حددت وكالة "بلومبرج" عدة سيناريوهات محتملة للسياسة النقدية بمصر في ظل تسجيل الجنيه أدنى مستوى في السوق السوداء، ونقص الدولار بالسوق الرسمية، وانخفاض الاحتياطي النقدي ليغطي ثلاثة أشهر فقط من الواردات، فضلًا عن اتساع العجز في الحساب الجاري. وقالت الوكالة: إن الضغوط تتزايد على مصر أكبر الدولة العربية سكانًا لخفض قيمة الجنيه لتخفيف نقص الدولار، الأمر الذي دفع المسئولين لطلب المساعدة من صندوق النقد الدولي، مقتبسة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، قوله: "إن مستقبل البلاد على المحك". وأوضحت أن أول سيناريو أمام الحكومة المصرية هو تعويم الجنيه مثلما فعلت "نيجيريا"، لكن الوكالة عادت وأكدت أن الذهاب مباشرة إلى التعويم الحر "ممكن" بالنسبة لمصر لكنه محفوف بالمخاطر". ونقلت عن ريهام الدسوقي، كبير الاقتصاديين في شركة أرقام كابيتال، أن التعويم الحر يتطلب أيضًا أن يكون لدى المواطنين الثقة في الحكومة بحيث يضخوا حيازاتهم من العملة الأجنبية في القنوات الرسمية". وتوقع ستة اقتصاديين، استطلعت وكالة بلومبرج آرائهم، ألا تتحرك مباشرة إلى التعويم الكامل. وقالت الوكالة إن مصر يمكنها تكرار محاولتها السابقة في جذب رأس المال الأجنبي خلال مارس الماضي، حينما خفض البنك المركزي الجنيه بنسبة تزيد على 13%، وخففت ضوابط رأس المال، ورفعت أسعار الفائدة وعرضت على المشترين الأجانب "حماية" ضد انخفاض قيمة العملة في المستقبل. وخفضت مصر قيمة عملتها مصر بنحو 25% في عام 2003 حيث سمح البنك المركزي للجنيه بالتحرك، لكن مع ضخ مستمر الدولارات في النظام المصرفي للحفاظ على بعض السيطرة على قيمتها واستمرت تلك السياسة لمدة عشر سنوات، وهي الفترة التي اجتذبت مصر مليارات الدولارات إلى أسواق الديون والأسهم، وبناء 36 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية بحلول نهاية عام 2010، لكن تلك السياسة انتهت في ديسمبر 2012. وتقول الوكالة، إن مصر لديها تاريخًا من التراجع عن التغييرات الاقتصادية إذا صادفت رد فعل غاضب، مدللة على ذلك بما حدث عام 1977، عندما ألغت الحكومة زيادة في سعر الخبز بعد اندلاع أعمال شغب في العاصمة. وفي الوقت نفسه، تدفق المساعدات الخليجية أثار العام الماضي بعض توقعات المستثمرين يمكن اعتماد سعر صرف أكثر مرونة، ولكن هذا لم يتحقق أبدا. وتصارع مصر بالفعل مع واحد من أعلى معدلات التضخم السنوية في منطقة الشرق الأوسط والذي يتجاوز 14%، وسياسات البنك المركزي في جوهرها كانت تدعم الدولار لتخفيف الضغط على نسبة ما يقرب من 50% من سكان مصر الذين يعيشون تحت أو قرب خط الفقر، وفقا للوكالة. وفقًا لهاني جنينة، رئيس قسم الأبحاث ببلتون، فإن الفشل في خفض قيمة من المرجح أن يمنع صفقة صندوق النقد الدولي، وبيع السندات الدولية ستصبح مكلفة للغاية، وسيتم حظر الاستثمار الأجنبي عن الدخول لمصر، والذي قال: "إن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار".