بخلاف اسمه الأشهر في السلسلة الناجحة التي حملت اسم الراحل إسماعيل يس، اشتهر الفنان الراحل رياض القصبجي كذلك ب"أبو الدبل"، والذي ساقه القدر ليعمل في بداية حياته العملية كمساري بالسكك الحديدية، ولكن لحبه واهتمامه المبكر بالتمثيل انضم إلى فرقة التمثيل الخاصة بالسكة الحديد، وأصبح عضوًا بارزًا بها، ثم انضم لفرق مسرحية عديدة، منها فرقة الهواة، وفرقة أحمد الشامي، وفرقة على الكسار، وفرقة جورج ودولت أبيض، وأخيرا فرقة إسماعيل يس المسرحية؛ ليبدأ مع الفنان الكوميدي الأشهر سلسلة من النجاحات اكتسب فيها الاسم الذي عرفه الجميع "الشاويش عطية"، ومن أبرز أعمالهما "إسماعيل ياسين في الأسطول، وفي البوليس الحربي، وفي مستشفى المجانين، وفي الطيرن" وكذلك شارك في "العتبة الخضراء، ابن حميدو، الآنسة حنفي، لوكاندة المفاجآت"، حيث بلغ عدد الأفلام التي شارك فيها أكثر من 150 فيلمًا؛ وتزوج أربعة سيدات كانت إحداهن إيطالية لمدة عام، بينما استمر زواجه مع سعاد التي أنجب منها ابنه فتحي حتى وفاته، كما أنجب ابنه محمود من زوجته الأولى وجيدة. في بداية الستينات مرض القصبجي وتم نقله إلى المستشفى، وهناك اكتشف الأطباء إصابته بشلل نصفي في الجانب الأيسر نتيجة ارتفاع ضغط الدم ولم يستطع أن يغادر الفراش؛ ولم يستطع أيضًا سداد مصروفات العلاج وفي أبريل عام 1962 كان المخرج حسن الإمام يقوم بتصوير فيلم "الخطايا" الذي انتجه عبد الحليم حافظ، وأرسل الامام إلى القصبجي للقيام بدور في الفيلم، وكان قد سمع بأن القصبجي قد تماثل للشفاء بعد الشلل الذي أصابه وأنه بدأ يمشي ويتحرك، فأراد أن يرفع من روحه المعنوية وكان الدور مناسبا جدا له؛ جاء الشاويش عطية إلى الاستوديو ودخل البلاتوه مستندًا على ذراع شقيقته وتحامل على نفسه ليظهر أمام العاملين في البلاتوه أن باستطاعته أن يعمل؛ لكن المخرج أدرك أن الشاويش عطية ما زال يعاني وأنه سيجهد نفسه كثيرا إذا ما واجه الكاميرا فأخذ يطيب خاطره ويضاحكه وطلب منه بلباقة أن يستريح وألا يتعجل العمل قبل أن يشفي تماما وأنه أرسل إليه لكي يطمئن عليه، لكن الشاويش عطية أصر على العمل وتحت ضغط وإلحاح وافق حسن الامام على قيامه بالدور. وقف الشاويش عطية يهييء نفسه في مواجهة الكاميرا، مضت لحظة سكون قبل أن ينطلق صوت الكلاكيت وفتحت الكاميرا عيونها على القصبجي الذي بدأ يتحرك مندمجًا في أداء دوره، وفي لحظة سقط في مكانه، وانهمرت الدموع من عينيه وهم يساعدونه على النهوض ويحملونه بعيدا عن مكان التصوير، وعاد إلى بيته حزينًا، وكانت آخر مرة يدخل فيها بلاتوه وآخر مرة يواجه فيها الكاميرا. بعد عام من تلك الواقعة، وتحديدًا في 23 أبريل عام 1963 رحل رياض القصبجي تاركًا أنفاسه الأخيرة في عالمنا، عن عمر ناهز الستين عامًا، عاما بعد أن قضي سهرة الوداع مع عائلته، وتناول خلالها الطعمية، واستمع إلى صوت أم كلثوم الذي يعشقه عبر الإذاعة. ولم تجد أسرته ما يغطي تكاليف جنازته، وظل جسده مسجي في فراشه ينتظر أن يجمعوا تكاليف جنازته ودفنه حتى تبرع بكل هذه التكاليف أحد المنتجين.