سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالصور.. القاهرة تستعيد جمالها.. عودة الطابع المعماري الأصيل بتكلفة 600 مليون جنيه.. إنقاذ 500 مبنى أثري من الإهمال.. استخدام ألوان وإضاءة تعيد "باريس الثانية" لرونقها
في مشهد يعيد للأذهان ما سجلته السينما المصرية عن روعة جمال منظر عمارات وسط القاهرة، عادت هذه العمارات الآن بطابعها المعماري الأصيل، بعد أن قامت الدولة بإنقاذها من التدهور الذي لحق بها عبر عقود طويلة، بسبب التلوث البيئي والعوامل الجوية السيئة التي طمست واجهاتها وشوهت ملامحها وطرازها المعماري الذي ينتمي إلى أزهي عصور العمارات في أواخر القرن التاسع عشر. اتخذت محافظة القاهرة خطوات هامة لتجديد شباب القاهرة الخديوية تلك العمارات ذات الطابع الباريسي التي يرجع تاريخها إلى عهد الخديو إسماعيل منذ عام "1863 حتى عام 1879" وكانت تسمي في عهده "باريس الثانية"، حيث كانت في القاهرة في هذا الوقت طبق الأصل من العاصمة الفرنسية، ولكن في العقود الأخيرة تعرضت القاهرة إلى التشويه وغزتها العشوائيات وتشوهت مبان كثيرة ولكننا لم نلتفت إلى هذا ولم ندرك حق الجرمة التي ارتكبت في حق تاريخنا. وهذا المشروع يمثل الامل في استعادة تراثنا بمنطقة وسط البلد بعد أن تم اخلاؤها من الباعة الجائلين. وأشار محمود لبيب، مهندس بشركة المقاولون العرب ويشرف على أعمال التجديد: إن منطقة القاهرة تم تسجيلها كمنطقة تراثية طبقا للقانون رقم 119لسنة 2008، وأنها تعد بمثابة متحف مفتوح يستحق الحماية، موضحا أنه في عام 2008 أعلنت محافظة القاهرة عن مشروع لتطوير التراث القديم بالقاهرة الخديوية، إلا إن كل ذلك توقف عام 2011.. نظرا لظروف التي مرت بها البلاد وتسعي المحافظة الآن إلى إحياء أركان هذا المشروع من جديد. وسوف يتم التنفيذ على مدى عامين بتكلفة إجمالية تتراوح بين 500 إلى 600 مليون جنيه، وأنه ينقسم إلى عدة مراحل، المرحلة الأولى وتقدر تكلفتها إلى ما يقرب من 60 مليون جنيه تم توفيرها من المحافظة وشركة مصر للتأمين وملاك العقارات والمحال التجارية، كما خصص اتحاد البنوك 40 مليون جنيه لدعم المشروع، وساهمت وزارة السياحة بمبلغ يقدر 8 ملايين جنيه. وكذلك تم التعاون مع جهاز التنسيق الحضاري والشركة القابضة لإدارة الاصول العقارية التي تقوم بها بالإنفاق على الترميم، مشيرا إلى ما تم من أعمال بميدان التحريرِ سواء منطقة اعلي جراح التحرير أو تطوير واجهات مجمع التحرير تشمل أعمال التبليط والتشجير والنخيل وتطوير الشوارع التي تضم العقارات التاريخية، إضافة إلى البدء في ترميم خمسة عقارات تراثية ذات طراز معماري متميز في نفس الشارع وقد تم التفاوض مع اصحاب العقارات لتغيير اللافتات والديكورات المخالفة. وتابع: أن احياء وسط البلد تحتوي على أكثر من 500 مبني من المباني الآثرية، وتم الانتهاء بالفعل من احدي مراحل المشروع بافتتاح شارع الالفي وميدان عرابي ومن تطوير ميدان طلعت حرب، وشمل هذا التطوير أعمال الترميم والصيانة الانشائية والمعمارية واعادة الطلاء ومعالجة واجهات العقارات وتجديد كل المرافق التحتية ورفع الإعلانات من على جدرانها، مشيرًا إلى أنه جار العمل في مناطق أخرى منها بعض الميادين كميدان رمسيس وذكر أن المشروع يعد المرحلة الثانية لتحديث منطقة القاهرة الخديوية ويشمل ترميما كاملا واعادة طلاء العقارات المطلة عليها وتطوير الشوارع مثل "عماد الدين وسور الازبكية والشواربي"، وجعله مخصصا للمشاة ورفع الاشغالات عن الطريق وتجديد الأرضيات والأرصفة مع تزويد هذه الأماكن بمقاعد رخامية وكذلك تطوير شارعي قصر النيل و26 يوليو، إضافة إلى تجديد الواجهة النيلية لكورنيش النيل بين كوبري قصر النيل وكوبري أكتوبر على مرحلتين وتخصيص ممشي للمواطنين على سفح مياه النيل وتزويده بنظم انارة حديثة. كما أن المحافظة أصدرت قرارا بإخلاء وسط البلد من الأنشطة الملوثة للبيئة من الأماكن المزدحمة كمنطقة درب السعادة والمناصرة إلى منطقة صناعية بالقطامية، وسيتم تطوير شارع السبتية ضمن خطة المحافظة لتطوير ورفع كفاءة المحاور المؤدية إلى وسط البلد التي كان يحتلها الباعة الجائلين. وأضاف محمد شعبان، صاحب متجر في شارع عماد الدين، قبل عام 1980 جاء اهتمام الجمهور للفنانين الكبار مثل الفنان على الكسار من خلال عملهم في الشارع، وذلك لجمال إطلالة المباني ذات الطراز المعماري الأصيل. وتابع شعبان: أن عمدان الإنارة التي تم تثبيتها وإصلاحها بالشوارع مع الألوان المستخدمة في طلاء المباني أعطت البهجة من جديد بالشوارع، فهي الآن تعبر عن مظهر جماليا وحضاريا لوسط المدينة، مشيرًا إلى أن الشركة تقوم بإصلاحات عديدة فهي تشمل إصلاح أي مشاكل هيكلية وشبكات الصرف الصحي حتى لا تتلف المباني، فهم يستخدمون الصور القديمة من المباني لتحديد ملامح التصميم الأصلي وأخذ عينات من المواد المستخدمة في كل مبنى حتى يتمكنوا من تكرار أعمال الترميم لها. وأعتقد محمد الصالح صاحب متجر لأدوات الكهربائية في وسط البلد، أن تنظيف وتغيير الشوارع ينبغي أن يكون له أولوية، ومع ذلك يقول: "إن تجديد شارع عماد الدين ممتاز جدا بجانب المظلات التي بنيت على مقاعد المشاة في الشارع، مؤكدا أن "الشوارع الآن لا يمكن مقارنتها بما كانت عليه في الماضي، الهدف النهائي لنا هو استعادة كل مبنى كان في ذاكرة عقول ساكني وسط القاهرة.