تتهافت الناس خلال شهر رمضان الكريم على محال الحلوي، كنوع مهم من الطقوس التي أعتادوا عليه منذ قديم الزمان، فيشتهر رمضان بعدد من الحلوي التي يقبل الناس عليه بشكل لافت وبحفاوة شديدة، لم يتشهدها بقية أشهر العام، ومن أهم تلك الحلوي "القطائف". "القطائف"أرجع المؤرخون أصل تسميتها إلى تشابه ملمسها مع ملمس قماش القطيفة وقيل أيضًا إنه عندما قدمت إبان العصر المملوكي اتخذت هذا الاسم، وذلك حين قدمت كفطيرة محشوة ليقطفها الضيوف فلقبت فطيرة القطف، ثم تحول الاسم عن طريق دخول العامية فتحولت إلى "قطايف". عرفت القطائف في العصر العباسي وفي أواخر العصر الأموي، وتفيد الآثار أن العرب يتفننون بصناعتها بإعداد فرن صغير مرتفع عن الأرض بنحو 40 سم خصيصًا لعمل القطايف، ويوضع عليه صينية من حجر الزهر، كما يُستخدم أيضًا حلة ومصفاة للعجين وكبشة ومقطع "سكينة الحلوانى" لرفع أقراص القطايف بعد تسويتها، إضافة إلى قُمع صغير يوضع فيه العجين السائل، الكنافة والقطايف يتنافسان على مائدة الشعر العربي. لقد عرفت القطائف بأن هناك عداوة بينها وبين الكنافة كما ذكر في الثقافة العربية وبخاصة في الشعر، حيث تغنى بها شعراء بني أمية ومن جاء بعدهم ومنهم ابن الرومي الذي عُرف بعشقه للكنافة والقطايف، وسجل جانبًا من هذا العشق في أشعاره، كما تغنى بها أبو الحسين الجزار أحد عشاق الكنافة والقطايف في الشعر العربي إبان الدولة الأموية وكان مما قاله فيها: مالي أرى وجه الكنافة مُغضبًا ولولا رضاها لم أرد رمضانها -تُرى اتهمتني بالقطايف فاغتدت تصُدُ اعتقادًا أن قلبي خانها،ومُذ قاطعتني ما سمعت كلامها لأن لساني لم يُخاطب لسانها، ولا عجب أن ترد الكنافة والقطا يف في قصائد رواد الشعر العربي أمثال: ابن نباته الشاعر المصري المعروف، والإمام البوصيرى صاحب البردة، وأبو الهلال العسكري، والسراج الوراق، والمر صفى، وصلاح الدين الصفدى، وسيف الدين بن قزل، وزين القضاة السكندري.. إلى جانب الشعراء والأدباء المصريين في العصر الحديث يبينها الشعر العربي القديم. ويظهر هذا جليًا في شعر ابن عينين وهو يصور هذا الخصام فيقول: غدت الكنافة بالقطائف تسخر، وتقول: إني بالفضيلة أجدر، طُويت محاسنها لنشر محاسني، كم بين ما يطوى وآخر ينشر، فحلاوتي تبدو وتلك خفية، وكذا الحلاوة في البوادي. ويقول الشاعر المصري ابن رفاعة نائب الأمير ناصر الدولة في الكنافة: وافي الصيام فوافتنا كنافته، كما تسنمت الكثبان من كثب. وهناك العديد من الحكايات التي وردت عن القطائف ومنها، قصة القطايف في حضارتنا العربية الإسلامية معروفة حيث روت كتب التاريخ قديما أن اصلها من "الاندلس" حيث عرفها العرب هناك وخاصة في مدن مثل غرناطة واشبيلية، ثم انتقلت هذه الفطيرة العربية القطايف إلى بلاد الشرق العربي خلال الحكم الإسلامي. وتذكر بعض الروايا أن القطايف ترجع إلى العصر الفاطي وليس العباسي، حيث كان يتنافس صنّاع الحلوى لتقديم ما هو طيب من الحلويات، وقد ابتكر أحدهم فطيرة محشوة بالمكسرات وقدمها بشكل جميل مزينة في صحن كبير ليقطفها الضيوف، ومن هنا سميت القطايف. وهناك بعض المعلومات الغير معروفة عن القطائف ومنها، أنها تقدم في بعض الأحيان في دول المشرق العربي نيئة بإضافة القطر إليها دون شي أو قلي، وتسمى عندها "قطايف عصافيري"، بالإضافة لبعض الدول القريبة من الشرق الأوسط، توجد القطايف أيضا في كوريا، مع بعض الاختلافات، وتسمى هناك "ماندوغوا"، تأكل القطايف في بعض الأحيان كمقبلات قبل الإفطار في بعض الأماكن مثل مدينة نابلس الفلسطينية، أكبر حبة قطايف في العالم تم تحضيرها في مدينة بيت لحم الفلسطينية عام 2010، ودخلت موسوعة جينيس للأرقام القياسية، حيث بلغ وزنها 50 كيلو جرام، وقطرها 3 أمتار، وتطلب إعدادها مشاركة 15 عاملا، ورغم حجمها الكبير إلا أن إعدادها تطلب أقل من 3 دقائق.