وسط فرحة عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، بالعمليتين اللتين شهدتهما ألمانيا، أمس الأول، بهجوم فى ولاية بادن فورتمبرج، الذى أودى بحياة امرأة وإصابة اثنين آخرين بسطور، والانفجار الآخر بأحد مطاعم ولاية بافاريا الألمانية فى مدينة أنسباخ والذى أوقع قتيلًا و12 جريحًا، وقبلهما عملية إطلاق النار والهجوم بفأس على ركاب أحد القطارات، تمسكت السلطات برفض الاعتراف بضلوع أى من «الذئاب المنفردة» للتنظيم فيها، رغم تبنى التنظيم رسميًا عملية القطار الأولى. وتسبب الانفجار الذى وقع أمس الأول، فى حالة من الذعر للمواطنين الألمان، خاصة بإعلان السلطات الألمانية، أن الشخص الذى قتل بالانفجار والمشتبه به فى تدبيره، لاجئ سورى فى ال27 من عمره، وقدم إلى ألمانيا قبل عامين، وأن الانفجار تم التخطيط له لتزامنه مع مهرجان موسيقى بحضور 2500 شخص، لكن هذا المهرجان تم إلغاؤه ودفع السلطات إلى إجلاء أكثر من ألفى شخص من المهرجان. وكان هذا رابع حادث عنيف تشهده ألمانيا خلال أسبوع، بعد الحادث الذى وقع الجمعة الماضى، بقتل مسلح ألمانى من أصل إيرانى يبلغ من العمر 18 عامًا تسعة أشخاص فى ميونيخ، يسبقه حادث القطار الذى نفذه طالب أفغانى عثر فى غرفته على علم لتنظيم «داعش» الإرهابي، وليخرج التنظيم بعدها بساعات معلنًا مسئوليته عن الهجوم. غير أن العمليات المتتالية التى وقعت فى ألمانيا، تكشف مدى خطة الذئاب المنفردة التى أصبحت تعبث فى الشارع الألماني، استجابة للتحريضات المستمرة التى يوجهها قيادات تنظيم «داعش» وأودت بحياة عشرات الأشخاص. وبدأت ألمانيا تدخل على خط الدول المستهدفة لدى تنظيم «داعش» فى 5 أغسطس 2015، وباتت رقمًا فى متوالية إرهابية لم يتوقف العد فيها حتى الآن، ففى ذلك التاريخ فقط بدأت ألمانيا تستشعر الخطر الحقيقي، فها هم اثنان من عناصر التنظيم يتحدثان اللغة الألمانية ويهددان بقطع رأس أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية، ليس فقط بل وجها خطابًا استقطابيًا إلى من وصفاهم ب«الأخوة والأخوات» ويقصدان بهم «مسلمى ألمانيا»، لتشجيعهم على النفير إلى أماكن سيطرة التنظيم، أو «استهداف الكفار داخل منازلهم» عبر عمليات «الذئاب المنفردة» التى تكتوى ألمانيا ودول أوروبا بعملياتها حاليًا. وتوجيه الدعوة العلنية للنفير لم تكن بداية الحركات الداعشية، بل مرحلة تلت العملية التقليدية التى تلجأ إليها أى جماعة أو دولة تهدف إلى استخدام عناصر دولة أخرى لتنفيذ مخططاتها، ألا وهى «الاستقطاب السري» للشباب وتهريبهم إلى أراضيها، وهو ما نجح فيه التنظيم بالفعل، ففى 20 يوليو من العام ذاته، أى قبل أسابيع من إذاعة التهديد، كانت القوات الألمانية قد ألقت القبض على شاب ألمانى داعشى سافر إلى سوريا وانضم إلى صفوف التنظيم لكنه لم يستطع المكوث فهرب، كاشفًا عن بعض مخططات داعش لضرب ألمانيا. من جانبه، قال سامح عيد، الباحث فى الجماعات الإسلامية، إن ألمانيا خلال السنوات الأخيرة لجأت لإهالة التراب على أفكار العنصرية والتفرقة، لذلك عملت على استيعاب جزء كبير من اللاجئين، وتعرض اللاجئين لمشاكل داخلية قد يجعلهم يقبلون على تنفيذ عمليات بحجة تعرضهم لمشاكل أو غيرها. وأوضح «عيد» فى تصريحات ل«البوابة»، أن السلطات الألمانية لجأت للتأكيد على أن منفذى العمليات الأخيرة تعرضوا لأزمات أو «مختلون عقليًا»، لتقليل الضرر الذى سيقع من إعلان وقوف داعش خلفها، ولو أنها تأكدت بنسبة 100٪ من تنفيذ التنظيم لها ستعلن ذلك. فى الوقت ذاته، أكد «عيد» أن «داعش» فى الفترة الحالية يلجأ لاستراتيجية «الضرب خلف خطوط العدو» فى الأراضى الأوروبية والأمريكية لتخفيف الضغط الواقع عليه من ضرب معقله فى الرقة بسوريا والموصل بالعراق وسرت بليبيا.