سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تصفية قيادات "داعش" بالعراق.. مقتل ولاة وعسكريين ومسئولي استخبارات.. "فهمي": نتيجة زيادة التنسيق مع قوات التحالف.. "رفعت": دليل على انحساره في مناطق محددة.. "البحيري": بداية لانهيار التنظيم
اتجهت القوات العسكرية العراقية وقوات التحالف الدولي، والقوات المحلية الشيعية والسنية الموالية للحكومة، في الفترة الأخيرة إلى التركيز على اغتيال قيادات تنظيم داعش الإرهابي، كأبرز تكتيكات مكافحة التنظيم، لا سيما خلال معارك تحرير المدن الكبرى. وكان مجلس قضاء الخالدية في محافظة الأنبار العراقية، أعلن أمس الخميس، عن مقتل أبو معاذ البغدادي، المسئول العسكري لداعش في المنطقة، وثلاثة من معاونيه منهم أبو مصطفى المهاجر، مسئول التفخيخ لدى التنظيم في تلك المنطقة. وهو مايقع ضمن سلسلة من اغتيال رءوس التنظيم، بدأت قبل أسبوع من تلك الحادثة بإعلان المديرية العامة لقوات مكافحة الإرهاب، التابعة لمجلس أمن إقليم كردستان في العراق، في بيان لها، مقتل علي الأسود مسئول الاستخبارات لدى داعش والمشرف على أمن زعيمه أبو بكر البغدادي، بالإضافة إلى نائبه أبو عبد الرحمن، وقصيّ الراوي والي التنظيم على قضاء الدبس، بالتنسيق مع طائرات التحالف الدولي قرب قرية تل عزبة. ومع بدء معركة تحرير مدينة الفلوجة، التي أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبدي عن انطلاقها الإثنين الماضي، نجحت القوات العراقية في قتل حجي حمزة والي التنظيم في الفلوجة وعدد من معاونيه، وإصابة أربعة أخرين، إثر غارة للتحالف الدولي شرق مدينة الرمادي. وفي الأربعاء الماضي أعلنت قوات الحشد الشعبي الشيعية قتل قاسم عكاب، والي داعش في قضاء الكرمة شرق الفلوجة، مع ستة من مساعديه. وكان عدد من قيادات التنظيم وولاته في مدن استراتيجية قد تمت تصفيتهم خلال الشهور الأخيرة، أبرزهم سنان متعب والي التنظيم في مدينة هيت، والذي لقي مصرعه مع 22 من مساعديه إثر قصف جوي عراقي في العاشر من مارس الماضي. وكذلك مقتل عليان ناطق مبروش، والي التنظيم في مدينة الموصل التي تكشل المعقل الأساسي للتنظيم في العراق، مع أكثر من عشرة قيادات للتنظيم مهم قيادات بالصف الأول، إثر قصف للقوات الأمريكية على مجمع القاروق في السابع عشر من مارس. وعلق د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على تلك السياسة المتبعة مؤخرًا في مواجهة داعش، بأن الأيام العشرة الأخيرة شهدت تطورات نوعية في محافظة الأنبار والمحافظات القريبة منها في مواجهة التنظيم، لا سيما تحرير قضاء الرطبة، مع تعاون القوات العراقية والعشائر السنية في المحافظة بدعم أمريكي أردني، وتمشيط ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية المؤدية للحكومة لمناطق المعارك مع التنظيم. وأوضح في تصريحات ل "البوابة نيوز": "التطورات في أداء الأطراف المحاربة لداعش نتج عن عاملين مهمين، أولهما زيادة التنسيق بين القوات العراقية والأردنية بدعم أمريكي، وفتح معبر طرابيل قبل يومين، ثم الأزمة التي يواجهها التنظيم داخليًا نتيجة حصاره في المجن الواقعةت تحت سيطرته مثلما حدث في الرمادي قبل أشهر". وأشار فهمي إلى ارتفاع استخدام تكتيك اغتيال قيادات الصف الثاني الميدانية في التنظيم، متوقعًا أن يسبب ذلك خسائر في صفوفه ولكنها خسائر ليست بالكبيرة، لقدرته على امتصاص الضربات المشابهة ووجود جيل ثاني وثالث يمكنه مواجهة أية مخاطر. وأضاف: "هناك تصور بأن خسائر داعش استراتيجية محسوبة، بالانسحاب من مناطق للسيطرة على مناطق أخرى على الحدود السورية العراقية، وبالتالي لا تعني أنه أصبح رخوًا هشًا. فالقضاء عليه يحتاج إلى استخدام ما يُسمى بالاستراتيجية الصفرية، أي تطويق أماكن نفوذه والضرب المكثف لها بالأسلحة النارية والطيران، وهو ما لا تفعله الولاياتالمتحدة لأنها تحاول دعم القوى الداخلية ضد التنظيم؛ وبدون تلك الاستراتيجية يبقى التنظيم مسيطرًا على المدن من الخارج دون تواجد فيها وإن تم تحريرها، مثل مدينة الرمادي حاليًا". فيما اختلف د. خالد رفعت، رئيس مركز طيبة للدراسات السياسية والاستراتيجية، مع د. فهمي، معتبرًا أن الاتجاه نحو اغتيال قيادات التنظيم دليل على انحسار نفوذه وتمركزه في مناطق محددة، نظرًا لاستحالة استهداف قيادات أي تنظيم أو جماعة منتشرة على مساحات واسعة. وأوضح في تصريحات ل "البوابة نيوز": "داعش كان يسيطر في السابق على ثلث مساحة العراق ونصف مساحة سوريا، ولكن انحساره في الفترة الأخيرة جعل اصطياد قياداته أمرًا في منتهى البساطة". وأشار رفعت إلى أن اغتيال قيادات التنظيم يضعفه بلا شك، مفسرًا: "داعش تنظيم عنقودي يسيطر فيه ينتمي كل عضو فيه إلى شبكة من الأعضاء، ويسيطر على خلايا معينة، وبالتالي فإن قتل أي منهم يؤدي إلى تحول الخلايا التابعة له إلى ما يشبه قطيع الخرفان الشارد، ولا يستطيع إلا أن ينفذ عمليات بسيطة غير موجعة. في حين أن مجموعات الذئاب المنفردة، التي يعتمد عليها تنظيم القاعدة في أوروبا كمثال، لا تتأثر بمقتل أحد أفرادها لوجود بديل له". بينما لفت أحمد كامل البحيري، الباحث بالشئون الأمنية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن تكتيك التركيز على استهداف رءوس التنظيمات الإرهابية ليس بجديد ولا يرتبط بالحالة العراقية، بل تستخدمه أغلب الدول لكونه من أهم الاستراتيجيات في مواجهة التنظيمات التقليدية الهرمية على وجه التحديد، ويحقق شبه انهيار داخلها. وتابع في تصريحات ل "البوابة نيوز": "تنظيم القاعدة كمثال أصابه الضعف بعد اغتيال مؤسسه أسامة بن لادن، رغم أن أيمن الظواهري تولى قيادة التنظيم من بعده، كذلك تركز العمليات ضد تنظيم "أجناد مصر" باستهداف القيادات بعدما توقفت العمليات النوعية للتنظمي باستهداف مسئوله الأول، ولا يزال هشام العشماوي، القيادي بتنظيم أنصار بيت المقدس المبايع لداعش في مصر وأحد أهم المتهمين في حادثة كرم القواديس، مطلوبًا للأمن رغم ابتعاده النسبي عن التنظيم لرفضه المبايعة". وفسر البحيري تأثير اغتيال القيادات على التنظيمات الإرهابية وتسببه في انهيارها، بأنها في معظمها لا تعتمد على شكل مؤسسي بالمعنى المعروف، وإنما تقوم على كاريزما الشخص الذي يتزعمها.