ولدت فاطمة قبل البعثة المحمدية بسنوات خمس، ورباها النبى «صل الله عليه وسلم» على المنهج الربانى، وتحملت «الزهراء» مسئولية العناية بشقيقاتها حينما كلف الله رسوله بالنبوة، فورد فى السيرة، أن السيدة زينب حينما علمت بأن أباها أصبح نبيًا جلست، فجاءتها فاطمة قائلة: «يا زينب أما يرضيك أن يكون أبوك رسول هذه الأمة». عايشت «الزهراء» أصعب اللحظات التى مرت على أبيها، ما بين إيذاء قريش، وحصار شعب أبى طالب، ووفاة أمها خديجة وجدها أبوطالب، ودومًا ظلت أقرب بنات الرسول لقلبه، وحينما جاء الأمر للرسول بالهجرة إلى المدينة، فرحت فاطمة حيث اصطحبت معها شقيقتها أم كلثوم وهاجرا سويًا. تمت خطبة الزهراء، حينما بلغت مبلغ النساء لعلى بن أبى طالب، فى الأول من ذي الحجة عام 2 هجرية و623 ميلادية، وكان يوم زواجها من أسعد المناسبات للنبى صل الله عليه وسلم، حيث أمره الملاك جبريل بتزويجها بقوله له: إن تلك مشيئة الله سبحانه وتعالى، وأعلمه أن ملائكة السماء احتفلت بزواجهما هى وعلى قبل أهل الأرض. لم يطق أبوها بعادها عنه، وعزم على أن تكون جارته، وهو ما تحقق له، وظل منذ استقرارها بجانبه وجوارها له يزورها كل صباح، فإذا أذن للصبح، كان يأخذ بعضادتى باب بيتها ويقول: «السلام عليكم أهل البيت ويطهركم تطهيرًا». رزقت فاطمة بخمسة أبناء هم: «الحسن، والحسين، والمحسن، وزينب، وأم كلثوم». كانت فرحة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بهم كبيرة، فقد روى أنه لما ولد الحسن سماه والده «حربًا» فجاء الرسول فقال: «أرونى ابنى، ما سميتموه؟» قالوًا : حربًا.. قال «بل هو حسن». وكان من عادة «النبى صلى الله عليه وسلم» أن يبيت فى بيت فاطمة حينًا بعد حين، ويتولى خدمة أطفالها بنفسه،، ففى إحدى الليالى سمع الحسن يستسقى، فقام إلى قربة فجعل يعصرها فى القدح، فمد الحسين يده ليتناول الماء، فنحاه عنه وبدأ بالحسن، فقالت فاطمة: كأنه أحب إليك؟ فقال: «إنما استسقى أولًا». وكانت فاطمة رضوان الله عليها، إذا دخلت على رسول الله أخذ بيدها، ورحب بها وأجلسها فى مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت له ورحبت به وأخذت بيده فقبلتها، وحينما دخلت عليه فى مرضه الذى توفى فيه أسر لها شيئًا فبكت، ثم أسر إليها فضحكت، فلما توفى رسول الله سألتها عائشة عن ذلك فقالت: أسرّ إلىّ فأخبرنى أنه ميت فبكيت، ثم أسرّ إلىّ أنى أول أهل بيته لحوقًا به فضحكت. ولم تمكث فاطمة بعد وفاة أبيها طويلًا، فلحقت به بعد أشهر قليلة، ولما حضرتها الوفاة تولت أمر غسل نفسها بيدها، وقالت لصاحبتها أسماء بنت عميس، بعد أن اغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل: يا أمة آتينى بثيابى الجدد فلبستها ثم قالت: قد اغتسلت فلا يكشفن لى أحد كفنًا، ثم تبسمت، ولم تر مبتسمة بعد وفاة أبيها، إلا ساعة فارقت الحياة.