، أرَى إنَّه مِنَ الخَطَأ أنْ نْنْزِلَهُ من السماء. فبما أن هذا سرٌّسمائيٌّ، فَلَيْسَتْ هناك ضرورةٌ لإنزالِ المسيحِ إلى الأرضِ لِكَيْ يَتَّحِدَبنا.
فهذاسِرٌّ لا يُمْكِنُ استيعابُهُ. وبصراحةٍ أكثَرَ، أنا أُفَضِّلُ أنْ أَخْتَبِرَهُ على أنْ أفْهَمَهُ. فَبِمَا أنَّ الربَّ يَقولُ "هذا هو جسدي ودمي"، وإنهما غذاءٌوشَرابٌ يُنْعِشان الجسدَ والروحَ، فأنا أَثِقُ في كلمات الرب، وأؤمنُ أنه حَاضِرٌبالحَقِّ في السرِّ. وبِتَنَاوُلِهِ، أنالُ تأكيدًا لقيامةِ وخُلودِ أجسادِنَا، إذْيُحْيِي جَسَدُ المسيح الخالدُ أجسادَنَا ويُشْرِكُهَا في خُلُودِهِ.
ليس من المُهِمّ أنْ يَكُونَ الخَمْرُ أبْيَضًا أمْ أحْمَرًا، أو أنْ يَكُونَ الخُبْزُمَكْسُورًا أو سَلِيمًا، أو أنْ يَكُونَ الخُبز مُخْتَمرًا أَمْ لا. فكل هذه الأمور مَتْرُوكَةٌ لِحُرِّيَّةِ الكنيسة. ولكن الإجراءَ السليم للعشاء يَكْمُنُ في مُمَارَسَتِهِ بِكَثْرَةٍ، على الأقل مَرَّةً أُسبوعيًّا. ويَجِبُ أَنْتَبْدَأَ الخدمةُ بصلاةٍ عَلَنِيَّةٍ، تَلِيهَا عظةٌ، ثم تُوضَعُ العناصر على المائدة قَبْل أنْ يَتْلُو القسُّ كلماتَ التأسيسِ القانونية للعَشَاء، مُعْلِنًاالوَعْدَ الذي يُؤَكِّدُهُ، ومَانِعًا كُلَّ مَنْ يَمْنَعُهُمْ الربُّ من الاشتراك فيه. ثُمَّ يَجِبُ تقديمُ صلاةٍ لِكَيْ يَأْتِي السرُّ بِثَمَرِهِ في حَيَاتِنَا بِتَنَاوُلِهِ بإيمانٍ. ويَجِبُ الإقرارُ بِعَدَم استحقاقِنَا قَبْلَ تَرنيم بَعْض المزامير أو قراءة أجزاء من الكتاب المقدَّس. وعندئذ يَتِمُّ تَوزيعُ العناصر. وفيالنهاية، لابد مِنَ الحَثّ على الإيمان الصادق وأَعْمَال المَحَبَّة. وأخيرًا، لابد من تقديم الشكر ورَفْع التسابيح لله.
إنَّ المعموديةَ هي سِرُّ الدخول للكنيسة والإقرارُ الأَوَّلِيّ بالإيمان. أمَّاالعشاءُ الرَبَّانِيّ فهو سِرُّ الغَذَاء المُسْتَمِر الذي يُغَذِّي به المسيحُ عائلَتَهُ رُوحيًّا. وبما أن هناك مَسيحٌ واحدٌ، هناك أيضًا معموديةٌ واحدةٌ.فالمعموديةُ لا يُمكنُ تكرارُهَا. أمَّا العشاءُ فَيَتَكَرَّرُ باستمرار. وحيثُ أنَّ هذه هي الأسرار التي أَسَّسَهَا الرَبُّ، لا يُمْكِنُ أن يَكُونَ هناكأَسْرَارٌ أُخْرَى. فَإِنَّ الأسرارَ يَتِمُّ تَعْيينُها مِنْ قِبَلِ الربَّ بِهَدَفِ تَوْجِيهِنَا لوعود الله وتأكيد مشيئته الصالحة مِنْ نَحْوِنَا. لذلك، لايُوجَدُ سِرٌّ لا يُصَاحِبُهُ وَعْدُ الخلاص. وحيثُ إَنَّه لا يُوجَدُ أَحَدٌيُمْكِنُهُ تَحْقِيق الخلاص سِوَى الله وَحْده، لذا فَكُلُّ البَشَرِ مُجْتَمِعِين لا يَسْتَطِيعُونَ تَأْسِيسَ سِرًّا، لأنهم لا يَستطيعون أنْ يُقَدِّمُوا أَيَّ تَأكيدٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَةِ الله (إشعياء14:40؛ رومية34:11).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.