تفاصيل صادمة كشفت عنها منظمة العفو الدولية حول معاملة المهاجرين غير الشرعيين الذي يتخذون السواحل الليبية طريقا للوصول إلى أوربا . فاللاجئون والمهاجرون يفرون من جحيم الصراعات والحروب الأهلية في بلدانهم إلى جحيم أكبر في ليبيا حيث العنف الجنسي والانتهاك والاستغلال من قبل المليشيات شبه العسكرية في ليبيا. تفاصيل مخيفة ومريعة كشفتها منظمة العفو الدولية والتي التقت 90 لاجئًا ومهاجرًا غير شرعي نجحوا في عبور المتوسط إلى جنوبيإيطاليا عبر السواحل الليبية. الجرائم البشعة التي ترتكب بحق المهاجرين البؤساء قد تدفع إلى مطالبة منظمة العفو الدولية إلى ضرورة محاكمة القائد العام لقوات حلف الناتو ورؤساء الدول التي شاركت في إسقاط النظام الليبي السابق دون أن تضع سياسات آمنة لمرحلة الانتقال الآمن للسلطة. تقول مغدالينا مغربي، النائبة المؤقتة لمدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: من التعرض للاختطاف إلى الحبس تحت الأرض شهورا والتعرض للانتهاك الجنسي من جانب أعضاء الجماعات المسلحة إلى التعرض للضرب أو الاستغلال أو إطلاق النار من جانب المهربين والنخاسين أو العصبات الإجرامية . و تضيف مغربي : محن المهاجرين و الاجئين ترسم بتفصيل مروع الأهوال التي أجبروا على خوضها في ليبيا . وطالبت مغربي المجتمع الدولي أن يبذل قصارى جهده لضمان عدم اضطرار المهاجرين إلى الفرار إلى ليبيا أصلاً. وعلى الاتحاد الأوروبي، بل وعلى حكومات العالم أجمع، أن تعمل على زيادة عدد أماكن إعادة التوطين والتأشيرات الصادرة لدواع إنسانية زيادة كبيرة من أجل اللاجئين المستضعفين الذين يواجهون مشاق بالغة، مع ضآلة حجم الفرص المتاحة أمامهم في البلدان المجاورة التي فروا إليها في بادئ الأمر . كما طالبت حكومة الوفاق الليبي المدعومة دوليا بضرورة مرتكبي هذه الجرائم الى العدالة و محاكمتهم . قتل عشوائي وقالت العفو الدولية في تقرير لها نشرته اليوم السبت، إن معظم من التقتهم من ضحايا المتاجرين بالبشر؛ فقد احتجزهم المهربون فور دخولهم إلى ليبيا أو باعوهم للعصابات الإجرامية. ووصف العديد منهم كيف تعرضوا للضرب أو الاغتصاب أو التعذيب أو الاستغلال من جانب آسريهم. وشاهد البعض منهم آخرين وهم يلقون مصرعهم رميا بالرصاص على أيدي المهربين، بينما رأى آخرون أناسا تركوا فريسة للموت جراء المرض أو سوء المعاملة . ونقلت المنظمة عن مهاجر صومالي يدعى أحمد، عمره 18 عاماً، وقطع رحلة شاقة عبر الصحراء من السودان إلى ليبيا في نوفمبر 2015 قوله: "متى وصلت إلى ليبيا، يبدأ الصراع. فعندئذ يبدؤون في ضربك". وقال أحمد إن المهربين رفضوا إعطاءهم الماء على سبيل العقاب، بل إنهم أطلقوا النار عليهم عندما توسلوا طلباً للماء من أجل جماعة من الرجال السوريين الذين كانوا معهم في الرحلة والذين كانوا يلهثون عطشا . وأضاف أحمد: "مات أول سوري، وكان شاباً ربما في الحادية والعشرين من العمر. بعد ذلك أعطونا بعض الماء لكن السوري الآخر مات أيضا... لم يكن عمره يزيد على 19 عاما". وأضاف أن المهربين استولوا على مقتنيات المتوفين ولم يسمحوا بوقت كاف لدفنهما أما باولوس، وهو إريتري عمره 24 عاماً، فكان قد سافر عبر السودان وتشاد حتى وصل إلى ليبيا في أبريل 2016، وقد حكى كيف تخلى المهربون عن رجل معاق في الصحراء في أثناء الرحلة، عند عبورهم الحدود الييبية باتجاه مدينة سبها الواقعة جنوبي البلاد . وقال : "رأيناهم وهم يرمون الرجل من الشاحنة في الصحراء. كان لا يزال حيا. وكان معاقا . العنف الجنسي كما تحدثت منظمة العفو الدولية إلى 15 امرأة، معظمهن قلن إنهن كن يعشن في خوف دائم من العنف الجنسي طوال الرحلة إلى الساحل الليبي. وقالت كثيرات منهن إن الاغتصاب كان شائعا إلى حد أنهن تناولن حبوب منع الحمل قبل السفر كيلا يحملن لو اغتصبن. وأكد العاملون الطبيون إلى جانب الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين بثلاثة مراكز استقبال زارتها منظمة العفو الدولية في صقلية وبوغليا أن النساء أبلغن عن وجود العنف الجنسي بمعدل مرتفع في أثناء الرحلة. كما أكد العاملون في مركز الاستقبال في باري أن الكثيرات من المهاجرات واللاجئات يستعملن وسائل منع الحمل قبل بدء الرحلة خوفا من الاغتصاب. وقد جمعت منظمة العفو الدولية إجمالا 16 شهادة عن العنف الجنسي من الناجيات ومن شهود العيان. دروب ومسالك وطبقًا للمنظمة الدولية للهجرة، يأتي معظم الرعايا الأجانب المقيمين في ليبيا أصلا من النيجر ومصر وتشاد وغانا والسودان. ومعظم من يتخذون منها معبراً لاجتياز البحر بالقوارب إلى إيطاليا يأتون من إريتريا ونيجيريا وغامبيا والصومال وساحل العاج. ويعد المعبر الرئيسي للقادمين من غرب أفريقيا إلى ليبيا هو مدينة سبها الواقعة في جنوب غرب ليبيا. أما الوافدون إليها عبر السودان من الصومال وإريتريا وأثيوبيا فيمرون بالكفرة، ثم يرتحلون إلى أجدابيا في الشمال الشرقي. وتنطلق معظم القوارب المتجهة إلى أوروبا من شمال غرب ليبيا. وقبل الرحيل، يحتجز الرعايا الأجانب في المنازل والمزارع حتى يتم تجميع المزيد من أجل الرحلة البحرية وطالبت منظمة العفو الدولية الحكومة الليبية باتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة سيادة القانون وحماية حقوق اللاجئين والمهاجرين، وتقديم المسئولين عن هذه الجرائم المقيتة للمحاسبة. وأشارت إلى غياب القانون وانتشار العنف حيث نشأت تجارة مربحة، هي تهريب البشر، عبر طرق تمتد من جنوبي ليبيا إلى ساحل البحر المتوسط شمالاً حيث تبحر القوارب المتجهة إلى أوروبا، وتعيش ليبيا حالة إنفلات أمني منذ سقوط نظام القذافي عقب حرب حلف الناتو على ليبيا عام 2011 . وفي سياق متصل وصف فايز العريبي الإعلامي والكاتب السياسي الليبي تقرير منظمة العفو الدولية حول الجرائم التي تركب من قبل المليشيات بحق اللاجئيين والمهاجرين غير الشرعيين من قبل المليشيات شبه العسكرية، وتجار البشر بأنها حق يُراد به باطل. وأضاف العريبي في تصريح خاص لبوابة العرب: لماذا لم تتحدث العفو الدولية أو هيومن رايتس ووتش عن الانتهاكات الواسعة والجرائم التي تُرتكب من قبل المليشيات المجرمة بحق أبناء الشعب الليبي منذ عام 2011؟ وحتى الآن فهي لم تتوقف لحظة. وقال العريبي: إن ما يجري في ليبيا هو مسئولية المجتمع الدولي وحلف الناتو الذي مكن للمليشيات الإرهابية من السيطرة على الدولة وقدم لهم الدعم المالي والسلاح حتى يمكنهم من ذبح الليبيين وغير الليبيين.