أصدرت 50 حركة سياسية وحزبًا ومنظمات وطنية وائتلافات للدفاع عن حقوق المرأة بيانًا استنكرت فيه ما يجري الآن من العمل على مصادرة حق أساسي وأصيل للشعوب وهو الحق في التنظيم، حيث خرجت وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية بمشروع قانون جديد للجمعيات والمؤسسات الأهلية، أقل ما يمكن وصفه بأنه نموذج للقوانين القمعية والتي تعيد إنتاج السلطوية، كما فشلت وزارة التضامن الاجتماعي في تمرير هذا القانون في عهد مبارك، عادت لتقدمه في ظل سلطة المجلس العسكري بعد تعديلات جعلته أكثر سلطوية فتم رفضه من لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري، وبعد ذلك تعود الحكومة وتقدمه الآن بعد إجراء تعديلات إضافية عليه تستهدف العصف بحرية التنظيم بشكل عام وليس المجتمع المدني فحسب. وأشار البيان أن المشروع الجديد يعكس في أول مواده الخاصة بالتعريفات قدرًا كبيرًا من عدم فهم لمعنى المجتمع المدني، ففي المادة “,”1“,” بند “,”1“,” يقصر تعريف العمل الأهلي على الأهداف الإنسانية والتنموية دون الحقوقية والتي تعد أساسًا من أسس أهداف العمل الأهلي، كما يحظر في المادة “,”11“,” بند “,”5“,” إجراء مشروعات في مجال العمل الأهلي دون موافقة الجهات المعنية وهو ما يسمح بالهيمنة الحكومية على جميع أنشطة العمل الأهلي، بالإضافة لوضع العوائق المالية أمام تأسيس المؤسسات الأهلية، ففي تعريف المؤسسة في المادة “,”1“,” باعتبارها “,”شخصًا اعتباريًا ينشأ بتخصيص شخص أو أكثر من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين أو منهما معًا، ما لا يقل عن مائتين وخمسين ألف جنيه عند التأسيس“,”، ثم يحوّل هذا المبلغ إلى مال عام في المادة “,”3“,”، وهذه المادة تحرم الكثير من الفئات من حقهم في تأسيس مؤسسة أهلية، وتجعله قاصرًا على من يمتلك هذه الاستطاعة المالية، أو يجبر على أخذ شكل الجمعية الأهلية. وأدانوا في البيان، تدخل الأمن في شئون المنظمات وإعاقة أنشطتها فجاء مشروع القانون ليقنن التواجد الأمني ويعترف بدوره وينص صراحة على تعدد الأجهزة الأمنية والحكومية التي لها الحق في التدخل في عمل المنظمات وإعطائها الموافقة على الحصول على التمويل، ما يسمح للحكومة بالسيطرة والتحكم في المنظمات غير الحكومية ويفقدها الاستقلالية، فالمادة “,”57“,” الخاصة ب“,”إنشاء لجنة تنسيقية للبت في كل ما يتعلق بنشاط المنظمات الأجنبية غير الحكومية في مصر والتمويل الأجنبي، وتشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء برئاسة الوزير المختص وعضوية ممثلين للوزارات والجهات الآتية يختارهم الوزراء المعنيون: ممثل لوزارة الخارجية، ممثل لوزارة العدل، نائب لرئيس مجلس الدولة يختاره رئيس المجلس، وزارة الداخلية، ممثل لوزارة التعاون الدولي، ممثل لوزارة الشئون الاجتماعية، ممثل لهيئة الأمن القومي، ممثل للبنك المركزي. وشددوا في البيان على تجاهل الحكومة لمواقف المنظمات غير الحكومية الرافضة لهذا القانون، وإسراعها بإرسال مشروع القانون إلى مجلس الشورى، دون أن يتم إجراء حوار مجتمعي واسع وجاد، بل أربكت المنظمات غير الحكومية من خلال طرح مسودات جديدة من جانب “,”الإخوان المسلمين“,” عبر إحدى وزاراتها، بالإضافة لعدة مسودات قديمة وصلت إلى 7 مسودات، وهو ما يؤكد عدم جدية الحكومة في إجراء حوار جاد، وأنها كانت تستهدف حوارًا شكليًا تستطيع من خلاله تمرير ما تريده. ورفض الموقعون على البيان القوانين المطروحة من جانب الحكومة، مؤكدين أهمية وجود تشريعات تحرر وتفعل دور المجتمع المدني وباقي التنظيمات من أحزاب ونقابات.. الخ.. وتطالب بتشريعات تنطلق من مطالب الثورة وتبدأ من حيث انتهت الحوارات الجادة التي أعقبت الثورة وأنتجت مشروعات قوانين متطورة في هذا المجال مثل: قانون الجمعيات المقدم من 56 منظمة، وقانون الحريات النقابية الذي تم حفظه في أدراج المجلس العسكري. وأكد الموقعون عدم انفصال قضيه الدفاع عن حرية التنظيم عن قضايا الوطن وآماله في الحرية والديمقراطية، فحرية المجتمع المدني أصبحت جزءًا أساسيًا من مؤشرات قياس مستوى الديمقراطية في أي دولة، كما كان المجتمع المدني في تجارب التحول الديمقراطي الحديث هو إحدى دعائم هذا التحول، وإذا كان لنا أن نصل إلى قوانين تساهم في تحول ديمقراطي فلابد الخروج من هذه الذهنية القمعية والابتعاد عن رموزها عند صياغة قوانين مصر الثورة.