ضخت مسارح الفضائيات الدماء فى عروق المسرح المصري، الذى تدهورت أحواله فى السنوات الأخيرة بشدة، لاسيما فى تلك المسارح التابعة للدولة، حيث بدأت الظاهرة المسرحية الجديدة بفكرة «مسرح مصر» التى قدمها الفنان أشرف عبدالباقى، وتبنت إحدى القنوات الفضائية تقديم عروضها، وتلاها دخول فضائيات أخرى على نفس الخط، وهو ما دفع «البيت الفنى للمسرح» التابع للدولة لبدء حملات بهدف استقطاب الجمهور له، تتضمن تجديد المسارح، وتوفير ميزانيات كبيرة واستقطاب كبار النجوم، إلخ. هذا الاتجاه عبر عنه الفنان فتوح أحمد، رئيس البيت الفنى للمسرح، قائلا: «إنه عرض على التليفزيون المصرى تقديم 70 عرضا مسرحيا من إنتاج القطاع على شاشته بهدف الترويج لمسرح الدولة، ولكى تصل تلك العروض لأكبر قدر ممكن من الجمهور»، مضيفا أن الأمر لا يزال محل تفاوض مع التليفزيون المصري، لافتا إلى أن مسارح الفضائيات تستهدف إضحاك الجمهور فقط ولا تهتم بالمحتوى والمضمون، على عكس مسرح الدولة الذى يستهدف تقديم محتوى فنى راق وهادف. ويؤكد فتوح أحمد، أنه يراهن على وعى الجمهور، ضاربا مثلا على ذلك بمسرحية «ليلة من ألف ليلة» التى يقدمها الفنان يحيى الفخرانى، مضيفا أنها لقت تجاوبا كبيرا من الجمهور رغم أنه سبق تقديمها على مسرح الدولة فى عام 1968، إلا أنه تمت صياغتها بشكل جديد لتجتذب جمهورا كبيرا من مختلف الشرائح العمرية، مشيرا إلى أنه يجرى مفاوضات حاليا مع بعض كبار النجوم، ومنهم ليلى علوي، وحسين فهمي، والمطرب هشام عباس، وآخرون، للمشاركة فى بطولة أعمال مسرحية على مسارح الدولة. من جهته، يشيد المخرج المسرحى ياسر صادق الذى تولى مسئولية مسرح السلام التابع للدولة سابقا، بفكرة أشرف عبد الباقي، قائلا: «إنها استهدفت إنقاذ مسرح القطاع الخاص وكشفت عن شباب موهوب، مما جذب الفضائيات الأخرى إلى الفكرة»، مؤكدا أن المتعة الحقيقية للمسرح تتمثل فى لقاء الفنان والمتلقي، والتأثير اللحظى الذى يحدث بينهما، إلا أنه استدرك بالقول: «إن تجارب الفضائيات لا تدعم ذلك»، منتقدا إقدام بعض النجوم الكبار على هذه الخطوة، مثل محمد صبحى فى «مفيش مشكلة خالص» التى تقدمها شاشة ال«سى بى سي»، ومحمد سعد فى «وش السعد» التى عرضت على قناة «إم بى سى مصر». ويطالب صادق بضرورة تغيير سياسة مسرح الدولة لضمان الاستمرار فى المنافسة، من خلال عدة خطوات، منها افتتاح دور عرض جديدة، والاهتمام بالكيف وليس بالكم فى العروض التى يقدمها، والقيام بدعاية جيدة، وتسويق أعمال مسرح الدولة، أسوة بما تقوم به الفضائيات. من جانبه، يؤكد يوسف إسماعيل مدير المسرح القومي، أن لديهم خطة لعرض مسرحيات الدولة على التليفزيون، ستبدأ بمسرحية «ليلة من ألف ليلة» للنجم يحيى الفخرانى التى سيجرى تسجيلها تليفزيونيا، مضيفا أن ذلك ليس بهدف الربح لكن للتوثيق والأرشفة التاريخية، مشيرا إلى أن مسرح الدولة لا يستهدف الربح مثل مسارح الفضائيات التى بدأت كتجربة جادة وهادفة، لكنها تحولت كما قال: «إلى وسيلة للربح من قبل الفضائيات»، مشيرا إلى وجود قطاع مسرحى حكومى هو «المسرح الكوميدي» وظيفته الرئيسية تقديم الكوميديا، فيما مسارح أخرى مثل القومى لا تقدم عروضا كوميدية، مشيرا إلى أن لكل مسرح هدفه، وليس هناك تخوف من أن تفرض الكوميديا سطوتها على مسارح الدولة. ويؤكد أحمد السيد، مدير مسرح الطليعة، وجود ضوابط وأفكار لمسارح الدولة لا تتماشى مع متطلبات مسارح الفضائيات، التى تهدف إلى تحقيق الربح واستقطاب أعلى نسبة مشاهدة، دون النظر إلى المحتوى الفنى للعمل، مشيرا إلى أن مسارح الدولة لا يمكنها المنافسة، إلا إذا استطاعت تحقيق معادلة تقديم عروض فنية مشابهة لما تقدمه مسارح الفضائيات، مع التأكيد على الفن الراقى والهادف.