الوطنية الانتخابات: إقبال مرتفع على التصويت بالخارج والمنوفية الأعلى مشاركة تليها القاهرة    الري تصدر بيانًا بشأن استمرار التصرفات الأحادية لإثيوبيا بسد النهضة    6.3 مليار دولار أرباح 134 شركة مدرجة في بورصة الكويت خلال 9 أشهر    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري (آخر تحديث)    ترامب: سأضع حدا للحرب بين روسيا وأوكرانيا    اليونيسف: الوضع الإنساني في الفاشر كارثي والأطفال يواجهون الموت يوميًا    مانشستر سيتي يكشف تشكيله الرسمي لمواجهة نيوكاسل في الدوري الإنجليزي    نتيجة مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بعد مرور 70 دقيقة    دوري أبطال أفريقيا.. بيراميدز يصل الدفاع الجوي لمواجهة ريفرز النيجيري    بريمونتادا مثيرة.. الهلال يهزم الفتح ويطارد النصر على صدارة الدوري السعودي    محافظ الغربية يعلن أسماء الفائزين في القرعة الإلكترونية لحج الجمعيات الأهلية    في ذكري افتتاحه.. معلومات مهمة عن متحف النوبة    أيتن عامر تتأثر بمفاجأة عيد ميلادها من فريق عمل مسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    بعبارات فكاهية.. مراد مكرم يداعب متابعيه بمقطع فيديو من جريمة قتل «ورد وشوكولاتة»    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد وحدة رعاية الطفل بالتل الكبير (صور)    أهالى القفايطة بنصر النوبة يشكرون الرئيس السيسى بعد تحقيق حلم تركيب الكهرباء والمياه    جهود صندوق مكافحة وعلاج الإدمان في مواجهة المخدرات وحماية الشباب خلال أسبوع    شلل مرورى بالطريق السياحى اتجاه المنيب والمعادى وتوقف تام لحركة السيارات.. صور    منذ 10 ايام .. كشف لغز جثة متحللة داخل سياره سقطت ببركة مياه بطريق مطروح السلوم    30 ديسمبر.. الحكم على 9 متهمين فى خلية شبكة العملة    توم وارك: نزع سلاح حزب الله شرط أساسي لسلام واستقرار لبنان    مرموش بديلا في تشكيل مانشستر سيتي لمواجهة نيوكاسل بالبريميرليج    الشباب والرياضة تُطلق أضخم مشروع لاكتشاف ورعاية المواهب الكروية بدمياط    45 ألف مشاهد لأفلام الدورة ال46 من مهرجان القاهرة السينمائى    يقود اليوم الأوركسترا الملكي الفيلهارمونى احتفاءً بموسيقار الأجيال فى لندن..    نسرين العسال تكتب: أصوات من السماء تصنع ترند من "دولة التلاوة"    الشوط الأول| ريمونتادا بايرن ميونخ أمام فرايبورج في الدوري الألماني    مصر تبحث مع نيجيريا تعزيز التعاون فى مجالات الزراعة والدواء والطاقة والإنشاءات    القاهرة الإخبارية: الجالية المصرية في لبنان حريصة على التصويت بانتخابات النواب    الزراعة: زيادة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء ل600 ألف طن بنهاية 2025    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    محافظ القليوبية يتابع إزالة 12 حالة تعدٍ "مغمورة بالمياه" بفرع رشيد بالقناطر الخيرية    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    رئيس الإمارات يصل إلى البحرين في زيارة عمل    قبل عرضه.. تعرف على شخصية مي القاضي في مسلسل "2 قهوة"    غنيم: خطة الصناعة لتحديد 28 فرصة استثمارية خطوة استراتيجية لتعزيز التصنيع المحلي    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة لمصاب بسلالة جديدة من إنفلونزا الطيور    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    علاج نزلات البرد، بطرق طبيعية لكل الأعمار    حبس المتهمين بالاعتداء على أطفال المدرسة الدولية بالسلام 4 أيام على ذمة التحقيقات    المصريون بالسعودية يسطرون ملحمة جديدة في الانتخابات البرلمانية    "رويترز" عن مسؤول أوكراني: أوكرانيا ستبدأ مشاورات مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين بشأن إنهاء الحرب    «من تركيا للسويد نفس الشبكة ونفس النهب».. فضيحة مالية تضرب شبكة مدارس تابعة لجماعة الإخوان    وزيرة التخطيط تشهد الحفل الختامي لجوائز مصر لريادة الأعمال    سفير مصر بنيوزيلندا: ثاني أيام التصويت شهد حضور أسر كاملة للإدلاء بأصواتها    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    بث مباشر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل في دوري أبطال إفريقيا 2025.. مشاهدة دقيقة-بدقيقة والقنوات الناقلة وموعد اللقاء    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع في الحرارة العظمى إلى 29 درجة مئوية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"جون كالفن" وفريضة العشاء الرباني

قام الدكتور القس هاني يوسف أستاذ بكلية اللاهوت الإنجيلية المشيخية بمصر بترجمة إحدى المقالات التي نشرت باللغات المتعدده للمصلح اللاهوتي جون كالفن عن فريضة العشاء الرباني وهي جزء أصيل من أهم الفرائض التي تمارسها الكنيسة الإنجيلية المشيخية وموجودة بإقرار إيمانها وجاء تعليم كالفن فيها عن العشاء الرباني كالاتي:
إن العشاء الرباني، هو فِعْلُ النعمةِ المُستمرّ الذي فيه يَقَوتُنا الآبُ كأطفالٍ له حتى نَصِلَ إلى الخُلودِ السمائي. والعلامات signs هنا هي الخُبزُ والخَمْرُ اللذان يُمَثِّلان لنا الغذاءَ الرُوحي الذي نَنَالُهُ مِنْ جَسَدِ يسوع المسيح ودَمِهِ. إنَّ هذه الكيفية التي يَتِمُّ فيها اتحادُ المسيح بالمؤمنين به هي سِرٌّ mystery لا يُمْكِنُ استيعابُهُ، وقد بَسَّطَهُ اللهُ لنا (أيضًا بَسَبب مَحدودية عقولنا وبَلادَتِهَا) في صورة خُبْزٍ وخَمْرٍ، كَعَلامَاتٍ مَرْئِيَّة، لكي يُمكنَ لأكثر العُقول بَلادَةً أَنْتَفْهَمَ أنّ نَفْسَنَا تَتَغَذَّى بِجَسَدِ المسيح ودمه كَمَا أَنَّ جَسَدَنَايَتَغَذَّى بالخبز والخمر. فهذا السرُّ يُؤَكِّدُ لَنَا أنَّ جَسَدَ المسيح قُدِّممَرَّةً كذبيحةٍ لأَجْلِنَا. والتَغَذِّي من جسد المسيح يعني التغذّي من ذبيحةالمسيح، والتي بالأكْل والشرب منها يمكننا اختبارَ فَعَّالِيَّتها efficacy (متّى26:26؛مرقس24، 22:14؛ لوقا19:22-20؛ 1كورنثوس24:11-25). إنّ موت المسيح يُعْطِي حياة.
وبِمُقْتَضَى هذا السرّ sacrament، يُمْكِنُنَا أن نَثِقَ بأنه قد تَمَّ ضَمُّنا في جَسَدِ المسيح وأنَّ كلَّ ما له هو لنا. وبما أنّ ما له هو الحياة الأَبدية، إذًا فيَمْكُننا التَيَقُّن بأنَّ مِيرَاثَنَا الأبدي لن يُمْكِنَنَا فَقْدَه لأنه هو لايُمْكِنُهُ فَقْدَه. وهذا الاتحادُ يَعْنِي أَيْضًا أنَّ مَا لَنَا يَصِيرُ له. أيإنه أَخَذَ ما لَنَا، أيْ الخطية والذنب. إنَّ التجسُّدَ يَعْني أنَّ هذا التبادُلَ قَدْ حَدَثَ. فالمسيحُ أخَذَ مَوْتَنَا وخَطِيَّتَنَا إذْ صَارَ ابنَ الإنسان، وحَسِبَ لنا خُلُودَهُ وبِرَّهُ، جاعِلًا إيَّانا أبناءَ الله.
بما أنّ الكتاب يقول: "خُذُوا، كُلُوا، اشْرَبُوا هذا هو جَسَدِي المَبْذُولُ لأجْلِكُم، وهذا هو دمي المسفوك لمغفرة الخطايا" إذًا يُمْكِنُنَا بثقةٍ أن نَعْتَبَرهُم حقًّا مُستَعْلَنِينَ لنا، وكأنَّ المسيحَ نَفْسَهُ مُقَدَّمًالِعُيُونِنَا. فَبِأَمْرِهِ إيَّانَا أنْ نَأْكُلَ، يُدَلِّلُ signifies المسيحُ أنه لنا وأنه قد صار واحدًا في الجوهر مَعَنَا. وبِقَوْلِهِ " جَسَدِي مَبْذُول لأجلكم ودمي مسفوكٌ لغفران الخطايا" يُبينُ المسيحُ أنَّ جَسَدَهُ ودَمَه ليسا فقط خاصَّتَه، بل خاصَّتَنا لأنه أَخَذَهُما وَوَضَعَهُما، لا مِنْ أَجْلِ مَنْفَعَتِهِ هو، بل لأَجْل خَلاصِنَا. لذلك، فالعناصر المَادية في الأسرار تَقُودُنَا بشكلٍ قِيَاسِي analogically إلى الأشياء الروحية، فالخُبزُ والخمر هما رمزان symbols لِجَسَدِ المسيح ودَمِهِ، لذا فَهُمَا يُوَجِّهَاننا إليهما كَذَبِيحَةَ المسيح الذاتية لأَجْلِ خَلاصِنَا. وهكذا، فالسرُّ هو أولًا دعوةٌ لأنْ نَتَذَكَّرَ ذبيحة المسيح، وعندئذٍ نتغذَّى عليها لِفَائِدَتِنَا. كما يَجِبُ علينا أنْ نَحْذَرَ التقليلَ مِنْ شَأْنِ السر mystery المُرْتَبِط بهذه العلامات، الأمر الذي يُؤدي إلى تهميش هذه العلامات في الحياة المسيحية. كمايَجِبُ علينا أنْ نَحْذَرَ من المُبالغة في تَمْجيد هذه العلامات، الأمر الذي يُؤدي إلى التقليل من شأن السر mystery.
نحن نحتاج أن نَتَفَادَى خَطَئَيْن. يَجِبُ علينا ألا نَفْصِلَ بين العلامة والسرالمرتبط بها. ولا يَجِبُ أنْ نُعَظِّم العلامة للدرجة التي فيها نُزِيحُ السر إلى الظل. كما إنه من الخطأ ألا نَرَى في السرِّ شَيئًا سِوَى تَعْليم، فَنَكُون بذلك مُتجاهِلِينَ أَمْرَ الرب بأنْ نَأْكُلَ جَسَدَهُ، كما إنه لا يُمكِنُنَا التفكيرَبِحُدُوث أيّ أَكْلٍ في السِرِّ سوى أَكْل روحي. ففي السر يَحْدُثُ شييءٌ حَقيقي real، وهو أننا نَشْتَرِكُ فيجسد المسيح المُعْطِي حَياةً، لَكِنَّنا لا نَأْكُل جَسَدَهُ حَرْفيًّا literally.
إنَّ جَسَدَ المسيح يُعْطِي حَيَاةً، ولكنْ لَيْسَ في ذَاتِهِ، إذْ إنَّه جَسَدٌمَائِتٌ أَيْضًا. إنه يُعْطِي حَيَاةً بِمُقْتَضَى أَنَّه قد وُهِبَ خُلُودًا، إذْأَخَذَهُ الكلمةُ الذي له حياةٌ في ذاتِهِ بِمُقْتَضَى وحْدَتِهِ في الجوهر معالآب الذي هو حياةٌ والمُعْطِي حياةً. وهكذا، فَجَسَدُ المسيحِ مثلُ يَنبوع غَنِيّلا يَنْضَبُ، فَيَسْكُبُ فينا الحياةَ التي تَسْرِي مِنَ الطبيعة الإلهية إليه.ولذلك فإنَّ شَرِكَةَ الوحدةِ communion ضَرُورِيَّةٌ لِكُلِّمَنْ يَرْجُو الحياةَ الأبديةِ. وشَرِكَةُ وِحْدَة المؤمنين مع المسيح هي سرٌّعظيمٌ (أفسس32:5).
وبالرغم من أنه يبدو من غير المعقول لِجَسَدِ المسيح الذي تَفْصِلُهُ عَنَّا مسافةٌ بعيدةٌ أنْ يَنْجَحَ في الوصول إلينا صائرًا طَعَامًا لنا، دَعُونَا لا نُقَلّلُ مِنْشَأْنِ قُدْرَةِ الروح الذي يَفُوقُ حَوَاسَّنَا. فَلْنَدَعْ إيمانَنَا يُدْرِكُما لا تُدْرِكُهُ عُقولُنا: إنَّ الروحَ القُدس حَقًّا يُوَحِّدُ الأشياءَ التي تَفْصِلُ المسافاتُ بَيْنَها. إنَّ حُضُورَ المسيح في السرِّ ليس تَصْوِيرِيًّا figurative. أنا أُقِرُّ بأنَّكَسْرَ الخبز هو رَمْزٌ symbol، إذ أنَّه ليس الشيئَ ذاتَهُ. ولكن، بإظهار الرمْز، يُظْهَرَ أيضًا الشيءُ ذاتُهُ. فلو كان الرمزُ فارغًا، لَكَانَ اللهُ كاذبًا إذ أنه قال:«هذا هو جسدي.» وهكذا، بإعطاءِ الرمز، يُعْطَى أيضًا الجَسَدُ.
إنَّ سِرَّ العَشَاءِ المقدَّس يَتَكَوَّنُ من جُزْئَيْن: العلاماتُ المادية المرئّيَّة التي تُمَثِّلُ لنا الأشياءَ الروحيةَ، والحَق الروحي المَرموز له (المُمَثَّلُ) في العلامات. وهذا الحقُّ يَتَضَمَّنُ أشياءَ ثلاثة:
1. الفعل الإشَارِي signification: والفعل الإشَارِي هو الوَعْدُ المَنْسُوجُ مع العلامة.
2. الجوهر matter/substance:والجوهر هو المسيح بموته وقيامته.
3. التأثير/الفعالية virtue/effect:والتأثير هو كل هبات المسيح التي يُغْدِقُها علينا - أي الفداء والبر والتقديس والحياة الأبدية. وهذا التأثيرُ يَعْتَمِدُ على المدلول والجوهر، ويَلِيهُمَا.
ففي سِرِّ العشاء وتحت رَمْزَيّ الخبز والخمر، المسيحُ حاضِرٌ لنا بالحَقِّ، بِجَسَدِهِ وبِدَمِهِ الذي فِيهِمَا أتَمَّ كل طاعةٍ لينال تَبْرِيَرنا. وهدف هذاالحضور هو أن نَتَّحِدَ مَعَهُ في جَسَدٍ وَاحِدٍ، ولكن باشْتِرَاكِنَا في جَوْهَرِهِ يُمْكِنُنَا اختبارُ قُوَّتِهِ بإعطائِنَا كل بَرَكَةٍ.
أناأرْفُضُ عقيدةَ الاستحالة transubstantiation، والتي بِمُقْتَضَاها تُفَسِّرُ الكنيسةُ الكاثوليكيةُ حُضور المسيح مَكَانِيًّا local. فَبِحَسَبِ هذهالعقيدة، نحن نَأْكُلُ جَسَدَ المسيححرفيًّا literally.... ولكن ما يَرْبِط المسيحَ بنا هو رُوحُ المسيح. فالمسيحُ يَسْكُنُ فِينَا بِرُوحِهِ (رومية 9:8).
إنَّ مَضمونَ عقيدة الاستحالة transubstantiation هو أن المسيحَ يُدَمِّرُجَوْهَرَ essence الخبز، ويَحُل مَحَلَّه بدون تَغْيير عَوَارِضَهُ accidents، أي مَظْهَرَهُ. ولكن هذه العقيدة ليست أمينةً لِفَهْم اللاهوتيين القدماء عن حضور المسيح فيالإفخارستيا Eucharist. إنَّ الحُضورَ الحقيقي للمسيح لَمْ يَعْنِي تَدميرَ العناصر، بلكان يَعْني أنَّ هذه العناصر صارَتْ صَنْفًا مُختلفًا مِنَ الطعام يَهْدُفُ إلى إطعام النَفْس. وهذا ما لا نَرْفُضُه. فلا يُمْكِنُ أن يَكُونَ هناك تَدميرٌللعناصر. فلو كان المسيحُ الخبزَ النازلَ من السماء (يوحنا 51:6)، إذًا فلابد للخبز المَرْئِي أن يَكُونَ وَسِيطًا يُمَثِّلُ الخُبْزَ السمائِيّ.
ويُوجَدُ رَأْيٌ آخَر يقولُ إنَّ حُضورَ جَسَدِ المسيح يَتِمُّ بمُقْتَضَى طبيعتِهِالكُلَيَّة الحضور ubiquitous. فَهُمْ يقولون إنَّ المسيحَ حاضرٌ مع وفي وتحت الخبز. ولكنَّ المَعْنى النهائيّ لكل هذا هو نُسْخَةٌ أُخْرَى مِنَ الحُضُور المَكَانِيّ للمسيح.فَهُمْ لا يَفْهَمُون كيفيةَ نُزُولِهِ التي بها يَرْفَعُنَا إليه. إنَّهُمْ لا يَستطيعون التفكير في أيّ كيفية لتناول الجسد والدم، سِوَى بالمُصَاحَبَةِ المكانِيَّة local conjunction والتلامس، أو بشكل ما مِنَ الاحتواء.
ولكنْ إذَا كان جَسَدُ المسيح كُلِّيَّ الحضور، سَيَكُونُ حُضورُهُ مُجَرَّدَ ظُهُورٍ، مما يَجْعَلُ التجسُّدَ دُوسِيتَيًّا.
إنَ عَقِيَدتَيّ «الاستحالة» transubstantiation و»كُلِّيَّة حُضُورجَسَد المسيح» ubiquity لا تستطيعان أَنْ تُبَيِّنَا كَمَالَ جَسَدِ المسيح ودمه، الأمْرالذي يَتَطَلَّبُهُ مَسِيحٌ عليه أن يُعْطِينَا حياةً. إنَّ الحضورَ المكاني لايستطيعُ أنْ يَتَغَلَّبَ على هذه المشكلة، كما هي مُمَثَّلَة في حقيقةِ أنَّ العناصرَ يَتِمُّ تَقْدِيمُهَا مُنْفَصِلةً. وهذا سَبَبٌ آخَر لعَدَمِ صِحَّةِهاتين العقيدتين. أمَّا الحَلُّ الذي أُقَدِّمُه أنا فهو أنَّ جَسَدَ المسيح ودم هحاضرين لنا إذْ نُرْفَعُ رُوحِيًّا لِنَشْتَرِكَ في المسيح بقوَّةِ الروح.
إنَّ حُضورَ المسيح في الإفخارستيا لابد أن يَتِمَّ وَصْفُهُ بكيفيةٍ تَحْفَظُ حقيقةَلاهُوتِهِ وناسُوتِهِ. ولذلك،
1. حضور المسيح لا يَجِبُ أن يُوصَفَ على أنه حَبِيسٌ لِحُدودِ العناصر المادِّيَّة، وإلا نَكُونُ قدسَلَبْنَاه مَجْدَه السمائي، وبالتالي نَكُونُ قد قَلَّلْنَا مِنْ طبيعته الإلهية.
2. حضور المسيح لا يَجِبُ أنْ يُوصَفَ بدون أَبْعَادِهِ المادِّيَّة، أوبكيفيةٍ تَجْعَلُ جَسَدَه حاضرًا في مَكَانَيْن مُخْتَلِفَيْن في نَفْسِ الوَقْت، أو تَجْعَلُهُ غَيْرَمَحْدُودٍ أو كُلِّيَّ الحُضور في السماء والأرض. وإلا تَكُون طبيعةُ المسيحِالإنسانيةُ غَير حقيقية، مما يُشَكِّلُ خُطُورَةً على خَلاصِنَا.
الضمير"هذا"، في "هذا هو جسدي" و"هذا هو دمي" (متّى26:26-28؛ مرقس22:14-24؛لوقا19:22-20؛ 1كو23:11-25)، يَفْهَمُهُ المؤمنون بعقيدة الاستحالة transubstantiation على أنه يُشيرُ إلىمَظْهَرِ الخبز والخمر. بينما يَفْهَمُهُ الحَرْفِيُّون literalists على أنه يُشيرُ إلى الجوهر، لكنهم عند شَرْحهمْ لوجهة نَظَرِهمْ، نجدهم يبتعدون عن فَهْمِهِمْ الحَرْفِيّ ويَقُولون إنَّ جَسَدَ المسيح هو مع وفِي وتَحْت الخبز.
ولكن كليهما خَطَأٌ، لأنَّهُما لا يَسْتَطِيعَان التفكيرَ في حُضُور جَسَد المسيح في العشاء بأيّ كيفيةٍ أُخْرَى، سِوَى في ارتباطه بالخبز. وبهذه الكيفية هُم لايُفْسِحُونَ مَكَانًا لِعَمَلِ الروح القدس السرِّي mysterious الذي يُوَحِّدُنَابالمسيح. فَهُمْ يَفْتَرِضُون أنَّ المسيحَ لا يَستطيعُ أنْ يَكُونَ حَاضِرًا إلابِنُزولِهِ إلينا، كما لو كُنَّا لا نَسْتطيع أن نَتَمَتَّعَ بِحُضورِهِ لورَفَعَنَا هو إليه. وهكذا، فبالرغمِ من أننا نُوافِقُ على حَقيقةِ حُضُورِ المسيح، إلا إننا نَخْتَلِفُ حَوْلَ كيفيةِ هذا الحضور. فبينما هم يُحْضِرُون المسيحَ إلىأَسْفَل، أرَى إنَّه مِنَ الخَطَأ أنْ نْنْزِلَهُ من السماء. فبما أن هذا سرٌّسمائيٌّ، فَلَيْسَتْ هناك ضرورةٌ لإنزالِ المسيحِ إلى الأرضِ لِكَيْ يَتَّحِدَبنا.
فهذاسِرٌّ لا يُمْكِنُ استيعابُهُ. وبصراحةٍ أكثَرَ، أنا أُفَضِّلُ أنْ أَخْتَبِرَهُ على أنْ أفْهَمَهُ. فَبِمَا أنَّ الربَّ يَقولُ "هذا هو جسدي ودمي"، وإنهما غذاءٌوشَرابٌ يُنْعِشان الجسدَ والروحَ، فأنا أَثِقُ في كلمات الرب، وأؤمنُ أنه حَاضِرٌبالحَقِّ في السرِّ. وبِتَنَاوُلِهِ، أنالُ تأكيدًا لقيامةِ وخُلودِ أجسادِنَا، إذْيُحْيِي جَسَدُ المسيح الخالدُ أجسادَنَا ويُشْرِكُهَا في خُلُودِهِ.
ليس من المُهِمّ أنْ يَكُونَ الخَمْرُ أبْيَضًا أمْ أحْمَرًا، أو أنْ يَكُونَ الخُبْزُمَكْسُورًا أو سَلِيمًا، أو أنْ يَكُونَ الخُبز مُخْتَمرًا أَمْ لا. فكل هذه الأمور مَتْرُوكَةٌ لِحُرِّيَّةِ الكنيسة. ولكن الإجراءَ السليم للعشاء يَكْمُنُ في مُمَارَسَتِهِ بِكَثْرَةٍ، على الأقل مَرَّةً أُسبوعيًّا. ويَجِبُ أَنْتَبْدَأَ الخدمةُ بصلاةٍ عَلَنِيَّةٍ، تَلِيهَا عظةٌ، ثم تُوضَعُ العناصر على المائدة قَبْل أنْ يَتْلُو القسُّ كلماتَ التأسيسِ القانونية للعَشَاء، مُعْلِنًاالوَعْدَ الذي يُؤَكِّدُهُ، ومَانِعًا كُلَّ مَنْ يَمْنَعُهُمْ الربُّ من الاشتراك فيه. ثُمَّ يَجِبُ تقديمُ صلاةٍ لِكَيْ يَأْتِي السرُّ بِثَمَرِهِ في حَيَاتِنَا بِتَنَاوُلِهِ بإيمانٍ. ويَجِبُ الإقرارُ بِعَدَم استحقاقِنَا قَبْلَ تَرنيم بَعْض المزامير أو قراءة أجزاء من الكتاب المقدَّس. وعندئذ يَتِمُّ تَوزيعُ العناصر. وفيالنهاية، لابد مِنَ الحَثّ على الإيمان الصادق وأَعْمَال المَحَبَّة. وأخيرًا، لابد من تقديم الشكر ورَفْع التسابيح لله.
إنَّ المعموديةَ هي سِرُّ الدخول للكنيسة والإقرارُ الأَوَّلِيّ بالإيمان. أمَّاالعشاءُ الرَبَّانِيّ فهو سِرُّ الغَذَاء المُسْتَمِر الذي يُغَذِّي به المسيحُ عائلَتَهُ رُوحيًّا. وبما أن هناك مَسيحٌ واحدٌ، هناك أيضًا معموديةٌ واحدةٌ.فالمعموديةُ لا يُمكنُ تكرارُهَا. أمَّا العشاءُ فَيَتَكَرَّرُ باستمرار. وحيثُ أنَّ هذه هي الأسرار التي أَسَّسَهَا الرَبُّ، لا يُمْكِنُ أن يَكُونَ هناكأَسْرَارٌ أُخْرَى. فَإِنَّ الأسرارَ يَتِمُّ تَعْيينُها مِنْ قِبَلِ الربَّ بِهَدَفِ تَوْجِيهِنَا لوعود الله وتأكيد مشيئته الصالحة مِنْ نَحْوِنَا. لذلك، لايُوجَدُ سِرٌّ لا يُصَاحِبُهُ وَعْدُ الخلاص. وحيثُ إَنَّه لا يُوجَدُ أَحَدٌيُمْكِنُهُ تَحْقِيق الخلاص سِوَى الله وَحْده، لذا فَكُلُّ البَشَرِ مُجْتَمِعِين لا يَسْتَطِيعُونَ تَأْسِيسَ سِرًّا، لأنهم لا يَستطيعون أنْ يُقَدِّمُوا أَيَّ تَأكيدٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَةِ الله (إشعياء14:40؛ رومية34:11).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.