دعا سفير دولة فلسطين ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية جمال الشوبكي، إلى ضرورة متابعة المبادرة الفرنسية من خلال عقد مؤتمر دولي للسلام قبل نهاية العام 2016، لوضع حل جذري للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. وقال الشوبكي، خلال كلمته أمام مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين التحضيري لاجتماع وزراء الخارجية، والذي عُقد اليوم الخميس، في قاعة المؤتمرات بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، إنه لا بد من خروج المؤتمر الدولي بآلية دولية متعددة الأطراف تعمل على إنهاء كامل الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين والأراضي العربية المحتلة عام 1967، وفق أطر زمنية محددة للاتفاق والتنفيذ. وأضاف، أنه بعد انتظار طويل صدر في بداية الشهر الجاري تقرير اللجنة الرباعية الدولية بشأن وضع عملية السلام في الشرق الأوسط، قائلًا: "مع الأسف الشديد فإن هذا التقرير لم يكن متوازنًا، وساوى بين سلطة الاحتلال والشعب الفلسطيني الرازخ تحت الاحتلال"، مؤكدصا أنه لا بد من التركيز على حل الصراع وإنهاء الاحتلال، حيث جاء التقرير امتدادًا لأسلوب غير ناجع استمر لسنوات طويلة في إدارة الصراع دون رؤية واضحة لإنهائه. وأوضح، رغم أن التقرير تناول الاستيطان الإسرائيلي الذي ينهب الأرض والموارد الفلسطينية ويقضي على حل الدولتين وإمكانية تحقيق السلام، إلا أنه لم يضع أي آلية لوقف وإزالة الاستيطان بشكل فعلي. ودعا الشوبكي، اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط، إلى مراجعة موقفها وإعادة النظر في تقريرها الأخير الذي يتناقض في بعض مضامينه مع القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وينحاز في كثير من نقاطه إلى الرواية والمواقف الإسرائيلية. واستغرب الشوبكي، من ترشيح وانتخاب إسرائيل لرئاسة اللجنة القانونية (السادسة) للجمعية العامة للأمم المتحدة، في حدث غريب لم يكن ينبغي أن يحصل في الأممالمتحدة، معبرًا عن أسفه واستنكاره لهذا الحدث الذي يعتبر نقيصة في المنظومة الدولية، ذلك أن قوة الاحتلال غير مؤهلة لتولي مثل هذا المنصب، خاصة أنها تمتلك سجلًا مليئًا بانتهاكات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وقرارات الأممالمتحدة، وارتكاب جرائم يومية بحق الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته ومقدساته. وأوضح السفير الشوبكي، أنه لا تخفى عليكم النوايا الإسرائيلية بقلب مبادرات السلام الحقيقية وتفريغها من مضمونها، وخاصة سعي الحكومة الإسرائيلية وحلفائها إلى قلب مبادرة السلام العربية رأسًا على عقب، والقول زورًا بأن تحقيق السلام يحتاج أولًا إلى تطبيع العلاقات مع الدول العربية، ثم بعد ذلك تنفيذ استحقاقات السلام، وهذا ما يستمر نتنياهو بالترويج له، داخليًا وخارجيًا، حيث يدعي في كل مناسبة بأن العلاقات العربية الإسرائيلية في تطور مستمر، حتى أنه تحدث مؤخرًا عمّا أسماه "ثورة في علاقات إسرائيل مع بعض الدول العربية". وأشار الشوبكي، إلى كلمة نتنياهو قبل أيام في حفل تخريج طلاب في كلية الأمن القومي الإسرائيلية، التي قال فيها: "كنا ندعي بأن حل الصراع مع الفلسطينيين يمكننا من الوصول إلى سلام مع العالم العربي، لكن أعتقد أن هناك فرصة للعمل بشكل عكسي، وأن التطبيع وتطوير العلاقات مع العالم العربي، يمكن أن يساعدنا في التقدم نحو سلام مستقر أكثر مع الفلسطينيين". وقال: إننا هنا ومن على منبر الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية، نؤكد أن مبادرة السلام العربية التي أصبحت إحدى مرجعيات عملية السلام، ليست قابلة للقلب رأسًا على عقب، والذي يريد أن يشتري سلامًا وشرعية عليه أن يدفع الاستحقاقات أولًا وليس العكس. وأكد الشوبكي، أن مدينة القدس العربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية ما زالت تعاني من استمرار آلة التهويد العنصري التي لم تتوقف منذ احتلالها عام 1967، وما تزال مأساة اللاجئين الفلسطينيين متفاقمة منذ 68 عامًا بانتظار حق العودة وفقًا لقرار الأممالمتحدة رقم 194، وما يزال آلاف الأسرى الفلسطينيين قابعين في سجون الاحتلال بانتظار الحرية بل تستمر الممارسات الإسرائيلية في إيذاء المقدسيين والتضييق عليهم وهدم منازلهم وسحب هوياتهم وإحاطتهم بحزام استيطاني وجدار عنصري عازل.. وإن من واجبنا القومي العربي أن ندافع عن هذه المدينة ونحمي مقدساتها وأهلها الصامدين الصابرين، إضافة إلى قضية اللاجئين الفلسطينيين، والتي يجب أن يتم حلها وفقًا لقرار الأممالمتحدة رقم 194 لعام 1948، ويتوجب على العالم بما فيه دولنا العربية أن يدعم وكالة الأونروا للاستمرار بالقيام بواجبها تجاه اللاجئين الفلسطينيين دون تقليص لأي من خدماتها، وكذلك لا ننسى قضية الأسرى الذين تنتهك حقوقهم قوات الاحتلال يوميًا وتعرضهم لأبشع أنواع التعذيب المادي والمعنوي، بما في ذلك الاعتقال لفترات طويلة دون محاكمة، فيما يُسمى الاعتقال الإداري. وأشاد بجهود جمهورية مصر العربية، العضو العربي في مجلس الأمن، وبقية أعضاء المجموعة العربية في الأممالمتحدة، والتي تمكنت حتى الآن من إيقاف إصدار بيان من مجلس الأمن يؤيد تقرير اللجنة الرباعية، داعيًا المجموعة العربية في نيويورك إلى مواصلة التحرك والعمل مع المجموعات الدولية والإقليمية والدول الأعضاء في مجلس الأمن، من أجل عدم تأييد مجلس الأمن لتقرير اللجنة الرباعية الأخير. وأكد الشوبكي، تضامن دولة فلسطين، قيادة وشعبًا، مع شعوبنا العربية التي تواجه الإرهاب وتتصدى له بعزيمة وإصرار، كما نعبر أيضًا عن إدانتنا للهجوم الإرهابي الذي تعرض له المدنيون في مدينة نيس جنوبي فرنسا، ونعتبر أن مثل هذه الجرائم البشعة التي تطال الشرق والغرب بغض النظر عن الدين والعِرق، تؤكد بالدليل القاطع أن هذا الإرهاب أعمى ولا دين له، ويخالف كل الشرائع السماوية، والفطرة الإنسانية. وقال إنه في ظل إفشال دولة الاحتلال للمفاوضات الثنائية التي استمرت قرابة ربع قرن من الزمن دون تحقيق نتائج، وتعطيل إسرائيل لكل المراكب السائرة في ركب السلام وسد الطرق أمامها، رحبنا بالجهود الدولية والعربية الهادفة إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة المبادرة الفرنسية، وما تلاها من جهود ودعم مصري وأوروبي ودولي.