معاوية بن صخر بن حرب بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشيّ الأمويّ المعروف ب" معاوية بن أبي سفيان" هو أحد أبناء أبو سفيان بن حرب وأول خلافاء الدولة الأموية، كان واليًا على الشام زمن خلافة عثمان بن عفان وبعد حادثة مقتل عثمان أصبح على بن أبي طالب الخليفة بعده فاختلف معه معاوية إلى أن قُتل على من قبل ابن ملجم ثم تنازل الحسن بن على عن الخلافة لمعاوية وفق عهد بينهما. وأسس معاوية الدولة الأموية واتخذ دمشق عاصمة له. تولى معاوية قيادة جيش امداد لإخيه يزيد بن أبي سفيان في خلافة أبو بكر، وأمره أبو بكر بأن يلحق به فكان غازيا تحت أمرة أخيه، وقاتل المرتدين في معركة اليمامة، ومن بعد ذلك أرسلهُ الخليفة أبوبكر مع أخيهِ يزيد لفتح الشام وكان معه يوم فتح صيدا وعرقة وجبل وبيروت من سواحل الشام. تولى معاوية بن ابي سفيان ولاية الأردن في الشام سنة 21ه في عهد عمر بن الخطاب. وبعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان في طاعون عمواس، ولاه عمر ولاية دمشق وما يتبع لها من البلاد، ثم جمع له الخليفة عثمان بن عفان على ولاية الشام كلها، فكان من ولاة أمصارها. وبعد موت عثمان سنة 35ه اختلف مع خليفة المسلمين على بن أبي طالب ونادي بأخذ الثأر من قتلة الخليفة عثمان ابن عفان وحرض على قتالهم. وفي تلك الأثناء حدثت موقعة الجمل، وبعد موقعة الجمل ثم موقعة صفين بين جيشي معاوية وعلي رضي الله عنهما ثم جاءت فتنة التحكيم، وبعد مقتل أمير المؤمنين على بن أبي طالب تولى الحسن بن على الخلافة، فوقع الخلاف أيضا بينه وبين معاوية إلا إن الحسن رضي الله عنه حقن دماء المسلمين وتنازل لمعاوية بناء على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم اذي اخبره فيه بأنه سوف يحقن به فتنة بين فئتين عظيمتين من المسلمين وأقام عهدًا مع معاوية ينص على أن الأمر يعود للمسلمين لاختيار خليفتهم بعد وفاة معاوية، وبموجب ذلك العهد تسلم معاوية الحكم فأصبح خليفة المسلمين في دمشق عاصمة دولة الخلافة الإسلامية. بعد العهد الذي ابرمه معاوية مع الحسن بن على بن أبي طالب بايعه المسلمون سنة 41 ه، فسميّ ذاك العام بعام الجماعة، لاجتماع كلمة المسلمين فيه وأصبح معاوية بن ابي سفيان خليفة جميع المسلمين وأتخذ من دمشق عاصمة ومقرًا للخلافة الأموية والدولة الإسلامية وعمل في فترة خلافتهِ على توحيد البلاد الإسلامية وتقوية أواصر الدولة، وهو مؤسس لأكبر دولة إسلامية في التاريخ، وهي الدولة الاموية. استأنف رضي الله عنه الفتوحات الإسلامية، اتسعت رقعة بلاد المسلمين جهة بلاد الروم، وبلاد السند، وكابل، والأهواز، وبلاد ما وراء النهر، وشمال أفريقيا، حتى وصلت إلى أكبر اتساع للدولة الإسلامية، وقد أنشأ معاوية أول أسطول حربي في تاريخ الإسلام وفتح به جزيرة قبرص وصقلية ومناطق وجزر في البحر الأبيض المتوسط. استطاع معاوية أن يضيق الخناق على الدولة البيزنطية من حدود دولته بالحملات المستمرة والاستيلاء على جزر رودس وأرواد، وقد كان لجزيرة ارواد على الساحل الشامي في سوريا أهمية خاصة لقربها من القسطنطينية، حيث اتخذ منها الأسطول الإسلامي في حصارهِ الثاني للمدينة أو حرب السنين السبع 54 60 ه قاعدة لعملياته الحربية، وذلك أن معاوية أعد أسطولًا ضخمًا وأرسله ثانية لحصار القسطنطينية، وظل مرابطًا أمام أسوارها من سنة 54 ه إلى سنة 60 ه، وكانت هذه الأساطيل تنقل الجنود من هذه الجزيرة إلى البر لمحاصرة أسوار القسطنطينية، وقد أرهق هذا الحصار البري والبحري والبيزنطيين كما انزل جيش المسلمين بالروم خسائر فادحة، وعلى الرغم من ذلك فلم يستطع المسلمون فتح القسطنطينية. ومن أجل بناء أسطول إسلامي بحري قوي، أقام معاوية دارًا لصناعة السفن البحرية في مدن ساحل الشام وفي جزيرة الروضة، كما نفذ معاوية خطة لنقل أعداد من العرب المسلمين إلى الجزر في البحر الأبيض المتوسط لحمايتها ونشر الإسلام على ربوعها. فتم نزول المسلمين بصقلية عام 48ه، واستطاع فضالة بن عبيد الأنصاري فتح جزيرة "جربا" عام 49ه. تولى معاوية أمر الأمة، وهي أقسام ثلاثة: القسم الأول: شيعة بني أمية من أهل الشام والجزيرة ومن غيرهم في سائر الأمصار الإسلامية الذين كانوا ينادون بأخذ الثأر من قتلة خليفة المسلمين عثمان ابن عفان رضي الله عنه. القسم الثاني: شيعة على بن أبي طالب وهم الذين كانوا يحبونه ويرون أنه أحق بالأمر من معاوية وغيره وأن ذريته أحق بولاية أمر المسلمين من غيرهم ومعظم هؤلاء كانوا ببلاد العراق وقليل منهم بمصر. القسم الثالث: الخوارج وهم أعداء الفريقين يستحلون دماء مخالفيهم ويرونهم مارقين من الدين، وهم أشداء الشكيمة متفانون فيما يعتقدون، يرون أن أول واجب عليهم قتال معاوية ومن تبعه وقتال شيعة على لأن كلا قد ألحد على زعمهم في الدين ومع ما بينهم من هذا التباين كانت أمة متمتعة بصفة الشجاعة والإقدام، ومثل هذه الأمة تحتاج لسياسة حكيمة في إدارة شئونها وإفاضة ثوب من الأمن عليها، أما معاوية نفسه فلم يكن أحد أوفر منه يدًا في السياسة، صانع رؤس العرب بالاحتمال والصبر على الأذى والمكروه، وكانت غايته في الحلم لا تدرك وعصابته فيه لا تنزع. كان الذي يهم معاوية ويقلقه أمر الخوارج لأنهم قوم قلما ينفع معهم حسن السياسة لأنهم قوم غلوا في الدين غلوًا عظيمًا وفهموا كثيرًا منه على غير وجهه، فقاتلهم معاوية ولاحق الخارجين على سلطة الدولة وعلى تعاليم الإسلام.